لا تصبوا النبيذ الجديد في القرب القديمة


خليل المياح
2008 / 5 / 26 - 09:12     

ان الفلسفة .. ، اذا لم تستطع ان
تقول شيئا عن اخطر الأسئلة التي تطرحها
الإنسانية .. فانها لن تستحق منا عناء ساعة واحدة !
برجسون
في جريدة المدى الغراء ، كتب الأستاذ الفاضل ميثم الجنابي مقالا بعنوان ,, اليسار العراقي المعاصر ـ الأزمة وخلاص الأنفتاح ـ في العدد 20 الثلاثاء 9 كانون أول 2003 .
وجاء في طيات التحليل أن اليسار العراقي حتى الآن لم يطرح السؤال النظري عن ماهيته الذاتية ، وماهية الهموم الثقافية التاريخية الكبرى التي ،، تعذبه ،، !
وأيضا لم يقم اليسار العراقي بتبيان ماهية النهمات التاريخية الفعلية التي يسعى لتنفيذها وعن أيدلوجيا المستقبل وتخليها شبه التام عن المعاصرة وأشكاليتها الفعلية .. ألخ .
ولكن ما يلفت النظر حقا ، رؤية الأستاذ الفاضل أن اليسار لا يزال تقليديا وباقيا ضمن حيّز النصوص المحنطة ونفسية الصراع الطبقي الفج والمبتذل ورمزية المنجل والمطرقة ولغة الشعارات الهتافية !
وهناك مطالب وأشارات متعددة لصاحب الرأي الآخر ، قد لا تنتهي بالمطالبة بتغيير لغة الخطاب السياسي العراقي ، بسبب من تخلفيته في الشكل والمعنى والأسلوب ...
وقبل أن يأتي هذا الدحض لموقولات وبراكسيس اليسار العراقي ، كان أحد اللاهوتيين الروحانيين قد تصدى للديالكتيك الماركسي في جذره الفلسفي ، متسائلا : ،، أن الفكر في المفهوم الماركسي جزء من الطبيعة أو نتاج لها ، فقوانين الطبيعة أذن تتمثل في تفكير المادي الجدلي وتجري عليه ، وفي التفكير المثالي والميتافيزيقي على السواء ، كما تتمثل في جميع العمليات والظواهر الطبيعية ، فلماذا يكون الفكر الماركسي معرفة صحيحة للطبيعة دون غيره من هذه الأمور ؟ ،،
والحديث الجاري غب العولمة ، وبعد تشظي الأتحاد السوفييتي تحديدا يدور حول سذاجة أي لا تاريخية في الذهن اليساري ومن جانبنا يحق لنا ان نتساءل أهي الضغينة المكبوتة أو نمط من الكراهية للقيم العليا التي جاء بها اليسار ؟ ولا نرى ثمة يأسا من أعادة ذكر التهم التي وجهها سارتر الى الماركسيين وكونهم قد أقاموا ديالكتيكا بدون الإنسان !
مما أدى برأيه الى الجمود والتحجر ، حتى قال ا، الماركسية أستحالت على يد الكثيرين مجرد ،، حلم هذائي ،، في رأس مريض بمرض البارانويا !
كما أن بندتو كروتشه هو الآخر كان قد أفصح عن أحساسه أزاء هيجل : أنني لأشعر بشيء من الأسى حينما أجد نفسي مضطرا الى أن أقول عن هيجل ما قاله كاتولوس عن ليزبيا أجل فأنا لا أستطيع أن أعيش معه ولا أستطيع أن أعيش بدونه !
وحيث كبا الجمل الإشتراكي لذا كثرت سكاكينه ! وقبل التقويض في قلعة الأشتراكية ، كان آرثر كوستلر قد أعلن بزعقات الحقد الوحشي ان لااليوجي ولا القوميسار( الراهب والسياسي ) قد عاد يصلح للحياة وكنا نقول وقتها لابأس لربما انه :
-هيروسترات يوناني من زماننا يريد ان يحرق هيكل ارتميد لا لسبب الا النرجسية الطاغية!
وعندما ارجف المبخسون بقدر ماركس وعلو قامته الجدلية، من انه قد قام بسرقات من موزس هس وبرودون حول الغاء الملكية وصراع الطبقات من اوغستين تيري،والقيمة وفضلها من ريكاردو ،اثبتت الحياة الفعلية للرجل انه كان ثوريا امينا لرؤياه البرومثيوسية بمقولته:ياعمال العالم اتحدوا....
وقبل سنوات هل نسينا الخطاب السياسي لهربرت ماركوزه ، حول الثورة والطلاب سدنتها ،وما آلت اليه حركتهم في مايو عام 1968...
انها الجمل الثورية اللفظية تعبر عن نزعتها الفلسفية (الايلية) برداء الحداثوية والمعاصرة والانغلاق العولمي!
ان اليوتوبيا ، كحلم بالعدالة، بدءاً من العبد الامي سبارتاكوس ومرورا بالفلاح زاباتا وحتى جاك دريدا تبقى مع شرعنة المنطق المعتزلي بالعدالة، سليمة لاغبار عليها ، وهي تستطيع تجديد خطابها السياسي حسب ما تمليه عليها قوانين الحياة المتجددة ، فلا الصراع قد انتهى حسب رأي فوكوياما ولا صدام الحضارات سيؤول كما تنبأ به هنتغتون!
ان اليسار العراقي بخير ، وهو قد جدد ويجدد عافيته كل يوم وليس ثمة حاجة للاصغاء الى الاصوات التي تقول : مات اليسار !!
وهنا يصدق قول الشاعر ابي نؤاس:
" اذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق "