الفضيلة والعلمانيه

هاشم الخالدي
2008 / 5 / 19 - 10:42     

ماهي الفضيله ؟...
كما نعلم ان الانسان كائن غريزي معتدل القامه متحرر الذراعين يتميز بالادراك وعيا ووحيا بمستويات مختلفه ,وقد شرحت ذلك بمقالات سابقه.
اما الفضيله فهي قيمة انسانيه معنويه مصدرها الايمان بالله كقوه مهيمنه لها الكلمه العليا, لذلك هي حركة انسانيه نحو الغاية كقيمة عليا ,وان الايمان صفه خاصه بالانسان لكونه قادرا على الادراك وحيا تنعكس في معاملة ادراكه وعيا, اي ان الفضيلة انطباع في عقله ونفسه لكنها تختلف عن انطباع الوعي الذي هو معرفه, اما هي أي الفضيله فغاية أو شكل من الحلم والوحي, ورغم ان الحلم يقترب من الخيال الا ان الخيال شكل من الوعي فهو شيئ من التحسب يحتمل الصح والخطأ لانه يخضع لحركة الجدل اما الحلم- الفضيلة فلا يحتمل الصح والخطأ لانه غير خاضع لحركة الجدل ,فالفضيله هي انعكاس لوحي المطلق او الايمان بالله لذلك هي شاخصه في جميع مراحل الوعي, وان من يخضع للجدل ليس هي وانما الوعي نفسه و لهذا هي لا تتناقض مع حركة التاريخ و تطورها عبر علاقته الجدليه , فالفضيله تبقى غاية عليا مهيمنه فوق علاقة الوعي -الواقع بالغريزه, مفتوحة الافق للتطور المعيشي باتجاه قيم تتحقق في ارض الواقع نسبيا وتدرجيا من خلال التعبير عنها في الوعي الاخلاقي والسلوكي لكنها تبقى نسبيه التحقق ما دام الصراع قائما بتخادم قوتي الغريزه و الادراك وعيا الملازمتين للانسان في سعيه المشروط أي في العمل, وان في اطلاق العنان لهذا التخادم بين الغريزه والادراك وعيا لولا وجود الايحاء بها قد يفقد السيرورة قيمتها فيؤدي الى الرذيله, الا ان ارتباط الانسان بسمة الادراك وحيا حتما هو الضمان لهيمنة الفضيله, ,فالفضيله نتاج الايمان بالله الذي هو سمة متاصله فيه حتى لو تنكر له بالحاده فالادراك وحيا هو ظاهرة موضوعيه سواء رغب الانسان ام انكر, الفضيلة اذن ليست نتاج فقه و اجتهاد انما الفقه والاجتهاد هو متغير معرفي يعيد تفسير انطباعات الانسان , اما الانبياء والصديقين والاصفياء فهم اول وفي مقدمة الفضلاء باثر الوحي , ان الحاجة الى الدين هي من الحاجه الى الايمان لذلك لا يمكن التفريط او الاستغناء عن رجال الدعوة من اجل الفضيله الى جانب الحاجه الى المعرفه والعمل والانجاز مع ما يكتنف تلك السيروره دوما من اثر النازع الغريزي للتطور التاريخي الانساني , وبهذ المعنى فان التنكر الى الدين هو تجاوز على الفطرة الانسانيه وبنفس الوقت فان تحول الدين الى حركة ايديوجيه سوف يفقده غايته القيميه ,اذ ان الايديولجيه تخضع للتغيير عبر مسيرة التطور فهي انعكاس للصراعات الانسانيه الماديه والمعرفيه بكل ما تتضمنه من انجازات علميه وتطبيقيه اما الدين فهو في جوهره وليس في شكله الظاهر المختلف عبر الزمان والمكان, فالشكل هو تعبير عن مرحلة ما, واما جوهره فهو قيم عليا مرشده ,فالدين في جوهره هو واحد ذاته مهما اختلفت نماذجه واطواره,لذا فمهمة الحركه الدينيه هو الارشاد القيمي وليس الدخول في تلك الصراعات ,كما ان اية ايديولوجيه لا تسترشد بتلك القيم سيكون مصيرها التعثر وربما الفشل حيث ستسود عندئذ قيم الغريزه الحيوانيه حتى لو زالت الطبقات وانتهى الصراع الطبقي فظهور البريروراطيه التي اهلكت المنظومة الاشتراكيه هي دليل على ذلك فسيادة النزعه الغريزيه هو ما يقدر ويعتبر رذيلة بقياس القيم المعنويه , كم ان اية ايديولوجية تدعي ممثلة للفضيلة هي تزوير للحقيقه لذلك نرى ان في حركات مثل حزب الله او الحزب الاسلامي او اي حركة سياسية تتخذ من نفسها ممثلة الى الدين هو تجاوز على قيمه لانها ليست سوى حركة ايديولوجيه باي حال من الاحوال وهي تعكس ذلك الصراع الدنيوي الواقعي الزماني والمكاني حتى وان كانت تمثل الشرائح والطبقات الكادحه. ان الاختلاف الايديولوجي هو عامل اساسي في التكوين الانساني الى جانب عوامل اخرى علميه وتطبيقيه وان التدافع بين الايديولوجيات هو انعكاس للطبيعة الانسانيه وقدرتها على الانجاز ,فالانسان هو الكائن الوحيد القادر على الانجاز وتوريث انجازاته عبر الاجيال وبهذ المعنى فهو خليفه ويتفرد بخاصيته تلك عن كل الكائنات الحيوانيه لذلك فأن له تلك الخاصيه في حركته وان من جعله خليفة في الارض لم يتخصص بها كائن انساني معين دون اخر فكل انسان هو خليفه, اما دور الانبياء والرسل فهو دور مكلف بايحاء من الله في الفضيلة,الا ان انقطاع الرسل والانبياء لن يغير من دور الفضيله فهي غاية اصيلة في الانسان وان محمد(ص) هو خاتم الانبياء والرسل, كما ان الخليفة هو الانسان من ادم وبنيه وليس فقط الانبياء والرسل لذلك فالامام ايضا ليس هوالمقصود بالخليفه, وفي كل الاحوال فان مهمة الامام في كل زمان ومكان هو ارشاد الناس الى قيم الفضيله وليس الاحلال بديلا عنهم في سمتهم التي منحهم الله لهم في ايته الكريمه اني جاعل في الارض خليفة , وختاما من حق بني الانسان بجميع اديانهم ومذاهبهم ان يؤمنوا بالدين المهدي ,ولكن هذ لا يلغي الدور الذي كفّل به الله للانسان فتحملها امانة بعد ان كان جهولا قبل نفخة الروح الالاهيه التي منحته قدرة الادراك وعيا ووحيا, فتلك مسؤولية عظيمة داعيه ان يسجد له الملائكة اجمعين.