عن الأول من أيار


احمد عبد الستار
2008 / 4 / 30 - 11:41     

كانت الانطلاقة الأولى ليوم توقف عن العمل واعتبار هذا اليوم مطلب ليوم عمل من ثمان ساعات واعتباره أشبه باستراحة يقضونها بلا عمل للتسرية عن
أنفسهم وإقامة الحفلات كان قد بدا تحديدا عند العمال الاستراليين سنة 1856 .وكانوا قد قرروا إن يوم الاحتفال هذا في الحادي والعشرين من نيسان.
والاحتفال ألهب حماس العمال ومنحهم القوة المتجددة للتقرير بإعادة الاحتفال كل عام . حتى إن الأممية الثانية المنعقد مؤتمرها في جنيف عام 1866دعت
العمال إلى نضال من اجل عمل ثمان ساعات( ثمان ساعات عمل, ثمان ساعات نوم و, ثمان ساعات تعليم وثقافة ) .
وعالمياً أول من حذا حذو زملائهم في استراليا كان العمال الأمريكيون في شيكاغو , أعلنت جماعة فرسان العمل (knights of labaur) وهي أول نقابة
على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية اعتبار السبت الأول من أيار 1886 يوماً اممياً للتضامن الطبقي من اجل المطالبة بيوم عمل من ثمان ساعات .
ونظمت في هذا اليوم تظاهرة حاشدة شملت جميع المؤسسات الصناعية ومؤسسات النقل . بالرغم من الدعاية الواسعة التي بثتها الماكنة الإعلامية
الأمريكية , حول أعمال عنف محتملة أو تخريب للملكية , إلا إن التظاهرة نجحت ولم تتحول إلى تمرد أو عصيان كما زعموا , في هذا اليوم الذي يذكر
بصفائه وجوهه المشمس , قد أفرغت تماما جميع المصانع والمعامل , طاف العمال مع أفراد عوائلهم شوارع شيكاغو بملابسهم الأنيقة والبسيطة , أمام
أنظار الحرس والشرطة المأخوذين بالتنظيم والمتلقين للأوامر بالتدخل وفض المسيرة ,وعلى ضفاف بحيرة ميشيغان وقف 80000 ألف عامل يستمعون
لخطب زعمائهم وتحت غبطة الحماس قرر العمال الاستمرار حتى يوم الاثنين 3/5 وانظم آلاف غيرهم للمسيرة ,مما أدى إلى أن يصاب بالشلل
القطاع الصناعي والاقتصادي في مدينة شيكاغو.
وردا على ذلك ,قرر أرباب العمل المستاءون إغلاق أبواب مصانعهم بوجه العمال المحتفلين وجلب كاسري إضراب ليحلوا محلهم . وعند خروج
الأخيرين من المصانع حدث تماس بين الطرفين مما أدى إلى تدخل الشرطة واستخدام القوة وإطلاق النار على الحشد وأدى إطلاق النار الى مصرع 6
عمال . الا ان منظمي المسيرة واضراب الاول من ايار لم يسكتوا عن هذا الحادث وقرروا فضحه والتنديد به علنا من خلال تنظيم مظاهرة في
اليوم التالي بساحة هاي ماركت ( hag market ) قرب احد مراكز الشرطة . اقتحم بعد ذلك اكثر من 150 شرطي مدججين بالأسلحة والهراوات
وطلبوا من المتظاهرين الانسحاب وافراغ الساحة , وفجأة انفجرت قنبلة وسط رجال الشرطة ,قتل احدهم واصيب 6 بجروح اطلق رجال الشرطة
المذعورين وابل من الرصاص بكل عشوائية على الجمهور , وسقط اكثر من 200 عامل قتيلا وجرح مئات اخرون . لم يعثر احد على من القى القنبلة
على الشرطة , جرى اعتقال ممثلي الحركة العمالية في شيكاغو , وهم البير بارسونس ,اوغست شيبس ,ميشيل شواب وجورج انجيل حوكموا بالاعدام
شنقا , بدون أي دليل يثبت ادانتهم ,نفذ حكم الاعدام بحق بارسونيس وشيبس وفيشر وانجل , وخفضت عقوبة الاعدام بحق فيلدن . كانت كلمة أوغست
شيبس عند تنفيذ عقوبة الاعدام به يوم 11/11/1887 مدوية ونبوئية بأن : ( سيأتي يوم يكون صمتنا في القبور اعلى صوتا من صوتنا اليوم ) .
بعد سنتين من هذا الحادث المفجع اعترف احد الجواسيس _ ربما تحت وطأة تأنيب الضمير_ بأنه تفيذا لأوامر السلطة قد القى القنبلة على الشرطة .
فأعيدت المحاكمة تحت ضغط سخط جماهيري واسع وتبينت براء العمال وقادتهم .
ان مجزرة شيكاغو قد ألمت القلب العمالي الكبير , وعلى اثر هذه المجزرة فقد دعت الاممية الثانية المنعقدة في باريس عام 1889 وعلى لسان العامل
الفرنسي لافين المندوب في المؤتمر اعتبار الاول من ايار عيدا عالميا للطبقة العاملة في كل عام , ويوما تضامنييا ومطالبيا من اجل تحسين ظروف العمل
والراحة والتعليم والثقافة . حددت الاممية الاول من ايار 1890 يوما لبدأ الاحتفال بهذه المناسبة . وقد جرى اول احتفال بالاول من ايار عام 1889 في
المانيا وفرنسا وايطاليا والمجر واسبانيا وبلجيكا , بأستثناء امريكا التي تعتبر عيد العمال اول يوم اثنين من ايلول من كل سنة . وهي محاولات كعادتها
لتنسي العمال احداث شيكاغو والاول من ايار .
وكما قالت روزا لوكسمبورغ : ( فما دام نضال العمال ضد البرجوازية والطبقة الحاكمة مستمرا, وما دامت المطالب لم تلب , فأن الأول من أيار سيكون
التعبير السنوي عن تلك المطالب ) .