الحكومة العراقية تتحالف مع عتاة اليمين المعادي للاجانب في اروبا


منير العبيدي
2008 / 4 / 21 - 11:07     

و بتخلي الحكومة العراقية عن طالبي اللجوء من العراقيين من خلال وزارة خارجيتها التي وقعت اتفاقا مشينا مع السلطات السويدية اصبح اللاجئون العراقيون في السويد مكشوفين لهجمات معاداة الاجانب التي اخذت تتقنع بمختلف الاقنعة منها التحجج بعدم استيفاء هؤلاء اللاجئين لشروط اللجوء و أعادة تعريف المقصود بالمناطق التي تعاني من نزاع مسلح داخلي . و تبنى الساسة الاوربيون من اقصى اليمين الى اليمين المعتدل الى الوسط سياسة معاداة الاجانب على شكل قوانين تعيد تعريف مناطق النزاع .
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/323172.htm
فتحت عنوان السويد تشدد سياستها حيال اللاجئين ورد على الرابط اعلاه ما يلي :
" السويد التي استقبلت لاجئين عراقيين اكثر من اي بلد غربي اخر بدأت سمعتها تتشوه كارض استضافة بعد ان قررت ابعاد طالبي لجوء الى بغداد والصومال او افغانستان. وقالت مادلن سيدليتز المحامية والمسؤولة عن التنسيق في منظمة العفو الدولية-السويد "صدر عدد معين من القرارات المتعلقة بحق اللجوء تخالف في نظرنا التزامات السويد الدولية". فقد قررت سلطات الهجرة قبل نحو عام ان بامكان السويد ابعاد طالبي لجوء الى العراق والصومال والى مناطق في افغانستان منها كابول، باعتبار انه لا يجري فيها اي نزاع مسلح داخلي. "
بوسع المرء ان يتخيل موقفا مغايرا للحكومة العراقية ممثلة بوزارة خارجيتها أي عكس موقفها الذي كتبنا عنه في مقالينا السابقين مطالبة الحكومة السويدية بالتريث بالاعادة و حسم القضايا المعلقة الخاصة باللاجئين العراقيين وقف القوانين الدولية و قوانين حقوق الانسان و لكن هذا لم يحصل و انما حصل العكس .
فالعراق و الصومال و افغانستان اذن وفق التعريف الجديد ليس فيها نزاع مسلح داخلي بالرغم من أن عدد ضحايا القتل و التشريد و الحرمان من الحريات العامة في العراق مثلا قد فاق بمرات ما كان عليه في زمن صدام حسين خصوصا اذا ما اخذنا فترة السنوات الثلاثة الاخيرة و لا تجهل السلطات السويدية ذلك ، و تعرف السلطات السويدية ايضا أن الضحايا هذه المرة اكثر مما كان عليه في زمن النظام السابق هم من بسطاء الناس من الذين لا شأن لهم بالسياسة .
فما الذي يدعو الحكومة السويدية الى موقف مثل هذا ؟
يكمن الامر في أن حكام العراق الجدد يريدون القول أن عراقا ديمقراطيا يضمن الحريات العامة قد ولد في اعقاب سقوط الدكتاتورية و ان العراق بلد آمن ليس هناك ما يدعو الناس الى طلب اللجوء في بلدان اخرى وهم يقدمون ضمانات للحكومات الاوربية ( ستكون السويد اولها طبعا ثم ستأتينا اتفاقات اخرى ) بأن العودة القسرية لشبابنا الى فردوس العراق الجديد امر اتفقت عليه الحكومتان .
و قد ساهمت الولايات المتحدة نفسها في رسم صورة العراق الديمقراطي الجديد . فالمواطنون الامريكيون من الذين فقدوا اعزة لهم في حرب " تحرير العراق " يتساءلون : لماذا جرى هذا ؟ لماذا فقدنا اعزتنا في هذه الارض القصية ؟ و بنفس المرارة يتساءل دافع الضريبة الامريكي كما يتساءل المحرومون من الضمان الصحى و السكن : لماذا نصرف المليارات من اجل حكام العراق و العراق يتدهور اكثر و اكثر من يوم لآخر .
يجيبهم البيت الابيض : من اجل الديمقراطية و الحريات !
و هكذا يتم تبادل الاكاذيب و الافتراء على الناس بين الحكومة العراقية و الادارة الامريكية كل لمصلحته .
و الضحايا هم أبناؤنا و خصوصا من الشباب .
فبما ان اركان حكومتنا و وزارة خارجيتها قد صدقوا الكذبة التي افتروها على انفسهم و على الاخرين بوجود حرية في العراق ، يترتب عليه ان عودة الشباب العراقيين من دول اللجوء قسرا و بمخالفة صريحة لحقوق الانسان امر يتساوق مع الكذبة نفسها .
و ليس من المستبعد ، بل أن من المؤكد أن دولا اخرى كانت تمنح اللجوء الى العراقيين ، هذه الدول التي قلصت الى حد كبير عدد الذين يمنحون لجوءا سوف تلجأ الى المزيد من التشدد و التعامل اللانساني لطالبي اللجوء من العراقيين و تقذف بذلك بالآلاف من العراقيين الى المجهول . فالذين لا يتم ابعادهم من يعطون حالة السماح بالبقاء بدون وضع قانوني سوف يعانون من قوانين صارمة كما في المانيا تمنعهم من مغادرة الاماكن التي ارسلوا للاقامة فيها أي في معسكرات لجوء لا يسمح لهم فيها بالمغادرة لأكثر من عشرين كيلومترا و هي في الغالب قرى معزولة تقع في الاطراف . و يعامل القرويون وسكان القرى اللاجئين الاجانب في الغالب بجفاء ان لم نقل بعداء . كما ان امثال هؤلاء ممنوعون من العمل و من الانتظام في المدارس و الجامعات و لا يحصلون الا على مواد غذائية شحيحة و مبلغ تافه من المال ، و لكنهم مع ذلك يفضلون البقاء هناك و يرفضون العودة لانهم يعرفون ان عودتهم محفوفة بالمخاطر على حياتهم و حريتهم ، و بدلا من أن تعمل السلطات العراقية على التدخل لدى الدول المضيفة من اجل وضع افضل لهؤلاء اللاجئين باعتبارهم مواطنين عراقيين تقوم بالتواطؤ مع الحكومات المعادية للاجانب .
و قد شهدت المدن التي تقع في شرق المانيا على سبيل المثال اعتداءات نظمها النازيون الجدد راح ضحيتها العديد من الاجانب و بضمنهم عراقيون و اصيب بعضهم اصابات خطيرة من كسور في الفك و الجمجمة .
و مرة اخرى فإن الحقيقة التي يغفلها اركان النظام الجديد في العراق أن الوضع في العراق أسوأ بكثير مما كان عليه الوضع في زمن النظام السابق .
فالفساد وسرقة المال العام لم تبلغ هذا المدى في أي من حقب الحكم في العراق و شارك في الفساد العام أركان الحكومة انفسهم و الميلشيات و الاحزاب المشاركة في العملية السياسية .
و مُكن من ادارة الدوائر و المؤسسات على اساس حزبي وطائفي و شللي اقل الناس كفاءة و فاقوا في جهلهم و ظلاميتهم ما كان عليه الحزبيون المستوظفون في زمن النظام السابق بكثير .
و العدوان على المرأة و على حقوقها لم يكن بهذا السوء ابدا و باعتراف اركان الحكومة نفسها .
و الحكومة عاجزة عن توفير الخدمات من كهرباء و ماء و تطبيب و مستشفيات الا طبعا لافراد الحكومة نفسها و لعوائلهم .
و أعيد من قبل الحكومة تعريف حقوق الانسان بأن جعلت مقتصرة على التصريحات السياسية و الصحافة و حق الانتخاب الذي اختطفته المرجعية و مكنت به عتاة الظلام من حكم العراق .
ان الحقوق المدنية ايها السادة هي ليس الحق المتاح بشتم الحكومة و انتقاد الساسة ، فالحكومة في كل الاحوال تكاد تكون غير موجودة ، الحقوق و الحريات العامة هي كل ما يمثل احلام الشباب اليومية في حريتهم الكاملة في اختيار ما يناسبهم من مأكل وملبس و طراز حياة و ما يرغبون سماعه من أغاني و حريتهم في اقامة العلاقات الطبيعية بينهم بغض النظر عن الجنس و تحت حماية القانون .
و لكن الساسة الذين انغمروا في السياسة اليومية حد افسادها يتناسون ان حقوق الناس في الامان و في اقامة علاقات طبيعية بين الشباب و توفير الاجواء لعلاقات سليمة هي اهم بكثير مما تكتبه الصحف ضد هذا السياسي او ذاك ضد هذا الحزب او ذاك ، و لقد تناسى السياسيون المنهمكون بالمغانم أن جيل جديدا منذ انتصارهم الميمون نشأ و ترعرع و هو يطالب بشكل مشروع بحياة طبيعية ، و قبل أن يعملوا على اذلال هذا الجيل من طالبي اللجوء بالتواطؤ مع عتاة اليمين الاوربي المعادي للاجانب عليهم أن يوفروا لهم حياة طبيعية بالافعال لا بالاقوال
منير العبيدي