كيف نفهم افكار محمد شحرور فلسفيا

هاشم الخالدي
2008 / 2 / 9 - 00:42     

كتب الاستاذ ضياء الشكرجي-
بحث معني بتأسيس قاعدة فلسفية للتعايش الإنساني والتعايش الوطني، وبالتالي بالسلام كقاعدة يقوم عليها هذا التعايش المنطلق من أساسي العقلانية (التي هي أعم من العقلية الفلسفية) والإنسانية. وهو يقول ان أكبر أشكاليّة يواجهها المفكرون في الشرق هي هذا التعارض أو محاولات فكّ التعارض بين الدين والنظريات الفلسفية والفكرية الحديثة ويستنتج بان
المؤمنون اللادينيون يلتقون مع الدينيين العقليين على مشترك مصدرية العقل، ويلتقي الدينيون من العقليين والوحيويين على مشترك اعتماد مصدر الوحي حصرا أو بضميمة العقل، ولا مشترك فيما يتعلق بفهم الإيمان بين الإيمانيين التفكيكيين العقليين والدينيين الوحيويين.

وفي معرض حواره معي حول بعض افكار الاستاذ محمد ديب شحرور يتسائل احد الاصدقاء عن سبب ارتداء عدد من المثقفين رداء الإسلام ثم لا ينفكّون يُجرون التعديلات تلو التعديلات على ذلك الرداء لكي يبدو لهم أكثر راحةً وقبولا , ففي رأيي المتواضع ان السبب الذي يبدوا انه ارتداء هو ميل الانسان الفطري لادراك الوجود المطلق وحيا وليس وعيا فقط ,فتلك نتيجة تمتع الانسان بقدرة الادراك التي تميزه عن باقي الحيوانات بالاضافه الى اعتدال القامه وتحرر الذراعين, فلقدرة الادراك مظهرين الادراك وحيا والادراك وعيا وكلاهما له موقف من الوجود المطلق كما لهما موقف من الواقع الملموس, فالفنان والاديب يتلقى الوحي فضلا عن الوعي وليس كل انسان رسام او نحات او شاعر فتلك خاصيه مميزه لا تنبثق من الوعي رغم علاقتها به, ان علاقة الوعي مع الواقع او الوجود هي علاقه ماديه جدليه اما علاقة الوحي فهي غير خاضعه لقوانين الجدل,لذلك لن نستغرب ان يستقبل بعض من بني الانسان الوحي المطلق او الله فتلك ايضا خاصيه مميزه عن اقرانه من بني الانسان , فلكل انسان وحي ووعي الا انها تتفاوت في قدرها ومقداررها وفق عوامل كثيره,فالنبي هو مميز, يتلقى الوحي, كما انه بشر مثلنا يتعامل بوعي مع الوجود وما جاء في القران الكريم هو انعكاس لذلك, لذا فان شحرور هو افضل من كثير غيره لم يحسنوا التعبير عن هذه الاشكاليه رغم جهودهم البحثيه , , فالايمان له اسسه الماديه الفلسفيه اذ ان الماده لا تفنى ولا تستحدث فهي خاضعه لقانون الهلاك(الجدلي) الا ان الوجود المطلق لا يمكن ان يكون خاضعا للهلاك فضلا عن انه لا يفنى ولا يستحدث, فلو كان خاضعا الى قانون الهلاك الجدلي لكف عن كونه مطلق وهذا ما ندعوه الله,فالله هو الوجود المطلق وهو ليس الكون اللانهائي فلا نهائية الكون هي نتيجة لقانون الهلاك الدائميه المستمره بفعل حركة التغيير الدائم وعدم الوقوف على حال اما مطلقية الوجود فهي غيرخاضعة للتغييراو لقانون او لسنة وهي مصدر وحي للانسان فهي الحق بسبب هيمنتها المطلقه .وقد عبّر الانسان عنها بالعقل والنفس كادوات للوعي واختلف تعبيره مع مراحل تطورحياته من ابسط التعابير الى حالة التجريد اما بالدين واما بالفلسفه وقد كان نبوءة ورسالة محمد
(ص) اخر الاديان,قيم ومثل اعلى, رافق وسيرافق الانسانيه في سيرورة حياتها وصيرورتها الى جانب السيروره والصيروره العقليه والنفسيه والسيروره والصيروره الغريزية كعامل بايلوجي مادي, فالتطور برؤيتي هو محصلة المسارات الثلاث التي تتخذ بشكل رئيسي من الصراع الطبقي والكتلوي(افقي وعمودي) والصراع بين القديم والجديد المعرفي والتطبيقي للنمو ومن الفضيلة روافع الى امام وان هذه الصراعات سوف لن تنتهي ما دامت الحياة قائمه ومنها نستنتج ان العدل المطلق لن يتحقق في الحياة الدنيا وان الاخره تعبير عن تحققه في اللاتناقض او الخلود في الآخره وان التصديق بهذا هو الإيمان وخلافه هو الكفر,ان اختلال الموازنه في المسارات الثلاث يؤدي الى الازمات الكبرى وانهيار البناء,اذ ان فهم تلك المحصله في سيرورتها وصيرورتها ضروري جدا في ايجاد البرامج الملائمه وفي تامين سلامة التجربه ,. ان طريقة شحرور في فهم الاسلام لا تتناقض مع النتيجه التي توصلت اليها الفلسفه الماديه الجدليه وهناك نقاط التقاء كثيره ونقاط اختلاف وليس تناقض وسيصدر كتاب جديد للدكتور محمد شحرور كما ذكر عن محصلة افكاره.وانا لا ادعوا الى افكاره الا اني اعتقد بانها جديره بالقراءه.مؤيدين لكل من يبذل جهدا للخروج من الازمه الفكريه التي يعيشها عالمنا وشعوبنا العربيه والاسلاميه واوضاعه الماديه المستعصيه الاخرى , وليس هناك ضير من استخدام مفاهيم ومقولات او مصطلحات جديده في فك الاشكال. واستكمالا للبحث لا بد ان ابين ما يلي....
ان الايمان في رايي هو خشوع لقوة الغيب- مجهول عقليا, يقع فوق او ما بعد الملموس بالادراك من الظواهر والاشياء المحسوسه, وهو نتيجة لخصوصية قدرة الادراك عند الانسان اذ تتاثر وتسجل ذلك كوجود خارجي لا يدرك وعيا, لذا هو مطلق , فالوجود المطلق وحي في قدرة الادراك ناتج عن ذلك المجهول وهذا الادراك يميز بتصاعد عن الخوف الذي يبدأ من الموجودات الواقعيه ويتسع الى الكونيه وما وراء الطبيعه,فحتى مع تقدم المعرفه واتساع المعلوم في الذاكره الفرديه والجمعيه المؤديه الى تقلص المجهول, تبقى الظواهرالمسببه للخشوع الى المطلق, ما لن تجد لها اسبابه, فهي كقوه سائده في كل حقبه وفي كل اتساع معرفي ولا زال ,فحتى مع احدث النظريات فان القوه السائده هي مطلقه ولولا انها مطلقه لخضعت الى الهلاك كما تخضع بقية الاشياء والظواهر , ومن هذا الايحاء استمدت قدرة الادراك معاني المنزه و الحق الالاهي فتمارى معها العقل والنفس في الممارسه الحياتيه في علاقه جدليه له مع قوى الانسان الحيوانيه الغريزيه لنشوء القيم والاخلاق عبر مراحل التطور مع بقاء واستمرار القيمه العليا كغايه في المطلق وكمؤشر للفضيله, الا ان ذلك لا يلغي الجدل المادي وجدل المعرفه الانساني اللذان هما انعكاس لقانون الجدل العام فلكي نفهم نصوص الدين ينبغي النظر الى غاياته ,ففي الاصل الدين انعكاس للوحي المطلق ثم تقولب عندما تادلج على ايدي قوى الصراعات الاجتماعيه, لذلك فالنصوص الاوليه لا بد ان تحمل الصدق وبلاغ المعنى فالانبياء والرسل اكثر مصداقيه وابلغ حتى من الفلاسفه ناهيك عن الفقهاء , عليه عندما يذهب شحرور او غيره في تنقية المعاني والبلاغات مما لحق بها من تلوث على ايدي الايديولوجيين فان عمله هذا جهدا مميزا يستحق الاهتمام .