الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية


فلاح أمين الرهيمي
2008 / 2 / 2 - 10:50     

أعتمد ماركس في صياغته للنظرية الماركسية على المذهب العقلي والكشفي معا واستطاع أن يرتقي بنفسه من المحسوس إلى المعقول ومن المعقول إلى الكشف بواسطة العقل لذلك تعتبر النظرية الماركسية مبنية على المنطق والعقل وتقوم على المعرفة بالحواس التي تتألف وتتركب وتستنتج منها نتائج علمية موضوعية كما أنها انطلقت من فكر حديث وناضج ومعرفة علمية تقوم على أحدث وأرقى معارف الإنسان في البحث والتحليل والاستدلال العلمي في شتى ميادين الحياة وهي تتمحور حول الإنسان وسعادته ومستقبله وسعيه الدائب للخلاص من الظلم والاستغلال والقهر والجوع والعوز والاضطهاد وتوقه للحرية والعيش السعيد والمستقبل الأفضل.
أن الفكر الماركسي طبق فلسفته من خلال الصراع الطبقي على الواقع الموضوعي لكي يستطيع أن يرى حركة المجتمع على حقيقتها ويساعد الجديد على النمو والتطور عن طريق اكتشاف قوانين سيره وتعضيدها ومن خلال الواقع الموضوعي يستطيع أن يصور الواقع بصدق في مرحلته التاريخية الملموسة في عملية متجددة ومتطورة والذي يتمكن من خلالها التفريق بين الشكل والمضمون ،العام والخاص والتعبير عن كل ظاهرة خاصة في نطاق القوانين العامة ومبادئ التجديد والتطور التاريخي وتوضيح صراع الجديد مع القديم الذي يؤدي إلى انتصار الجديد.
قال ماركس : ( لقد جئنا إلى الاشتراكية عن طريق الفكر والعلم ووجدنا أنفسنا أمام تفسير بارع وساحر لكل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترهق العالم عموما والتي تعاني منه ... لقد أنشغل الفلاسفة في تفسير العالم أما الآن فالمهم تغييره ) .
يعتبر الفكر الماركسي الديمقراطية مجالا وآفاقا رحبة في نضال وكفاح الجماهير المضطهدة والمقهورة حيث قال فردريك أنجلز منذ عام 1845 إن الديمقراطية تعتبر طريقنا إلى الاشتراكية في العصر الراهن ).
أن الديمقراطية تعتبر عنصرا حيويا وفعالا في عمل ونضال الجماهير من اجل الحصول على حقوقها وقد أنعكس ذلك من خلال الحركات الشعبية الواسعة ضد العولمة وآثارها المدمرة وكذلك من أجل تحقيق الأهداف الرئيسية المتمثلة في السلم والديمقراطية والتقدم الاجتماعي الذي يزداد شمولا يوما بعد يوم . وبسبب كون قضية الديمقراطية بدأت تلعب دورا بارزا في الصراع بين العمل ورأس المال والانعطاف الكبير إلى جانب الديمقراطية الصحيحة وتأثيرها على التطور الاجتماعي في العالم تقوم الدعاية البورجوازية المعاصرة على تشجيع وأهمية الديمقراطية الليبرالية وتركيز هجومها على الديمقراطية الاشتراكية ويحاول أعدائها إنكار الأهمية التاريخية للديمقراطية الاشتراكية باعتبارها ديمقراطية من نوع جديد وهي تحاول في نفس الوقت أن تصور السلطة السياسية للاحتكارات الرأسمالية وربيبتها العولمة المتوحشة بأنها نموذج لامثيل له للديمقراطية ويلعب أشباه المثقفون من المفكرين البورجوازيين والإصلاحيين لعبة ماكرة تتمثل في التركيز على المسائل ذات الأهمية الكبرى مثل حرية الفرد والنظام الانتخابي وما يسمى بالأغلبية السياسية للتغطية على الفرق بين الديمقراطية البورجوازية الشكلية والديمقراطية الاشتراكية التي هي الديمقراطية الحقيقية فبدلا من تحليل الطبيعة الطبقية للديمقراطية ودورها كأداة سياسية يعرض هؤلاء مقارنة تافهة بين المؤسسات الديمقراطية البورجوازية والاشتراكية .
أن الديمقراطية الصحيحة التي تحافظ على حقوق الشعب وهي التي تنطلق من فكر واعي ومدرك بحقوق الشعب والجماهير وان أي حرمان لها من حقوقها الديمقراطية وإبعادها عن المساهمة في أدارة شؤون الدولة هي محاولة محكوم عليها بالفشل وتعكس فكراً لايؤمن بالديمقراطية أو بحقوق الجماهير ، أن انجاز مرحلة الوطنية الديمقراطية ومن انجازاتها الأساسية هو تحقيق الديمقراطية السياسية بمعانيها الكاملة سواء على صعيد الدولة أو فيما يتعلق بإطلاق الحريات الديمقراطية للجماهير وأحزابها الوطنية التقدمية وإجراء التحولات الديمقراطية العميقة الثقافية والاجتماعية في حياة المجتمع . أن هذه المهمات جميعها تهم فئات وطنية واسعة من أبناء الشعب بالإضافة إلى العمال والفلاحين وهي مهام وطنية ديمقراطية وليست مهام اشتراكية وبالتالي فأن سلطة الدولة التي يجب أن تنجز هذه المهام يجب أن تمثل كل طبقات الشعب ذات المصلحة في أنجاز المهام المذكورة أما شكلها الملموس فهو الحكومة الأتلافية الديمقراطية المنبثقة عن الجبهة الوطنية التي تضم سائر الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية ولابد لمثل هذه السلطة أن تكون في أيدي ممثلي الشعب الحقيقيين عن طريق انتخاب عام نزيه ومباشر بالتصويت السري . أن هذه السلطة التي تمثل كل القوى الوطنية التقدمية في المجتمع بإمكانها أن تستقطب كل جماهير الشعب وان تعبئ طاقاتها وتزجها في معركة ظاهرة ضد عصر العولمة المتوحشة وجميع عوامل التخلف والتأخر التي مازالت تطبع حياتنا وتعرقل تقدمنا وسعادتنا ومستقبلنا .
لقد طلب لينين بإلحاح من الشيوعيين في هنكاريا اثر استلامهم السلطة عام1919 م بأن لايطبقوا كل ماطبقه الشيوعيين الروس في هذا المجال والدليل على ذلك هوماسارت عليه بلدان الديمقراطيات الشعبية بعد انتصار الثورة الاشتراكية في بلدانهم حيث أقيمت ديمقراطية جديدة حيث لم يجر تقييد للانتخابات ولم يجر حرمان البورجوازيين من الحقوق الانتخابية بل جرى الاستمرار على الاستفادة من البرلمانات ( باعتبارها مؤسسات تمثيلية ) بعد أن أبدل طابعها من مؤسسات بورجوازية إلى مؤسسات شعبية تمثل بحق جماهير الشعب من الشغيلة والمضطهدين وتعكس طموحاتهم كما تم في الديمقراطيات الشعبية الإبقاء على الأحزاب الديمقراطية وأسست الجبهات الوطنية وأطلقت لهذه الأحزاب حرية النشاط السياسي وحرية الصحافة والتعبير والحوار الفكري البناء والنقد والنقد الذاتي واحترام الرأي والرأي الآخر .
وعندما هبط لينين بالفلسفة الماركسية وطبقها على أرض الواقع الموضوعي من خلال الصراع الطبقي حيث واصل بشكل رائع التعاليم الثورية لكارل ماركس وفردريك أنجلز ومؤسس الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وقائد ثورة أكتوبر الاجتماعية العظمى ومهندس أول دولة اشتراكية في العالم وقائد الطبقة العاملة في العالم وكل الكادحين والجياع والمحرومين . لقد تناول وعالج في كتاباته ومؤلفاته الكثيرة التي جمعت في أربعة وخمسين مجلدا ضخماً جل المشاكل التي تجابه المجتمع البشري وشرح بشكل واقعي أفكار ماركس وانجلز ودافع عن نشاطهما الفكري والعلمي الذي مارساه في سنوات الثورة البورجوازية الديمقراطية وبالرغم من ذلك قال(نحن لانعتبرابداً تعاليم ماركس وأنجلز كشيء ناجز لايمس بل على العكس فنحن على اقتناع بأنها طرحت فقط أحجار زاوية العلم الذي يتوجب على الاشتراكيين دفعه قدما إلى الأمام في كل الاتجاهات أذا كانوا لايريدون التخلف عن الحياة ) وقد عبر لينين عن جوهر الفلسفة المادية التاريخية بالنظريات التالية التي تعكس عمق الديمقراطية : -
01 الاختلاف مرهون بما يعرف عن الحقائق ومالم يصل الإنسان لمعرفته .
02 أن الأشياء وجدت مستقلة عن الإنسان وعن شعوره ووجدانه .
03 لافرق بين الأشياء وما ينتج عنها .
04 المعرفة بنت الجدل وهي كغيرها من العلوم ليست محدودة ولامطلقة بل نسبيه وقابلة للبحث والاستكشاف .
05 لاعصمة بالمعرفة وأن الجهل بالشيء لاينفي وجوده ولاصحته .
على هذه الأسس الديمقراطية طبق لينين الفلسفة الماركسية على أرض الواقع الموضوعي وبنى ثورته الشاملة في المجتمع والاقتصاد والدين والسياسة والسلطة وكل هذه الأمور تتطور وتنمو بتطور المعرفة والزمن والحاجة ومنها أستنبط أن لاأطلاق في الحياة ماكان حسنا في القرن الماضي قد يظهر فاسداً وخطأ في القرن الحالي ، الحقيقة نسبية ، الطبيعة مستمرة في ناموسها التطوري ، الجمود محال . ومن هذه النظرة وضع لينين القاعدة الديمقراطية الواسعة الانتقاد والانتقاد الذاتي مدللاً على أن النظرية الماركسية شأنها شأن النظرية الماركسية – اللينينية ليست عقيدة حكمية وأن الانتقاد والانتقاد الذاتي يجب أن يكونا عنصرين صميمين فيها من أجل التوصل إلى المعرفة والحقيقة . أن عنصر الانتقاد يدخل في صلب كل فلسفة ولكن لم يسبق لفلسفة غير الفلسفة الماركسية أن دخلت في صلبها عنصر الانتقاد الذاتي وأصرت على أحلاله عنصرا صميميا فيها وهو دليل على أنها الأكفأ بين كل الفلسفات التي سبقتها لاستطلاع الحقيقة والكشف عنها بل هو الدليل على أنها الوحيدة القابلة للتطور مع تطور العلم والمعرفة والفلسفة الوحيدة التي في وسعها حل مشاكل الناس .
أن التناقض والصراع الطبقي في المجتمع خلق فوارق بين الإنسان وأخيه الإنسان وخلق الاستغلال والاضطهاد والحرمان والجوع ففي الوقت الذي يمتلك الرأسمالي وسائل الإنتاج ويحصل على فائض القيمة (الربح) ويعيش حياة بذخ ورفاهية وسعادة فأن الإنسان الآخر الذي يعيش على قوة عمله ويستأجرها إلى رأس المال ويبقى مرهونا له وفي حالة من العوز والحرمان يضطر معها إلى أن يبقى مستعبدا لرأس المال خوفا من الجوع فيفقد بذلك حرمته وحريته فأما أن يرضى بالاستعباد لرأس المال ويأكل وأما أن يختار الحرية ويموت من الجوع هو وعائلته ولذلك فأن الجائع والمحروم والمضطهد لاحرية له ولا ديمقراطية يتمتع بها وهذه الصورة تعكس طبيعة الديمقراطية المشوهة التي تعيشها البلدان الرأسمالية .
يقول علماء الاجتماع أن النظام الرأسمالي يتسبب بحلول نظام أجتماعي من أعماله الأولى ( الاغتراب ) ويرى ماركس أن أحد الطرق التي يستغل بها الإنتاج الرأسمالي العمال هو أن يجعلهم يشعرون بغربتهم عن أنتاج أيديهم وتتعدى تأثيرات الرأسمالية السلبية مكان العمل إلى حد كبير فهي تتخلل أسواق الملل والسياسة حتى العلاقات الأسرية ويضيف علماء الاجتماع عند ما تحكمنا نظم العلاقات الاجتماعية يخلقها نظام خارج عن سيطرتنا فأن ذلك مايشار إليه بأنه ( الاغتراب) وتنصب انتقادات ماركس على العلاقات اللاأنسانية التي تتحكم بها وتفرضها الرأسمالية بعدم السماح للناس بالوصول إلى إمكاناتهم الكامنة والمبدعة والطموحة أو ممارستهم الحرة وفق أرادتهم ورغبتهم التي هي أجزاء أساسية من الطبيعة البشرية نحو التجديد والتغيير والديمقراطية ، لقد قلبت الصناعة الحديثة وتطورها الورشة الصغيرة للسيد الأب إلى مصنع عظيم للرأسمالي الصناعي ونظمت جماهير العمال المتزاحمة في المصنع مثل الجنود ووضعتهم تحت أمرة تسلسل هرمي كامل من الضباط والرقباء مثل عساكر للجيش الصناعي لم يكونوا عبيداً للطبقة الرأسمالية وللدولة الخاضعة للرأسمالية فقط ، ولكن تستعبدهم أيضا يوميا وفي كل ساعة الآلة والمراقب وفوق كل ذلك الصناعي الرأسمالي نفسه وكلما أعلن هذا الاستبداد أن الربح هو هدفه النهائي كان أكثر تفاهة ومرارة وكراهة وكلما كانت المهارة والجهد والقوة التي يبذلها العمل اليدوي أقل أو بعبارة أخرى كلما أصبحت الصناعة الحديثة أكثر تطورا أزداد إحلال الفتيات الصغيرات والنساء محل الرجال ولم تعد لفروق السن والجنس آي فعالية أجتماعية واضحة بالنسبة إلى الطبقة العاملة فالجميع هو أدوات عمل أكثر أو اقل سعراً في الاستخدام وفقا لسنهم ولجنسهم وما أن ينتهي استغلال الرأسمالي للعامل وينقذه أجره حتى تهاجمه شرائح أخرى من الرأسماليين بعنف كمالك الدار وصاحب الدكان والمرابي ...... الخ .
أن الهيئات الدنيا من الطبقة الوسطى كالتجار الصغار وأصحاب المحلات والحرفيين والمتقاعدين عموما وأصحاب المهن والفلاحين كل هؤلاء يتدرجون بالتدريج في مصاف الطبقة العاملة لآن رأس مالهم الصغير لايفي بالمعدل الذي تقوم به الصناعة الحديثة والمتطورة لأنه يفرق في المنافسة مع رأس المال الضخم للرأسماليين الكبار هذا من جهة ومن جهة أخرى لآن مهارتهم التخصصية تصبح عديمة القيمة أمام طرق الإنتاج الحديثة والمتطورة .
أن ظروف عمل الإنسان الصعبة والمرهقة وما تتركه ظروف المعيشة التعسة من أثار نفسية سوف تجعله يعيش في مجمع صغير في ظروف الوجود نفسها التي تكون محصورة في أسرته أو بيئة جماعية محدودة سوف تتركه ذات طابع جامد وغير متحرك لأنها بالرغم من أنها تتشكل من بشر ذات أنواع مختلفة ولكنهم يشكلون أفقآ أجتماعيا ضيقا ولذلك سوف تكون حالات الوعي ومستواه من ألسمه نفسها وتكون معلقة ومرتبطة بأشياء نفسها وبعينها ومتكررة مثل نفس الحيوان ونفس الشجرة أو قوة طبيعية معينة ثابتة وجامدة لتكرار منظرها ومشاهدتها وبما أن كل واحد من تلك البيئة يرى ومرتبط بتلك الظواهر وبنفس الموضوع من تلك الأشياء بشكل روتيني ومشابه فأنها تؤثر في وعي وتطور كل فرد من تلك البيئة أو المجموعة لأنه يمارس ويستمع ويشاهد المزايا والإزعاجات نفسها على السواء وبالطريقة نفسها فيشاهد ويتعرض في كل يوم إلى الشمس والمرض أو الحر والبرد أو النبع والنهر مما يؤدي إلى أن تخلق هذه الانطباعات الفردية التي يشاهدها يوميا صورة ثابتة وحاسمة كما في عمله وأهدافه مما يؤدي به أن يصبح شخصية مجردة وجامدة وغبية وغير متطورة .
أن وعي الإنسان ومداركه وتطوره تنمو وينفتح حينما تتبدل طبيعته وحركته ومخالطته من خلال تزايد المجتمعات المختلفة واحتكاكها بها لأنها تنتشر فوق منطقة واسعة وكبيرة فأنه يلتقي ويشاهد فضاءات متعددة وكثيرة ويشترك مع مختلف الناس في النقاش والرأي والاجتهاد في الأماكن المنتشرة بشكل شائع بين تلك البيئات والمجتمعات المختلفة وخاصة حينما يكون وضعه النفسي مستقر ومطمأن . فهو لم يشاهد هذا الحيوان ولكنه يشاهد أنواع مختلفة من الحيوانات وليس هذا النبع أو النهر وإنما يشاهد ينابيع وانهار وليست هذه الشجرة وإنما يشاهد غابة من الأشجار كما أن ظروف الحياة وطبيعتها ليست نفسها في كل مكان وزمان وان وعي الإنسان ومداركه من خلال المقارنة والاختلاف بين هذه اللوحات المختلفة ومن خلال التمييز والاختلاط والنقاش والبحث بنمو وعي الإنسان ومداركه تتطور وتنمو من خلال المكونات الأكثر تباينا واختلافا بين مكان وآخر وزمان وآخر وكلما ازدادت الفروق بين اللوحات الفردية يزداد وعي الإنسان ومداركه وتتطور ويستطيع أن يخلق شخصيته الخاصة به ويحتفظ بفرديتها ضمن الشعور والعلاقات الاجتماعية .
من خلال المقارنة بين هذا الإنسان الانطوائي الذي ينخر جسمه الإنهاك والإرهاق والمرض ويشغل فكره الاضطراب والخوف والقلق من غده المجهول والمضيع والمنكسر في النظام الرأسمالي وبين الإنسان في النظام الاشتراكي حيث يكون النظام والدولة مسؤولة عنه منذ أن ترميه أمه من رحمها حتى يودع الحياة الدنيا إلى القبر فمنذ ولادته يذهب به إلى دار رعاية الطفولة ثم إلى روضةالاطفال ثم إلى جميع مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والكلية وجميع الدراسات العليا وعند تخرجه يذهب للعمل في مجال تخصصه ويعمل كل إنسان حسب طاقته وحسب عمله واختصاصه وإذا رغب بالزواج فأنه يقدم طلب مع عقد الزواج ويستلم شقة سكنية جاهزة التأثيث وكاملة الخدمات بمبلغ رمزي كما انه يمنح أجازة لمدة شهر كامل سنويا يقضيها في احد المنتجعات والأماكن المريحة والسياحية وكما أن التعليم مجانا ومؤمن لجميع أبناء الشعب كذلك الطب ومعالجة الأمراض ومكافحتها والمستشفيات ودور العجزة والأيتام والمعوقين وجميع مكونات الحياة المريحة والمرفهة متوفرة ومؤمنه وليس هنالك بطال أو جائع أو محروم أو مشرد أو مضطهد أو شحاذ .
أن أي ظاهرة في الوجود لابد أن تكمن وراءها عوامل وأسباب تمكنها من الظهور وان هذه العوامل والأسباب هي المنبع والروافد التي تصب في تلك الظاهرة وتساعدها على النشوء والنمو والديمومة والاستمرارية في الحياة وان من طبيعة هذه الحياة الديناميكية والحركة والتغيير والسير إلى أمام وليس من طبيعتها الجمود والثبات لان ذلك يخالف قانون الحياة ومسيرة التاريخ ولا ينسجم معها .
والآن لابد من وقفة فيها نداء حي واستدعاء صارخ للماضي والحاضر والمستقبل فننطق بلسان صريح وضمير منصف وعقل واعي ومدرك فتقول حسب القاعدة التي تقول : - ( أن أي إنسان يستطيع أن يخدع بعض الناس كل الوقت ويستطيع أن يخدع كل الناس بعض الوقت ولكنه لايستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت ) .
أن أولئك المطبلون والمهرجون والمزمرون من المفكرين والباحثين والمنظرين من أشباه مثقفي القرن الواحد والعشرين من المبشرين بالعصر الجديد عصر العولمة المتوحشة وانهيار المعسكر الاشتراكي وجعلوا من البقة جمل ومن الحبة قبة ولكن الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ الذي سوف ينطق حكمه الذي لايرحم فيذم هذا ويمدح ذاك وسيبقى ذلك التراث الخالد حروف من نور على جبين التاريخ ضياءً بهياً وشعاعاً وضاحاً يداعب القلوب المثقلة بالحب والإنسانية والحلم المهدد بالانكسار والضياع وعرفانا بالجميل والمواقف الشجاعة لذلك الطود الشامخ صاحب العشرة أيام التي هزت العالم ونكون منصفين لأجل الحقيقة والتاريخ .