خاتمة المطاف


فلاح أمين الرهيمي
2008 / 2 / 4 - 11:49     

أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش حياة عدم الالتزام وعدم المبالاة أمام ذلك الزلزال الذي حدث بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ذلك التراث الخالد أمل الجياع والمحرومين والمضطهدين في جميع أنحاء المعمورة والذي كانت تتجه نحوه قلوب الملايين بحب واعتزاز وأمل ورجاء، ولكن في قلبي وعقلي كلام وعتاب نابع من منهل الأعماق الوجدانية المتلظية بشواظ الألم والحسرة والأسف من الواقع المؤلم والحقيقة المرة المزيفة أطلقها صرخة لتغوص في أعماق ضمائر أولئك الذين كانوا محسوبين ومنحازين إلى صف المعسكر الاشتراكي المنهار أولئك المنظرين والمفكرين والباحثين الذين أصبحوا بعد الانهيار يبحثون بين الركام أو يحفرون القبور تبريرا لانهزامهم وهروبهم وأصبحوا يختلقون الأقاويل والأفكار والتبريرات والأسباب لانهيار ذلك الطود الشامخ المعسكر الاشتراكي فاصطفوا مع طابور المطبلين والشامتين والمهللين للنظام العالمي الجديد.
أن الأكاذيب التافهة والتبريرات المخجلة التي أطلقها البعض من أشباه المثقفين لا تستند على حقائق ملموسة ووقائع ثابتة فأصبحت بمرور الوقت مادة للشك ولغاية في النفس وأصبحت في النهاية عرضة للتسخيف والاستهزاء لآن مثل تلك الأقوال لا يقولها إلا الجهلة والحاقدين وأصبحت من السهولة أن تناقلها الألسن ويتهم بها الآخرين حتى أصبحت اجتهاداتهم وأقوالهم صانعة للمغالطات في مجال الفكر ( السفسطة ) وفي مجال الاجتماع أسلوبا للابتزاز وتهليلا وترحيبا من أجل التقرب لأنصار العهد الجديد والفكر الليبرالي.
لابد من وقفة فيها نداء حي واستدعاء صارخ للماضي والحاضر والمستقبل لآن هذه الحالة المؤسفة والمخيبة للآمال لمثل هؤلاء أشباه المثقفين وناكري الجميل من خلال سؤال يطرح نفسه بنفسه، ألم يكن أكثرية هؤلاء الذين انقلبوا على أعقابهم وتحولوا بقدرة قادر إلى وعاظ ومحللين للأسباب والظواهر التي أدت إلى انهيار المعسكر الاشتراكي ؟ ألم يكونوا هؤلاء من متقدمي الصفوف في المؤتمرات والندوات والكومترن التي عقدت في الاتحاد السوفيتي ؟ إذا كانت هذه الظواهر وهذه الأسباب التي أدت إلى انهيار المعسكر الاشتراكي مرافقة للمعسكر الاشتراكي منذ تأسيسه فلماذا لم ينبهوا عليها قادة الاتحاد السوفيتي أو قادة الدول الاشتراكية أثناء اجتماعهم معهم ؟
لماذا انطلقت ألسنتكم وأقلامكم بالانتقاد والتشكيك بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ؟
هنالك احتمالين أدت إلى الصمت والسكوت عن هذه السلبيات أما أن يكون مبعثها الرضا والتوقع إلى ما تؤول إليه الحالة أو الخجل والتردد وعدم الجرأة وأن كلتا الحالتين لا تنسجم مع سلوك وأخلاق الشيوعيين الذين نشئوا على الصراحة والانتقاد والانتقاد الذاتي ورصد السلبيات وتجاوزها. لو حدث ذلك ونبهوا على هذه الأخطاء لتجاوزوها ولم يحدث الزلزال المدمر.
كان من المفروض والأجدر بكل المبدئيين والعقائديين ومن المفكرين والباحثين والمنظرين والمعول عليهم أن يكونوا بمستوى الأمانة الفكرية والعقائدية والمبدئية فتقتضي منهم الصمود ومواجهة الافتراءات والأكاذيب المجحفة بحق الخيار الإنساني وأمل الجياع والمحرومين والمضطهدين في وقت تعيش فيه البشرية مرحلة العولمة المتوحشة حيث أن الشعوب بحاجة إلى نظام اجتماعي عادل يوفر الفرص أمام الجميع بالتساوي من أجل حياة سعيدة ورغيدة يسودها الأمن والاستقرار والى نظام اشتراكي منقح من الأخطاء السابقة والإتيان بأفكار تجدد ما تهدم وشاخ وتنسجم مع تطور المرحلة الحالية.
ليس هذا كلاما شاعريا بل أسئلة تعبر عن حقيقة مرة وواقع مؤلم أمام هذه الظلامية البراقة في النظام العالمي الجديد الذي وصلت به تصرفاته وسلوكه إلى حد أصبحت فيها أحلامنا خاضعة لفبركة العولمة حتى تتطابق مع صورتها وان الفكر الجديد يريد منا أن لا نحلم ببناء نظام اشتراكي جديد لأنه يتعارض ويتناقض مع مصلحته لأنه يخاف أن يكون الحلم محفزا لنا للنضال والعمل والمضي قدما لتحقيق تصوراتنا المستقبلية.