العلمانيه مدخلها سلطه تؤمن بها

هاشم الخالدي
2008 / 1 / 27 - 10:45     

في ظل الرعويه واسلوب الانتاج الزراعي المتسم بالاستخدام الالي البسيط للاشياء من وسائل الانتاج يسمح لصيغه من الملكيه وعلاقات انتاج اقطاعيه أودونها حجما , حصيلتها تكوين اجتماعي عشائري و مستوى معين متراكم من الادراك العقلي والنفسي في فهم الظواهر والاشياء تعتمد كثيرا على معتقدات غيبيه متحدره من تأويلات للعقيده الدينيه كملجئ اضطراري للتفسير والتحليل والفهم الخرافي والاسطوري,مقرونة باستثمارها من قبل المتنفذين الاسياد واعوانهم من الملالي في اطار خدمة مصالحهم الطبقيه , وتشكل وحدات في الكتله الكليه للمجتمع, ان مثل هذا المجتمع يصح ان نطلق عليه بالمجتمع بالريفي وعلى دولته بالدوله الريفيه وعلى احزابه بالاحزاب الريفيه.. لذلك فان مثل هذه الدوله عادة ما تكون تستخدم رجال الدين في تشريع وسن و قنونة العلاقات الحياة الانسانيه بجميع تفرعاتها او تؤسس دولة رجال الدين للسيطره والسطوه... وكذلك في مرحلة الانتقال والتغييرفقد تكون العقائد الغيبيه ادوات فعاله مع قوى التغيير لكنها مطعمه بقدر اكبر من المعرفه العقليه والنفسيه لذلك قد لا تستغني الثورات والانقلابات الكبيره عن الدين في تحقيق اهدافها حتى في مرحله متقدمه وحتى بعد مرحلة العلمانيه و التصنيع والانتاج الكبير سواء كان راسمالي ام موجه, الا ان مقترباتها مع الدين في هذه المرحله تتجه اكثر الى جوهر الدين لتقترب من الايمان الفطري لدى الانسان الاول بقوه العدل المطلقه او الله ,فالعلمانيه ليست انفصام وخروج على الدين وليست نقيض مع الايمان بالضروره, وانما هي مغادره للقيود الغيبيه التي اوجدتها قلة الكفايه المعرفيه العقليه والنفسيه لفهم الظواهر والاشياء فبسطت هيمنتها على الدوله والمجتمع ,بسبب محدودية او بدائية مستوى النمو الحضاري, فالعلمانيه استخدام للمقاييس العلميه في التشريع و التطبيق العملي لقوانين السلطه والدوله والمجتمع, لا تنظر الا من زاوية الاهميه الاقتصاديه والثقافيه والعلميه والبرامج السياسيه...الخ في موقفها من الفرد والاسره والجماعه , وتتحقق اروع صورها في الدوله والمجتمع الصناعي سواء الراسمالي ام الاشتراكي, ان تجارب شعوب عديده كالصين والهند استطاعت بفضل قياداتها التي استطاعت استثمار الفرصه التاريخيه ان تخرج من اطار الدوله الدينيه لذلك فان المدخل الى العلمانيه يمر عبراستثمار الفرصه التاريخيه بالتخلص من الاساليب البدائيه و المتخلفه في الانتاج وتنشيط العمل في التقنيات الزراعيه والصناعه والقضاء على البطاله وانعاش الاقتصاد, لقد حقق العراق منذ 1958 حتى 1978 مسيرة ناجحه في هذا المضمار رغم العثرات والاخفاقات من هنا وهناك, وكاد ان يخرج من اطار الدوله والمجتمع الريفي, الا ان ارتداد ه عشرات السنوات الى الخلف جراء الحروب والحصار والاحتلال, منذ1980, فبدون جواز المرور بالرجوع لعوامله ومركباته الاوليه فهي السبب الرئيسي في ارتداد العراق الى مرحلة الدوله الريفيه وهي السبب فيما نشاهده من تيارات طائفيه وغرق مؤسسات الدوله والمجتمع في مستنقعها الاسن,حتى باتت الاجواء ملوثه باحزاب وحركات الاساطير والخرافات والطقوس المفتعله, وتجرئ دعاة من ما كان لهم ان يحلموا ,على الدعوه جهارا وعلنا لاستعادة سلطاتهم الكهنوتيه والطفيليه ,وعزلت النخب الوطنيه المثقفه لدرجه الاختناق, ان السبيل الوحيد لخروج العراق من ازمته هو الدوله العلمانيه, وان السبيل اليها هو بازالة اثار الحروب والحصار والاحتلال من خلال بناء سلطه وطنيه ليس لها سوى وسيله واحده وهي تسلم الكفاءات العلميه الوطنيه زمام مسؤليتها وتجنيب الدوله ومؤسساتها والمجتمع ومؤسساته المدنيه من اذى وتخريب وفساد المتخلفين وعزلهم بقوة القانون حتى لو ابقينا على مجلس النواب بتركيبته الحاليه فبالامكان تحديد دوره باعلان حالة الطوارئ, وان مثل هذا العمل لن يتحقق الا شريطة ان ترتفع احزابنا ونخبنا الوطنيه العلمانيه عن الطروحات الحزقبليه التي عرفت بها مع الاسف طيلة الحقبه المنصرمه ,ويراجع كل من موقعه الوطني او القومي الاصلاحي او الاشتراكي او الشيوعي ليعيد تقييم مواقفه ويصار الى اختيارسلطه... تاخذ على عاتقها كل ذلك لتباشر في ارساء النظام والعمل الديموقراطي في خطوات متوازنه لكي يعاود العراق مسيرته التي بدأها في 1958ويعاود ليغادر المجتمع والدولة الريفيه ورموزها شبه الاقطاعيه الحالمه التي قفزت الى السلطه في غفلة من التاريخ. فبغير ذلك تبقى القوى الوطنيه الواعيه والمثقفه عاجزه عن أي تغيير بل ستكون معرضة اكثر للتشريد.