المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير


فلاح أمين الرهيمي
2008 / 1 / 29 - 11:02     

أن التاريخ يذكر أن الطبقة البورجوازية بدأت بالظهور في القرن الخامس الميلادي في المرحلة الإقطاعية تحت سلطة الإقطاعيين،عندما تحولت (دولة – المدن) في ايطاليا أبان الفترة السائدة آنذاك إلى أنظمة حكم شعبية ولكن مصالح الطبقة البورجوازية أدت إلى زوال وتقلص(دولة – المدن) والمقاطعات التابعة لطبقة الإقطاعيين ومع بزوغ عصر النهضة وصعود وبروز الطبقة البورجوازية وتطورها أدى إلى تزحزح واختفاء والقضاء على ( دولة – المدن ) والإقطاعيات عن موقفها التاريخي لتلج عالماً أوسع هو عالم الأمة والبلاد والدولة القومية وقد تتوج ذلك بإعتباره حركة وانجازا لامجرد فكرة حققتها الطبقة البورجوازية في القرن التاسع عشر الميلادي وقد أكتسب هذا التحول زخما كبيرا في الدول الناطقة بالانجليزية والسبب الرئيسي في ذلك تعارض المصالح البورجوازية مع ( دولة – المدن ) والإقطاعيات وذلك عندما كانت البضائع والسلع التي تعود إلى التجاروماتنتجه المعامل العائدة للطبقة البورجوازية تصدر إلى دول أخرى كانت تعبر وتجتاز قسم من ( دولة – المدن ) والمقاطعات التابعة للطبقة الإقطاعية فتفرض على تلك البضائع والسلع الرسوم والضرائب مما يؤدي إلى زيادة تؤدي إلى خسائر كثيرة تصيب التجار والبورجوازيين وبعد أن كانت ( دولة – المدن) والمقاطعات تعيش فيها ناس تربطهم القربى والقومية أو الدين وبعد زوالها وتكوين الأمة والبلاد والدولة القومية أصبحت هذه الأجندة والأطياف المختلفة تعيش في دولة واحدة والآن وبعد أصبحت وتطورت البورجوازية إلى مرحلة الامبريالية وسادت في العالم عصر العولمة والديمقراطية الليبرالية أصبحت مصلحتها تقتضي بإذكاء النزاعات والصراعات الطائفية والقومية والثقافية في نطاق الدولة الواحدة لإضعاف مقاومتها أمام سيادة الرأسمال العالمي وتحطيم قدرتها بعد إلهائها وإشغالها بالحروب والصراعات الداخلية على مواجهة الغزو الجديد الناتج عن قوانين السوق وتضخم الصراعات الداخلية على مواجهة الغزو الجديد الناتج عن قوانين السوق وتضخم الصراعات والنزاعات المناوئة للدولة مثل المشاكل العنصرية والدينية لصالح تفكيك الدولة وتحويلها إلى دويلات عاجزة أمام سيادة السوق العالمية ويشير العالمان ( كيفن أوروك ) الاستاذ في جامعة ( دبلن ) و(جيفري وليامسون ) الاستاذ في جامعة هارفارد في كتابهما (العولمة والتاريخ)( إلى أن العالم قد مر بظاهرة العولمة في آواخرالقرن التاسع عشر على سبيل المثال وتسببت في حدوث ردة فعل عنيفة معاكسة لكبح جماح تدفق البضائع والأفراد والمال عبر الحدود بين الدول وأن الشيء نفسه قد يحدث مرة أخرى ).
وهذا ما يحدث فعلاً الآن في عصر العولمة المتوحشة فأن التاريخ حينما يتوقف عن مسيرته للأمام فأنه يبدأ ويعيد نفسه ففي الوقت الذي كانت مصلحة البورجوازية بتوحد ( دول – المدن) والمقاطعات في أمة واحدة ودولة قومية واحدة الآن تقتضي مصلحتها في مرحلة الامبريالية وعصر العولمة إلى تفكيك الدولة وتحويلها إلى دويلات وإشغالها بالحروب والصراعات والنزاعات فيما بينها لإضعاف إرادتها ومقاومتها أمام سيادة رأس المال العالمي والاستحواذ عليها واستغلالها كما أن هذا الأسلوب ليس بالوحيد الذي تفرزه العولمة المتوحشة وإنما هنالك الكثير الذي يدمر ويسبب الكوارث والمآسي للشعوب وهناك ظاهرة لابد من الإشارة إليها وهي خلق حالة الاغتراب عند الإنسان حيث يصبح محروم من الحاجة والسلعة التي ينتجها كما تؤدي العولمة إلى خلق أوضاع نفسية يشتد فيها حنين الإنسان إلى خصوصية صميمية وهو يعيش في بيئة أوضاع متشابكة ومرتبكة تنذر بزوال وجوده وشخصيته وغياب حسه الوطني مما يؤدي إلى تفاقم مظاهر الفوضى وانعدام اليقين وتنعكس هذه الحالة إلى استجابات نفسية انفعالية متضاربة أبرزها واعلاها البحث عن عاطفة وحضن دافئ من الحنين ومن برد العراء والعزلة الذي يحيط به بسبب الانحسار والانكسار للذات الوطنية وهكذا يتورط الجميع في حمى التفتيش عن جماعة أو مرجعية تكون الأصل والملاذ ويكون التعصب لها والعنف مع خصمها بمثابة الثوب الذي يستر به عورته في خلاء العولمة .
يقول علماء الاجتماع ؛ أن التناقضات في الرأسمالية سوف تتسبب بحلول نظام اجتماعي جديد من إفرازاته ( العمل المغرب) وهي أحدى الطرق التي يستغل بها الإنتاج الرأسمالي للعمال هو أن يجعلهم يشعرون بغربتهم عن أنتاج أيديهم وتتعدى تأثيرات الرأسمالية السلبية مكان ومجال العمل إلى حد كبير فهي تتخلل وتصنع الملل والإرهاق النفسي وتنعكس على العلاقات الأسرية ويقول علماء الاجتماع : عند تحكمنا نظم علاقات اجتماعية يخلفها نظام خارج عن سيطرتنا فأن ذلك مايشاراليه بأنه ( الاغتراب ) .
كما ينتقد ماركس العلاقات الإنسانية التي تتحكم بها وتفرضها الرأسمالية بعدم السماح للناس بالوصول إلى إمكاناتهم الكامنة المبدعة أو ممارسة إرادتهم الحرة التي يرى أنها أجزاء أساسية من الطبيعة البشرية والتي أصطلح ماركس على تسميتها (بالعوامل الروحية)