ملاحضات وتعقيبات حول قانون المساءله

هاشم الخالدي
2008 / 1 / 17 - 02:49     

يتضمن قانون المساءلة والعدالة الذي اقره البرلمان العراقي ليحل مكان قانون اجتثاث البعث، اجراءات اقل وطأة على اعضاء المراتب الدنيا لحزب البعث والدوله في جانب جزئي من حق استعادة مصادر عيشهم.
فقد صدر بريمر قانون الاجتثاث ليجرّم مسبقا البعثيين, اما القانون الجديد فهو كما يبدوا عملية تجميل لقانون الاجتثاث. والسبب الواضح هو انه لم يولد من رحم المصالحة والمكاشفة الوطنيتين، ،لقد جاء تلبية لاوليات أمريكية مستجده منذ أشهر على الحكومة العراقية وأحزابها الطائفية الرئيسية لكسب ود بعض العرب على غرارتحشيده لما يدعى بالصحوه , ليضيف لرصيده الكسيح قدرات لعلها تخدم تكريس وجوده باعادة نشر قواته في قواعد ثابته في البلاد وضمان سيطرته على الثروات, وهو ليس الا تحولاً شكليا متاخرا كثيرا في تكتيكات الإدارة الأمريكية، إن هذا التغيير من (الاجتثاث) إلى (المساءلة ) قد جرى بعد استنفاذ هذا القانون سيئ الصيت كامل مداه في تنفيذ أوسع عملية تصفيه لملاحقة وتقتيل وتجويع و حرمان وتشريد الملايين من أبناء العراق .ان مسالة استقلال واستقرار العراق وامنه وتحقيق المصالحه والوفاق لا تخص فئه معينه اي كان حجمها او موقعها, فهي امنية الجميع لذلك فان الجميع مدعوا لمناقشتها وابداء الراي فيها فلا لايمكن لقانون كهذا لأن يكون مدخلاً لاستقرار ووفاق , فحقا القول ان ما بني على باطل فهو باطل, وما يمرره المحتل من قرارات وتشريعات فهي باطلة . إن تغيير اسم القانون الذي أصدره أول حاكم أمريكي للعراق المحتل يعد محاولة هزيلة لتجميل الطبيعة الفاشية للاحتلال فحكومة فيشي... بكل الوانها واطوارها ليست جادة في ذلك.


1-. إن( القانون) المذكور يتقاطع أساسا مع كل الشرائع والقوانين والأنظمة السماوية والارضيه,كما انه يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 والإعلان العالمي بشأن القضاء على كل أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد لسنة 1981, إن القانون الذي عوّل عليه حكّام فيشي المنطقه الخضراء لغاية وهدف دنيئ، حصل على 143 صوت من مجموع 150 نائبا حضروا الجلسة بينما تغيّب عن تلك الجلسة 125 نائبا من مجموع أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 عضوا, وفي هذا دلالات مصائب على الوطن والمواطن .
2- يبدوا ان واضعوه جهله اومستجهلين ،فهم يعتقدون ان مثل هذا القانون ينهي البعث فكرا وأفرادا ومواقع مما يدل على سطحيه مفرطه مأخوذ ه بهمجيه و بعناد ثأري مع الماضي لن ينتهي ,اذ يقول في أحدى فقراته "يمنع عودة حزب البعث فكرا وإدارة وسياسة وممارسة الى السلطة أو الحياة العامة في العراق وتحت أي مُسمّى..الخ, ويبدو إن الذين صاغوا هذا القانون وصادقوا عليه تجاهلوا إن حزب البعث ليس شخص او جناح واحد او مجموعة افراد فهو حزب قومي أنساني لم يؤسس في العراق ولم يدخل العراق بقانون شرعته سلطة معينة ، فمن يقدر ان ينزع الفكر الوطني القومي الإنساني المؤمن بتحرر امه مستلبه ومنهوبه من العقول...؟؟؟
3- ان ما يثير الاستغراب هو إن برلمان حكم فيشي تجاهلوا الجرائم البشعة التي إرتكبها الاحتلال وحكومات فيشي المعيّنة من قبل الاحتلال والميليشبات التابعة لها بحق العراق و الشعب وضحاياه من الشهداء والمصابين وملايين المشردين والمهجّرين والاغتيالات والتصفيات لخيرة رجالات العراق وعلماءه وسرقة مليارات الدولارات من المال العام مسكوتا عنها فمن سيكشف عنها ويطالب بها, ام انهم يكيلون بمكيالين..؟. ان ما يشير صراحة إلى ( خدمة الذاكرة التاريخية) ماذا سيقول بحق الذاكرة التاريخية العراقية في زمن الاحتلال وحكومات فيشي وشراذم المأجورين وما إقترفته من فظائع وجرائم وهتك للأعراض يندى لها الجبين..؟


4- ان هذا القانون وما حمله من لغة فاشيه بدلا من تضميد الجروح فانه سيكرّس نزعة الانتقام لدى البعض
فهودعوة صريحه لطرف لتصفية الحساب مع طرف اخر وادانه لكل الخمس وثلاثون عام لدوله و اكثرمن خمسون عام لحزب ، ويحرض في الوقت ذاته على المضي في اضطهاد ومطاردة البعثيين ثم إنه ينصب من واضعيه قاضي ومدعي في ان واحد ، وسيعرض مئات آلاف كمتهمين حتى تثبت اخضاعهم لاراده شاذه , مما يدل على أن واضعيه يشكلون نكبه على العراق، و دليل بانهم لا يملكون اي برنامجاً وطنياً مستقبليا وبناء حاضر ديمقراطي بعيد عن التدخلات الاجنبيه و الإقليمية و لا يقدمون بديل.... ان من يقود العراق ليس نخبة وطنية قادره على تجاوزالازمات و قادره على تحقيق الوحدة في إطار التعدد، و تحقيق السلام والديمقراطية لانها قيادات تضع نفسها هي القانون وليس في نصب اعينها الا الانتقام.