دور الحزب الشيوعي في أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية والوصول إلى الاشتراكية


فلاح أمين الرهيمي
2008 / 1 / 17 - 11:43     

دور الحزب الشيوعي في أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية والوصول إلى الاشتراكية
(4)
أن الإدراك المتزايد والأهمية الضرورية لممارسة الدور الطليعي والقيادي للحزب الشيوعي طليعة الطبقة العاملة لانجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية وتحقيق انتصارها التام والنهائي والتمهيد لبناء الاشتراكية من خلال المعطيات التي تثبت الحياة صحتها وتؤكدها تجربة شعبنا شأن العديد من الشعوب المشابهة والتي تمر بظروف مماثلة لظروف شعبنا.
أن أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية بقيادة طليعة الطبقة العاملة الحزب الشيوعي لم يكن أو يجري بمجرد دعاية من قبل الحزب الشيوعي بل يأتي من خلال الواقع الموضعي وحتمية تطور التاريخ والصراع والنزاع الطبقي في المجتمع وما عاناه شعبنا والحركة الوطنية من تجارب سابقة مع الأحزاب والقيادات البرجوازية المتذبذبة والمترددة في حسم المواقف في الحالات الحرجة والمصيرية مما يخلق الشك واليقين من إمكانياتها وإرادتها في قيادة الكفاح الشعبي والجماهير حتى تحقيق النصر.
وإذا ما تطرقنا إلى ثورة 14 تموز الخالدة عام 1958م والمد الجماهيري الثوري الذي حدث في بدايتها والذي كبح جماح أعداء الثورة بالرغم من أن الحزب الشيوعي العراقي لم يكن ممثلا في السلطة إلا أن دوره القيادي في تأييد ومساندة الثورة ودوره الريادي الجماهيري الواسع مع القوى الوطنية المناضلة قد شكلت منعطفا مهما في تاريخ العراق الحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي واستطاعت أن تقتحم التاريخ من أوسع أبوابه فهدمت حلف بغداد الاستعماري العدواني وسنت قانون الإصلاح الزراعي (البرجوازي الناقص) وقانون رقم 80 الذي حدد مناطق استخراج النفط للشركات الاستعمارية وخروج العراق من نظام العملة الإسترلينية ( العملة البريطانية ) وسنت قانون الأحوال الشخصية الذي ساوى الرجل والمرأة وحولت العراق من شبه استعماري وشبه أقطاعي إلى عراق وطني ديمقراطي وأعطت للشعب العديد من الحقوق الديمقراطية، أن هذه الممارسات وذلك الدور الفعال للحزب الشيوعي العراقي لم تكن مجرد أمكانية بل تحولت إلى واقع ملموس، وبرزت للعيان في ظروف المد الجماهيري الثوري الواسع في الثورة الوطنية الديمقراطية ولكن هذه الثورة الوليدة تعرضت للانتكاسة والارتداد منذ عامها الأول بسبب قيادة الطبقة البورجوازية المتذبذبة والمترددة والمتخوفة من أن يؤدي المد الجماهيري الواسع إلى استفزاز الاستعمار وعملائه في المنطقة وتخوفها من أن يؤدي ذلك المد الجماهيري إلى فقدان سلطتها ونفوذها بعد أن أخذت وسائل الأعلام الاستعمارية والرجعية تهرج وتزمر إلى ( الخطر الشيوعي في العراق ) وقد تعمق هذا التردد والانتكاس وبلغ ذروته في السنوات اللاحقة وكان من نتيجة ذلك أفراغ منجزات ثورة 14 تموز الديمقراطية من محتواها التحرري التقدمي بسبب مسيرات الحكومات البرجوازية المتعاقبة على طريق المساومة مع الاستعمار والأنظمة الرجعية وسلكت نهج سبيل الاستبداد السياسي الدكتاتوري وقمع حريات الشعب والهجوم على مكاسب الجماهير الشعبية وتنظيم الحملات المسلحة ضد الشعب الكردي المناضل في سبيل حقوقه القومية المشروعة مما أدى إلى عدم أنجاز المرحلة الديمقراطية ومن ثم خلق الممهدات الضرورية للانتقال نحو الاشتراكية.
أن الدور الطليعي للطبقة العاملة وحزبها الشيوعي يزداد شانه باستمرار جراء اغناء محتوى الثورة الوطنية الديمقراطية بمضامين تقدمية وارتباطها أوثق فأوثق من خلال تجاربها وعلاقاتها بالعملية الثورية العالمية ولامتلاكها ذلك الخزين الواسع والكبير من الخبرة والتجارب في العمل الثوري والوطني في مواجهة جميع أساليب ودروب الاستعمار وعميلته الرجعية كما ركز الحزب الشيوعي العراقي النضال من أجل الفلاحين ورفع الحيف عنهم باعتبارهم طبقة مستغلة من قبل الإقطاعيين والبرجوازية المستغلة للأراضي الزراعية ولذلك كان الحزب الشيوعي العراقي يقود نضالا متواصلا وعنيدا من أجل تحرير الفلاحين من أسر العبودية والإقطاعية والأمية والجهل والمرض وأن تكون الأرض لمن يزرعها وقيادتهم نحو مواصلة النضال بالتحالف مع شغيلة الفكر واليد معا ضد الاستغلال والاضطهاد والحرمان.
أن الدور الهام والحاسم الذي يلعبه تحالف الطبقة العاملة مع الفلاحين شغيلة الفكر والقوى التقدمية في أنجاز الاستقلال الوطني وتحقيق التحولات الاجتماعية الديمقراطية وصولا إلى الاشتراكية. يقول القائد الشيوعي خالد بكداش ( هنالك علاقة ديالكتيكية في النضال الوطني والديمقراطي وصولا إلى الاشتراكية ).
أن الحزب الشيوعي العراقي يعير اهتماما كبيرا وتشديد النضال من أجل تحقيق الديمقراطية السياسية باعتبارها الشرط الأساسي الذي لابد من توفره لانجاز مهمة ورسالة الطبقة العاملة في قيادة المجتمع نحو التحولات الاجتماعية والاقتصادية ويعتبر النضال من أجل الحريات الأساسية للديمقراطية هي السبيل الأمثل لصيانة مكتسبات الشعب الوطنية وتعزيز الاستقلال الوطني وإكمال مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية لان بواسطة إشاعة الحريات الديمقراطية يمكن تعبئة الجماهير ورفع مستوى وعيها الطبقي والفكري واندفاعها للنضال لتحقيق أهدافها ومن أجل الوصول إلى الاشتراكية وهذا يستوجب أن يكون الدور القيادي في المرحلة الوطنية الديمقراطية للحزب الشيوعي الذي يستطيع السير بها دون توقف أو تردد أو خوف حتى بناء الاشتراكية لآن الطبقة العاملة لا تخشى شيأ أو تخاف من شيء تفقده في تحقيق الاشتراكية سوى تحطيم قيودها وأغلالها والحصول على حريتها وسعادتها. بعكس الآراء التي تحبذ أعطاء القيادة للطبقة البورجوازية في أنجاز المرحلة الوطنية والديمقراطية ويختزلون دور الطبقة العاملة وطليعتها الحزب الشيوعي في مسعى محموم لتأييد الطبقة البرجوازية وبالتالي الدخول معها في مساومات ومصالحات وتراجعات لا تخدم الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ولا تؤدي إلى الاشتراكية، فالوعود المجردة والبيانات ألمخدره لا تستطيع أن تثني أو تؤدي إلى انحراف الطبقة العاملة والجماهير الكادحة من تصميمها وإرادتها في بناء الاشتراكية لأنها وحدها القادرة على أن تحرر بالفعل وليس بالكلام الشعوب المستعبدة في جميع أنحاء المعمورة.
أن تلك الأفكار التي تنطلق من هنا وهناك حول قيام الطبقة البرجوازية بإنجاز المرحلة الديمقراطية وتحت قيادتها باعتبار أن المرحلة رأسمالية ويجب أن يستنفذ دورها في أنجاز مرحلة الرأسمالية وتطورها والقائم على أساس العلاقات الرأسمالية في المجتمع وأن يصبح دور الطبقة العاملة والجماهير الكادحة وحزبهما الطليعي دورا ثانويا على اعتبار أن المرحلة والمهام المطروحة هي مهام ديمقراطية بورجوازية، أن هذا المنطلق الفكري الخاطئ الذي يحرم الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والحزب الشيوعي في قيادة الحركة الديمقراطية الشعبية من نضالها والسير حتى الوصول إلى الاشتراكية.
أن كل الحقائق والواقع الموضوعي الملموس والواضح وعلمية الفكر الماركسي الخلاق تشير وتؤكد على الدور القيادي للطبقة العاملة والفلاحين وجميع الكادحين والمظلومين والمسحوقين بإصرار وأرادة في أنجاز مرحلة الديمقراطية والانتقال إلى الاشتراكية لآن هؤلاء هم الأكثر ثورية ومصلحة في بناء الاشتراكية لذلك فأن من واجبهم ومصلحتهم أن يصبحوا الزعيم والقائد في انجاز المرحلة الديمقراطية وبناء المجتمع الاشتراكي.
يقول القائد العظيم لينين: -( هل يمكننا الاستفادة من صحة مذهبنا الاشتراكي الديمقراطي ومن صلتنا مع الطبقة الوحيدة الثورية إلى النهاية ( البروليتاريا ) ؟ لكي تستطيع أن تطبع الثورة بطابع ( البروليتاريا ) لكي تسير بها إلى انتصار حاسم حقا بالأفعال لا بالأقوال ولكي نشل تذبذب البورجوازية الديمقراطية التي تريد خيانتها ).
أن الطبقة العاملة تتعاون مع الطبقة البرجوازية في أنجاز المرحلة الديمقراطية ولكن ليس من الوجهة السياسية أو القيام بدور القائد بل يجب أن يكون الدور القيادي للطبقة العاملة والجماهير الكادحة وحزبها الطليعي الحزب الشيوعي لان ذلك يؤكد بقوة ووضوح على أن أنجاز المرحلة البرجوازية الديمقراطية لا يمثل سوى الخطوة الأولى في الطريق حتى النهاية للوصول إلى الاشتراكية.
وأن الديمقراطية السياسية تعتبر ذات أهمية كبرى في النضال من أجل الاشتراكية وان الذي يريد الوصول إلى الاشتراكية خارج أطار الديمقراطية السياسية فأنه يصل إلى أاستنتاجات خرقاء وعقيمة وغير صحيحة. كما ويترتب على الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي تناضل من أجل الديمقراطية أن تكون في طليعة الجميع وعلى رأس الجميع ويجب أن لا ننسى التناقضات التي تكمن في أعماق الديمقراطية البرجوازية مما يفرض على الطبقة العاملة والجماهير الكادحة أن تخوض نضال جديد ضد البورجوازية حتى تصل إلى الاشتراكية وانطلاقا من حتمية النضال الطبقي القادم التي ستخوضه الطبقة العاملة والجماهير الكادحة للوصول إلى الاشتراكية يستوجب ذلك وجود الحزب الشيوعي الذي هو الطليعة الواعية للطبقة العاملة ذي النهج الطبقي الواضح الذي سيقود النضال للطبقة العاملة وجماهير الفلاحين والكادحين والمسحوقين من أجل الاشتراكية وضد الطبقة البرجوازية مهما كانت عليه نزعتها من الديمقراطية وذلك الأمر لا يقبل الجدل والنقاش.
أن الاسترشاد بالتعاليم الماركسية الخلاقة حول الثورة الديمقراطية مطبقة على ظروف بلدنا وحركتنا الوطنية تشير إلى قيام نظام حكم ديمقراطي يستند من الناحية السياسية على ائتلاف وطيد وقوي للأحزاب والقوى السياسية التقدمية من عمال وفلاحين وبرجوازية صغيرة والأقسام التقدمية من البرجوازية الوسطى والمثقفين التقدميين على أن الخطوات الأساسية على طريق أنجاز مهام المرحلة الديمقراطية والوصول إلى الاشتراكية لايمكن أن يتم إلا بقيادة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة وحزبها الشيوعي.