أما آن الأوان؟؟..

قاسيون
2008 / 1 / 19 - 11:00     

نقصد أما آن أوان رحيل هذا الفريق الاقتصادي مع سياساته الاقتصادية التي ألحقت الضرر الكبير بالاقتصاد والعباد..

والغريب أن الكل يشتكي منه، ولا يتفق معه، وينتقده، وهو مستمر في اتجاهه بإصرار، دون تغيير، بل بتصعيد متدرج دائم لإجراءات لا تدخل بأية حال من الأحوال في خانة زيادة مناعة البلاد وصلابتها التي هي شرط ضروري للمواجهة في الأوضاع الخطيرة التي تواجهها منطقتنا.

فالناس العاديون، أي الشارع العريض، هو أول من اشتكى منه عندما انصب نتاج إنجازات هذا الفريق الاقتصادي على رأسه بارتفاعات الأسعار المتتالية والمستمرة، والتي خفَّضت القوة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود بشكل كارثي، مع إصرار عجيب على إبقاء الأجور مجمدة بالثلاجة حتى هذه اللحظة، ومع تساهل أعجب مع أصحاب الأرباح الذين يجني بعضهم مئات المليارات على حساب قوت الشعب، وانسحاب الدولة التدريجي من الحياة الاقتصادية، وأكبر دليل على ذلك هو النقاش الدائر الآن حول حجم أرباح وكلاء السيارات خلال العام المنصرم، الذي يتمحور حول كم من عشرات أو مئات المليارات من الليرات السورية تم الاستيلاء عليها من بضعة عشرات من الناس؟؟.

أما الطبقة العاملة فقد عبَّر عن رأيها اتحاد نقابات العمال في موقفه من رفع الدعم حيث رفضه، مطالباً البحث عن موارد للخزينة في مكان آخر غير الذي يصر عليه الفريق الاقتصادي، ألا وهو التهرب الضريبي والضرائب الفعلية على الدخول العالية، ولا من مجيب، وكانت النتيجة أنه عوضاً عن الذهاب إلى جيوب الأغنياء، يتم الآن البحث عن صيغة أخرى مخففة لرفع الدعم، وفعلاً قدمت اقتراحات بصددها، وهي إن خففت حدة الاقتراحات الأولى، إلا أنها لن تنقذ الاقتصاد الوطني والقوة الشرائية لليرة السورية والمستوى المعاشي لأصحاب الدخل المحدود، من تسونامي في ارتفاع أسعار جديد سيكون نتيجة لهذه العملية.

أما اتحاد الفلاحين فقد اعترض مؤخراً على مشروع قانون تقدمت به الحكومة لتسوية أوضاع الذين يتجاوزون سقف الملكية بحجة مشاريع استثمارية معطلة بذلك قانون الإصلاح الزراعي. ورأى اتحاد الفلاحين محقاً أن هذا المشروع هو إجازة مرور لكل معتد على أملاك الدولة الذي يسمح له القانون بتجاوز سقف الملكية لمدة سنتين بشرط إبداء رغبة في الاستثمار، وواضح أن إجراء كهذا لو تحقق سيؤدي إلى خروج مساحات كبيرة من الاستثمار الزراعي، وخلق مشاكل اجتماعية خطيرة، ولن يستفيد منه إلا المضاربون، وسيؤدي إلى ارتفاعات هائلة بأسعار الأراضي..

حتى أحزاب الجبهة ليست أحسن حالاً تجاه السياسات الاقتصادية التي يمارسها الفريق الاقتصادي، وقد كان الاجتماع الأخير السنوي لفروع الجبهة محل انتقاد جدي للسياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية...

والسؤال: من يدعم هذا الفريق في المجتمع، إذا كان هنالك شبه إجماع شعبي وسياسي ضده؟؟!

لقد فقد هذا الفريق كل دعمه ومصداقيته التي كان يتمتع بها في الفترة الأولى من مجيئه، وفقد تألقه ونجوميته، وتحوَّل إلى هدف لانتقاد حادِّ من كل القوى الحية في المجتمع، ماعدا المستفيدين من سياساته، وهم قلة على حساب الدولة والمجتمع..

لقد جاء هذا الفريق الاقتصادي في ظرف تاريخي كان يسود فيه اجتهادٌ أثبتت الحياة خطأه، وهو إمكانية الاستفادة من أوروبا في مواجهة الضغوطات الأمريكية عبر التوقيع على اتفاقية الشراكة الأوربية، وقد كانت رموز الفريق الاقتصادي مناسبة لتأدية هذه المهمة التي لم ولن تتحقق، فأوروبا تحولت سياسياً إلى ذيل للسياسة الأمريكية، وتابع لها، وانتفت اليوم نهائياً استقلاليتها النسبية التي كانت موجودة قبل نيسان 2003، تاريخ الحرب على العراق، بل تحوًّلت إلى أداة لا تختلف في منطقها بشيء عن الامبريالية الأمريكية.

لذلك فهذا الفريق من هذه الزاوية، ومعه سياساته قد تجاوز سقفه الزمني منذ حين لا بأس به، وأصبحت المهمة الأساسية اليوم استبداله مع سياساته، والانتقال إلى نهج اقتصادي – اجتماعي بديل يؤمِّنُ كرامةَ الوطن والمواطن.
-------------
افتتاحية العدد 338 من جريدة قاسيون