الفوضى ومصير السلطويه واحزاب القوميه الغربيه

هاشم الخالدي
2007 / 12 / 14 - 10:47     

الحركات والاحزاب القوميه العربيه في البلاد العربيه جائت ردا على موقف التقسيم والتفتيت الذي مارسته القوى الاستعماريه الحديثه على الكيان العربي الاسلامي بعد المازق التاريخي الطويل الذي واجهته الامه العربيه داخله عندما تفوقت عليها قوميات مجاوره دخلها الاسلام من العرب ذاتهم ,في زمن سابق,فانتزعت دور قيادة دولة الاسلام منها, الدوله التي انطلقت و تشكلت في ارض العرب وكانت العامل الاساسي في التحول القبلي ونشوء مجتمع موحد جمعهم ووحد كيانهم وشكل تكتل تاريخي بشري عربي اسلامي عبر مراحل واطوار, مر بصراعات و باسطفافات طبقيه معينه كأي مجتمع اخر, الا ان ما جاء على اعقابه بعد فشل كيان الدوله ثم تفككها كله وخضوعه لموجه استعماريه اوربيه حديثه ذات خلفيه راسماليه, لذلك تعرضت هذه الحركات القوميه العربيه الناهضه في العصر الحديث الى عداء ات مزدوجه اخطرها هو ما يمثل اطماع دول الاستعمارفي توزيع حصص بينها , ادى بها الى الاخفاق و العجز في المواجهه اضافة الى اتباع وسائل واساليب عمل ثوريه غير مناسبه عزز دور الانظمه السلطويه الناشئه المقتديه والمقلده لاساليب الاحتواء والشموليه السائد في العالم ذاته,وبالتالي فقد تتالت النكسات والهزائم عليها , ويبدو ان موازنات القوى وموازينها العسره في الحقبه الحاليه ,لا يشجع اليوم على صمود وبقاء تلك الحركات العربيه في الواجهه ,وان جهود منظمه ومخططه لا زالت تستخدم كل ادوات العداء المتاحه لالحاق الهزيمه النهائيه بها وسحق الامه التي ولدتها, بما فيها تلك الجهود التي تؤلب الطائفيه والعصبياتالقوميه البينيه ومن بعض رعايا قوميات اخر تعايشت معها بحكم عوامل تاريخيه وجغرافيه متنكره لبودقة الامه والوطن الكبير بغالبيته العربيه, ومن هذه الجهود المتعوب عليها و المدفوعة الثمن هي حركات واحزاب شوفينيه موازيه ,مدعومه بدول كبرى ,وهذا لا يعني ان ذلك هو موقف كل احزاب وحركات من عاش مشتركا من رعايا الدول و القوميات وانما هم اقليه او شريحه طفيليه مصالحها مركبه في خدمة سياسة فرق تسد وتولد دوما مشاعر عنصريه وشعور بالنقص او شكل من الخلل النفسي ليس له علاقة بالحقوق الانسانيه التي استخدمت ذريعة ...وليس للحركات القوميه خلفيات طائفيه ولا صحة لما اورده احد الكتاب وعلى ما اضن هو الدكتور عبد الخالق حسين بربط حركه القوميه العربيه بالمذهب السني ان هذا الربط رديف الربط السابق بالبرجوازيه عندا كان البعض يدعوا الى نبذ الحرككه القوميه لان القوميه مقولة البرجوازيه الصاعده انظر كيف انهم يستخدمون منظار لا يرون في داخله الا صور ولوحات من غير واقعهم, اذ ان غالبية رواد الحركه القوميه بالمشرق العربي هم من منحدر كادحي الشيعه وكذا زعماء احزابها وكوادرها فهل هذا الادعاء يصب في خدمة العداء القديم ايضا ام انه جزء من البرنامج الاحتلالي, كما ان التسلط لا يرتبط على الاطلاق بالحركه القوميه وانما بطبيعة انظمه وطبيعة مرحله وافراز تجربة عالميه فلا ننخدع بخلط مساله تخص السلطويه كظاهره برزت في منطقانا امتدادا لاتجاه وتوجه انظمه دوليه ابتدا من الشموليات الاشتركيه مرورا باحتواءات قوميه طاغيه مع صعود الراسماليه اصبحت تصنف على الاستعمار والامبرياليه , كما للاحزاب الشيوعيه في بلداننا المتخلفه قواعد ثقافيه وسياسيه مستعاره او مفروضه ولشرح ذلك ليس الغايه ان نرمي او نلقي باللائمه والتبعات على اتجاه نظري او نبرر سلوكيات سلطويه معينه, وانما هي محاوله لتلمس وتفحص الظاهره فان ما حصل في بلداننا المتخلفه من ظاهره السلطويه له صلة مباشره او غير مباشره بمفهوم شمولي مشوه كان سائدا , في النظريه او التطبيق الاشتراكي ومنها التجربه الاشتراكيه في روسيا والاتحاد السوفيتي وبقية البلدان الشيوعيه والاشتراكيه..؟ فالسلطويه احد نتائج الاقتداء بها ولكن من موقع مجتمع متخلف و كرد فعل للطرح الشمولي في توجه و صيغة عمل الاحزاب الشيوعيه المترفه من نظرية وتجربة عمليه وثقافيه للغير في البلدان المتخلفه...فمثلا لقد جرى التعامل مع اطروحة دور الطبقه العامله كطبقه مؤهله لقيادة التحول الى الاشتراكيه والشيوعيه تحت راية حزبها الشيوعي كما يجري التعامل مع فكرة المنقذ المعصوم المنتظر في العقيده الدينيه بل باكثر يقينية تحت ذريعة ان هذه الاطروحه هي نتاج التحليل العلمي الملموس لحركة التاريخ الملموسه, وكانت قد انطلقت و نمت فكرة الاحزاب الشموليه بصيغة الحزب الواحد اوالحزب القائد و طبقت في الانظمه الاشتراكيه فتناقلتها الاحزاب والانظمه الوطنيه والقوميه الانقلابيه و الثوريه وحولتها الى سلطويه جديده بدعوى المحافظه على وحدة القياده والتوجيه في حركة التغيير لبلدان العالم الثالث فتمثلتها بقدر من التفهم لواقع التكوين الطبقي لمجتمعاتها التي ليس فيها للطبقه العامله الا وجود ضعيف في الواقع, فطرحت نفسها مع التحوير ليس كحزب للطبقه العامله وانما لطبقات الكادحين اوقوى الشعب العامله والمثقفين الثوريين..الخ وممثل عنهم. قياده اوحديه مرجحه على كل الاحزاب الاخرى بفرضيه متعسفه القيت في الساحه السياسيه تقليدا واقتدائا بما يجري في المحيط الاشتراكي, لذلك فان هذه الاحزاب حتى وان تحالفت في جبهة مع الاحزاب الاخرى فان غايتها تبقى هي تأمين حاضر ومستقبل سلطتها, لقد اصبحت الساحه السياسيه في بلدان العالم المتخلف حلبة مصارعه غايتها الغلبه والسلطه بين احزاب تحت ذريعة اضطلاعها بالتغيير وتمثيلها للكتله التاريخيه.بينما
ان النظريه كأي نظريه هي بنت واقعها المتحرك, فلقد كانت نظرية قيادة الطبقه العامله وحزب الطبقه العامله نتاج مستوى من الصراع في مجتمعات تحقق فيها التطور الراسمالي على خلفية التطور الصناعي وما افرزه من اسطفاف طبقي وظهور طبقة البروليتاريه مقابل الطبقه الراسماليه ومع ان ذلك لم يحقق التنبئ في نفس المجتمعات الراسماليه وانما في بلد اضعف الحلقات الراسماليه روسيا بمبادرة الثوره البلشفيه, وما تبعها في المرحله الستالينيه من تصفيات وقمع لا مثيل له في التاريخ وتحول الحزب الحاكم الى طبقه بيروقراطيه مترفهه فكيف سيكون انعكاس ذلك في بلداننا المتخلفه,ان جمود النهج اصبح يعيق حركة التطور والنمو وادى الا تفجر النظام وانهياره بالضبط كما حصل لغالبية الانظمه السلطويه مع فارق التخلف وانعكاساته على التركيبه السلطويه في البلدان المتخلفه. ان العبره هي في ادراك حقائق طالما اريد لها ان لا تبان ومنها ادراك خطئ الاطروحه فليس للطبقه العامله حزبا واحدا كما ان مسالة سعادة الناس جميعا لن تتحقق بدكتاتورية الطبقه العامله, فتلك مآلها ليست سوى ذريعه للحزب الواحد وما دام الصراع هو لولب حركة التطور ناتج عن تناقض القوى فان المؤهل للقياده هو الاقدر تمثيلا و انجازا في حركة التقدم والنمو التاريخيه وان الوسط المناسب لانبثاق الحزب المؤهل هو وسط التعدديه تنفرز فيه اهلية الحزب فلا فضل لحزب على حزب الا بقدر النجاح على طريق التقدم والنمو ,فضلا عن ان بروز هذه الحقيقه الحيه, ففي بلداننا المتخلفه تتقدم وتكتسب اهمية من خلال حاجتها الملحه لتحقيق التنميه وترجيحه على حكم الطبقه العامله اذ كيف نستمر في طرح فكرة ان تقود او تحكم طبقه او كتلة تاريخيه وحركه تزعم بالانتماء لها لم تستوفي بعد شروط نضجها النوعي وبلوغ وزنها وحجمها المستوى الذي يؤهلها لقيادة التحول التاريخي ,وهل ان حزبا يملك ثقافه وعلم وبرنامج نظري للتحول يكفي وكيف يجري ذلك ,هل بدون القوه والسلطه والقسر وخلق متعسف ومتسرع لبناء قواعد تطور صناعي في مجالات الانتاج هو فوق قدرة التحمل ونشوء وتوسيع طبقة العمال وردع وتصفية طبقة الراسماليه الجنينيه والاقطاع والقفز نحو الاشتراكيه وتسييد قطاع ملكيه عموميه ,لو ان ذلك من الناحيه العمليه ممكن الوصول اليه لارحنا انفسنا جميعا في بلداننا المتخلفه والمجزءه الى فتات وكتل هشه ضعيفه متبعثره متخلفه في اوطان لم تتسامى كفاية الى مكون واحد صلب الاواصر في ترابطه بل ان تجاذب وتنافر اجزاءه شتى القوى بسمات الدين والمذهبيه والعرقيه والعشائريه فضلا عن مصالح كتل دوليه قويه وكبيره من مجتمعات متنافسه ومتصارعه,فلا حزب من مثقفين شيوعين او اشتراكيين تعلموها من كتب وممارسات الغير, قادر على ذلك مهما عمل ومهما حصل على دعم ومساعده و حتى لو تسلح باي سلاح, ولا تستطيع تشكيلة حزب ديني او قومي تحزم وتمنطق باحلام وبارادات ورغبات التكافؤ مع الاخرين من الكتل القويه والكبيره في العالم من اجل تشكيل يتجاوز تجاذبات وتنافرات الفتاتات والاثنيات بالاضافه الى نزعة القفز على المرحله الراسماليه باساليب ووسائل انقلاب سلطوي وتحزب, ان النظام الناشئ سيكون حتما مضطربا وربما يتخبط فيرتد الى الاستبداد والتعسف والعصبيات الانعزاليه فينتحر ويسقط ويعم على مجتمعه فيتحدر المجتمع صريع تناقضات واقعه المرير. ما العمل اذن؟؟ هل نلقي التبعات على الحركات القوميه لامه تعاني من هيمنة وندعوا بالديموقراطيه الغربيه نبني ونصلح مجتمعاتنا فندفعه الى الهاويه ام ان طريقا اخر بدت تتضح معالمه هو ما يتحتم على بلداننا السير فيه, ان عملية الارهاصات التي تمر بها بلداننا لن تجعلنا ننخدع ... فالحركه القوميه عند شعوب العرب تعكس معانات وطموحات امه كما تعكس سيروره وصيرورة تاريخيه ومسيره سياسيه اخرى حالها لا يختلف على نضج مستوى الاسطفاف الطبقي وان انتكست فان نكستها لا تختلف عن نكسات الاحزاب والتيارات مرحلة سادت ثم بادت فلاسباب متراكمه بالاضافه الى انعكاس السلطويه على واقع حال حركتها التاريخيه.والتي ما ان تنعتق منها حتي تعاود حيويتها... لقد وصلت الذرائع بالبعض الى ربط الحركه بخصائص شخصيه يجدها سلبيه في هذا او ذاك مثلا لدى ساطع الحصري بينما الرجل الحصري باحث اجتماعي ويشكل مدرسه فكريه صوابه وخطئه يقع عليه , سواء دافع بطريقته عن العرب ام لم يدافع وسواء كان تركي او يوناني فهذا بعيدا عن اصل المساله ....