اجتياز التفاوت بين الغرب والشرق من الافق الاوسع

هاشم الخالدي
2007 / 11 / 13 - 08:10     

لنشوء منظمات المجتمع المدني والوسط الاجتماعي المدني جذور تاريخيه مفهومه من خلال النظر اليها من الافق الاوسع ومن مدخل اختلاف ظاهرة الايمان بالقيم الفاضله.
فمم له اهمية كبيره في فهم اختلاف ظاهرة الدين في الشرق عنه في الغرب وظهور الانبياء المقتصر على الشرق, هو ان الذي ساد تاريخ الشرق هو هيمنة المطلق, اما الغرب فان الغالب في تاريخهم هو الواقعي والعلمي , ولشرح ذلك حسب وجهة نظري لابد من العوده الى اصل عملية الادراك لدى الانسان التي فصلت ذلك عنها في مقالات سابقه لذلك سوف اكتفي بالقول ان هناك شكلين من الادراك هما الشكل الواعي والشكل اللاواعي , او الادراك وعيا والادراك وحيا ,اذ ان الوحي وحيان وحي الوجود المطلق ووحي الواقع وان الوحي الالاهي لا يتنافى و وحي الواقع وكلا الحالين لا يلغيان قانون الوعي و المعرفه الانسانيه العام الا ان لكل منهما سماته فالانبياء غير الموهوبين والمبدعين... ولعموم الناس قدرة للادراك وعيا ووحيا مقدرا, تميزهم عن جميع الكائنات الحيه ...., فيتلقى النبي وحي الوجود المطلق او الرحمان،رغم انه ياخذ من وحي الواقع ايضا فيعبر عنهما في العقل والنفس بالضبط كما عند الفلاسفه والفنانين, فان هؤلاء متميزين وهم ليس كعموم الناس فليس جميع الناس فلاسفه وفنانين اما العلماءفهم نخبة مبدعه في وعيهم ، فالوحي ظاهره موضوعيه, وهوشكلين الاهي وواقعي, الى جانب الوعي , ان محاكات المطلق في الشرق هي في حدود اكبر بسبب الاقدميه في النشوء,يتضائل رسوخها مع الرخاء المعبر عن رضى المطلق عن حياة الناس اي في موقف اقل تماهي معه, فلظاهرة النبي جذور في المجتمعات الشرقيه التي هي منشئ السلاله الانسانيه المدركه اي اصل الانسان الحالي تنتفي مع ابتعاد الانسان في هجرته الى مناطق الشمال البارده الممطره الوفيره, ويتلاشى تاثيرها في خضم الحياة الديميه المستقره ووحيها الذي سيكون هو وحي الواقع البيئي والمجتمعي فضلا عن آلية المعرفه والوعي ,فاديان الشمال هي اديان وحي الواقع والمعرفه اكثر مما هي وحي المطلق ,وليس للبيئه الشرقيه اثر على سيادة الوحي المطلق وكسبب لاستبداد الدوله فقط وانما لعبت ايضا كحافز للهجره الجماعيه .
ان الحالة المستجده هي ليست في الشرق انما في الشمال الذي تصاعد به وحي الواقع والوعي لذلك فان التطور التاريخي فرصة اوجدتها الهجره الى الشمال بينما بقى الركود في الشرق ,ان ظاهرة استبداد الدوله هي اقدم في الشرق وهي من اهم نتائج سيادة وحي المطلق كطريقه للتعبير عنه على مستوى عقلي ونفسي وغريزي زاد من تاثيرها اهميتها في تهيئة وتامين المياه والحاجات الغذائيه الشحيحه في ظروف قلة الامطار والظروف الحراريه والبيئيه الاخرى وما تتطلبه من توفير قوة التصدي والتسخير والدفاع والغزو وبالتالي فان ارتباط نشوء الدوله بالوحي المطلق هواستسلام له واسناد مما زاد من هيمنة تاثيره لذا فان تاريخ الشرق يبدو دائما تاريخ اديان بعكس الغرب,ان حضارات النيل و واليمن و دجله والفرلت والهند و فارس والصين هي حضارات اديان فهي بحاجه الى الدين لبسط نفوذها,لذلك فانها في الحقب المتقدمه ما كان لها الا ان تبقى مجتمعاتها متخلفه عن حضارات الغرب الواقعيه, فحتى الديانه المسيحيه الان هي ليست تلك الديانه التي ظهرت في الشام وانما هي ديانة جديده من وحي الواقع والوعي الاوربي تبناها الكهنه العارفين اصحاب السلطه واصحاب الدوله والملك وقد جاء تبنيها لهم في وقت لاحق على اثر تطورات تاريخيه معروفه.. ان ظهورالاديان..اديان الله واديان البشر وعلومهم ظاهره موضوعيه, تتوقف على الطبيعه الطبقيه للمجتمع وطبيعة الشرائح و السلطات القائمه ,ففي الشرق تلجئ تلك الطبقات والسلطات والشرائح والفئات الاجتماعيه الحاضنه استثمار وربط الدين والايمان بالرحمان بمصالحها افقيا وعموديا , تمتد الى خلق المعتقدات وتنعكس عليها و تطبع المذاهب والنحل للاديان في مراحل متقدمه بطابعها عموما لذالك فان المساله تتخذ اشكاليه كبيره في سياق هذا الامتداد اي عندما يتم دمج الدين بالسلطه واضفاء الطابع الثيوقراطي على السلطه والدوله بسب عجز الدوله عن قيادة المجتمع الا بواسطة الدين والايمان بالمطلق وهذا ما عرف في الحضارت القديمه والتاليه في الشرق اذ يصبح الحاكم ممثلا وموكلا عن الاله وهو الذي يقرر باسمه مدعوما بالفتاوى الدينيه او الكهنوتيه .
ان الحالة المستجده هي ليست في الشرق انما في الشمال الذي تصاعد به وحي الواقع والوعي لذلك فان التطور التاريخي فرصة اوجدتها الهجره الى الشمال بينما استمرالركود في الشرق, لهذا اتخذت العلاقه للدين والايمان بالمطلق صيغة معكوسه في اوربا اذ يتخذ الكهنه من السلطه والدوله ادات لضمان الهيمنه فيصنعوها للسبب هذا من اجل تفوذهم على المجتمع فقد امتدت الكهنوتيه لقرون عديده منذ العصور الوثنيه مرورا بتبني الكهنه للديانه المسيحيه في القرن الثالث على اعقاب ارهاصات هذه الديانه في الاصلاح و التصدي الى سلطة اليهود المعروفه ودولتهم التي اجادت استخدام الدين اليهودي لذلك فان المسيحيه عجزت دون اقامة سلطتها ودولتها الا بعد اكثر من قرنين على ايدي دولة الكهنه الغزات الوثنيين الاوربيين بعد تبنيهم الديانه المسيحيه عبر مرحلة انتقال(اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله) المنسجمه مع دياناتهم الكهنوتيه الوثنيه اي مع الابقاء على قيمهم الاجتماعيه وشريعتهم وشرعتهم محروسة في الفداء - الرب المسيح(ع) بدلا من الاهههم الوثني اوزيريس المصري الاصل اوسيرابيس بالتسميه الرومانيه الذي هو من ديانات الفداء القريبة الشبه(سيد القمني الاسطوره والتراث ص-227) فحتى المسيحيه الان هي ليست تلك الديانه التي ظهرت في الشام كمعارض للدوله وانما هي ديانة مكيفه لديانة الكهنوت من وحي الواقع والوعي الاوربي تناسب الحفاظ على موقع السلطه والدوله(القيصريه) فالمسيحيه الغربيه هي ديانه ذرائعيه في الغرب....ساعدت هي الاخرى في تفوقه بعد القفزه الصناعيه في ظل المجتمع الراسمالي العقلاني بعد عملية الاصلاح التي تعني هزيمة دولة الكهنوت الاقطاعيه لكي تركن لاهوتها الديني بعيدا عن طريق نموها وبعيدا عن اعاقة مسيرتها وتلك هي البذور الاولى لظاهرة المجتمع المدني ومنظماته .اما الشرق فقد وقع اسيرا بقيود التفاوت في النمو والتقدم في علاقه فرضها التحول الراسمالي الاستعماري الى الامبرياليه,ولم يعش اي شكل من اشكال الوسط الاجتماعي المدني.لا قبل وقوعه في الاس ولا بعده.
ان استثمار الدوله الشرقيه للدين والايمان بالمطلق وقيمه الفاضله لخدمة مصالحها الطبقيه والقوميه الضيقه قد حوله الى معتقدات مؤدلجه سواء كفعل او رد فعل معاكس لا زال اجترارها قائم في خدمة مصالح شرائح طفيليه في المجتمع قفزت الى موقع متقدم بعد خيبة وفشل الانظمه الشموليه في ازالة التفاوت اوتحقيق النمو والبناء,فاخذت في الارتباط بتطفل اكثر فاكثر مع مصالح الامبرياليه والعولمه الراسماليه في خدمتها لابقاء حالة التفاوت وتكريسه ,الا ان هذا الطريق هو ليس طريق الحياة, فهو لن يحقق تاريخا لانه ليس نموا وبناء. ان علاقة التخادم بين المعتقدات الدينيه والدوله هي غير علاقة الموازنه بين الدين والدنيا فمثل تلك العلاقه التخادميه عاشتها الانسانيه بشكليها المختلفين في الغرب والشرق فقد كان الغرب قد استخدم صنع الدوله لمصلحة كتلة الكهنوت الاقطاعيه كما استخدمت الدوله الشرقيه الدين كمعتقدات مصطنعه, وفي كلا الحاتين افرغ الدين من محتواه الايماني بالفضيله ,ان الموازنه بين فضيلة الايمان وتقدمية العلم و فطرة المنفعه تلك المسارات الثلاث تتكفله الكتله التاريخيه المقاومه المؤهله في كل مجتمع في حركة باتجاه النمو والبناء في وسط منظمات المجتمع المدني.ان اساليب الاحتلال والهيمنه والنهب لن يوجد نمو وبناء في اي شعب, ولن يعد منظمات مجتمع مدني لانه بذلك سوف يكون سائرا بطريق حتفه,وان تاريخ الشرق والغرب دليل على ضرورة الوسط الاجتماعي المدني اي مجتمع الموازنه بين المسارات الثلاث المتحررمن الطغيان.