الدستور ليس نهاية المطاف


خليل المياح
2007 / 11 / 4 - 11:32     

يبق لديستويفسكي ان حسم الجدل الحقوقي وبخط نفسي رواقي
,يشبه الذي نختصم علية اليوم مع ظلاميي العصر من المتأسلمين ,
اذ راح اليوشا يسأل ايفان :أيحق لاي انسان ان ينظر الى الاخرين
ويقرر ايا منهم يستحق الحياة !
ولا مندوحة من الاتيان على مفاربة كامو بهذا الصدد فهو القائل
(ان روح القاتل عمياء ,وليست هناك طيبة حقيقية ولا حب جميل
من غير اكبر حظ ممكن من التبصير )
وكثيرا ما يتحدث البعض من المحامين او الحقوقيين عن الدستور
او القوانيين فيقطعون عليك حبل التفكير والحوار بعبارة :( لا اجتهاد
حيث النص ), ولن يجديك نفعا ان تذكرهم بان الدستور برمتة صناعة
تاريخية انتجة الانسان ,فها هو سقراط في محاكمتة يذكر القضاة غير
العادلين ,مع انهم كانوا من حزب الديمقراطيين الحاكم انذاك ,بانهم
يستمعون الى راي الاسكافي ولا يصيخون السمع له مع ان الالهه قد
نعتته باحكم الرجال !
وبهذا الصدد لن ننسى أناتول فرانس الساخر الحكيم حينما تصدى للقضاء الفرنسي
:انكم تحرمون النوم تحت الجسور على الاغنياء كما على الفقراء بدرجة متساوية
!!
اننا نرى الى الجدل القانوني أو الدستوري على العموم ,يقوم واقفا على
رأسه وهو بحاجة الى قلب بغية اكتشاف النواة العقلانية القابعة تحت
الغشاء الصوفي ولن تجدينا نفعا مفردات تصدح بانغام محبة العراق
الكبير هو الخيمة الوحيدة التي ستظل الجميع ,والقانون بصيغتة المثلى
,لا يقر مثلا ,من ان الحق المتساوي هو غير متساو اصلا ,لانه ينطلق من
ايديولوجية بورجوازية ترى ان العقد المبرم بين العامل ورب العمل
اصولي ومقدس في حين حتى الرأسمالي يعلم يقينا بان الحقيقة المتستر عليها
والسكوت عنها ,هي غير تلك المدونة على الورق .
وجاء الفكر الاجتماعي الحديث ,وهو الاخر يرى ان المساواة الكاملة أمر مستحيل
,اما الايديولوجيا وشعاراتها هي وحدها التي تؤمن بذلك ,فلامكانية المتاحة
وهي العدالة تحجم اللامساواة الممكنة فقط .
لكن الاشكالية تجبهنا عندما نسيخ السمع الى أرثر كوستلر :ليس اليوجي والقومسيار
لا القديس ولا الثائر بيده الحل الناجع !
وازاء الدستور البشري الصنع ,نرى رجل الدين اليوجي يناور ويحاور ,
ويلف ويدور ليذكرنا دوما بان دستور السماء هو الحقيقة الخالدة وما عداه خديعة وظلال !
وحصل لي ان التقيت وهابيا من مدينة الزبير في البصرة ,استهلك زمانه الدنيوي بالتثقيف
بالسعودية وخرج بنتيجة مفادها :سنهجر الاكراد من العراق ,لانهم لا يؤمنون بالعروبة !!
وهكذا نرى ان امكانية التنوير نكاد تكون معدومة في عالمنا العربي اذ يرفض المتاسلمون
الخروج من فوفعتهم الدينية وبالتالي فالنهوض من السبات العقائدي فمقولة (انا افكر اذن انا مسلم )
بصورة خادعة بغية المسك بمفتربات ديكارتية حديثة .
وثمة دسيسة فكرية تتغلغل في اعماقنا ومؤداها اننا نستطيع طرد لامعقولاتنا او تصفية اهوائنا
بالكلية (كماركسيين او يساريين )لكن ياتي التركيب التاريخي المعاش ليثبت اننا لا نحسن سوى تلغيم عقولنا !
والحل الجذري يكمن في تعديل دستورنا بمقاربات تاريخية شريطة الا نكف او نتوقف عن ممارسة فعالياتنا النقدية
والتنويرية .
ان دستورنا الذي تواطئنا علية بروحية جماعية ندرك في قرارة انفسنا انه ناقص وتلوذ به نوايا ليست
سليمة ,وحتى الفدرالية يراد لها ان تشكل جغرافيا لمعنى الانفصال او اعادة رسم لخارؤطة القوة وعلاقات السيطرة الدكتاتورية!
والاسلامويون عندما صافحناهم كانوا يضمرون اصوليتهم الخانقة والنواة التاريخية لممارسات التقية (ثاوية) في اعماقهم ,لا بل ان بعض الحمقى منهم قد صارحونا القول ,بعد ان نثبت اقدامنا سنفعل كما فعل الخميني
باليسار من تودة ومجاهدي خلق !!
ومع ذلك ينبغي الالتفات الى ان ممارساتنا النقدية لن تنقذ الاسلامويين من مرضهم المزمن :قراءة النصوص
المقدسة بعيون الموتى !
وطالما ان الاسلامويين ,سنة وشيعة ,لا يقرون ان المبدأ المتعالي لا يتجسد غب الانتهاك وان التطبيق سيلحق
بالانموذج الكامل الثغرات والنواقص وان الاساطير التي تضافرت على صنع الاصل المقدس لن تنفصل عنه
الا بعد فضائح مروعة وهذه نتيجة منطقية لكل عملية نسخ واستنساخ لتاريخ انتهت روابطه بنا اذ لسنا مجتمعا كالذي
عاشته المدينة المنورة ولا نريد لاسطورة الشعب المختار ان تتكرر علينا كان نكون امة وسطا !