الاساس الفلسفي للتفاؤل

هاشم الخالدي
2007 / 10 / 28 - 11:21     

الانسان احدى سلالات بشريه مؤهل جسديا وعقليا ونفسيا للبناء والتنميه والعدل منذ ظهوره على الارض وان اسسس تهيئته وقاعدتها هواعتدال القامه وتحرر ذراعيه منحته الية الاستعمال وقدره دماغيه منحته الادراك والايمان بالقيم المطلقه, والتي يعود اليها جميعا ميزة تطور معيشته عبر مراحل تاريخيه وان الاساليب الاساسيه التي تسود حركة تطوره هي الصراعات لتحقيق التوازن في محصلة مسارات تعكس تكوين خلقه, وجوهرهذه الصراعات هي قوانين جدل تتخذ وتائر وميادين متنوعه في الوجود فتلك هي خلاصة الفلسفه على اختلاف اتجاهاتها.
لذلك فان مساراته تنحصر بثلاث غريزيه وعقليه وايمانيه وهي تحدد السمات المرحليه لجميع المراحل التاريخيه للتطور سواء على مستوى الفرديه اوالاجتماعيه .
فالتوازن بين هذه المسارات هو الشرط اللازم للتقدم يتحقق عبرتعامله مع المحيط بما فيه الاجتماعي باشكال من الصراعات ليعيد دورة تحقيق التوازن.
ان اكثر عملية في حركة التطورشكلت خطر في الحياة الانسانيه هوطغيان و سيادة المسار الغريزي الذي نشأت منه الطبقات في عملية صراع عبر مراحل الزمكان المتداخله او المتمايزه من المشاعيه والبدائيه و العبوديه والاقطاع والراسماليه صعودا حتى مراحل متقدمه بما دعي ما بعد الحداثه, تحقق خلالها من الانجازات على قاعدةالتوازن والصراع الذي ادى في المحصله الى تقريب الابعاد الزمانيه والمكانيه في الحقبه الراهنه.. نحو وحده عالميه للاصطفاف او ما يسمى بالعولمه تتشابك بها هذه المسارات ما سينتج عنه مستقبلا مننشوء و تكوين الدولة العالميه, في النهايه النسبيه طبعا , اذ ان عملية الصراع هي عمليه مستمره وليس لها نهاية الا بنهاية العالم .
اما المعوق الاخر او الخطر الاخر فهو الميل العقائدي الايديولوجي سواء الديني او الفلسفي فقد تحول الدين في مرحله سابقه الى معتقدات واقانيم جامده تخلت عن جوهره الايماني بالقيم المطلقه والمثل الرفيعه والفضيله كما تحولت لاحقا الكثير من النظريات الفكريه والنصوص الى ثوابت ايديولوجيات مقدسه كالفلسفه الماركسيه والفلسفات القوميه على ايدي معتنقيها الى ما يشبه نتاجات العقيده الدينيه المفرغه من محتواها القيمي ,وهو انعكاس سلبي للتنكر للقيم الايمانيه في نزعة الادلجه ذي البعد الواحد ورفض التجديد مم ادى الى فشل النظريه و التجربه الاشتراكيه وعودة الكولونياليه بشكل جديد على مسرح التاريخ .
ان عودة الكولونياليه الغريزيه الكليه وظهور نزعة القطب الواحد للهيمنه على العالم واحتلال وتفتيت اقاليمه و نهبها وحرمانها ليست الا رد فعل مؤقت حفزته رغبات مكبوته عن تراجع وتحجيم تلك الغريزه في مرحله سابقه المتمثله بالامبرياليه عالميا كما انها نتاج افعال شجعتها عملية الفشل والسقوط للتجارب ونظرياتها الناجمه عن النزعه الشمولييه للشيوعيه و القوميه. يرافق عودة الكولونياليه اجترار فكر مرحله افله اي فكرالعقيده الدينيه التي حفزتها للظهورايضا فشل العقيده الفلسفيه والشموليه, بوهم العوده والحلول بملئ الفراغ فيما يدعى بالصحوه الدينيه,التي بدت عالميه و التي هي في حقيقتها محاوله استرجاع عقائديه برافع استثمار الإيمان الذي كان موضوعا لتعامل العقل انتج معتقدات ومذاهب و الذي تنكرت له العقلانيه ,وهي حالة رغم انها اسطوريه وخرافيه بمعايير العصر الا انها من السهل تعاملها مع الوعي الجماهيري بمعايير الأسطورة والأوهام ،وهي أقرب إلى أن تكون توظيفا للايمان في استعادة المعتقدات في خدمة اغراض طبقه او شريحه عرقيه، وهذا ما يفسر الطابع السياسي لهذا الإجترار في كل مكان ابتداءا من القمه في واشنطن ونيويورك وانجيليهم ومحافظيهم الجدد الى كابول وبغداد وطهران.فالدين كعقائد يستعاد لتعزيز موقف فئات اجتماعية معينة في صراعها الغريزي ليشكل مصدرا لتأكيد هوية جمعية تشجع على التضحية والفداء بفعل نقطة ارتكازه الايمانيه، أو تفعيلا لخلق التكتل السياسي الاجتماعي. فالدين كجوهر وشكل يمكن ان يكون سلاح ذو حدين فاما ان يكون في الخندق المقابل للظلم والهيمنه و للاحتلال عندما يجري التركيز على العامل الجوهري فيه دون استخدامه في استعادة المعتقدات والاساطير في خدمة فئات وشرائح اجتماعيه.
اوفي نفس خندقه عندما تستخدم تلك الاساطير والمعتقدات المؤدلجه اي بتوظيفها في مجرى "الاندماج" التعيس بمخطط الظلم والهيمنه والاحتلال والتماهي معه من اجل التحضير والتأسيس لفكرة التقسيم كما يجري في العراق, وهي حالة مؤقتة وعابرة و شاذة.. كما هي حالة الاحتلال فضلا عن انها ظاهرة تعكس طبيعة الضعف الذاتي لما يسمى بالصحوه في منطقتنا عموما.
ان عودة الكولونياليه لا يمكنها العيش طويل الا في مجرى عقد من الزمن و سيستعيد العالم بعدهذه الحقبه التاريخيه الطارئه توازنه بين المسارات وهو ما بدت ملامحه تشير اليه ، فهو زمن عابر لم يتحول الى تنميه وبناء وتقدم اي الى تاريخ كما يعبر عنها.
فلن يتحقق التقدم في المحصله الا على حساب الافول التدريجي اوالمراحلي للغريزه وتفوق الانجاز العقلي العلمي المتبلور في عملية نمو مضظرد متفاعلا بحلم الفضيله وفق الموازنه الضروريه. ان الحراك السياسي المؤهل لقيادة الانسانيه نحو العداله والبناء والتنميه يتحقق بالعلميه الواقعيه اي بخطوات علميه على ارض الواقع المتحرك وان الكتله التاريخيه الدافعه نحو هذا التحول هي كتله تاريخيه تؤلف بروليتارياالمقاومه المؤمنه بقيم الفضيله,لذلك فهي ايضا بحاجه الى تنظيم نفسها في ارجاء العالم على شكل احزاب ونقابات متحالفه تضمن التعدديه حتى على مستوى داخل الاقليم الواحد او البلد الواحد فليس الحزب الواحد و الفكر الشمولي قادر على تلبية متطلبات الانسان في العلم و البناء والتنميه على اقل تقدير,فالممارسه الانسانيه المتعددة الروافد هي وحدها كفيله باشباع مسيرة البناء والنمو واغناءها, كما ان ذلك لا يستدعي الالغاء التعسفي للراسماليه فهي انعكاس طبيعي لنزوع الغريزه عند الانسان ولن يتحقق زوالها الا في مرحله متقدمه من النموفي عمليه متوازنه بين المسارات الثلاث .
لذلك فان مصدر التفاؤل هو محصلة ما توصل اليه الفكر والمنطق على اختلاف اتجاهاته. hhhh