دور الأنسان في مسيرة التاريخ


فلاح أمين الرهيمي
2007 / 9 / 29 - 01:01     

دور الأنسان في مسيرة التاريخ
(1-4)
فلاح أمين الرهيمي
يعتبر العلماء والمفكرون والباحثون ان تطور الانسان حقيقة لا يشك بصحتها منذ ظهوره ونشأته وتطوره الى يومنا هذا وكبف انتقل من طور الى طور وكيف تحول المجتمع الانساني وتكون والذي ادى الى انبثاق الشرائع والانظمة والحضارات وكيف تطور واصبح الانسان اليوم بالنسبة الى انسان التاريخ . وما هي القيم الانسانية ؟ وماذا كانت النتيجة هذه التحولات والتطورات ودورها في حياة الانسان واوضاعه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ؟ وان ما يتمتع به الانسان اليوم من تقدم وحضارات وعمران وثورة تكنلوجية في شتى وسائل الحياة هو وليد سلسلة من التفاعل العضوي و الطبيعي ووليد سلسلة من التفاعل العقلي والادراكي للأنسان فهي قصة بدأت منذ ملايين السنين ولم تنتهي بعد وليس طبيعياً أن تنته وتقف عند حد .
ان الاحداث التاريخية وتطور المجتمعات لا تخضع الى حتميات ميكانيكية في سيرورتها ومصائرها بل انها تنهج نهجاً عاماً مرتبطاً بالتقدم الاقتصادي والانتاجي ولذلك ان تفسير التاريخ يأتي من خلال النظام الاقتصادي السائد في تلك المرحلة من الزمن والتي تعكس طبيعة الانتاج والتبادل الذي ينبثق عنه التنظيم الاجتماعي والذي ينشأ عليه التاريخ السياسي والفكري لتلك المرحلة .
ان كل ظاهرة في الوجود لها اسبابها ومسبباتها والحلول المضادة لها عن طريق القوانين الموضوعية التي تتحكم بهذه الظاهرة التي تعتمد على دياليكيتها في الوصول اليها ومعرفتها والتي تؤدي الى ظهور ديالكتيك جديد مستوحى من تلك الظاهرة حسب القوانين والحقائق العلمية والمادية المرتبطة بها والذي يؤدي الى اكتشافها والتحكم بها .
ان أي شيء في الكون لا يتصرف او يتحرك الا وفق قوانين معينة تتيح لمن يدركها الوصول الى الاهداف والاسباب والنتائج لذلك التصرف او السلوك او التحرك وان المعرفة والفهم الذهني للواقع الموضوعي الذي تدركه القوانين وتطبقه بالتوافق والتناسق مع الحركة الشاملة والعامة للواقع الموضوعي .
كان التاريخ بالنسبة الى ماركس سلسلة من الصراع والتنازع الطبقي المحتوم منذ ان وجد الانسان ونشأ وترعرع في الطبيعة الى يومنا هذا حيث كان ولا يزال يجاهد في سبيل بقائه ضد الطبيعة وضد اخيه الانسان ولذا بقي يجاهد ويناضل من اجل الحصول على ما يسد به رمقه ويكفل له ضروريات الحياة كلما مر الزمن تطورت اساليبه وسلوكه في الحصول على حاجياته وكان وما زال يعتبر وسائل الانتاج مقومات الحياة وكانت اهم ما يشغل بال الانسان والمجتمع في كل زمان ومكان .
كان ماركس يستعرض التاريخ بشكل علمي ولذلك سميت نظريته هذه (النظرية المادية للتاريخ) كما انه نظر الى التاريخ على انه سجل لتنازع وصراع الطبقات المختلفة وان تاريخ المجتمع الانساني بماضيه وحاضره عبارة عن تنازع وصراع طبقي والذي يسيطر على المجتمع هي الطبقية المالكة لوسائل الانتاج التي تستغل الطبقات الاخرى وتثري على حسابها فالطبقات الكادحة لا تعوض تعويضاً عادلاً على جهودها بل يترك لها ما يسد رمقها ويكفل لها اقل الحاجيات وتعتبر الناحية الاقتصادية والمعاشية في حياة الانسان نقطة الانطلاق في بناء المجتمع الاصلح الجديد ويشرح (ماركس) كيف ان الرأس مال الذي يحصل على (فائض القيمة) في وسعه ان يمتلك وسائل الإنتاج والالات الصناعية والتجارية وان (فائض القيمة) هي حصيلة جهد وعمل (الطبقة العاملة) وليس حصيلة وسيلة الانتاج وحدها مما يؤدي الى خلق طبقات متفاوته ومتباينه في المجتمع الواحد طبقات خاصة هي التي تستحوذ على (فائض القيمة) المالكة لوسائل الانتاج والطبقات العامة المهملة والمهمشة التي يستأجرها مالك وسائل الانتاج وتدر له (فائض القيمة) التي يستغلها ويستعملها ويجعلها احد الاسباب التي يتذرع بها للضغط على (الطبقة العاملة والكادحين) كي يبقى مرهوناً له ويبقى العامل في حالة عوز وحاجة مما يضطره ان يبقى مستعبدا لرأس المال خوفا من البطالة والجوع والحرمان مما يؤدي به الى فقدان حرمته وحريته واما ان يرضى بالاستعباد لرأس المال ويأكل ويعيش واما ان يختار الحريه ويموت من الجوع والحرمان .
يعتبر ماركس الصراع الاجتماعي هو العمل والكدح والخلق والابداع والنفع الذي يحصل عليه العامل من الكدح والخلق والابداع فالصراع الاجتماعي هو صراع عمل وانتاج وحركه وليس فيه جمود ولا حظوظ ولا ظروف خارجيه عن ارادة الانسان وكفاحه الذي ينتصر في هذا الصراع هو العامل الكادح لا فرق بين ان يكون عمله عقليا او يدويا وليس الخامل والمتقاعد والمستسلم والمتواكل على الظروف والحظ على ما تهيئه له الظروف والحظ دونما تعب او مشقه.
من هذا المنطلق بنى ماركس نظريته الاجتماعيه (النظريه الماديه للتاريخ) التي تقضي بثوره العمل (الطبقه العامله والكادحين) وسيطرته على رأس المال لكي تصبح الحريه امرا محكما لا وهما خياليا ولكي لا تكون الحريه (اثويبا) مثاليه اذا ان حريه الجائع والجاهل والمحروم هي حريه كاذبه ومنافقه وغير قابله للتحقيق كي تحقق له حياة محترمه وكريمه ولائقه بالانسان . ومن هنا يستخلص ماركس الى ان وسائل الانتاج يجب ان تكون ملكا للمجتمع وليس ملكا لفئه صغيره خاصه منه ويجب ان يكون رأس المال ووسائل الانتاج ملكا للشعب.
ان الصراع والنزاع الطبقي في المجتمع هو الحركه الدافعه لارتقاء الوعي الطبقي الى مستوى تطور شروطه الجدليه التي لها تمفصلاتها نتيجة تراكم عوامل ومؤثرات تؤدي بدورها الى الانتقال من مرحله الى اخرى بشروط جديده لصراع جديد تتحرك به عجله التطور التاريخي . ويعتبر ماركس الصراع الطبقي وانتصار الطبقه الجديده من الناحيه الاقتصاديه والسياسيه والقانونيه والعرفية وغيرها بحيث تصبح مستغلة لمن دونها من الطبقات حتى تقوم مكانها طبقه جديده اخرى ويستمر الكفاح والصراع والنزاع الطبقي في المجتمع الى المرحله التي لاتستقل فيها طبقه ما طبقه اخرى وهذا لايتهأ الا عندما تزول الطبقات المسيغلة من المجتمع وتبقى طبقه واحده فلا يبقى مجال للاستغلال الطبقي والصراع والنزاع لان الطبقه الواحده لا تستغل نفسها وهذه هي الوسيله الوحيده لخلق التوازن في المجتمع وقيام التعاون والمحبه والسعاده والازدهار لجميع ابناء المجتمع والمساواة بين ابناء الشعب .