ماذا تبقى لكم


حافظ عليوي
2007 / 9 / 23 - 10:08     

ارتفاع اسعار الخبز
في ظل تنامي البطالة الواسعة لتطال نسبة 55% من مجموع القوى العاملة المؤهلة في الضفة الغربية ، وبعد عودة استمرار جزء بسيط من الرواتب التي قطعت عن الموظفين منذ فوز حماس في الانتخابات البرلمانية ، ومعدلات الفقر التي وصل اليها الشعب الفلسطيني حيث بلغ معدل نسبة الفقر في قطاع غزة 38% وفي الضفة الغربية بلغت النسبة 16%، وهناك أسرتين من كل ثلاثة اسر فقيرة في قطاع غزة تعاني من الفقر المدقع، بينما في الضفة الغربية هناك اسرة واحدة فقط تعاني من الفقر المدقع بين كل اسرتين فقيرتين.
لتأتي مفاجأة ارتفاع اسعار المواد الغذائية وخاصة منها الخبز ، فقبل نحو شهر تمت زيادة سعر كيلو الخبز الواحد بنسبة 17% لتستمر بهذا الارتفاع وسط صمت الفصائل والنقابات ازاء ذلك ، لترتفع بحلول بدء الاسبوع الثاني من شهر رمضان لتصل بنسبة 33% ارتفاعا . وكما هو حال الخبز يقاس عليه باقي المواد الغذائية الاخرى ايضا وسط صمت المؤسسات والقوى والنقابات الفلسطينية . علما بأن الرقابة مغيبة عن المخابز لتستغل هذه المخابز ذلك الغياب ، وتبدأ بشراء " الطحين " المقدم كمساعدات من الشؤون الاجتماعية ووكالة الغوث كون كيس طحين " المساعدات " سعره بنصف واقل قليلا من نصف سعر كيس الطحين المطابق للمقاييس والمواصفات .
في ظل كل ذلك يرتفع سعر الخبز هنا بفلسطين ، بصمت الشياطين الخرس .

قمع اخر للطبقة العاملة

ببساطة هذه ممارسات البرجوازية الفلسطينية المتمسكة بزمام قيادة السلطة الفلسطينية باستمرار قمع وقهر واستغلال الطبقة العاملة في ظل تأييد فصائل الطبقة العاملة كلٌ لأحد الاقطاب المتصارعة بظل تناسي هذه القيادات اليسارية الثمن القاسي الذي دفعه الشعب الفلسطيني على سياسية الحاج امين الحسيني الذي كان بين اوائل الذين سارعوا لاستغلال التناقضات بين الاقطاب ، فأيد المانيا في حربها ضد بريطانيا وانتهى الرهان بهزيمة القضية الفلسطينية وقيام الدولة اليهودية ، والثمن بالوجه الاخر تدفعه الطبقة العاملة اليوم – فقر وبطالة والمحاربة برغيف الخبز – نتيجة تأييد اليسار الفلسطيني كلٌ لاحد اقطاب الصراع . لقد علمنا لينين ان واجب العمال هو الامتناع عن تأييد اي من الاقطاب المتصارعة ، والسعي بدل ذلك الى الصراع بين الطبقة العاملة والبرجوازية الحاكمة سعيا لتحقيق الاشتراكية ، فإن ماركس ولينين حذرا العمال دائما من هذا التعاون مع البرجوازية لانها لا تتوانى عن ذبح العمال بعد ان اوصلوها للسلطة على اكتافهم ، لمجرد مطالبتهم بحقوقهم . والنماذج العربية على ذلك عديدة ، منها ما فعله نظام محمد نجيب بعمال مصر بعد انتهاء ثورة الضباط الاحرار في 1952 ، وحزب البعث العراقي بعد استلامه مقاليد الحكم . فالحزب العمالي لايمكن ان يقود الطبقة البرجوازية لان البرجوازية ، ببساطة ، لا يمكن ان تقبل بأن تقودها الطبقة العاملة . فهي مربوطة برأس المال الاجنبي ، ومصالحها الخاصة توجهها نحو التحالف مع الرجعية والاستعمار ضد الطبقة العاملة . هذا ماحدث مع البرجوازية المصرية والعراقية والسودانية واخيرا ايضا مع البرجوازية الفلسطينية التي دخلت فلك الاستعمار من ابواب اوسلو.
ان ممارسات البرجوازية الوطنية الفلسطينية تجاه الطبقة العاملة ، هو انقلابها على برنامجها الوطني والكفاحي ، واخضاع الطبقة العاملة الفلسطينية الى ابشع انواع الاستغلال المزدوج الذي تمارسه اسرائيل والبرجوازية الفلسطينية التابعة لها ، وذلك بموجب اتفاق اوسلو الذي ربط اقتصاد الضفة الغربية وغزة باسرائيل ، وحصر دور السلطة في قمع الحريات الديمقراطية وحق الطبقة العاملة في النشاط المعارض لها ، مراعاة للمصالح الامنية الاسرائيلية . في الوقت التي تسيطر البرجوازية على النقابات والاتحادات العمالية .

ثورة الجياع ..

الحلول الخمسة التي قدمتها بريطانيا لدعم الاقتصاد الفلسطيني كان اهمها الترابط الوثيق وتعزيز العلاقة مابين الاقتصاد الفلسطيني الخاص والاقتصاد الاسرائيلي الخاص ، اي تعزيز المصالح البرجوازية مع مصالح اقتصاد اسرائيل !! ولننظر الى رأس المال الفلسطيني 60% منه رؤوس اموال مهاجرة وما تبقى منه مرتبط برأس المال الاجنبي والمهاجرة كذلك ، اضافة الى حرية رأس المال الذي سيتمتع به الاقتصاد الفلسطيني مما يترتب عليه الغاء الكثير من قوانين العمل والضوابط التي تقيّد نشاط الشركات وتقليص نسبة الضرائب المفروضة عليها الامر الذي يؤدي الى انخفاض الخدمات التي توفرها الدولة لمواطنيها في الصحة ، التعليم ، الاسكان ، التأمين الوطني وغيرها .. مما يجعل معظم الشعب يعتبروا انفسهم من الطبقة الوسطى فلأن مواجهة الزيادة في اسعار المواد الاساسية تتمثل بثورة اجتماعية تقضي على ما يسمى بالبرجوازية الوطنية ، بصيغة عدم الوصول بأغلبية الشعب للطبقة الوسطى ، التي تشكل اركان النظام وتخاف التمرد على النظام وتميل بطبيعتها للمحافظة ، وليست الطبقة الوسطى وليدة للنظام الرأسمالي الذي يميل بشكل طبيعي لسحق الطبقات الوسطى والابقاء على طبقتين اساسيتين ، هما الاقلية البرجوازية والاغلبية العمالية .
وقد اسهب ماركس وانجلز في شرح هذا الامر ، ان وجود الطبقات الوسطى يمنع المواجهة الحتمية بين الطبقتين المتناقضتين ، ويحفظ بذلك استقرار النظام الرأسمالي ، ويتستر على طابع الدولة القمعي ويكسبها طابعا زائفا من التسامح والديمقراطية كما هو الحال بفلسطين . ولدرء خطر الانسحاق عن الطبقة الوسطى يتوجب ابتكار طريقة بديلة تلجم قوانين السوق وتحدد من حرية رأس المال ، والدفع تجاه سيطرة الطبقة العاملة على النقابات والاتحادات العمالية وقد اثبت التاريخ انه اذا كان على البرجوازية ان تختار بين الاخلاص لمصلحة الوطن او لمصلحتها الطبقية ، فإنها تختار مصالحها ، حتى لو تطلب ذلك التحالف مع معسكر العدو ، فلا بد من استخدام العنف الثوري الجماهيري للقيام بالانتفاضة واستلام السلطة .