بروميثيوس باحثا عن العدالة


خليل المياح
2007 / 9 / 18 - 06:55     

جرت العادة ان ننعت الشخص المؤمن باليوتوبيا(الذي يحلم بالعدالة)
على أنه شخص معتل ،وذلك ان الكثيرين يتصورن ان المستقبل لن يكون ،في أحسن الاحوال ،الا صورة مطابقة للحاضر !
ومن هنا جاءت المفارقة الجارحة التي ترى الى أن اليوتوبي بات رجلا منفصلا عن الواقع بفعل من انه لايرى ان الزمن المعاش هو زمن الانهاك السياسي وبالتالي ليس ثمة مصالحة بين الفلسفات المطلقة والاخلاق حيث ان تلك الفلسفات كي تدرك غاياتها تبرر الوسائل وتسبغ (أحيانا)المشروعية على ابادة خصومها...
وهكذا راح البعض يرفض عودة المسيح للارض وكل الرؤى التوراتية وحتى الاشتراكية التي تعد الناس بخلاص طبقي حقيقي !
وسبق ان رفعت شعارات تنادي بان لارجل الدين ولا السياسي يمكنه اصلاح الخطل ، وعليه اصبحنا نرى اليساري يحتفي بالسوق (كمقولة اقتصادية ) في حين كنا نراه سابقا ينبذها ويراها غير عقلانية وخارج الدائرة الانسانية !
ومن هنا يسهل علينا فهم المغزى من طرح مقولة الاشتراكية غير الملوثة او الماركسية الكلاسيكية وكونها ضرورية ولكنها غير مجدية في الوقت ذاته والاصوات التي ترن هنا وهناك ماهي الا صدى لمقولة : لليوجي ولا القوميسار يصلحان عطب الحياة!
وهنا يعمد البعض من النخب الثقافية الى تجاهل ماصرح به (لوكاتش) : ليس هدف الاشتراكية نظاما اقتصاديا جديدا، لكن التحرر من التسلط المرضي للاقتصاد.. هو الهدف!
وصرح هذا البعض ان الدليل الدامغ على انهاك الفكر السياسي هو صعود التعددية الثقافية وبالتالي انهيار اليوتوبيا !
وان عدنا الى اليوتوبيا الماركسية وفلسفتها فسنراها تنحو نحو : " انسنه نظرية مطلقة للتاريخ".
وهكذا فالماركسية تؤكد بخلاف المدرسة الاقتصادية السياسية الكلاسيكية تاريخية راس المال أي العمل الانساني بصفته مضيعا ومضاعا في هذا الشكل الاقتصادي!
وبذلك استحقت هذه الماركسية ان تكون نظرية جديرة بالتاريخ وبانها ايضا نظرية في المعرفة تعتمد فلسفة لبراكسيس التي تنصب في البحث عن نمو التناقضات بين الانسان والمادة .