حول الحركة الوطنية المغربية

عبد الغني اليعقوبي
2007 / 9 / 11 - 10:58     

ان الحركة الوطنية المغربية تنتمي لطراز نادر من الحركات التي ساهمت بقوة في الكفاح ضد الاستعمار دون أن يتوج ذلك بالوصول إلى السلطة بعد الاستقلال. النتيجة الثانية هي أن قيادة هذه الحركة لم تكن أبدا منسجمة ومتجانسة وأن الانشقاقات المختلفة التي عرفتها اخلاصات حول الحركة الوطنية المغربية لحركة لم تفرز سوى قيادات سياسية جديدة لم تكن أحسن حالا من سابقاتها على هذا المستوى فالانشقاق كان يتم على قاعدة خلاف سياسي ظرفي في حين كان عدم الانسجام يجد جذوره في الغموض الإيديولوجي وما يترتب عليه من اختلاف في التأويلات... وليس لهذه الخصائص المميزة للحركة الوطنية المغربية من أهمية سوى لأنها كانت حاضرة بشكل ثابت طوال الحركة الوطنية ولم تكن وليدة ضرفية من الضرفيات. يمكننا القول أن الخلافات والانقسامات ساهمت بشكل كبير في عدم قدرة الحركة الوطنية على مواجهة المستعمر وتحقيق الإصلاح وهو ما دفعنا إلى الحكم بأن المستعمر استطاع تحقيق مبتغاه في إضعاف الحركة الوطنية قبل الاستقلال وبعد الحصول على الاستقلال نفس الشيء يمكن استنتاجه أي أن الخلافات والانشقاقات لها دور كبير في عدم قدرة الأحزاب التي تعتبر استمرار للحركة الوطنية على مواجهة المرحلة التي تتطلب توحيد الجهود لإنجاز التغيير المنشود وتحقيق الإصلاحات التي كان التجريب حقلا لها أو الفشل مصيرها، إلا أنها أدت بعد الحصول على الاستقلال إلى تحقيق نصر حاسم للنظام بعد تقديم تنازلات من الطرفين من النظام ومن الأحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية وبهذا استطاع إضعافها واحتوائها بشعارات المسلسل الديمقراطي والبناء الديمقراطي والإجماع الوطني. فتاريخ الإصلاحات في المغرب يكتسي صبغة حلزونية، إنه ما يفتأ يعاد وسيعاد وبصورة تكرارية، ولكن يجد تبريره في الوضع الكارثي الناجم عن أزمة عامة ومستعصية أما إذا نظر إلى الإصلاح بعين أقل تشاؤما، فإنه يبدو بسبب ما يطبع مساره من تكرار أشبه ما يكون بمشروع يولد المرة تلو المرة الأخرى، لكن دون أن يكتب له يوما أن يكتمل ففي المرحلة الاستعمارية وما واكبها من إصلاحات تحمل في طياتها طابع التناقض حيث كانت دائما تعارض ما بين مختلف الشرائح الاجتماعية مواطن ومستوطن بلد نافع وغير نافع عرب برابرة حواضر وقرى المدن العتيقة والمدن الحديثة ... وكانت هاته السياسة تهدف بلا شك إلى ترسيخ التواجد الاستعماري أكثر منها إلى إصلاح البلاد وتأتي إصلاحات عبد الله إبراهيم أو لوزير أو على رأس التشكيلة الحكومية الوطنية للمغرب المستقل لتحمل مضمونا إن لم يكن ثوريا فهو كان على الأقل تقدميا. وقد يكون حلم المغرب آنذاك هو تغيير القواعد إلا أ ن هذا الحلم أقبر لوجود إفتراظات سياسية وسياسة واجتماعية، وبالتالي فشلت هاته المشاريع رغم وجود إرادة قوية لإنجاحها. ففي عهد الحماية نجد أن الوطنين رحبوا بالإصلاحات إلا أنهم في نفس الوقت حاربوا بعضها باسم الوفاء للقيم الدينية والأخلاقية كما هو الحال بالنسبة للقضية المسماة بالظهير البربري والتي من باب الإنصاف كانت تحمل نوايا مبيتة من شأنها إثارة الاحتجاج وتنقسم الحركة الوطنية ليأخذ حزب الاستقلال على عاتقه حماية الهوية المغربية حيث سيجعل من هاته القضية قضيته الأساسية لذا فهدف الإصلاح المعلن دائما والمطبق أحيانا والمكلل بالنجاح ناذرا يجب أن يفرض نفسه كلغة أولى ورؤية سياسية مغربية محتملة. وبعد الاستقلال انطرحت أمام النظام ثلاث استراتيجيات : الحفاظ على النظام القديم، أي نظام ملكية مطلقة يكون فيها الملك مصدر كل السلطات، أو التخلي عن النظام القديم والاستعاضة عنه بملكية دستورية تكون فيها السلطة بيد البرلمان والأحزاب، وأخيرا التوفيق بين هاتين الصيغتين بخلق نوع من التوازي بين القصر وأحزاب الحركة الوطنية إذن لقد وقفت الاستراتيجيات السياسية، وكذا تذبذبت العلاقة بين السلطة وأحزاب .الحركة الوطنية عقبة في سبيل محاولات الإصلاح التي عرفها المغرب منذ استقلاله