في مصطلح - الأصولية اليسارية -

عديد نصار
2007 / 9 / 6 - 10:34     

بعد اطلاعي على مناقشات و وجهات نظر متضاربة حول ما يسمى ب" الأصولية اليسارية " رأيت أن من واجبي أن أطرح وجهة نظري خصوصا في ضرورة تحديد أي مصطلح و أسباب نشأته و تداوله. يمكننا تحديد وتمييز المصطلحين أعلاه و هما : "اليسار" و "الأصولية".
لا شك أن عبارة " يسار" سابقة على الفكر الماركسي و الثورة اللينينية، و لم يكن يعني فيما سبق غير فئة من المعارضة للحكم تحت راية النظام نفسه( بما أن ممثل الطبقة العليا كان يجلس إلى يمين الملك بينما ممثل الطبقات الفقيرة كان يجلس إلى يساره.) . و هذا ليس له اي علاقة بالنضال الطبقي الموجه للتغيير الجذري الذي يهدف إلى محو كل الطبقات و بالتالي إزالة كل استغلال، الذي يدعو إليه الفكر الماركسي و الذي يشكل بالفعل منهجا علميا و ليس عقيدة أو أيديولوجيا بأي شكل من الأشكال بدليل اعتباره النقد ركنا أساسيا من أركانه.
و اليوم، و بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، و بدون التطرق إلى أسباب هذا الانهيار، نرى أن نغمة " يسار " بدأت تعلو و كأن ال"يسار" هو البديل الواقعي عن " نظرية انهارت و لم تعد صالحة للتطبيق في الوقت الراهن " و هذا يجانب الحقيقة العلمية و يناقض المبادئ العلمية و التاريخ بأبسط مقوماته. و لهذا فإن الترويج لمصطلح " يسار " كان الهدف منه إشاعة وجهات نظر متناقضة في أوساط المناضلين و المثقفين الذين يطمحون إلى التغيير، حتى صرنا نرى من اليسار أطيافا تتراوح بين اليسار الطفولي و صولا إلى اليمين المتطرف! كل ذلك بهدف إضاعة الموضوع الأساسي و هو النضال الطبقي المحرك الحقيقي للتاريخ. و كلنا نعرف أن البرجوازية بكل أطيافها تنكر الصراع الطبقي، إذٍ فهذا من صنيعها.
لأجل ذلك فإنني أستمر في دعوتي إلى قيام اتحاد عالمي للحركة الشيوعية تكون مهمته الأساسية تشكيل مرجعية نظرية تستند إليها الحركة الشيوعية العالمية في استعادة زمام المبادرة في الصراع الطبقي فتوحد الطبقة العاملة عالميا و تؤسس لأوسع تحالف طبقي يباشر نضاله من أجل تخليص البشر من كل أشكال الاستغلال.
أما في مصطلح " ألأصولية " فمما لاشك فيه أن المعنى اللغوي لكلمة " أصولية " هو النسبة إلى كلمة أصول و بالتالي المقصود بذلك الفكر الذي يستلهم الأصول. و كان ذلك توصيفا للأيديولوجيات الدينية المختلفة التي ارتفعت إلى السطح بتمويل و تشجيع الإمبرياليين الذين أرادوا من ذلك محاربة المد الشيوعي بواسطة تلك الأيديولوجيا خاصة الإسلامية بعد أن ارتكب الاتحاد السوفياتي حماقة التورط في أفغانستان حيث أخذت مفاعيل تلك الأيديولوجيا تتظهّر بتحريض و تمويل مباشر من الإمبريالية الأمريكية. و كلمة أصولية تتناسب مع الحركات الدينية التي تعتبر أن الأصول أو الجذور هي الأصح و أن رحلة التراجع عن سلوكيات السلف الصالح يجب أن تتوقف و أنه بدون العودة إلى الأصول فإن الأمة تستمر تسير إلى مزيد من التخلف و الهوان. و هذا يناقض الفكر الماركسي الذي يتبنى فكرة التطور و التقدم و الارتقاء حيث الأنظمة الاجتماعية الاقتصادية ترتقي عبر تاريخ من الصراعات الطبقية صعدا باتجاه مجتمع الانسجام الشامل، المجتمع الشيوعي. فلا عودة إلى الوراء في الطرح الماركسي.
لذلك، إنني أرى تنافيا بين المفهومين أو المصطلحين لا يسمح بجمعهما معا كأن نقول " أصولية ماركسية " أو ما شابه.
أما عبارة " أصولية يسارية " فهي عبارة بدون محتوى كونها لا تعبر عن أي من المصالح الطبقية لهذه الطبقة أو تلك و لكن المطلوب من إطلاقها لصق تهمة غير منطقية بكل من يتمسك بالمنهج الماركسي في قراءة و تحليل الواقع الملموس، و وصمه بما لا يصح أساسا. إنها شكل من أشكال البروباغاندا التحريضية.