وماذا بعد انتفاضة رعاة الغنم في الاردن؟؟؟؟؟؟


وليد حكمت
2007 / 9 / 2 - 11:57     

قبل ايام حدثت انتفاضة الرعيان ومربي المواشي بالقرب من عمان احتجاجا على بعض القرارات الحكومية التي تهدف بالطبع الى الاطاحة بما تبقى للاردنيين الفقراء من ثروة حيوانية والتي هي المصدر الوحيد لعيش آلاف الاسر وهذه الانتفاضة التي تدخلت فيها قوات الأمن لانهائها بعدما تعرضت قوات الشرطة للرجم من قبل المتظاهرين الذين رفعوا شعار اردن بلا مواشي عام 2010 م كما انهم قاموا باضرام النيران في اطارات السيارات كما أذاق هؤلاء الرعيان الثائرون احد المسؤولين البيروقراطيين المتواجدين للتهدئة طعم العقالات المرعزية السوداء المؤلمة يرافقها ابيات من شعر الحداء البدوي التي تندد بالجوع والظلم ... تلك هي نتائج اغفال ملايين الصرخات التي اطلقها الانسان الاردني منذ سنين يطالب بالحلول لمشاكله ومعاناته في حين تركته الدولة في تلك المأسدة لوحده وبلا معين ولا رحمة سوى شعارات الكذب ؤوالخداع والتسويف في حين تنشغل الحكومات باقامة الاحتفالات والمهرجانات وجميع مظاهر البذخ والتبذير والبهرجة التي اصبحت سلوكا وسمة طبيعية في تلك الحكومات كما بدا بان تلك الحكومة تمهد برفعها المستمر للاسعار الى تعويمها كليا العام القادم... ان هذه الانتفاضة وان كانت صغيرة في وقتها وزمنها الا انها بدت تعبيرا واضحا عن مدى السخط والقرف الذي بات يعيشه المواطن جراء اطنان القرارات المتراتبة المنهكة والمذلة التي تنزع لقمة الخبز ورشفة الحليب من افواه اطفال هذا الانسان المسكين كما انها جاءت تعبيرا واضحا عن فشل اصحاب القرار في ايجاد حلول ناجعة لمشاكل الاردنيين الاقتصادية والاجتماعية وخصوصا الطبقات الفقيرة التي باتت تشكل ثلاثة ارباع الاردنيين ... ولكن هل كانت انتفاضة الرعيان هي الاولى في هذا العام ... كلا فقد سبقها اضرابات واعتصامات كثيرة ومتنوعة توزعت في كافة انحاء المملكة جاءت تعبر حقيقة عن احتدام النضال الطبقي في الاردن فمن اضراب عمال البوتاس الى اضراب عمال الفوسفات مرورا باضراب سائقي القطارات في سكة حديد العقبة مرورا باضرابات عمال المصانع في المناطق المؤهلة من البنغاليين والاجانب سواء العاملين في حرفة القطن وقطاع الغزل والنسيج او صناعة الالمنيوم مرورا باحتجاجات عمال مصفاة النفط مرورا باضراب عمال شركة الاتصالات مرورا باعتصامات واضرابات عمال المياومة في القطاع الزراعي المتتالية كما حدثت اضرابات اخرى هنا وهناك كاضرابات عمال المياومة في قطاع المياه والسياحة وايضا هناك اضراب المهندسين في وزارة التربية والتعليم ومهندسين في مواقع متعددة كما ياتي ايضا اضراب الممرضين ولا نستطيع ان نقف على العدد الهائل للاضرابات التي نفذت ونجح اغلبها في تحقيق اهدافه وفرض مطالبه على ارباب العمل المستغلين او على الحكومة التي لا تملك الا ان تستجيب لتلك المطالب بعد ان بدت في حالة من التخبط في سياساتها وخططها فجميع تلك الاضرابات عمت الاردن طيلة عام 2007 م هذا اذا استثنينا الاحتجاجات السياسية سواء على قضية تزوير انتخابات البلديات او على سياسات اخرى كانت تستهدف فئات سياسية معينة والمتابع لحال الاردن وحال الحكومة التي باتت تعاني حالة من الافلاس تغطيها بدعاية اعلامية فاشلة تقنيا ومهنيا اذ بات الجوع هو صاحب القرار والقناعة داخل تفكير المواطن الاردني ولن تنفع تلك الدعايات الديماغوجية والاقلام الصحفية الرخيصة من كتاب الدعسة السريعة التي تقبض الاثمان المرتفعة مقابل الترويج لقرارات تلك الحكومة المترنحة ولسياساتها الاقتصادية والسياسية الفاشلة ...

ان ظاهرة الاضرابات بدت وكأنها حالة شبه اسبوعية في الاردن فما ان ينتهي اضراب عمالي هنا حتى يبدأ اضراب آخر في قطاع آخر وما ان ينتهي هذا حتى نفاجأ باعتصام هناك لفئة تعاني الاستغلال والاجحاف وما ان ينتهي هذا الاعتصام حتى تتحرك السجون تموج هنا وهناك مطالبة بتحقيق المعاملة الآدمية للسجناء الاردنيين وكلنا يعلم بأن اكثر من سبعة حوادث خطيرة شملت السجون الاردنية اعتصم فيها مئات السجناء احتجاجا على سوء المعاملة والاضطهاد وهذا ما اثبتته تقارير لجان حقوق الانسان الغربية ’ ونأتي الى تلك الحالة الغليانية التي يشهدها المجتمع الاردني والتي تعكس مدى الفجوة بين القمة والقاعدة فهؤلاء البدو البسطاء في الجويدة والجيزة والذين هم اعمدة للنظام كما معروف يخرجون ويتظاهرون ويشكلون مظاهرات واحتجاجات لم تشهدها المدن المتطورة اجتماعيا وسياسيا وهذا ان دل على شيء فانما يدل على مدى الحالة السيئة التي بات يعانيها الاردنيون في ظل تلك السياسات الطبقية والسؤال الذي يطرح نفسه ترى كيف ستكون ردة فعل الفقراء الاردنيين في حال رفع اسعار مشتقات النفط العام القادم وتعويم الاسعار ورفع اسعار جميع السلع هل سترضى تلك الجماهير المقهورة بذلك الظلم والاضطهاد والفقر والمرض ام ان العمل النضالي سيتطور من الاضرابات الى الانتفاضات الشعبية وهذا الامر ليس ببعيد بل هو متوقع اشد التوقع وان غدا لناظره قريب
اذا كنا حقا دولة فقيرة ونعيش على المنح والمعونات فهذا لا يعني ان لا نفكر في مصيرنا ومصير تلك الاجيال القائمة والقادمة بجدية وصدق .. كنا من قبل تأخذون النفط من صدام مجانا وتبيعونه على الشعب بأسعاره العالمية وفي السوق السوداء خارج الأردن ولكن ألم تفكروا ولو هنيهة بان تلك النعمة قد تزول في يوم من الأيام فما هي الاحتياطات التي اتخذتموها من اجل مواجهة تلك الحالة ام ان تفكير المسؤول في بلدنا ادنى من تفكير العجائز او بحسب رأي فيصل الفايز بأن بلدنا ( مرزوقة) على طول وهذه هي الحلول الميتافيزيقية التي يتذرع بها المفكرون الأردنيون وأصحاب القرار فما الذي يهم صاحب القرار ؟؟ يهمه فقط ان يحشو جيوبه من مال الشعب ويزرع اقاربه في المناصب و الوظائف ويساوم مع ذلك على وطن الاردنيين... لقد وصلكم من صدام بحسب الاحصائيات العراقية الرسمية نفطا بقيمة 40 مليار دولار طيلة عقدين من الزمن ... فأين ذهبت ريوع تلك المنح اين ذهبت تلك المليارات هل بنينا فيها المصانع الحديثة المتطورة وشغلنا الايدي العاملة الاردنية وهل اسسنا زراعة وطنية حقيقية منتجة تكفل تغطي حاجات بلدنا وتكفل للمواطن الاردني بأن يتوفر له في شهر رمضان كيلو من الطماطم وهل شيدنا مدارس حكومية حديثة لا تتسرب مياه الامطار من اسقفها لتأتي على رؤوس الطلبة وهل اسسنا اقتصادا انتاجيا وتخلصنا تدريجيا من اقتصاد الاستجداء والشحدة والبهرجة وهل شيدنا البنى التحتية الحديثة كالطرق والسكك الحديدية لننتقل من الدرجة الثانية في دول العالم في احصائيات حوادث الطرق هل اسسا نظاما تعليميا متطورا يصدر لنا علماء ومفكرين ومنتجين بدلا من تفريخ آلاف الخريجين المكتبيين الذين لا يحسنون البديهيات وهل شكلنا ترسانة امان اجتماعي تكفل حياة كريمة للعجزة والفقراء والمرضى وهل فكرنا بأن نبني اسكانات للفقراء وللمواطنين تحميهم من جور الزمان ومن بطش الملاكين العقاريين وهل فكرنا بأن نخلق تنمية مستدامة صادقة وحقيقية تنقل مجتمعنا من حالة التخلف والفقر المدقع الى حالة العيش الكريم ...؟؟؟؟؟؟ وماذا بشأن ثمار السلام مع العدو الصهيوني ألم تعدونا بالسمن والعسل والخيرات والاقتصاد والقدرة الشرائية والانتاج المتطور الذي سيحققه لكم ابناء عمومتكم الصهاينة ثم سنتأتي الى الموارد الطبيعية في الاردن واهمها الفوسفات الذي يباع بسعر 5% من قيمته الحقيقية هذا المورد الذي لم نحسن التعامل معه ..... لقد قمنا بحشو شيوخ العشائر المتخلفين في تلك المصانع واغدقنا عليهم الرواتب المجزية من اجل ان يستمروا في ممارسة عملية التعييش بينما تمارس الحكومة بحق الشعب سياسات التكديش ثم بعد سنوات اكتشفنا بان الفوسفات يخسر ولكننا لم نعترف بالحقيقة بل كابرنا ثم جاءتنا الحلول السحرية ذلك ان المفكرين الاقتصاديين الليبراليين الكمبرادوريين في الاردن سينقذون ما تبقى عن طريق خصخصة هذا المورد الحيوي فبيع بعدها بثمن بخس للشركات الاجنبية ومثله البوتاس ومثله ايضا الاسمنت وكافة الموارد الطبيعية التي لا يستهان بها فلماذا لم نفكر اذن بانشاء ادارات متطورة لتلك المصانع والموارد بعيدا عن حشوها باللصوص والحرامية ولماذا لم نؤسس الى جانب تلك الموارد صناعات انتاجية متطورة ما دام المسؤولون الاردنيون يهيمون طيلة ايام السنة على وجوههم في بلاد اوروبا وامريكا ووآسيا فهل تعجز الاردن عن عقد اتفاقية مع اليابان وفتح مصنع انتاجي مشترك الى جانب مناجم الفوسفات لكي نشكل نواة صناعة حديثة ومتطورة بدل ممارسة الخرط والكذب على الاردنيين المساكين ... في احد تصريحات قفطان المجالي للحد من البطالة في معان قال سنفتح باب التجنيد لمائتي شاب ... فهل زرب الشباب الاردني في تلك المعلبات هو احد الحلول؟؟؟؟ وهل يمكن للمواطن الردني ان يقول لا لمرة واحدة ام انكم ستتهمونه بالخيانة واهانة هيبة الدولة والعمالة لجهات خارجية ...........

ثم سنعرج على تلك المنح الخارجية وبالأخص الأمريكية التي تقارب المليار سنويا وتصرف ولكن كيف وأين تصرف ؟؟ فجميع قطاعات الدولة قد تم خصخصتها باستثناء قطاعي الصحة والتربية الطوقانية فهل يصرف هذا المليار حقا على التربية والصحة ونحن نرى مستوى التردي في الخدمة الصحية والتربوية الاردنية.... فلماذا اذن لا نشكل نواة صناعية استثمارية في جزء من تلك المليارات ثم نعلن للشعب عن قرارنا بشد الاحزمة الى حين ان تقف البلد على قدميها حقا ولماذا لا تكون نصائح شد الاحزمة وثقافة العيب الى ابناء الطبقة المسيطرة...... ثم نأتي مرة اخرى الى موازنة الدولة والقائمة على اقتصاد الريع واقتصاد المنح والشحدة وتحويلات الاردنيين المعذبين في الخارج ان ربع الموازنة يصرف على الامن والجيش وهذا الامر بحاجة الى اعادة النظر اذا ان تلك الفئات التي تستهلك بدون ان تنتج ويا ليتها تستهلك جزءا معقولا بل انها تأخذ الربع ولكن اذا كان مفهومنا للأمن هو العسكر والشرطة والسجن سنكون حقا اغبياء فالأمن هو مفهوم شامل مترابط فهناك الامن الغذائي والاجتماعي والاسري والقومي ... ومع ذلك فاننا نرى بان الحكومة توجه هذا الامن واولئك العسكر نحو قمع المدنيين فقط وعلى أي حال يمكن ايضا الاستعانة بمعدات وآليات الجيش لانجاز مشاريع تنموية مثلما يحصل في دول اخرى بدلا من ان يأكل الصدأ تلك المعدات والآليات
ثمة اسئلة كثيرة تجول في خاطرنا حول مصير هذا الوطن ومعاناة ابنائه وخاصة في الايام القادمة التي ستكون حقا صعبة على الكادحين الذين يجهلون مصيرهم ومصير اطفالهم ولكنني اتذكر قول ابي ذر الغفاري ( عجبت لمن لا يجد قوت يومه لا يخرج شاهرا سيفه على الناس) حقا انه الجوع او الثورة