تميّز التوجّه الطبقي

تمار غوجانسكي
2007 / 7 / 15 - 10:52     

*في الواقع، تتكرّر نجاحات الشيوعيين في بناء شراكات حول موضوع معيّن لفترة قصيرة أو طويلة، بحسب الظروف. ولكن التوصّل إلى اتفاق على موقف مشترك، لا يلغي تميّز التوجّه الطبقي*
يمكن إعطاء أمثلة على تميّز التوجّه الطبقي عن طريق عدّة حقائق مأخوذة من الواقع الاسرائيلي.
هناك أوساط برجوازية- لبراليّة، تقف بكل وضوح ضد كافة أشكال العنصريّة، وتدافع عن حقوق الانسان والمواطن، وتدعم تقوية الدمقراطية. مع أوساط وشخصيات كهؤلاء، تعاون الحزب الشيوعي الإسرائيلي حول مواضيع مثل مقاومة الحكم العسكري (الذي عانت منه الجماهير العربية في إسرائيل من العام 1948 وحتى العام 1966)، والدفاع عن حرية التعبير عن الرأي (ضد أوامر الإغلاق الإدارية التي صدرت ضد "الاتحاد" وشقيقتها كول هعام)، وبالطبع، في معارك كثيرة ضد المآسي التي يسببها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
التعاون في هذه المواضيع هو أمر حيويّ، ولذا فإننا نبذل الكثير من الجهد في دفعه إلى الأمام بسبل مختلفة. ولكن عندما نبني مع الآخرين، تعاونًا حول مواضيع دمقراطية، نرمي عمليًّا وراء ظهرنا توجّهنا المركزي تجاه طابع الدمقراطية البرجوازية الطبقي. نحن نبني هذا التعاون لدفع موضوع هامّ إلى الأمام، للدفاع عن البشر هنا والآن. ولكنّنا لا نتوقف عن تقديم الشرح، في كل مكان وزمان، بأن الدمقراطية البرجوازية، بطبيعتها هي نظام (سلطة) أصحاب رأس المال، وجدت لتضمن استمرار بقاء نظام الاستغلال البرجوازي.
سأعطي هنا مثالاً قانون أساس: كرامة الإنسان وحريّته (1992)، وهو بشكل عام قانون دمقراطي هامّ. ولكن علينا كشيوعيين أن نشرح، بأن هذا القانون الدمقراطي يشمل (في البند 3) مسألة الدفاع عن "حق الملكيّة"- عن الحق في أن يكون الإنسان صاحب ملك ورأس مال وأن يستغل عمالاً أجيرين. "حق الملكيّة" هو الركيزة القضائيّة لنظام الحكم البرجوازي. ولذا، في نظام دمقراطي حقيقي، يرفض استغلال الانسان لأخيه الإنسان، (وهو النظام الذي نعمل للوصول إليه) لا يمكن أن يكون مكان لمثل هذا الحق. (يجب عدم الخلط بين حق الملكيّة وحق التملك الشخصي، ثمرة عمل الإنسان).



*حقوق النساء*الشيوعيّون، برفضهم كل أنواع الاستغلال والقمع، يرفضون التمييز ضد النساء وكل أشكال الاستغلال والعنف ضد النساء. هذا الرفض هو قاعدة واسعة تسمح للشيوعيّات بالمشاركة بشكل فعّال في تنظيمات نسويّة لها برامج مختلفة، واسعة أو ضيقة، بهدف العمل على مساواة المرأة في كل المجالات، وعلى تجنيد النساء للنشاط الدمقراطي والطامح للسلام. لذا، فإن الشيوعيّات ناشطات في حركة النساء الدمقراطيّات، ونعمات، وبات شالوم، وامرأة لامرأة، وائتلاف النساء للسلام، ومحسوم واتش، وفي تنظيمات نسويّة أخرى، تقوم بعمل هامّ.
ولكنّ الشيوعيّات، الناشطات في تنظيمات نسويّة ذات طابع دمقراطي، لا تتنازلن عن رؤيتهن الطبقيّة وموقفهن الطبقي، الذي يرى أن أساس كل أشكال التمييز ضد المرأة هو نظام الاستغلال الرأسمالي. يعمل رأس المال بطرق متنوّعة ليجبر النساء على العمل بأجر منخفض. رأس المال معنيّ بحفظ وتنمية توجّهات تقليديّة تجاه المرأة كـ"معيل ثانٍ"، وكمسؤولة وحيدة عن العائلة، كمن عليها أن تتحمّل العنف من قبل الأزواج أو من قبل الرؤساء في العمل، بصمت.
تحليلنا الطبقي- الاجتماعي يزيد غنى بفضل العمل في التنظيمات النسويّة وبفضل دراسة مشاكل النساء في مجتمعات مختلفة وفي مجالات مختلفة، عن قرب. ولكنّنا كشيوعيّات نجتهد لنشرح لأكبر عدد ممكن من النساء، أن المتابعة في النضال من أجل حقوق المرأة، تقود لتبنّي التوجّه الطبقي لتحليل كافة المشاكل الاجتماعية ولحلّها.



*الحقوق القوميّة*من وجهة نظر الشيوعيّين، مقاومة كل تمييز قومي وكل احتلال ودعم حقّ الشعوب في تقرير مصيرها- هي الألف- باء لرؤية ولنضالات الحزب الشيوعي في البلاد، منذ إقامته قبل نحو 90 عامًا. ما الذي يميّز رؤيتنا ونضالنا في هذه المواضيع؟
لنأخذ، على سبيل المثال، حزبين آخرين ينشطان في أوساط الجماهير العربية في البلاد، واللذان يعارضان أيضًا التمييز القومي والاحتلال: الحركة الاسلامية والتجمع. المعارضة التي يبديها هذا الحزبان، تمكننا، نحن الشيوعيين، من التعاون معهما بمواضيع عينيّة مثل يوم الأرض، أو في أطر مثل لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل.
ولكنّ الحركة الإسلامية (الأصوليّة) والتجمع (البرجوازي- اللبرالي)، اللذان تبنّيا توجّهات شبيهة بتلك التي قولبها الحزب الشيوعي الإسرائيلي قبلهما حول مواضيع الاحتلال والتمييز القومي، يضعان أمام الحزب الشيوعي الإسرائيلي توجّها مختلفًا جوهريًّا تحديدًا في الموضوع القومي. هذان الحزبان لا يعتبران بناء الوحدة اليهودية العربية، وخاصة العمّالية، جزءًا جوهريًا وغير منفصل من النضال ضد التمييز القومي والاحتلال. توجّه هذين الحزبين للنضال ضد التمييز القومي وضد الاحتلال كنضال دينيّ (الأقصى في خطر) أو كنضال عربي (عروبيّ)، ويرفضان الأهمية الحاسمة، التي يوليها الحزب الشيوعي الإسرائيلي للنضال ضد العنصريّة في أوساط المواطنين اليهود، وللجهد الذي يبذل لاستقطاب نساء ورجال يهود أكثر وأكثر إلى جانب مواقف تعارض الاحتلال وتدعم الحلّ السلميّ العادل.
مثلما طرحت كافة مؤتمرات الحزب منذ العام 1967، يرى الحزب الشيوعي الإسرائيلي في الانسحاب من كافّة الأراضي المحتلّة وبالتوصّل إلى سلام عادل، هدفه الاستراتيجيّ الأول. هذا هو موقفنا الدائم، الذي أسهم كثيرًا في إحداث تغييرات سياسيّة لدى الشعبين.
ولكن الحزب الشيوعي الإسرائيلي يشدّد أيضًا، على أن التوصّل إلى السلام العادل لن يكون خاتمة الأمر. من وجهة نظر الحزب الشيوعي الإسرائيلي، فإن السلام يخلق شروطًا مريحة أكثر لدفع المعارك الطبقية والاجتماعية- الدمقراطية إلى الأمام، ولتكتيل كافة القوى من أجل بناء مجتمع آخر، اشتراكي.