بمناسبة عيد العمال العالمي:بيان


حزب العمال التونسي
2007 / 5 / 2 - 12:41     


أيتها العاملات،
أيها العمال،
تحتفلون يوم غرة ماي، مع سائر شغيلة العالم، بالعيد العالمي للعمال، الذي يخلد نضالاتكم ضد رأس المال وتضحياتكم من أجل حقوقكم، ويذكركم بوحدة مصيركم خصوصا في الظروف الحالية التي يستمر فيها هجوم طبقات رأس المال غير المسبوق على الطبقات الكادحة والشعوب المضطهدة، مُسْتَغِلَّةً فشل التجارب الاشتراكية للقرن العشرين وتراجع الحركة العمالية وحركات التحرر الوطني، وهو ما جعل أوضاع العمال والشغالين عامة شبيهة بالظروف التي تمت فيها أحداث غرة ماي 1886 في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتستهدف طبقات رأس المال في هجومها حقوق العمال ومكتسباتهم سواء كان ذلك في البلدان الرأسمالية المتطورة أو في البلدان التابعة، بدءا بالحق في الشغل وفي حياة كريمة وظروف عمل إنسانية. كما تستهدف حقوق الشعوب، بما في ذلك حقها في الاستقلال وفي السيادة على ثرواتها وخيراتها، محاولة إرجاعها بكل الطرق، بما في ذلك عن طريق الحروب المدمرة، كما هو الحال في يوغسلافيا سابقا والعراق وفلسطين وأفغانستان والصومال، إلى وضع البلدان المستعمرة والمحميات الاقتصادية والمالية. وإذا لم يوجد ما يشكل عائقا أمام رأس المال والامبريالية فإن هذا الهجوم ضد العمال والشعوب يُخشى أن يتزايد بصورة لا محدودة فجشع البرجوازية ووحشية الاحتكارات الرأسمالية لا حد لهما، وهو ما يضع طبقة العمال، قوة الإنتاج الرئيسية في النظام الرأسمالي، أمام مسؤوليتها التاريخية في مواجهة رأس المال والرأسماليين وفتح آفاق جديدة للبشرية جمعاء.

أيتها العاملات،
أيها العمال،
إن أوضاعكم في تونس لا تختلف عن أوضاع العمال في العالم وخصوصا في البلدان التابعة إن لم تكن أسوأ أحيانا. فهي تشهد تدهورا مستمرا. فالمؤسسات تُغلَق والطرد الجماعي يتفاقم ولا حماية للعاملات والعمال المطرودين. وأشكال العمل الهشة (عمل وقتي، مناولة..) تتوسع على حساب العمل القار. وظروف العمل في المؤسسات تتردى، والمقدرة الشرائية تتدهور. والخدمات الاجتماعية (صحة، تعليم، نقل...) طالتها الخوصصة وأصبح لا يقدر عليها إلا أصحاب الثروة... ومع ذلك تواصل الحكومة تطبيق نفس السياسة الاقتصادية وتفوت في ما تبقى من مؤسسات عمومية. ويحكم عليكم نظام بن علي بقبول هذا الوضع وتحمّل تبعات اختيارات اقتصادية واجتماعية رأسمالية متوحشة، مملاة من الدوائر الإمبريالية لم يكن لكم فيها رأي، وبالامتناع عن الاحتجاج والدفاع عن حقوقكم ومكتسباتكم، في الوقت الذي تذهب فيه خيرات البلاد وثرواتها إلى حفنة من الرأسماليين الأجانب وأقلية من "العائلات" التونسية التي أثرت وتثري بطرق غير مشروعة مستَغِلة علاقاتها بقصر قرطاج.
إنكم محرومون من حرية النشاط النقابي داخل المؤسسات، هذا إن كانت لكم نقابات، كما أنكم محرومون حتى من التضامن بعضكم مع بعض بعد أن الغي سنة 1995 حق الإضراب التضامني، ومن حقكم في التعبير عن آرائكم ومن التنظيم السياسي والمشاركة في الحياة العامة وفي تقرير الخيارات الجوهرية للبلاد الداخلية والخارجية، ويجند نظام بن علي البوليس والشعب المهنية وأعوان الإدارة لقمع تحركاتكم وملاحقة العناصر الناشطة في صفوفكم، خصوصا أثناء الإضرابات والاعتصامات.
وما كان لأوضاعكم أن تبلغ هذا الحد من التدهور لولا تواطؤ القيادات البيروقراطية للاتحاد مع نظام بن علي على مدى العشرين سنة الأخيرة إذ زكت اختياراته الاقتصادية والاجتماعية (خوصصة، تحرير الأسعار، رفع الدعم عن المواد الأساسية، زيادة الضرائب، تحوير قانون الشغل...) وقيدت العمال والأجراء بـ"مفاوضات اجتماعية" ليس فيها من المفاوضات إلا الاسم، إذ حددت شروطها الحكومة. كما شكلت سندا للنظام في قمع الحريات الفردية والعامة ودعم الحكم الفردي المطلق وتدمير المجتمع المدني وإعادة الرئاسة مدى الحياة رغم معارضة العديد من الإطارات النقابية في الهيئة الإدارية الوطنية وبعض الاتحادات الجهوية...
ويزداد الوضع سوءا اليوم بسعي غلاة البيروقراطية النقابية إلى تلهية العمال والنقابيين بالصراعات الداخلية من أجل تأبيد هيمنة هذا الشق أو ذاك على الاتحاد وهم يحاولون بكل الطرق التراجع في أبرز قرار اتخذه مؤتمر جربة وثبته مؤتمر المنستير الأخير لتكريس الديمقراطية الداخلية وهو قرار الدورتين فقط لأعضاء المكتب التنفيذي، وذلك على حساب الملفات الاجتماعية الملحة خصوصا والمفاوضات الثلاثية على الأبواب.
وبالإضافة إلى ذلك فقد ظهرت محاولة للتعددية النقابية في ظرف يقتضي، لا تقسيم صفوف الحركة النقابية وإنما مزيد تكتيل الجهود من أجل تجذير النضال الديمقراطي داخل المنظمة لتوفير، إما شروط تحريرها من هيمنة البيروقراطية أو فتح طريق التنظيم خارجها بعد إنضاج الشروط الذاتية والموضوعية لذلك.

أيتها العاملات،
أيها العمال،
إن حزب العمال يقول لكم: إن مصيركم بأيديكم وإنكم وحدكم القادرون على تحسين ظروف حياتكم والتخلص من أغلال العبودية الرأسمالية ومن الاستبداد والظلم. إن الأعراف والحكومة ماضيان في الاعتداء على حقوقكم ومكتسباتكم وإذا لم تردوهما على أعقابهما فإنهما سيلحقان بكم مزيدا من الاستغلال والقمع والإهانة ولن يكون نصيبكم من اختياراتهما إلا مزيد الفقر والظلم والغبن.
إنكم في أشد الحاجة اليوم إلى الدفاع عن حقكم في الشغل والتصدي لمواجهة الطرد الجماعي وأشكال العمل الهش والمناولة وآفة البطالة. كما أنكم في أشد الحاجة إلى الدفاع عن مقدرتكم الشرائية والمطالبة بتحسينها بالرفع في أجوركم حتى تساير نسق ارتفاع الأسعار، وعن مكاسبكم الاجتماعية وظروف عملكم المهددة باستمرار.
إن المفاوضات الثلاثية على الأبواب وعليكم تنظيم حملة ضد هذه الصيغة من المفاوضات لتتحرروا من قيودها وتمارسوا حقكم في طرح قضاياكم بكل الطرق والأساليب التي ترتضونها، كما انه من واجبكم ومن مصلحتكم الضغط على القيادة النقابية حتى لا تلهيكم بمساعيها إلى افتعال صراعات داخلية على حساب الملفات المطلبية وإفشال محاولات تقسيم الحركة النقابية بالدعوة إلى التعددية النقابية التي لا يستغرب أن تكون السلطة هي التي تحركها من خلف الستار.
إن النضال وحده يبقى هو الحل من أجل تحقيق المطالب وحماية الحقوق والمكتسبات. وقد أظهرتم في العديد من القطاعات أنكم تنهضون من جديد للنضال عبر الإضرابات والاعتصامات، فلا تترددوا في تطوير هذه الحركة والتنبه إلى كل محاولات السلطة والبيروقراطية النقابية لإجهاضها واجعلوا من التضامن بعضكم مع بعض ومع الفئات الشعبية الأخرى مبدأ قويا لا تنزاحون عنه فهو سر قوتكم ومفتاح نجاحكم وسنكون في حزب العمال كما كنا دوما إلى جانبكم.

أيتها العاملات،
أيها العمال،
إن أخواتكم وإخوانكم في العراق وفلسطين وفي العديد من البلدان في العالم يتعرضون للظلم والاستبداد والقهر ويودعون يوميا جحافل من الشهداء فكونوا سندا لهم ولا تتخلفوا عن دعمهم ولا ترهبكم الآلة البوليسية لنظام بن علي المتواطئ مع المخططات الامبريالية والصهيونية في المنطقة والذي يمنع التونسيات والتونسيين من الاجتماع والتظاهر وجمع الدعم والالتحاق بالمقاومة.

- عاشت نضالات العمال التونسيين
- المجد لشهداء الحركة النقابية التونسية
- المجد والنصر للشغيلة العالمية
- تسقط الدكتاتورية
- يسقط رأس المال والامبريالية

حزب العمال الشيوعي التونسي
تونس، في 1 ماي 2007