عيد العمال العالمي والتأمين ضد التعطل


رضي السماك
2007 / 5 / 1 - 13:01     

كل عام وأنتم بخير جميعاً بمناسبة أول مايو، عيد العمال العالمي، وأحر التهاني وأطيب الأماني نزفها إلى طبقتنا العاملة البحرينية، وإلى كل العمال المقيمين في بلادنا من مختلف الجنسيات.

وإذ يحتفل عمالنا غداً بهذا العيد السعيد الذي يشاركهم فيه مختلف الفئات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص، فإنه يكتسب هذا العام مغزى من الدلالات المميزة على صعيد ما تحقق من مكاسب جديدة تضاف الى مكاسب هامة اخرى كانت أشبه بالحلم على امتداد عقود طويلة قبل اعلان جلالة الملك عن مشروعه الاصلاحي، ولعل ابرز هذه المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية منح العمال وشعب البحرين عامة إجازة رسمية تعطل فيها مؤسسات كلا القطاعين العام والخاص للاحتفال بعيد العمال العالمي والذي تتضمن فعالياته اتاحة الفرصة للعمال ومؤسساتهم النقابية تنظيم مسيرات احتفالية ومطلبية سلمية منضبطة تسير في هذا اليوم. ومن هذه المكاسب المميزة ايضاً التي ظلت ردحاً من الزمن تراود طموحات وآمال طبقتنا العاملة قيام منظماتها النقابية العلنية المشروعة المعبرة عن مصالحها والمدافعة عن حقوقها والمنضوية في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وما تبع ذلك من مكاسب اخرى هامة كمنح العمال حق تنظيم الاضرابات عن العمل من اجل الحصول على المزيد من الحقوق أو تحسين شروط وظروف العمل أو رفع الاجور.. إلخ. ولعل أبرز المكاسب الكبيرة الذي تحقق هذا العام وينطوي على دلالات سياسية واقتصادية واجتماعية هامة فيتمثل في تدشين مشروع التأمين ضد التعطل الذي تكللت التحضيرات والتجهيزات له بالنجاح بصدور المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 2006 بشأن التأمين ضد التعطل الصادر عن جلالة الملك بناء على عرض وزير العمل د. مجيد العلوي وموافقة مجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، ومن ثم موافقة السلطة التشريعية (البرلمان) بغرفتيها على هذا القانون. وكانت أصعب محطة لتمرير القانون واجازته، كما هو معلوم، تتمثل في الغرفة المنتخبة (مجلس النواب)، حيث جرت مناقشات ومداولات مستفيضة حوله انتهت بالموافقة عليه، وحينها تنفس وزير العمل الصعداء معبراً عن سروره البالغ بأن ذلك اليوم هو أسعد يوم في حياته. والحال ان موافقة المجلس على هذا القانون الهام تعبر عن نضج واحساس عال بالمسئولية الوطنية للنواب في هذه القضية، إذ ان بعض القوانين او المشاريع التشريعية هي من الأهمية الملحة بمكان بما يتطلب سرعة اقرارها وعدم تأجيلها او رفضها لمجرد بضع ملاحظات هنا أو هناك، او لمجرد ارضاء حساسيات او حسابات سياسية ضيقة لكون المشروع مقدما من الدولة او من هذه الكتلة النيابية او تلك. إذ ان مثل هذه التأجيلات لإعادة الصياغة أو الدراسة في رحلة مطولة معقدة بين لجان المجلس والمجلس نفسه، ثم لجان الحكومة، قد يفوت على العمال مكاسب آنية ملحة لا تقبل التأجيل وبخاصة بالنظر لموضوع كموضوع التأمين ضد التعطل البالغ الحيوية والأهمية لاتصاله ليس بحقوق العمال فحسب بل والمواطنين كافة أو المجتمع عامة لما له من علاقة بقضية البطالة، وهي قضية كما نعلم وثيقة الصلة بأمننا الاجتماعي والقومي والتي لطالما وصفت في مختلف الدول عند تفاقمها بالقنبلة الموقوتة. ولعل ما يميز مشروع التأمين ضد التعطل أنه يتكامل مع المشروع الوطني للتوظيف كل حسب الآليات المرسومة له في الاضطلاع بمسؤولية تفكيك ونزع فتيل هذه القنبلة، ان جاز التعبير، وذلك من خلال تقليل حجم البطالة الى ادنى نسبة ممكنة، ومعالجة الآثار السلبية لبقاء هذه النسبة بلا عمل لكلا الجنسين. ومن ثم فإنه طبقاً للمادة الثانية من القانون فإن الفئات المشمولة بمظلة التأمين ضد التعطل لا تقتصر على عمال القطاع الخاص فحسب، بل تشمل موظفي وعمال الحكومة والباحثين عن عمل لأول مرة. والحال أنه اذا ما سارت الأمور في تطبيق المشروع كما هي مرسومة ومأمولة وتضافرت جهود جميع الجهات المعنية بتطبيقه من مؤسسات حكومية وخاصة ونقابية فإن شوطاً كبيراً من معالجة مشكلة البطالة سيتم قطعه، بما في ذلك معالجة آثارها وتداعياتها السلبية السياسية والمعيشية والاجتماعية المعروفة. بقي ان نشير الى ان هذا المشروع وبالنظر لشمول مظلته كلا القطاعين العام والخاص يعد بمثابة اللبنة الأولى العملية لدمج واستكمال مزايا هيئتي صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية، توطئة لتسهيل خطوات دمج الهيئتين مستقبلاً في هيئة واحدة لتمد بعدئذ جميع مزايا مظلتها الحقوقية على موظفي وعمال كلا القطاعين من دون تمييز. ومرة أخرى كل عام وأنتم بخير.