حركة العاملين في القطاع الحكومي. مواجهة للسياسات العامة للسلطة والاحتلال


فلاح علوان
2007 / 4 / 14 - 12:18     

الحركة التي بدأها العمال في القطاع الصناعي الحكومي منذ نحو اسبوعين في العديد من المدن، تميزت بالاتساع وشمول اكثر من ميدان، وتواصل وتكرار التجمعات والاعتصامات، وهي سابقة بالنسبة للنضالات والتجمعات المطلبية.
ما ان بدأ العمال تحركا في مصانع النسيج في الناصرية والكوت حتى تسارع التحرك ليشمل اقسام ومصانع ومؤسسات في العديد من الفروع والقطاعات. وأبدى العمال استعدادا للتعبئة والتنظيم بصورة ملفتة للنظر حقا، بحيث تحولت المطالبات الجزئية في اقسام وشركات الى حركة واسعة، تشبه المد.
الملاحظ على هذه الحركة:
• انها برهنت قدرة العمال على التعبئة والتنظيم ورفع الشعارات المطلبية بانسجام، وشهدت التجمعات التفافا واسعا من العمال حول اهدافهم.
• ان الحركة قد شهدت صعودا وتناميا ملحوظا، بحيث استطاع العمال تنظيم التجمع العام وتشكيل واختيار ممثليهم مباشرة، حتى في حالة غياب اشكال التنظيم المعروفة، من مجالس اونقابات او جمعيات او روابط.
• شهدت الحركة تشكيل لجان مشتركة من اكثر من قطاع لقيادة التجمعات وتوسيعها، وهو تطور نوعي في الحركة العمالية.
• انها شملت اكثر من مدينة، واكثر من قطاع، ومعنى هذا ان امكانية تحولها الى حركة عمومية شاملة هي مسألة واقعية وليست ممكنة فحسب بل انها ضرورة، وهي احدى اهم مستلزمات نجاحها بل اهمها اطلاقا.
• ان المسالة الجوهرية هي المطالبة برفع الاجور في القطاع الصناعي الذي جرى استثناؤه من مشروع التعديل المقترح للاجور. وهي سياسة تنتهجها السلطات كجزء من تصفية او هيكلة القطاع العام، وبالتالي الخصخصة وتسريح مئات الاف العمال، فالحركة في جوهرها هي مواجهة لسياسة السلطات التي تنفذ مشاريع وتوصيات وشروط صندوق النقد الدولي، الذي هو المؤسسة المالية التي تمثل وتنفذ مصالح الرأسمالية والرأسمال الامريكي خصوصاً كقوة تتزعم السوق العالمية. وبهذا المعنى تصبح حركة العمال في حصيلتها ونتيجتها هي مواجهة للسياسة الحكومية ولسياسة امريكا، اي باختصار هي عمل له ابعاد سياسية. وان تطوره وتوسعه في شكله المطلبي الراهن هو تطوير وتوسيع لمجمل نضال العمال السياسي في مواجهة سياسة الاحتلال.
• ان من المهام التي تنفذها السلطات وتعقد الصفقات مع الشركات العالمية لاجلها هي مسالة تغيير الهيكل الاقتصادي وفرض نموذج اقتصاد السوق بالشكل الذي اشترطه صندوق النقد الدولي اي الشكل الذي يتطابق مع اهداف الرسمال الامريكي ومشاريعه من حيث فتح الاسواق والمشاريع امام الاستثمارات التي تقودها الشركات العملاقة، وهي المهمة التي تقوم بها السلطات بالتوازي مع مشروع ما تسميه" الخطة الامنية او فرض القانون". والتي لا تقل اهمية عنها بحال، بل ان كل جوهر السياسية الاقتصادية يتلخص في فرض الشركات ومنحها عقود الاستثمار، وتشريع ذلك في نصوص يصادق عليها البرلمان مستغلين انشغال الجماهير في الاوضاع الامنية الصعبة ،بحيث يجري تمرير النصوص التي تقرر مصير المجتمع، من خلال اعادة توزيع ملكية وسائل الانتاج، بل الاحرى تسليمها من القطاع الحكومي الى الشركات، من خلال بيعها او تصفيتها. وتصبح مسألة توسيع الحركة العمالية المواجهة لهذه السياسة هي ضمان فرض التراجع على هذا المشروع، الذي هو في التحليل الاخير المشروع الاقتصادي للاحتلال الامريكي، اي متمم الهجوم العسكري والتغييرات السياسية التي فرضتها سلطات الاحتلال.
• ويشكل موقف العمال الرافض لهذه السياسة، سواء سياسة الاحتلال او السلطات الموالية، او القوى السياسية القائمة ، يشكل موقفا مستقلا للعمال كطبقة اجتماعية لها اهدافها ومصالحها. بحيث تفصل نفسها عن التاثير الضار للقوى التي تعمل باسم الديمقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية، في حين تمرر اسوأ السياسات المعادية لمصالح العمال.
• ان شرط انتصار هذه الحركة هو عدم توقفها، اولا، واتساعها لتشمل البلاد بالكامل ثانيا، والاهم هو توفر الاطار التنظيمي لادامة هذه الحركة وتوسيعا، وتوفر الاداة النضالية بيد العمال للقضاء على التبعثر والتشتت في صفوفهم وتقوية الاستقطاب الطبقي من خلال الالتفاف حول الاهداف والمصالح الحيوية للعمال.
• ان اتحاد المجالس والنقابات العمالية عمل على التعبئة والتنظيم ضد السياسات المعادية للعمال، وضد القرارات التي تشرع للنيل من حقوق ومصالح العمال، وكان فعالو الاتحاد وناشطوه هم من اول المبادرين الى تنظيم وقيادة هذه الحركة التي نحن بصدد طرح ابعادها. ومن هذه الناحية يشكل اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق اداة بيد العمال في نضالهم ضد السياسات المعادية لمصالحهم ولفرض مطالبهم واهدافهم، كما انه يتميز بشكل تنظيمي مرن يمكن القادة والفعالين من لعب دورهم وممارسة اشكال قيادة ميدانية فعالة وخلاقة، تدفع اكثر فاكثر بالعمال الى الصفوف المتقدمة في الحركة، وتدفع الى المؤخرة اوهام تحقيق المطالب من خلال فئات البرجوازية التي تتحدث باسم العمال وباسم الوطن وباسم الديمقراطية.