ما يعطى بيد يؤخذ بأخرى!
حسن مدن
2007 / 4 / 1 - 10:52
حق العمال والموظفين في القطاع الحكومي في تشكيل نقاباتهم حق أصيل لا يحتاج أصلا إلى تشريع، فدستور البحرين ينص على هذا الحق، مثلما تنص عليه الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين فهذه الاتفاقات تنص على حق العاملين في أي قطاع، خاصا كان أو حكوميا، في أن ينظموا صفوفهم في نقابات تدافع عن مصالحهم وحقوقهم، وتؤمن لهم آلية جماعية للتفاوض مع الجهات المعنية حول هذه الحقوق، واستخدام وسائل الاحتجاج والضغوط السلمية المشروعة التي يجب أن تضمنها أي دولة لمواطنيها. غريب أمرنا في هذا البلد : نعطي حقا بيد ونصادره في الآن ذاته بيد أخرى . فالحكومة التي كانت قد وافقت على حرية العمل النقابي ونظمته قانونيا بإصدار قانون النقابات، حيث استقبلت هذه الخطوة بتقدير كبير من الحركة العمالية والقوى السياسية ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، عادت ففسرت المادة (٠١) من قانون النقابات بما مفاده إنها لا تشمل العاملين في القطاع الحكومي، الذين لا يجوز لهم، حسب هذا التفسير، تشكيل نقابات خاصة بهم، وإذا أرادوا الانضمام إلى نقابات فعليهم أن ينضموا إلى نقابات القطاع الخاص القريبة من مجالات عملهم. علينا أن نتذكر إن بعض النواب في الفصل التشريعي المنصرم قد سعوا لتعديل نص المادة (٠١) بحيث يكون واضحا وصريحا في شموله لحق العاملين في القطاع الحكومي بتشكيل نقاباتهم، بحيث لا يترك مجالا لتأويل الحكومة الذي ذهبت بموجبه إلى منعهم من هذا الحق. وللأسف الشديد فان هذه الجهود لم تثمر، وهو الأمر الذي شجع الحكومة على المضي قدما في هذا التأويل والذي بلغ حد السعي لحل النقابات التي تشكلت في القطاع الحكومي، واستدعاء الناشطين فيها للتحقيق من قبل ديوان الخدمة المدنية، كما حصل مع النقابيين جمال عتيق ونجية عبد الغفار من نقابة العاملين في البريد، خاصة بعد صدور تعميم ديوان الخدمة المدنية رقم (٣) لعام ٧٠٠٢، والذي تضمن توجيهات للوزارات والمؤسسات والهيئات العامة باتخاذ الإجراءات والتدابير لمنع قيام مثل هذه النقابات. ما نحتاجه هو تعزيز مؤسسات المجتمع المدني، والنقابات ضمنها، وأن يجري التعاطي معها بوصفها شريكا فاعلا، لا خصما يقتضي كل هذا الحذر والريبة والتردد في التعاطي معها . هذه الذهنية موروثة من مرحلة قانون أمن الدولة، ولا يجوز أن تستمر في الظروف الجديدة، لأنها تشكل كابحا جديا للتغييرات المنتظرة. وطبيعي أن تتوجه الأنظار نحو مجلس النواب، حين يدور الحديث عن هذه القضية أو سواها من القضايا المشابهة مطلوب من المجلس أن يعلن انتصاره للحركتين النقابية والعمالية، وخاصة في القطاع الحكومي، وحماية حقهم في حرية ممارسة حقهم في تشكيل نقاباتهم، التي لا يمكن إلا أن تكون أداة من أدوات الإصلاح في البلد، ولو أن المجلس أعطى هذه القضية من الاهتمام ما أعطاه من وقت وضجيج ضد ربيع الثقافة، لربما اختلف الأمر.