بصدد العمال الأجانب


صوت الانتفاضة
2023 / 6 / 22 - 18:04     

في سابقة جديدة جدا، اخرج لنا مشرعو وكتاب بنود الموازنة للعام الجاري 2023 فقرة تتعلق بالعمال-ات الأجانب، وتشرح كيفية سلب هؤلاء العمال-ات او سرقة ثمرة عملهم، وبما انهم بلا حول ولا قوة، فلا يستطيعون التجمع او التظاهر، ولا يستطيعون تقديم شكوى لأي جهة، وبما ان النقابات العمالية لزمت الصمت حيال قضية سرقة هؤلاء العمال-ات، ومن باب التضامن الاممي للطبقة العاملة، فيجب تسليط بعض الضوء على هذه الفئة المسحوقة تماما.

حسب اخر الاحصائيات الصادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فأن عدد العمال-ات الأجانب قارب المليون شخص، وهم يتوزعون على كافة مدن العراق دون استثناء، اغلب هؤلاء يعملون في القطاع الخدمي، فعجلة الإنتاج في هذا البلد متوقفة في اغلب القطاعات، فهذه القوى الإسلامية والقومية الحاكمة حولت اقتصاده الى ريعي، معتمدا بشكل أساس على الثروة النفطية.

المثير ان عدد العمال-ات الأجانب الممنوحين رخصة العمل، وحسب المتحدث باسم وزارة العمل "نجم العقابي" يبلغ 160 ألف عامل-ة فقط، اما باقي العدد من هؤلاء فدخلوا عبر شركات تديرها قوى داخل السلطة او يشرف عليها رجال دين، لما تدره عليهم من أرباح هائلة، بالتالي فلا يمكن مساءلة هذه الشركات او معاقبتها، وهذه الشركات "تهريب العمالة" تنشط باستمرار، فهي تدخل الالاف منهم كل عام.

لا نبالغ إذا قلنا ان معدل أجور العمال-ات الأجانب، خصوصا في القطاع الخدمي، لا تتعدى 300 دولار، أي اقل من 500 ألف دينار، وهذه أجور زهيدة جدا إذا ما عرفنا انهم غير محددين بساعات عمل، فعملهم اشبه بالعبودية، قد يستمر الى 16 ساعة عمل او أكثر، فعمال المولات والأسواق الصغيرة والمطاعم والنوادي الليلية والملاهي والمقاهي، وعاملات "الخدمة المنزلية"، كل هؤلاء يعملون بدون تحديد ساعات عمل، وهم مجبرين تماما على هذا العمل.

الفئة الغالبة من هؤلاء العمال-ات -خصوصا الذين بدون ترخيص- يبقون فترات طويلة في العراق، فلا يستطيعوا اخذ إجازة والذهاب الى بلدانهم، بسبب ان عودتهم تكون صعبة جدا، لهذا فتراهم يبقون أكثر من سنة او سنتين، لحين جمعهم مبلغا معينا يستطيعوا ان يعطوه لشركات التهريب مرة أخرى لعودتهم. حسب احصائيات فأن معدل ما يرسله العامل-ة لأهله بحدود 200 دولار شهريا، لهذا فأن جمع المبلغ صعب جدا.

مديرية الإقامة التابعة لوزارة الداخلية تفرض على كل عامل-ة مبلغ مليون ونصف المليون دينار رسم سمة الدخول، أي أكثر من ألف دولار، ثم بعد ذلك يأتي المشرع البورجوازي ليضيف عبئا اخر على كاهل هذه الفئة المسحوقة فقرة تقول: المادة 21 الفقرة ثالثا: "يفرض رسم على العاملين الأجانب في العراق مبلغ مقطوع مقداره مليون وخمسمائة ألف دينار سنويا عن كل عامل"، وإذا ما تم تقسيم هذا المبلغ شهريا فأنه يسرق منهم أكثر من 80 دولار، أي مئة ألف دينار شهريا.

المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، فهؤلاء باتو عرضة لنهب أموالهم من مختلف الجهات، فمثلا يرغب مركز شرطة السعدون بعمل حملة على العمال-ات الأجانب في البتاوين، وتلك المنطقة تكتظ بهم، واغلبهم غير مرخصين، يجمعونهم في المركز ليسلبوا منهم الأموال، ثم يتركوهم، وهكذا تستمر معيشة هؤلاء العمال-ات.

ان من التفاهة تريد عبارات الطبقة البورجوازية الحاكمة، والمتمثلة بقوى الإسلام السياسي والقوميين، من ان العمالة الأجنبية هي السبب في تفاقم البطالة، فالسبب في دخول هذه العمالة هي السلطة ذاتها، وإيقاف عجلة الإنتاج من معامل ومصانع هي السلطة ذاتها، وعمليات النهب والفساد والسرقة من يقوم بها هي السلطة ذاتها، بالتالي فلا يمكن القاء اللوم على هؤلاء العمال-ات، وحتى لو فرضنا ان السلطة أخرجت هؤلاء العمال-ات فأن مشكلة البطالة لن تحل ابدا.

يجب ابدأ التضامن مع العمالة الأجنبية، ورفض كل السياسات التي تؤدي الى سلب أموالهم.
#طارق_فتحي