إضراب »ألبا«
حسن مدن
2006 / 10 / 28 - 09:51
منذ سبعينيات القرن الماضي لم يكن مصنع »ألبا« مصهرا للألمنيوم فقط، وإنما هو أيضا مصهر للتجارب المطلبية في النضال العمالي، وغدت الحركة العمالية في هذا المصنع قوة طليعية في حركة الطبقة العاملة البحرينية في نضالها من أجل حرية العمل النقابي ومن أجل تحسين أوضاع العمال وتأمين شروط السلامة لهم، خاصة بعد أن ذهب العديد من العمال ضحايا لفقدان هذه الشروط ومن بينهم العامل سلطان حافظ الذي خلدت الحركة الإبداعية البحرينية ذكراه، فعنه كتب الشاعر علي خليفة قصيدة: »كان الفتى سلطان«، وعنه رسم الفنان عبد الله يوسف إحدى لوحاته المعبرة، وفي التجربة البرلمانية الأولى في البحرين كانت نقابة »ألبا« أولى النقابات التي تشكلت يوم ذاك برئاسة عبد الواحد أحمد عبد الرحمن، وكان النقابي الفقيد حميد عواجي نائبا للرئيس، إضافة إلى نخبة من النقابيين البارزين، بينهم اليوم أعضاء في المنبر التقدمي وأصدقاء له، وفي العقود اللاحقة تغذت الحركة العمالية في »ألبا« بأجيال جديدة من القادة العماليين والنقابيين الذين واصلوا التراث المجيد للحركة العمالية البحرينية في النضال المطلبي، التي تطورها اليوم قيادة نقابة »ألبا« التي انتقلت بنجاح ومسؤولية في إدارة النضال المطلبي في ظروف العلنية وشرعية العمل النقابي الذي نظمه قانون النقابات، والذي تعزز مؤخرا بمكسب جديد بالتعديل الذي اقره مجلسا النواب والشورى على المرسوم بقانون العمل، بإضافة مادة جديدة تحظر فصل أي عامل من عمله بسبب نشاطه النقابي. وتجبر صاحب العمل على إعادته فورا في حال الفصل وتعويضه ماديا عن فترة فصله، وهو التعديل الذي صدر مؤخرا بقانون بعد مصادقة جلالة الملك عليه. الإضراب المحدود الذي استمر لمدة ساعة واحدة فقط وانتهى بنجاح، حين تمكنت قيادة النقابة من التوصل إلى حل وسط مع إدارة الشركة برفع رواتب العاملين بنسبة ٠٢، والذي أظهرت النقابة حكمة ومسؤولية في إدارته، أعاد إلى الذهان التقاليد النضالية في العمل المطلبي للطبقة العاملة البحرينية، وسلط الضوء مجددا على آليات النضال اليومي المتصل بالمصالح الحيوية للعمال والموظفين والكادحين، والذي ينأى عن التحشيدات الطائفية والمذهبية التي صارت سمة السنوات الأخيرة مع تراجع دور التيار الديمقراطي أو تقاعسه عن الاضطلاع بالمهام الملقاة على عاتقه في توجيه الحركة الجماهيرية، خاصة منها ذات الصلة بالمواقع الإنتاجية المهمة، كما هو حال شركة »ألبا« نحو وجهة العمل الوطني العام الذي يوحد العمال من كل الطوائف والأعراق في النضال المشترك، وهي السمة التي استطاعت الحركة التقدمية والديمقراطية إضفاءها على النضال الوطني والمطلبي على مدار عقود، والتي نفتقدها اليوم ويتعين علينا بذل جهود كبيرة في سبيل استعادتها، وهو مغزى الدرس الذي قدمه إخوتنا وأبناؤنا في مصنع »ألبا«، ليس فقط بالطريقة الناجحة في تنظيم الإضراب وإدارة التفاوض مع الشركة، والخروج بحل مشرف يرضي المضربين، وإنما أيضا بالمحتوى الوطني العابر للطوائف والمذاهب والأعراق لمثل هذا التحرك.