النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....61


محمد الحنفي
2023 / 2 / 21 - 00:50     

النقابة المبدئية المبادئية والتنسيق...14

وللوصول إلى مجتمع، لا وجود فيه لكل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نجد أنه من الضروري أن نعمل على:

1 ـ التحلي بمنظومة القيم النبيلة، التي تحصننا من كل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى جعل تلك الأشكال: تختفي، عندما تسود منظومة القيم النبيلة في المجتمع، سواء كان ذلك المتحلي بها: مواطنا عاديا، أو موظفا جماعيا، أو في إحدى إدارات الدولة، التي ستتحول من إدارة فاسدة، إلى إدارة في خدمة المواطنين، انطلاقا من القوانين المعمول بها، وبدون ممارسة أي شكل من أشكال الفساد.

2 ـ جعل المدرسة، والبرامج الدراسية، ومختلف المؤسسات الإعلامية، والبرامج الإعلامية، في خدمة الدعوة إلى التحلي بمنظومة القيم النبيلة، التي ستجعل كل فرد من افراد المجتمع، يمتنع عن ممارسة الفساد، في أي مستوى من مستوياته، سواء كان إداريا جماعيا، أو إداريا دولتيا، أو خاصا، مما يجعل الإنسان يتغير، والواقع يتغير، والإدارة الجماعية، أو الدولتية تتغير، وإدارة القطاع الخاص تتغير.

3 ـ جعل كل أشكال الفساد، تدخل في ذمة التاريخ، بحكم التخلص من قيم الفساد، التي كانت سائدة في المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، سعيا إلى جعل القيم النبيلة، تحل محل القيم الفاسدة، ويصير جميع أفراد المجتمع، المتشبعين بالقيم النبيلة، يسعون إلى أن تصير القيم النبيلة، حصنا منيعا، ضد الفساد، وضد إعادة استنبات الفاسدين، في كل مكان من المغرب.

4 ـ جعل الأمل في مغرب بدون فساد: اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، حلما لكل مغربي، مهما كان موقعه من التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية، حتى يصير ذلك الأمل، محفزا لكل مواطن عادي، أو موظف جماعي، أو دولتي، أو خاص، من أجل جعل محاربة الفساد، هاجسه، الذي لا يفارقه، أبدا، ما دام حيا، ليصير له الفضل، في جعل الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، خاليا من الفساد، حتى يطمئن المجتمع، على مستقبل الأجيال الصاعدة، وتطمئن الأجيال الصاعدة على مستقبلها، الخالي من الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ليصير المستقبل عنوان التقدم، والتطور، الذي يدفع بالأجيال إلى الأمام، حتى تستطيع اختراق الزمن، بالإبداعات، التي لا حدود لها، والتي سيسجلها التاريخ بامتياز.

وبالتحلي بمنظومة القيم النبيلة، وجعل المدرسة، والبرامج الدراسية، ووسائل الإعلام، والبرامج الإعلامية، تقوم بدورها، في جعل القيم النبيلة، تداخل ممارسة كل فرد من أفراد المجتمع، وجعل كل أشكال الفساد، تدخل في ذمة التاريخ، وجعل الأمل في مغرب آخر، بدون فساد، حاضرا في ممارسة كل فرد من أفراد المجتمع، لنقف، بذلك، على مقاربة الجواب على السؤال:

ما طبيعة الديمقراطية، التي تسعى الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، إلى تحقيقها؟

وكما أشرنا إلى ذلك، فإن الديمقراطية، يمكن تصنيفها إلى صنفين:

ديمقراطية الواجهة، بدون مضامين.

والديمقراطية الحقيقية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، لا يمكنها أن تعمل على تحقيق ديمقراطية الواجهة، التي تعتبر، كذلك، ديمقراطية مخزنية، تعطي الشرعية للفساد، والاستبداد المخزنيين، ولتزوير الإرادة الشعبية، في أي انتخابات يعرفها المغرب.

وإن الديمقراطية التي تناضل من أجلها الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، هي الديمقراطية الحقيقية، المعروفة بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تخالط حياتنا اليومية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعرف:

ما معنى أن تعيش الديمقراطية، الحاضرة في كل وقت وحين، وفي كل صغيرة وكبيرة: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة؟

وعلى خلاف ديمقراطية الواجهة، التي لا يستحضرها المسؤولون، إلا من أجل ممارسة الفساد، والاستبداد، وتزوير الإرادة الشعبية، التي لا تكون فيها الانتخابات إلا مزورة، ولا تكون النتائج محترمة، مهما كانت.

وعندما تعتمد الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية الحقيقية، فلأن الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، هي في نفس الوقت، جبهة وطنية للنضال من أجل التغيير. والتغيير، هنا، يكمن في العمل على استئصال الاستبداد، بمضامينه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتحل محله الديمقراطية الحقيقية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعتبر أفضل وسيلة لاستئصال الفساد، والاستبداد، ولديمقراطية الواجهة، ولتزوير الإرادة الشعبية، ولاستئصال الفاسدين من الإدارة الجماعية، والإدارة المخزنية، حتى تصير الإدارة الجماعية، والإدارة الرسمية، خالية من الفاسدين، الذين لا يعيشون إلا في ظل الفساد. والديمقراطية الحقيقية، عندما تتحقق، تستأصل الفساد.

وبذلك نكون قد قاربنا الجواب على السؤال:

ما طبيعة الديمقراطية، التي تسعى الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، إلى تحقيقها؟

لنصل إلى مقاربة الجواب على السؤال:

ما طبيعة التحرير، الذي تسعى الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، إلى تحقيقه؟

إن التحرير، ضد العبودية، وضد الاحتلال الأجنبي للأرض، وللاقتصاد، وللاجتماع، وللثقافة، وللسياسة، وضد كل ما يجعل الدولة، والشعب، تابعين للمؤسسات المالية الدولية، وضد خدمة الدين الخارجي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ولذلك، فمعنى التحرير، على وزن التفعيل، من فعل يفعل تفعيلا، إذا بذل مجهودا، مصحوبا بالتضحية المادية، والمعنوية، التي قد تصل إلى درجة التضحية بالروح، والاستشهاد، من أجل جعل الاجتماع متحررا، ومن أجل جعل الثقافة متحررة، ومن أجل جعل السياسة متحررة، إذا أردنا التحرير الكامل للإنسان، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وإلا فإن التحرير، لن يكون كاملا، وسيبقى التحرير إما منعدما، أو ناقصا، كما هو الشأن بالنسبة لتحرير الأرض، الذي كان منعدما، ثم صار ناقصا، منذ سنة 1956، الذي لا يكتمل إلا بتحرير سبتة وامليلية، والجزر الجعفرية.

والشهيد عمر بنجلون، عندما عمل جعل التحرير، في مقدمة ترسيمته الشهيرة، التي تنكر لها اليمين الانتهازي، في محطة 8 ماي 1983، بعد ما استشهد الشهيد عمر بنجلون، في 18 دجنبر 1975، من أجلها، وصار، بذلك، شهيد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

فبذل المجهود، من أجل التحرير، آت من طبيعة صيغة التحرير؛ لأن التحرير، يكون مقترنا ببذل المجهود، الذي يقتضي التضحية المادية، والمعنوية. اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وجسديا، حتى يتأتى للإنسان أن يكون حرا، وللأرض أن تصير حرة، وللاقتصاد أن يتحرر من التبعية، ومن خدمة الدين الخارجي، وللاجتماع أن يتحرر من كل القيود، التي تجعل المجتمع يتراجع إلى الوراء، وللسياسة أن تصير وفق ما تقتضيه إرادة الشعب، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الأمر الذي يجعل الشعب يرضى عن الدولة، والدولة ترضى عن الشعب، وبالشعب، والتوافق بين الدولة، والشعب، يبقى حاضرا في الفكر، وفي الممارسة، حتى يتأتى للشعب أن يتقدم، وأن يتطور، وللدولة أن تنال احترام الشعب، ومن أجل أن تطوى مرحلة الفساد، وإلى الأبد، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، الأمر الذي يجب أن يقود إلى أن تكريس التحرير، في الواقع، يجب ان يعتمد من أجل تكريس التحرير.

والتحرير لا يأخذ دلالته، إلا بتفاعله مع الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا تأخذ دلالتها إلا بالتحرير؛ لأن المجتمع المستعبد، المحتل، والتابع، والغارق في خدمة الدين الخارجي، لا يكون متحررا، ولا يكون ديمقراطيا. وبالتالي: فإن الحديث عن تقدم المجتمع، وتطوره، بعيدا عن التحرير، وعن الديمقراطية، يصير من باب المستحيلات. والمستحيل في مجتمعنا المغربي، أن نتحدث عن التقدم، وعن التطور؛ لأن المتتبع غير متحرر، وغير ديمقراطي.

ومن هذا المنطلق، فإن المجتمع، سيبقى متخلفا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ولا أحد يستطيع أن يجيب على هذا التساؤل:

لماذا هذا التخلف، الذي يعيشه الشعب؟

فلا أحد يستطيع أن يسجل: أن ما نراه في الواقع، على أنه تقدم، ليس إلا تضليلا للإنسان، وتضليلا للواقع، في نفس الوقت.

فالتقدم، والتطور، لا يكونان إلا مصحوبين بالتحرير، وبالديمقراطية، وإذا لم يكونا مصحوبين بالتحرير، وبالديمقراطية، فإن التقدم، والتطور، يصيران في ذمة التاريخ، وفيما لا علاقة له: لا بالتقدم، ولا بالتطور؛ لأن الشعب غير متحرر، ولأن الواقع غير متحرر، كما تشهد بذلك السجون، والمحاكم، والسلطة القضائية. والسلطة المحلية، تشهد كل ممارساتها بذلك.

أما ما نراه، على أنه تقدم، وتطور، فإنه لا يظهر إلا على طبقة اجتماعية معينة، أعطيتها امتيازات الريع المخزني. فصارت بذلك تتمتع بالخيرات المادية، والمعنوية، لو تمكنت بأن تصير من الإقطاع، بفعل دعم السلطات المحلية، طبقا للتعليمات التي تتلقاها تلك السلطات الداعمة لفلان، أو علان، الذي يستولي على الملك العام، أو على أملاك الجماعة، أو على أملاك المواطنين، الذين يفقدون أراضيهم، التي يستولي علها فلان، أو علان، بدعم من السلطات المحلية القائمة، ليتكون لدينا إقطاع، على أسس غير مشروعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

والإقطاع المدعوم سلطويا، يستطيع أن يسترد امتيازاته، وأن يزدهر، وأن يعتبر ذلك الازدهار، ازدهارا للشعب، الذي يعمل أبناؤه في حقول الإقطاعيين، مع الحرمان من كافة الحقوق الإنسانية، والشغلية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، والشغلية، التي تبقى في جيب الإقطاعي، الذي يوسع بها إقطاعيته، التي يكرس بها استغلال أبناء الشعب المغربي، الذين يتعامل معهم الإقطاعي. فكأنهم عبيد الأرض، وبعقلية الإقطاع التقليدي.

بالإضافة إلى وقوف السلطة المسؤولة، إلى جانب فلان، أو علان، الذي تعرف أنه يمارس ممارسات غير مشروعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن يصبح بورجوازيا. والبورجوازي، عندما يصير ممتلكا لوسائل الإنتاج، تقدم له كافة التسهيلات، التي تمكنه من تكريس ملكيتها، وليصير مستغلا استغلالا همجيا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يحرمون من كافة الحقوق الإنسانية، والشغلية، مما يجعلهم لا يقوون على العيش الكريم، ومما يجعل حقوقهمـ تتحول إلى رؤوس الأموال، التي يمارس عليهم بها الاستغلال المادي، والمعنوي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نظرا لكونهم لا يدركون:

ما معنى الاستغلال المادي، والمعنوي، الذي يمارس عليهم؟

وما قدر عمقه، في شروط اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية؟

وإلى جانب الإقطاع، والبورجوازية، اللذين ساهمت السلطة، بشكل كبير، في إيجادهما، نجد بورجوازية تجار الممنوعات، بصفة عامة، وتجار المخدرات، بصفة خاصة، الذين يتصرفون وطنيا، ودوليا، في مئات الملايير، التي يتم تبييض مردودها من الأرباح، الذي يقدر، كذلك، بالملايير، في اقتناء العقارات، بالخصوص، وبأي ثمن، مهما كان مرتفعا، مما يجعل قيمة العقار، تزداد ارتفاعا، بسبب عملية التبييض، التى تستمر على مدار السنة، وفي كل مكان من المغرب، ما دام تجار الممنوعات، يتصرفون في مئات الملايير، التي تدخل جيوبهم يوميا، والذين صاروا يمتلكون أغلب العقارات في المغرب، التي يصير ذووا الدخل المحدود، عاجزين عن أداء قيمة العقار، الذي يأويهم، عندما يعجزون عن العمل، أو عندما يتوقفون عن العمل، بسبب، أو بآخر.

والأمر لا يتوقف عند إغماض عين السلطات المسؤولة، عن الاتجار في الممنوعات، التي اكتسب من ورائها الملايير، التي توظف في اقتناء العقار، على المستوى الوطني، وهناك المقربون من ذوي النفوذ، في هذا الوطن، الأمر الذي يترتب عنه: أن هؤلاء المقربين، من ذوي النفوذ، في كل جماعة، وفي كل إقليم، وفي كل ولاية، يجنون ثروات هائلة، من وراء التهريب، من، وإلى المغرب، نظرا للفوائد الهائلة، التي يجنيها المهربون، من وراء جمع البضائع المهربة، داخل المغرب، وخارجه.

وهؤلاء التجار، الذين يروجون المخدرات، يبيضون الثروات الهائلة، في اقتناء العقارات، يساهمون، بدورهم، كتجار الممنوعات، في التضييق على ذوي الدخل المحدود، فيصبحون، بدورهم، من ذوي الأملاك الهائلة، والثروات الصائلة، والدولة لا تعير هؤلاء، أي اهتمام، ولا تسألهم:

من أين لهم بكل تلك الثروات؟

وإلى جانب المهربين، نجد الذين يشتغلون في الإدارة، الذين يبتلون بالارتشاء، والذين يتعاملون على أساس سيادة الإرشاء، والارتشاء، ويجنون من ورا ذلك، أموالا طائلة، تقدر بعشرات الملايين، كل شهر، وبمئات الملايين كل سنة، مما يجعل هؤلاء، من كبار الأثرياء في المغرب، في الوقت الذي يشتغل فيه أي موظف، من هؤلاء المرسمين في أي إدارة جماعية، أو دولتية، بأجر لا يسمن، ولا يغني من جوع، في الوقت الذي يرتشي شهريا عشرات الملايين، التي يتلقاها إرشاء، أو ارتشاء، من جيوب المواطنين، الذين يتلقون الخدمات، على يده. وتلك الرشاوى، يتم تثبيتها في العقارات. ولا أحد يسال الموظف:

من أين لك هذا؟

مع أن الموظف البسيط، المرتشي، والمرشي الذي يدفع الرشوة، مقابل الخدمة، التي يقدمها المرتشي.

وهؤلاء، جميعهم، يتزعمهم ناهبوا ثروات الشعب، التي تقع تحت تصرفهم، بحكم المسؤولية، لتمويل مختلف المشاريع، التي اقترحوها، من أجل اعتمادها، في التمويل، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، فيتم نهب الثروات من قبل المسؤولين عليها، أو من قبل الآمرين بالصرف، لإخراجها، من الخزينة، حتى تتحول إلى حساباتهم الخاصة، وتوظف في امتلاك المزيد من العقارات، التي تزداد قيمتها، مع مرور الأيام، وخاصة، إذا كانت في المدار الحضري، لأي مدينة. الأمر الذي يترتب عنه: أن الثروات، التي تفوق عشرات الملايير، التي يتم نهبها، والتي تحولت إلى عقارات، في المدار الحضري، تجلب من وراء وقوعها في أي مدار حضري، عشرات الملايير الأخرى.

وبالإضافة إلى ما ذكرنا، هناك التهرب الضريبي، الذي تضيع معه عشرات الملايير، من خزينة الدولة، التي هي في نفس الوقت، خزينة الشعب، حتى تتقادم، فيعفون من أدائها. والدولة، لا تميز بين من يستطيع الأداء، فتلزمه بذلك، ومن يعجز عن الأداء، فيتم إعفاؤه، وعلى الدولة، أن تعيد النظر في سلوكها، تجاه التهرب الضريبي، فالشخص الذي يتوفر في حساباته الخاصة، أو في حسابات الأبناك، المترتبة على الثروات. فيتهرب، مع ذلك، من أداء الضرائب عن الأموال، التي نهبها، واستثمرها، فدرت عليه المزيد من الأرباح، التي لا حدود لها، وترتب عليها الضرائب، وأكثر من هذا، نجد أن هذا المتهرب، من أداء الضرائب، يتحمل المسؤولية الحكومية، ويستصدر قرار إعفائه، من أداء الضرائب الواجبة عليه تجاه الشعب، الذي يحرم من المشاريع، التي تم نهب قيمتها، الذي يتم استثماره، ليستوجب ضرائب لصالح خزينة الشعب، فيتمتع الناهب الممتنع، عن أداء الضرائب، التي تقدر بالملايير. وعندما يتحمل المسؤولية الحكومية، يستصدر قرارا بإعفائه منها، ليتضاعف حرمان الشعب، من ثرواته المنهوبة، ثم المستحقة. والدولة التي تعرف كل ذلك، لا تحرك ساكنا، وتعوض عملية النهب، وعملية التهرب الضريبي، بالمزيد من الإجهاز، لإغراق الشعب، في خدمة الدين الخارجي.

وانطلاقا مما سبق، فإن الشعب، لا زال بعيدا من تحرير الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة. وهذا البعد، لا يمكن أن تترجمه إلا إلى المزيد من الاستعباد، بدل تحرير الإنسان والأرض، أو ما تبقى منها، وتحرير الاقتصاد، وتحرير الاجتماع، وتحرير الثقافة، وتحرير السياسة، نجد انفسنا، امام مقاربة الجواب على السؤال:

ما طبيعة التحرير، الذي تسعى إليه الجبهة الوطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، إلى تحقيقه؟

ووعيا منا، بمقاربة الجواب على السؤال: فإنه يمكن القول بالتحرير، الذي لا يعني، في عمقه، إلا جعل الإنسان، يمارس حريته كاملة، غير منقوصة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي إطار القوانين المعمول بها، ورغبة في التحرير، انطلاقا من تلك القوانين المتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، ليصير معنى التحرير، متمثلا في التمتع بالحقوق الإنسانية، التي بدونها، يبقى الإنسان مستعبدا، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وتحرير الإنسان، لا يكفي، إذا لم تتحرر الأرض، التي يعيش عليها من الاحتلال الأجنبي، أو إذا لم تتحرر الجيوب، التي لا زالت محتلة، كما هو الشأن بالنسبة لسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية. كما أن تحرير الإنسان، لا يكفي، إذا لم يتحرر الاقتصاد من التبعية إلى المؤسسات الرأسمالية، العالمية، وإذا لم يتحرر الاقتصاد المغربي، من خدمة الدين الخارجي.

لأن مفهوم التحرير، شمل كل جوانب الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتكامل مع مفهوم الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن يصيرا متكاملين معا، مع المفهوم العلمي للاشتراكية، التي تضمن التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وتعمل على حمايته بامتياز، وتحقيق العدالة الاجتماعية، تحت إشراف الدولة الاشتراكية.