النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....54


محمد الحنفي
2023 / 1 / 11 - 18:32     

النقابة المبدئية المبادئية والتنسيق...7:

وبذلك نكون قد قاربنا الجواب على السؤال:

وما طبيعة الهدف الحزبي؟

لنقف على العمل على مقاربة الجواب على السؤال:

وهل يمكن قيام التنسيق فيما بين النقابات، إذا توفرت شروطه؟

إنما نعيشه في المغرب، بالخصوص، على المستوى النقابي، يصعب معه قيام تنسيق فيما بين النقابات، أو تتحالف فيما بينها، أو قيام جبهة نقابية معينة، خاصة وأن النقابات القائمة، لا يجمع بينها أي قاسم مشترك، يمكن معه قيام تنسيق، يمكن إعطاؤه مشروعية خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن النقابة المبدئية المبادئية، لا يجمعها أي شيء بالنقابة البيروقراطية، والنقابة الحزبية، والنقابة التابعة لجهة معينة، وما دام الأمر، كذلك، فإن النقابة المبدئية المبادئية، لا يمكنها أن تنسق مع نقابات كهذه؛ لأنه، لا يجمعها أي شيء بها، لا المبادئ، ولا البرامج، ولا المطالب، ولا الأهداف، ولا النظرة إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة، وأنه إذا كانت النقابة المبدئية المبادئية، تقود نضالاتها، من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. فإن النقابة البيروقراطية لا تهتم إلا بحماية مصالح الجهاز البيروقراطي، على جميع المستويات: المادية، والمعنوية.

والنقابة الحزبية، لا تعمل إلا من أجل خدمة مصالح الأجهزة الحزبية.

والنقابة التابعة، تصير في خدمة مصالح الجهة، التي تتبعها النقابة.

إن التنسيق بين النقابات، لا بد أن تتوفر له شروط الانسجام، والتوافق، والائتلاف، المكونة لمفهوم التنسيق.

والنقابة المبدئية المبادئية، هي نقابة غير منسجمة، وغير متوافقة، وغير متآلفة، لا مع النقابة البيروقراطية، ولا مع النقابة الحزبية، ولا مع النقابة التابعة؛ لأن النقابة المبدئية المبادئية، تضع نفسها في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في الوقت الذي لا تكون فيه النقابة البيروقراطية، إلا في خدمة الجهاز البيروقراطي: أفقيا، وعموديا، ولا تكون فيه النقابة الحزبية، إلا في خدمة الجهاز الحزبي، ولا تكون فيه النقابة التابعة، إلا في خدمة الجهة التي تتبعها النقابة، كذلك، أفقيا، وعموديا. وهو ما يترتب عنه: انعدام الانسجام، والتوافق، والتآلف، بين النقابة المبدئية المبادئية، وبين النقابة البيروقراطية، وبين النقابة الحزبية، وبين النقابة التابعة.

وإذا كانت النقابة المبدئية المبادئية، تستحضر مبدئيتها، في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين تخلص في خدمتهم. فإن النقابة الديمقراطية، لا تعرف شيئا اسمه: المبدئية المبادئية، كما لا تعرف شيئا اسمه: الإخلاص في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بل إن النقابة البيروقراطية، هي التي تريد من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن يخلصوا في خدمة الجهاز البيروقراطي، الذي يجب اعتبار مصالحه، فوق كل اعتبار: أي أن الآية انعكست. فبدل أن تصير النقابة في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما هو الشأن في النقابة المبدئية المبادئية، يصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مطالبين بالإخلاص في خدمة الجهاز البيروقراطي، كما هو الشأن بالنسبة للنقابة البيروقراطية.

وإذا كانت النقابة المبدئية المبادئية، لا تسعى إلا إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن النقابة الحزبية، كذلك، لا تعرف شيئا اسمه: المبدئية المبادئية، كما لا تعرف شيئا اسمه: الإخلاص إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بل إن النقابة الحزبية، اللا مبدئية اللا مبادئية، تفرض على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يتحولون بانتمائهم إلى النقابة الحزبية، إلى حزبيين، وأن يصيروا في خدمة مصالح الحزب، وفي خدمة مصالح الأجهزة الحزبية، مهما كانت الشروط التي يعيشها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، قاسية، تقتضي من النقابة الحزبية، أن تقف إلى جانبهم، وأن تناضل من أجل رفع الحيف عنهم: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، إلا أن النقابة الحزبية، لا تخالف القوانين، ولا تخلص في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة، وأن لكل حزب إقطاعي، أو بورجوازي، أو حزب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أو حزب بورجوازي صغير، أو حزب مؤدلج للدين الإسلامي، أو حزب يميني متطرف، أو حزب يساري متطرف، نقابته الحزبية، أو النقابة التابعة له. وهو ما يتعذر معه الإخلاص إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين تتناقض مصالحهم، مع مصالح الإقطاع، والبورجوازية، ومع مصالح البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، ومع مصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومع مصالح الحزب المؤدلج للدين الإسلامي، ومع مصالح حزب اليمين المتطرف، ومع مصالح حزب اليسار المتطرف.

وهذا التناقض، هو الذي يجعل النقابة الحزبية، بكل هياكلها، وبالمنتمين إليها، في خدمة الحزب، وفي خدمة الأجهزة الحزبية، مهما كانت الشروط قاسية، في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وإذا كانت النقابة المبدئية المبادئية، تعمل على جعل خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أولى أولوياتها، فإن النقابة التابعة، اللا مبدئية اللا مبادئية، لا تعرف شيئا اسمه: الإخلاص إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما تقتصر معرفتها، بخدمة الجهة التي تتبعها، مهما كانت، وكيفما كانت، خاصة، وأنها هي التي تملي عليها:

ماذا تعمل؟

وتتحكم فيها، بناء على تحكمها في الفساد، وبالتالي: فإنها تعتبر جزءا لا يتجزأ من الجهة، التي تتبعها النقابة، والتي تعتبر من الأمور التي تحرص عليها، كنقابة تابعة، ولا تقف إلى جانب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، غير أنها، كنقابة تابعة، لا تعطي الكلمة لقواعدها، بقدر ما تتلقى الإملاءات، من الجهة التي تتبعها، وما على القواعد، إلا أن تعتبر تلك الإملاءات، بمثابة أمر تلقته النقابة، من تلك الجهة. وما عليها إلا أن تقرره، لينقل إلى التجسيد على أرض الواقع. وإلا، فإن قيادة النقابة التابعة، ستعتبر ناشزة، وتعاقب على نشازها، من الجهة التي تتبعها.

ولذلك، فنحن عندما اعتبرنا: أن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تتناقض مع مصالح الجهة المتبوعة، لم نكن على خطأ، بقدر ما نرصد الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وننطلق في تقرير ما يجب، مما يقتضيه الواقع، في تجلياته المختلفة، على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، حتى وإن تعلق الأمر بالنقابة التابعة، التي نرى أنها لا تخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما تستغلهم لخدمة مصالح الجهة المتبوعة.

ولذلك، فالتنسيق بين النقابة المبدئية المبادئية، والنقابة التابعة، هو تنسيق غير منسجم، وغير متكافئ، وغير متكامل، وإذا تم، وقبلت به النقابة المبدئية المبادئية، فإن هذه النقابة، تكون قد تخلت عن مبدئيتها مبادئيتها، لصالح النقابة التابعة، التي تستغل تنسيق النقابة المبدئية المبادئية معها، لخدمة مصالح الجهة التي تتبعها، حتى لا تعرف بكونها نقابة منحرفة، كما يجب أن تكون عليه النقابة المبدئية المبادئية من نباهة، ومن إدراك، لما يجب إدراكه، قبل الوقوع في جادة الانحراف.

وانطلاقا مما سبق، فإن مقاربة الجواب على السؤال:

وهل يمكن قبول التنسيق فيما بين النقابات، إذا توفرت شروطها؟

فإنه يمكن القول: بأن أغلب النقابات، ليست مبدئية مبادئية، نظرا لكونها: إما بيروقراطية، أو حزبية، أو تابعة، فلا يجمع بينها، وبين النقابة المبدئية المبادئية، لا على مستوى الانسجام، ولا على مستوى التكافؤ، ولا على مستوى التكامل، أو أي شيء آخر، لأن النقابة التي تتوفر على عناصر الانسجام، والتوافق، والتكامل، مع النقابة المبدئية المبادئية، هي وحدها التي يمكن أن تنسق مع النقابة المبدئية المبادئية. أما النقابات القائمة، فلا يمكن التنسيق معها، أبدا؛ لأنها نقابات تحريفية أولا، ولأنها لا تخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين ثانيا، ولأنها ليست مبدئية مبادئية ثالثا، ولأن التناقض بين المصالح، التي تسعى إلى تحقيقها وبين مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين رابعا، التي تسعى النقابة المبدئية المبادئية إلى تحقيقها.

وبذلك نكون قد قاربنا الجواب على السؤال:

وهل يمكن التنسيق فيما بين النقابات، إذا توفرت الشروط؟

لنصل إلى مقاربة الجواب على السؤال:

وما هي شروط التنسيق المفترض فيما بين النقابات؟

إننا، عندما نبحث عن شروط الانسجام، والتوافق، والتآلف، بين النقابات القائمة، فإننا، قد لا نجدها، خاصة، وأن النقابة المبدئية المبادئية، لا تتقاطع، في الواقع، لا مع النقابة البيروقراطية، ولا مع النقابة الحزبية، ولا مع النقابة التابعة، وما أكثرها، كذلك، مما يستحيل معه إيجاد قاسم مشترك، فيما بينها، أو استنتاج شروط التنسيق، فيما بين النقابات المذكورة، لأنها منعدمة في الواقع القائم، فإن التنسيق، كذلك، سيكون منعدما في الواقع القائم؛ لأنه، لا يمكن العمل على تحويل النقابات اللا مبدئية اللا مبادئية، إلى نقابات مبدئية مبادئية، نظرا للتناقض القائم بين النقابة المبدئية المبادئية، وبين الجهات المستفيدة من مصالح النقابة البيروقراطية، ومن مصالح النقابة الحزبية، ومن مصالح النقابة التابعة، المتناقضة، جميعا، مع مصالح النقابة المبدئية المبادئية، الهادفة إلى خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

فشروط التنسيق فيما بين النقابات، حتى وإن كانت غير قائمة في الواقع، إلا أننا نستطيع أن نصنف هذه الشروط، على المستوى النظري. إذ يمكن استنتاج مجموعة من الشروط النظرية، التي يمكن اعتمادها في التنسيق، فيما بين النقابات، من أجل مواجهة ما يمارس على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهذه الشروط النظرية، التي يفترض قيامها في الواقع، في تجلياته المختلفة، هي:

1 ـ أن تكون هذه النقابات مبدئية مبادئية، لم توجد، ومنذ تأسيسها، إلا لأجل خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والدفاع عن مكتسباتهم المادية، والمعنوية، والعمل على توسيع تلك المكتسبات، والنضال من أجل تحقيق فرض الاستجابة إلى المطالب المادية، والمعنوية، ومن أجل التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، وتمتيع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالحقوق الإنسانية، والشغلية، والإدارية، التي تضبط مسار العمل، وتضمن حق التمتع بالحماية الصحية، والحماية الاجتماعية.

2 ـ أن تكون هذه النقابات مبدئية مبادئية، لكل نقابة منها مبادئ معينة، ولا يهمنا، إن كانت تأخذ بنفس المبادئ، بقدر ما يهمنا: أن تكون تلك المبادئ موجهة للنقابة، والعمل النقابي، من أجل أن يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا ينحرف العمل النقابي، في اتجاه نقيض، لا علاقة له: لا بخدمة مصالح العمال، ولا بخدمة مصالح باقي الأجراء، ولا بخدمة مصالح سائر الكادحين.

3 ـ أن تكون النقابات المنسقة، فيما بينها، منسجمة على مستوى التصور التنظيمي، وعلى مستوى الملفات المطلبية، وعلى مستوى البرامج التعبوية، وعلى مستوى خوض المعارك النضالية، حتى لا تتناقض، فيما بينها، على أي مستوى من المستويات المذكورة، من أجل ضمان كمال الانسجام، الذي يؤكد وحدة النظرية، ووحدة الممارسة، في أفق تحقيق أهداف التنسيق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل رفع مكانة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومعهم الجماهير الشعبية الكادحة، والشعب المغربي الكادح، نظرا للانسجام القائم فيما بينها.

4 ـ أن تكون النقابات متكافئة فيما بينها، لا نستطيع تفضيل بعضها على بعض، ولا نتمكن من القول: بأن هذه النقابات، قدمت كذا، وكذا، والأخرى لم تقدم أي شيء، نظرا لأن التنسيق، يتساوى فيه كل شيء، على مستوى العمل، وعلى مستوى التضحية، وعلى مستوى التعبئة، وعلى مستوى النضالات المطلبية، وعلى مستوى المكاسب المتحققة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليكون، بذلك، التنسيق متكافئا، في كل شيء، له علاقة بخدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

5 ـ أن تكون النقابات المنسقة، متكاملة فيما بينها، مما يمكن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من الاعتزاز بالنقابات المبدئية المبادئية، الساعية إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والرفع من مكانتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على مستوى المبادئ، وعلى مستوى المطالب، وعلى مستوى البرامج التعبوية، وعلى مستوى المواقف، والقرارات النضالية، التي تؤدي إلى انتزاع المزيد من المكاسب، التي على التنسيق أن يعمل على تحصينها، حتى لا يتم التراجع عنها، نظرا؛ لأن الدولة لا ثقة فيها، والمستغلون لا ثقة فيهم؛ لأن التراجع عن مكاسب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالنسبة إلى الدولة، وبالنسبة إلى المستغلين، مسألة عادية، ولا تشكل أي خطر عليهم؛ لأنهم يسيطرون على كل شيء، ويمكن أن يخضعوا أي إرادة إلى إرادتهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل جعل الإدارة في خدمتهم، وفي أفق التمكن من الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وهذه الشروط، التي نعتبرها شروطا نظرية؛ لأنها غير قائمة في الواقع النقابي المتشرذم، والموبوء، والمنحرف، ولا يستفيد، في معظمه، إلا القيادة البيروقراطية، في مستوياتها المختلفة، والأحزاب التي لها نقاباتها الحزبية، والتي غالبا ما تكون إقطاعية، أو بورجوازية، أو أحزابا للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أو أحزابا للبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، أو أحزابا مؤدلجة للدين الإسلامي، أو أحزابا لليمين المتطرف، أو أحزابا لليسار المتطرف، ولأن اللا مبدئية اللا مبادئية، التي تطبع معظم النقابات، لا يمكنها أن تنتج لنا إلا التشتت النقابي، الذي لا ينتج تنسيقا، ولا تحالفا بين النقابات، ولا جبهة نقابية، ولا المساهمة في إنتاج الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.

وانطلاقا مما سبق: فإن مقاربة الجواب على السؤال:

وما هي شروط التنسيق المفترض فيما بين النقابات؟

لقد سبق أن رأينا في الفقرة السابقة، التي لها علاقة بالسؤال أعلاه، أننا إذا بحثنا في الميدان، عن الشروط الموجبة للتنسيق، فيما بين النقابات القائمة، لوصلنا إلى أن الميدان، لا يتوفر فيه أي شرط، من الشروط المستوجبة للتنسيق، وهو ما يعني: أن انتفاء الشروط من الواقع القائم، يستوجب انتفاء التنسيق فيما بين النقابات، التي لا يجمعها أي شيء، وحاولنا أن نصنف الشروط النظرية، التي يمكن للنقابات المبدئية المبادئية، إذا توفرت، اعتمادها، كما هو الشأن بالنسبة للمبدئية المبادئية، الانسجام، والتكافؤ، والتآلف، حتى تستطيع النقابات المبدئية المبادئية، في حالة قيامها، التنسيق فيما بينها، أو التحالف، أو تكوين جبهة نقابية، أو المساهمة في تكوين الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.

وبذلك، نكون قد قاربنا الجواب على السؤال:

وما هي شروط التنسيق المفترض فيما بين النقابات؟

من أجل أن نسعى إلى مقاربة الجواب على السؤال:

وهل تستطيع النقابات المنفرطة في التنسيق، نسيان: من هي خلال التنسيق؟

إن النقابات، التي تقيم التنسيق فيما بينها، لم تخضع للشروط التي ذكرنا، والتي تعطي شرعية التنسيق فيما بينها، لأنها هي شروط، بمثابة أركان، يبنى عليها بيت التنسيق.

إن المبدئية المبادئية، والانسجام، والتآلف، والتكافؤ، هي بمثابة شروط، لا يمكن أن تتوفر إلا في النقابات المبدئية المبادئية. أما النقابات التحريفية، كالنقابة الحزبية، والتابعة، والبيروقراطية، لا تتوفر لها تلك الشروط، ولا تعنيها. وإذا وجدت، نفسها، من باب الجهل بطبيعتها، فإنها تعمل على جعل التنسيق منفرطا، بسبب تمسكها بعمل التنسيق في خدمة الجهاز البيروقراطي، على جميع المستويات، وفي خدمة الحزب، أو في خدمة الجهة، أو الجهات التي تتبعها النقابة، أو النقابات المنخرطة، خطأ، في التنسيق، الأمر الذي يترتب عنه: عدم قيام التنسيق فيما بين الإطارات المبدئية المبادئية، المنسجمة، والمتكافئة، والمتآلفة، نظرا للقواسم المشتركة، فيما بين النقابات، التي، بدونها، لا تكون لا مبدئية، ولا مبادئية، ولا انسجام، ولا تآلف، ولا تكافؤ، ولا تنسيق، لا من أجل المطالب النقابية، ولا من أجل أي شيء آخر، خاصة، وأن النقابات، التي لا يجمع بينها أي شيء، ولا يمكن التنسيق فيما بينها، وإذا تم هذا التنسيق قسريا، فإنه سرعان ما ينفرط، إلا إذا كان التنسيق فيما بين النقابات، من أجل المحافظة على الواقع النقابي المتردي، ليبقى العمال وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعانون من أوضاع متردية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتبقى الاستفادة خاصة بالأجهزة البيروقراطية، وبالأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية، والبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، والمؤدلجة للدين الإسلامي، واليمينية المتطرفة، واليسارية المتطرفة، التي تتخذ لها نقابات حزبية، وبالجهات التي تعتبر العديد من النقابات، تابعة لها، بالإضافة إلى الإقطاع، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، والحكام، وأرباب العمل، والمؤسسة المخزنية. ويصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، محرومين من تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، ومن حقوقهم الإدارية، والإنسانية، والشغلية، ويفرض عليهم أن لا يتحركوا في إطار النقابة المبدئية المبادئية، الهادفة إلى العمل على تعبئة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تحقيق مكاسبهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفرض احترام حقوقهم الإدارية، والإنسانية، والشغلية، حتى يتمكنوا من الحصول على الحياة الكريمة، بالنضال المطلبي، عن طريق، وفي إطار النقابة المبدئية المبادئية.

وإن النقابات المنخرطة في التنسيق المبدئي المبادئي، وهي تعرف أنها لا مبدئية لا مبادئية، ولا تعرف إلى المبدئية المبادئية سبيلا؛ لأنها إما بيروقراطية، وإما حزبية، وإما تابعة.

والنقابة عندما تكون بيروقراطية، يعرف الجميع: أنه لا يمكن الاستفادة منها، ولا يمكن أن تقود نضالات مطلبية واعدة، ولا أن تسعى إلى القيام بالنضالات المطلبية الواعدة، خاصة، وأن جميع منخرطيها، ممن لا يعرفون:

ما معنى النقابة المبدئية المبادئية؟

ولا ما معنى النقابة البيروقراطية؟

ولا ما معنى النقابة الحزبية؟

ولا ما معنى النقابة التابعة؟

ولا يدرك أن النقابة: إما أن تكون في خدمة العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، أو في خدمة الجهاز البيروقراطي، أو في خدمة الحزب، أو في خدمة الجهة التي تتبعها النقابة.

فالنقابة البيروقراطية، بمنخرطيها، وبقطاعاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تصير كلها، وبمكوناتها المختلفة، في خدمة الجهاز البيروقراطي، الذي يعتبر مصدر التشريع، والتنفيذ، ومصدر اتخاذ القرارات النضالية، ومصدر تنفيذ تلك القرارات، ولا شيء يبقى للقواعد، والقطاعات النقابية المختلفة، لأن كل شيء في النقابة، محكوم بالممارسة البيروقراطية، ولا شيء في النقابة، اسمه: الديمقراطية، التي تتناقض تناقضا مطلقا، مع الممارسة البيروقراطية، التي تجعل كل شيء بيد الجهاز البيروقراطي، الذي لا تخدم النقابة، بأجهزتها المختلفة، وبقطاعاتها المتنوعة، إلا مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والنقابة الحزبية، في تحريفيتها، لا تختلف عن النقابة البيروقراطية. فالنقابة الحزبية، بأجهزتها المختلفة، وبقطاعاتها، وبمنخرطيها، وبنضالاتها المطلبية، وغير المطلبية، ليست إلا في خدمة الحزب، وفي إطار هذا الحزب، وكيفما كان، نظرا لكون النقابة هي الحزب، ولكون الحزب هو النقابة، ونظرا لاعتبار المنخرط في النقابة، منخرطا في الحزب، ولاعتبار المنخرط في الحزب، منخرطا في النقابة تلقائيا، نظرا للتداخل القائم بينهما، لأنه، كما سبق، أن قلنا، إن الحزب هو النقابة، وإن النقابة هي الحزب، ولا فرق بينهما؛ لأن المهم عندنا: أن يصير الحزب قويا، استعدادا للانتخابات، التي تمكن الحزب من السيطرة على المجالس الترابية، كما تمكنه من الوصول إلى البرلمان، خاصة، وأنه يتوفر على قاعدة حزبية عريضة، وقاعدة نقابية حزبية أعرض، مما يجعل الحزب على أبواب ترأس الحكومة، بامتلاكه أغلبية معينة.

وعلى مستوى النقابة التابعة، فإنها تحرص على أن تلتزم بالإملاءات، التي تملى عليها، من الجهة التي تتبعها، حتى يصير الجميع: أجهزة، وقطاعات، في خدمة الجهة المتبوعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن تستمر الجهة المتبوعة، في إملاءاتها، وتعفي الأجهزة النقابية من التفكير، لا في الملفات المطلبية، ولافي البرنامج التعبوي، ولا في القرارات النضالية، خاصة، وأن النقابة التابعة، تضع نفسها رهن إشارة الجهة المتبوعة، حتى تستفيد من النقابة التابعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا؛ لأن النقابة التابعة، لا تصلح إلا لذلك، ولا تصلح لشيء آخر، كما هو الشأن بالنسبة لخدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يستحقون تلقي خدمات أي نقابة، لأن الجهة المتبوعة، إنما هي مدجنة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يصيروا، عن طريق النقابة، في خدمتها، التي لا يتحررون منها، إلا بتحويل النقابة، من نقابة تابعة، إلى نقابة مبدئية مبادئية: ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية.

وهكذا نجد أن مقاربة الجواب على الى السؤال:

فهل تستطيع النقابة المنخرطة في التنسيق، نسيان من هي، خلال التنسيق؟

إن التنسيق النقابي، عندما لا يراعي، في تشكيله، احترام الشروط، التي يجب أن تحترم في التنسيق، الذي لا يجب أن يأتلف، إلا من النقابات المنسجمة فيما بينها، ولكن، في بعض الأحيان، قد نجد من بين من ينخرط في التنسيق، نقابة غير مبدئية، وغير مبادئية، لتجد نفسها في تنسيق، لا علاقة لها به، لا على مستوى طبيعة النقاش، ولا على مستوى الأهداف، التي يسعى التنسيق النقابي إلى تحقيقها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وهو ما يترتب عنه: أن النقابة المذكورة، هي نقابة بيروقراطية، وقد تكون حزبية، وقد تكون تابعة. وهي نقابات تمارس التحريف، في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة، وأن الجهة الداعية للتنسيق، لم تدقق في معرفة طبيعة النقابات، ولم تميز بين النقابة المبدئية المبادئية، وبين النقابة اللا مبدئية اللا مبادئية، حتى لا يتكون التنسيق إلا من النقابات، المبدئية المبادئية، وحتى لا يوجد من بين النقابات المبدئية المبادئية، من تنفرط، لتحدث شرخا في التنسيق، قد يؤدي، بجميع النقابات إلى الانفراط.