النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....43


محمد الحنفي
2022 / 11 / 3 - 19:48     

البرنامج النقابي:.....5

وبذلك نكون قد قاربنا الجواب على السؤال:

أليس النضال السياسي حاضرا، أصلا، في ممارسة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

لنصل إلى مقاربة الجواب على السؤال الأخير، في هذه الفقرة:

ألا يقتضي ذلك، بناء الحزب الثوري، أو حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

إن النضال عندما ينتقل من مستوى تحسين الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى مستوى النضال الطبقي، الذي يصطلح على تسميته بالصراع الطبقي، الذي يجري بين طبقتين رئيسيتين: طبقة تمارس الاستغلال البورجوازي، الذي ينتقل إلى مستوى الممارسة الاستغلالية الهمجية، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وطبقة يمارس عليها الاستغلال، الذي قد يصير همجيا. وهذه الطبقة، هي طبقة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وهذا الشكل من الصراع، تسعى فيه كل طبقة، إلى نفي الطبقة الأخرى. وإذا كانت البورجوازية، الممارسة للاستغلال الهمجي، تنظم نفسها، ولا تحتاج إلى بناء تنظيم يقودها، في صراعها ضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن النقابة التي ينتظم فيها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تحسين اوضاعهم المادية، والمعنوية، ليست في مستوى قيادة الصراع الطبقي، الذي يحتاج إلى امتلاك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، للوعي بالذات، وبالطبقة التي ينتمون إليها، وبناء حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وانطلاقا من هذا المعطى، فإن الصراع الطبقي، هو صراع أيديولوجي، تنظيمي، سياسي، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن يقتنعوا بالأيديولوجية، التي تناسبهم، وهي تبنى على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وبالتنظيم الذي يناسب تلك الأيديولوجية، وهذاالتنظيم، هو الحزب الثوري، أو حزب الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي يسعى إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

وإذا كان الصراع يجري بين البورجوازية، وبين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن موضوع الصراع، هو ملكية وسائل الإنتاج المادي، والمعنوي، فإن البوجوازية تصارع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن تبقى الملكية فردية، لتتمكن البورجوازية، أي بورجوازية، من ملكية وسائل الإنتاج، حتى يستمر في الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقيادة الحزب الثوري، أو حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل ملكية وسائل الإنتاج، ملكية جماعية، حتى تصير كل الخيرات المادية، والمعنوية، ملكا للمجتمع ككل، وتصير في خدمته، على أساس التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

وهذا الشكل من الصراع، لم يعرف إلا بعد ظهور الطبقة العاملة، وظهور الماركسية، كفكر، وكفلسفة، وكمنهج، وكعلم.

فظهور الطبقة العاملة، وبظهور الماركسية، كفكر، وكفلسفة، وكمنهج، وكعلم، وتفاعلهما، وجدت فكرة الحزب الثوري، أو حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي يقود الصراع، الذي يتخذ أبعادا أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، لينتهي الصراع بالتناحر بين الطبقة العاملة، وبين البورجوازية، من أجل السيطرة على السلطة، التي تفرض:
إما الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، لتصير الدولة اشتراكية، وإقامة الدولة الاشتراكية.

وإما فرض الاستمرار في الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، ليبقى الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في ظل الدولة الرأسمالية، التي تخضع كل أفراد المجتمع، للاستغلال المادي، والمعنوي.

فهل يصير العمل النقابي، بقيادة النقابة المبدئية المبادئية؟

وهل يقوى العمال على امتلاك الوعي بالذات، والوعي الطبقي؟

وهل يمكن أن يتحول الوعي النقابي، المتقدم، والمتطور، إلى وعي طبقي، يقود إلى حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

وهل يقوم حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالعمل على تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؟

أم أن الأمر سيبقى كما هو، إلى حين؟

إن طليعة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عندما تمتلك وعيها الطبقي، فإن التنظيم الذي يصير مناسبا لقيادة نضالاتها، هو الحزب الثوري، أو حزب الطبقة العاملة، مع الحرص على أداء الدور النقابي، الذي يجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يتمتعون بحقوقهم الإنسانية، والشغلية، وتحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، والحد من شروط مضاعفة الاستغلال المادي، والمعنوي، من أجل مواجهة الاستغلال الهمجي، الذي يمارسه مالكو وسائل الإنتاج، ومالكو المؤسسات الخدماتية، سعيا إلى التعبير عن إنسانية العامل، والأجير، والكادح؛ لأنهم لا يختلفون عن أي إنسان في المجتمع، ذكرا كان، أو أنثى، مهما كان، وكيفما كان؛ لأن الإنسان إنسان بطبعه، ولا يحق لأي كان، أن ينال من إنسانيته، مهما كان العمل الذي يمارسه في المجتمع، مادام يتصرف في إطار القوانين المعمول بها، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

فطبيعة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عندما تعمل على الانتظام في الحزب الثوري، أو حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي لا يكون إلا وفيا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين سينتظمون في إطار الحزب، وبقيادته، على تحقيق تحرير الإنسان، والأرض، وعلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية.

فتحقيق التحرير يقتضي:

أولا: تحرير الإنسان من الاستغلال المادي، والمعنوي، الذي يتعرض له ليل نهار، في كل معمل، وفي كل مصنع، وفي كل مشغل، من أجل تنمية رؤوس الأموال، التي تزداد، مع تعميق الاستغلال المادي، والمعنوي.

والعامل الإنسان، والأجير الإنسان، والكادح الإنسان، لا يمكن أن يتحرر، إلا إذا صار ما ينتجه له، وللمجتمع، وليس لفلان، أو علان، حتى يتأتى امتلاك الخيرات المادية، والمعنوية، المنتجة، أن تعمل على تغيير الأوضاع المادية، والمعنوية، لرفع مستوى قيمة الإنسان: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة.

والذي يعمل على رفع مستوى الإنسان: المادي، والمعنوي، هو الحزب الثوري، أو حزب العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين؛ لأنه يناضل من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ثانيا: تحرير الأرض، أو ما تبقى منها، من الاحتلال الأجنبي، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب، الذي لم يتحرر كاملا، عندما تم إعلان استقلال المغرب، بل بقيت منه جيوب لم تحرر، كما هو الشأن بالنسبة لسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية، بالإضافة إلى الأماكن المقتطعة، لصالح الجزائر، بالإضافة إلى موريتانية، التي كانت تعتبر جزءا لا يتجزأ من المغرب، والتي تم إعلان قيام دولة موريتانية عليها، والتي صار النظام المخزني المغربي، يعترف بها.

ثالثا: التحرير من التبعية، التي صارت تداخل كل شيء، والتي لا يمكن التخلص منها إلا ب:

ا ـ تحرير الاقتصاد من التبعية، إلى الاقتصاد الرأسمالي العالمي، من الارتباط، بالشركات العابرة للقارات، التي أخذت تستحوذ على كل شيء، من الاقتصاد الوطني، والتحرير من الديون الخارجية، التي تكلفنا الملايير من الدولارات، التي لا نستطيع أداءها، لتتحول إلى ديون بفوائدها، التي تزداد سنة بعد أخرى.

التحرر من هيمنة ثقافة الاحتلال الأجنبي، على جميع المستويات: العامة، والخاصة، مما يجعل تأثير الثقافة الأجنبية، في بلورة الشخصية المغربية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، إلى درجة أن الشخصية المغربية، أصبحت مفتقدة في الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وإذا حاول البعض إبراز الشخصية المغربية، لا كما هي في الواقع، بل كما يتصورها، انطلاقا من التراث العام للعرب، وللمسلمين، ليبرز لنا الشخصية التاريخية عند العرب، أو عند المسلمين. أما الشخصية المغربية الأصيلة، فقد اختفت، ولم تعد قائمة.

وما يتصوره البعض، ما هو إلا شخصية تاريخية مشوهة، سواء كانت عربية، أو إسلامية، أو مغربية.