نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين


عذري مازغ
2022 / 10 / 14 - 21:57     

ينصحني بعض رفاقي بترك المقالات الفلسفية او السياسية والإهتمام اكثر بالرواية والقصص والحكي بشكل عام، لكن لا اتفق مع هذا إطلاقا، اومن بأن للفرد الحق في إدلاء الرأي في السياسة والفلسفة والاقتصاد، وشخصيا لا أنكر ميلي للحكي أكثر وهو نمط اكتسبته من استمتاعي بالحديث مع عمال المناجم في أعماق المغاور اثناء تجمعنا في مائدة الغذاء في الأنفاق او حين ننتظر دورنا في المصعد هبوطا او صعودا، ثقافة العمال متنوعة بشكل رائع، فيها الإجتماعي وفيها الاقتصادي المرتبط بالعيش والسوق واحوال الشركة المنجمية (ما يسميه البعض بالثقافة الخبزية) وفيها أيضا الجانب النفسي والوجداني باعتبار العمل بالمنجم هو من الاعمال التي تجعلك تقف أمام أهم ظاهرة وجودية من حيث تقف امام حوادث مميتة: انفجار ناتج عن غازات طبيعية (لم تحدث انفجارات غازات طبيعية في جبل عوام لكن هناك حالة نادرة من وجود غاز سام حصلت مرة واحدة فقط حسب ما حكى أحد العمال القدماء، وطبعا لا يعرف ما نوع الغاز)، تحدث تسممات غازية في المناجم ناتجة عن سوء تطبيق الوقاية والسلامة في المناجم بعد التفجيرمثل إزالة رائحة البارود (بلغة العمال) قبل البدإ في إجلاء أو سحب التربة المعدنية المتفجرة، السقوط من فج، حوادث ناتجة عن سقوط احجار وغير ذلك، وعادة العمال يتحدثون عن هذه الامور أثناء حصولها ويتجنبون الكلام عنها في الأيام العادية.
بشكل عام في التجمعات العمالية تحدث نوادر كثيرة، نكت كثيرة مبدعة، قصص حب على الطريقة العمالية بشكل يغني موضوعات الحب والعشق بمواضيع خارج الرقابة والاخلاق الذكورية أو الدينية، مزاح ساخر وعميق، منولوغات مسرحية رائعة تفوق أحيانا مشاهير المسرح الفردي المعروفين، النقاشات النقابية والسياسية احيانا، في جبل عوام هناك رفض للسياسي بمعناه القح لأنه بوعي خاص يوقعك في المحذور السياسي بالمغرب: يحدد العمال السياسي بشكل عام في الموقف المعارض للنظام بسبب الموقع الطبقي الطبيعي لهم وكعملية أيديولوجية غير واعية منهم يرفضون تصنيفهم في السياسي وحتى السلطة السياسية في المغرب وايضا الباطرونا المغربية توظف عملية إيقاع المناضل النقابي في السياسي لتعزيز قوتها التفاوضية، اذكر هنا المكتب النقابي المفاوض في إضرابات سنة 1988 او 89 ، ان السلطة الإقليمية في شخص عامل الإقليم حينها اتهم بعض أعضاء المكتب باعتبارهم طلبة في نفس في جامعة فاس، اتهمهم بتنسيق أضرابات الطلبة مع إضراب العمال لأن الإضرابين كانا متزامنين واذكر انهم اتهموا طالبا عاملا وعضو في المكتب النقابي المفاوض، اتهموه بنقل الصراع في الصحراء الغربية وتوظيفه في إضراب العمال بسبب ان أصوله صحراوية، اجبروه على الإستقالة وإلا تلفيق تهمة له بخدمة أجندة انفصالية. وكانت ضربة فاصلة لهذا المناضل الفذ من ثلاث وجوه على الاقل: ربط اصوله الصحراوية بكونه يخدم اجندة انفصالية بتحريضه على إضراب العمال رغم أن العمال هم من قرروا الإضراب، ربط الأمر بإضرابات الطلبة بشكل عام وبفاس بشكل خاص، ثم التشكيك في إخلاص هذا المناضل لقضية العمال وإضرابهم حيث استقالته في ذروة الإضراب تعني عند العمال خيانته لهم بسبب أنه لا يستطيع الفصح عن أسباب استقالته خصوصا ان السلطة الإقليمية أرسلت إلى منزله عشية المفاوضات رجال أمن سريين لتفتيش منزله بحثا عن وثائق تربطه بالانفصال أو بالطلبة بفاس.. لا زلت اتذكر كلمته في العمال حين أعلن عن استقالة المكتب النقابي بشكل عام، لم تكن مقنعة وفهمت من طرف العمال أنها خيانة لهم بينما الحقيقة ان المكتب النقابي اجتمع عشية الحوار مع الباترونا بحضور ممثل سلطة الدولة ليلا وتدارسوا حيثيات الاتهامات من طرف السلطة وقرروا استقالة جماعية وهو امر من الناحية الواقعية النضالية مرفوض لأن إضراب العمال وصل ذروة تحقيق مطالبه، كانت الاستقالة متفهمة من طرف القريبين أكثر من المكتب التنفيذي النقابي من عموم العمالن لأن الحماسة النضالية، القرب من تحقيق نجاح فاصل، تعمي الظروف الأخرى لفهم سبب الاستقالة، تذيل هذا الرفيق كل انواع الإذلال من العمال بسبب عدم تقديم أمور مقنعة في استقالته وصلت إلى حد المقاطعة (مقاطعة بعض العمال له)، تهميش رايه في الاجتماعات النقابية وغير ذلك من الأمور المعروفة في طبيعة العمال وكان يمكن للعمال تفهم الإستقالة لو بنى ذلك الرفيق كلمة استقالته على التهم الموجهة له من طرف ممثل الدولة في المفاوضات النقابية، العمال يعرفون أنه طالب بفاس ويعرفون أيضا أنه ابن عامل متوفى بالمنجم ينتمي إلى الصحراء ويعرفون أنه مناضل يساري (واعترف شخصيا أني كنت ممن اتهموه بالخيانة) لكن لماذا لم يفصح عن اتهام السلطة الإقليمية له؟
كان المكتب الممثل للعمال في ذلك الحوار يتكون من شخصين او ثلاثة كلهم من اصول صحراوية، فقيه (حافظ للقرآن) وشخصان آخران معروفان فقط عند العمال بنزاهتهم وهي امور غير كافية في الحنكة النقابية عند العمال.
أثناء اجتماع المكتب النقابي ليلا لدراسة الإتهامات هذه، حضر بالطبع في اللقاء بعض كبار العمال، التجربة النضالية تصقل العمال بشكل حتى أولئك الأميون الذين لا يعرفون القراءة والكتابة يمكنهم الإدلاء بأراء ليست عند خريجي الجامعات فكثير من مهندسي المنجم واطره هم خريجي معاهد عالية وجامعات لكن القليل منهم من كانوا في صف العمال والأغلية لم يكن لها رأي في سياسة المنجم غير التقنية واتذكر هنا اطرا في إضرابات 1993 كانت تجتمع معنا في المقاهي والساحات النضالية لم تكن لديها فكرة شاملة عن إفلاس المنجم الذي في عمقه لم يكن إفلاسا بل كان صناعة هوليودية للإفلاس، وعموما كان التكوين التقني المحض قاتل للشخصية من حيث تحوله إلى آلة على الرغم من أني أيضا عندما تحولت إلى عامل تقني في الهيدروليك، أثناء التكوين، تلقينا دروسا تربط بين الصناعات التقنية والإقتصاد والسياسة وحتى علم المنهجيات، هي امور مرتبطة برغم أن الهدف فيها هو الجانب التقني وأن درجة النجاح في التكوين يعتمد أساسا على الدرجات في الفيزياء والرياضيات والرسوم الهندسية المرتبطة بتلك التقنية .
يمكن ان نستشف من حضور كبار السن والتجربة في المنجم (شيوخ المنجم) انه إسقاط نوع من نظام المشايخ في القبيلة، لكنه في الحقيقة امر غير ذلك، ويمكنني في هذا الصدد سحب كل تلك المقالات التي كتبتها في المغرب في الجرائد الوطنية حول دور القبيلة في المنجم او حول النضال القبلي (كتابات ساخرة حول توظيف القبلية في العمل النضالي).. نعم كانت هناك تشكلات قبلية، مثلا في انتخاب ممثلي العمال تحضر هذه النزعة العصبية في تقديم شخص على آخر لكنه لم يكن الحاسم، كانت هناك شروط اخرى تستقدم شخص على آخر ويمكنني القول ببساطة ان كل المكاتب النقابية التي تداولت في التاريخ النضالي لجبل عوام كان فيها الكثير من النقابيين لا يتوفرون على عصب قبلي، وأنا هنا امتنع عن ذكر الأسماء، لكن لو ذكرت الأسماء سنجد الكثير منهم لم يكن لديهم عصب قبلي والمسالة بشكل عام معقدة من الناحية السوسيولوجية للخروج بهذا الإستنتاج: أن يكون المحدد القبلي حاسم في هذا الأمر، يمكن ان نستحضر الفسيفساء الإجتماعية والثقافية في العمل النقابي: هناك كتاب سيرو العمل من موقع قبلي، آخرون بسبب نزاهتم، آخرون بسبب ورعهم الديني من قبيل توظيف فقيه او فقط حاج وغير ذلك، هناك اطر انتخبوا لمعرفتهم بالعمل وبقوانينه وأستطيع القول أن هناك أربع قبائل محلية ينتمي إليها أغلب العمال ولم يكونوا دائما في التسيير النقابي، هناك عوامل اخرى تدخل في فسيفساء الصراع، لقد مر في تسيير النقابة العمالية من كانوا دخلوها من خلال تعصب قبلي، من خلال توظيف الباترونا نفسها ومن خلال نزاهة البعض، يمكننا ان نجد كل هذه الانواع في كل التاريخ النضالي لعمال مناجم جبل عوام. (في منصف السبعينات وكنت طفلا انخبوا شخص لظاهرة خرافية: نجح في قرعة الحج، كان إنسانا تقيا، ولما عاد من الحج انتخبوه لثقتهم به او لحظه لا أعرف).
في ذلك الإجتماع الليلي (وهذا استخلصته شخصيا من شهادات من حضروا ذلك الاجتماع) نصح كبار العمال المكتب النقابي بالإستقالة، هم أيضا من نصحوه على عدم ذكر أسباب الاستقالة حتى لا تتكسر لحمة العمال في الاضراب.
في سنة 89 انتخب العمال مكتب نقابي أغلبهم حفظة قرآن وكان محط سخرية بالنسبة لنا كشبان عمال وأصبحت كل المكاسب المحصل عليها وإن كانت ظريفة قد حققت بفضل الله وليس بإضراب العمال الذي كسرته تلك الاستقالة، وبعدها طبعا سياتي إضراب في سنة 90 من القرن الماضي قاده تيار الإخوان.
إضراب 1990 كان متزامنا ايضا مع إضرابات الطلبة بفاس، وحدث ان جاءت السلطة المحلية لاستفزاز العمال من خلال نظام احترام التعدد النقابي تسبب في إحداث أعمال عنيفة، أقصد رفعت من درجة التحدي وليس أعمال عنف بالتحديد وإن كانت في سياق آخر من الناحية القانونية عنف مضر بالمنجم وسأشرح هذا في سياق الكلام.
قبله يجب أن أثير موضوعا مهما في سياق التعدد النقابي:
لا اتذكر بالتحديد السنة التي سن فيها قانون احترام التعدد النقابي رغم أن التعدد هذا موجود في المغرب منذ الاستقلال، لكن القانون هنا يعني أمرا آخر وأعتقد كان في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، وببساطة كما فهمه العمال: حين تضرب نقابة معينة لا يجب على عمالها عرقلة عمل عمال نقابة أخرى، أي أن القانون الجديد يقصد به تحديد التحديد بمفهوم مهدي عامل او بكلام السياسة الجديدة في المغرب الآن هوعملية إنزال القانون، كانت بالمنجم تتنافس عليه اربع نقابات: الاتحاد المغربي للشغل وهو المهيمن (نقابة لا تتبع لأي حزب برغم انها تتلقى جريدة حزب التقدم والاشتراكية الحزب الشيوعي المغربي سابقا واعتقد ان مؤسسيها بالمنجم يعود إلى شيوعيين فرنسيين عمال بالمنجم، الإتحاد العام للشغالين (نقابة حزب الإستقلال وكانت في وعي العمال نقابة أطر الشركة وتقنييها) ونقابة الكونفيديرالية الديموقراطية للشغل (وكانت هي الاخرى في وعي العمال نقابة قطاع التعليم ونقابة الإتحاد الإشتراكي للقواة الشعبية) ثم نقابة أخرى جاءت كرد فعل الشركة المنجمية إثر إضرابات في منتصف الثمانينات ويسميها العمال نقابة الخونة وعناصرها في الحقيقة عمال مساندون لأرباب الشركة ويمتهنون النميمة بالعمال أكثر منها نقابة عمالية).
كان يعني إنزال قانون التعدد النقابي حينها هو ما ذكرته سابقا: حين يضرب العمال في نقابة معينة عليهم احترام عمل عمال نقابة غير مضربة، كان الأمر مفهوما عند العمال على هذا النحو (وانا هنا لا آخذ النصوص كما شرعت او كما يتم فهمها قانونيا، بل أشرحها في سياق وعي العمال).
قبل إضراب سنة 90 كان هناك حوار خصب بين مختلف النقابات وبشكل خاص مع مناضلي الكونفدرالية والإتحاد المغربي للشغل، في الوسط العمالي حصل هناك وعي بضرورة وحدة نضال الطبقة العاملة وحصلت نقاشات بين الطرفين (في هذه الفترة حصلت هناك قفزة في الوعي بسبب وجود طلبة كعمال واطر الشركة هم ايضا خريجي معاهد وجامعات: حدث تلاقف وتثاقف نقابي بين مختلف الفئات العمالية)، كان هناك شبه اتفاق حول تنسيق النضالات إلا انه كانت تحكمه اختلافات على مستوى التقييم وسأذكر هنا واحدة منها: الإضراب عند عمال نقابة الإتحاد المغربي للشغل هو الدخول في إضراب إنذاري يليه إضراب عام.. عند الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، هذا الامر غير قيم، يفضلون الدخول في إضرابات متقطعة قصد عدم إنهاك طاقة العمال، ماذا يقصدون بهذا؟ يقصدون ان الإضراب العام المتواصل ينهك العمال اقتصاديا حيث ينعدم الرزق بسبب غياب بدائل اقتصادية، والحقيقة رغم أني اؤيد هذا الراي (وهي بصمة نقابة التعليم في الكونفدرالية الديموقراطية للشغل) واعتبره عقلانيا إلا ان مناضلي الإتحاد المغربي للشغل بأثر خلفي لا يؤيد هذا الأمر وهذا راجع للبنية السوسيولوجية للعمال: أغلب العمال ينتمون إلى المنطقة وهم في الإضرابات العامة يعتمدون على وسائل إنتاج اخرى من الفلاحة و"الكسابة" (التجارة في المواشي المحلية) بمعنى ما لا يتأثرون بوقف عمل المنجم ، في الوقت نفسه يتضرر بشكل كبير العمال غير المحليين وهذا تناقض ثانوي في الأمر(ولكن مع ذلك، الضرر يظهر بشكل عام ولو بشكل تفاوتي على الكل).
في إضرابات 90، ظهرت ايضا اضطرابات اجتماعية في كل المغرب لكن لم تظهر بصمة تسييس العمل النقابي في الأمر من طرف موجة الإخوان في المغرب، وبالفعل في جبل عوام كان يقود العمال رجل ينتمي إلى هذا التيار ولو انه في حكمي الشخصي (ذلك الشخص كان قريبي وأعرفه عن قرب) لم يكن إخواني بالمعنى المشرقي في مصر والبلدان العربية الأخرى: كان في جانب منه يمثل التوجه الفقهي النقابي التقي في المنجم وفي جانبه الآخر يمثل العمل النقابي بكل حذافره، في عمله الوظيفي كان من اطر الشركة التقنية ويهم كثير في الوقاية والسلامة المنجمية، في علاقاته الإجتماعية كان إخواني وتعني في السوسيولوجيا المحلية: إنسان يومن بربه، لا يغش، لا ينم ويدافع بشراسة، لا يصافح النساء بيده ولديه لحية سوداء لكنه لم يكن منغلقا واذكر انه كانت لي نقاشات دينية معه كنت فيها اناقشه من موقع إلحادي دون ان تتاثر قرابتنا او حتى علاقتنا الشخصية بهذا، بل في كثير من الأمور كان يستشيرني فيها (خصوصا بعد إضراب 1993 وهذا موضوع آخر).
في بداية التسعينات اقتنعنا بفكرة الكونفدرالية الديموقراطية للشغل في عدم الدخول في إضرابات منهكة كما كنا نفعل سابقا، في السياق ذاته حصلت امور غريبة على مستوى النقابات المركزية ما يفسر تناقض القناعات المحلية مع القناعات المركزية، مثلا نتفق على يوم إضراب ويحدث ان المركزية النقابية للكونفدرالية لا توافق عليه، في أحسن الأحوال تقول لممثليها بالمنجم: ادخلوا الإضراب لكن لا تعلنوه علنيا وحين ندخل في الإضراب تقع الأخطاء كلها على الإتحاد المغربي للشغل وهنا سأدخل في صلب موضوع إضراب 1990
لقد مهدت للامر بذكر إنزال قانون التعدد النقابي، ويجب استحضاره هنا.
دخلنا في إضراب إنذاري واحترمنا ذلك النزول القانوني في احترام النقابات الاخرى غير المضربة، لكن طرحت مشكلة العمال غير المنتمين لأي نقابة وهم عمال غير رسميين وهذا إشكال آخر يمكن مناقشته في ورقة اخرى، لكن هذا لا يمنعنا ان نشرح الأمر بشكل موجز: هاجس الخوف والتخويف يجعل العمال غير الرسميين لا ينتمون لأي نقابة برغم أن اهم نقط إضراب العمال هي نقطة ترسيم هؤلاء استنادا غلى قانون المناجم: "عندما يمضي عامل غير رسمي اكثر من 15 يوم في المنجم الرئيسي يفترض ان يكون مرسما" (هذا مضمون قانون وضع باللغة الفرنسية في قانون المناجم بالمغرب).
وهو قانون يخل لنا أو للمكتب التنفيذي على الأصح منع عمل هؤلاء اثناء الإضراب، حين تم منعهم خرج قرار طرد المكتب النقابي
كرد فعل منع العمال كل من ينزل للمنجم وحتى عمال الصيانة.
وبين شد وجذب دام الإضراب اكثر من ثلاثة أشهر كسب العمال خلالها المعركة بتنفيذ كل المطالب ومنها إعادة كل المكتب النقابي وترسيم كل العمال غير الرسميين، لكن عند عودتنا للعمل انتظرنا اكثر من ثلاثة أشهر اخرى بسبب تجويف المنجم من المياه، في هذه الفترة كسبت الكونفدرالية الديموقراطية بعض النفوذ: أصبح الكثير من العمال يحسبون خسائر الإضراب بالدرهم: كم يكسب العامل في اليوم، كم هي خسائره بدون عمل إلى غير ذلك من التشحين الاقتصادي واعتقد هذا ما يحدد مواقفها حتى في إضراب 1993 وهو موضوع سأتناوله في مقالات قادمة.
يجب أن أشير أن العمال عرفوا بعد إضراب 1990 مكاسب لا تقاس على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الإجتماعي والثقافي أيضا امتدت إلى سنة 1993.