النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....36


محمد الحنفي
2022 / 10 / 12 - 13:11     

العلاقة بين النقابة والأحزاب السياسية:.....5

إننا، عندما، نطرح هذا السؤال، الذي نحاول مقاربة الجواب عليه، فيما يلي من الوقت، الذي يختلط فيه الحابل بالنابل، فيما يخص حزبية النقابة، أو تبعيتها لحزب معين؛ لأن النقابة، إذا لم تكن حزبية، أو تابعة لحزب معين، فإنها تعتبر غير مفيدة، من وجهة نظر الحزبية. وعلى العكس من ذلك، فإن النقابة الحزبية، أو التابعة غير مفيدة من وجهة نظر العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. ومن أجل أن تكون مفيدة يشترط فيها: أن تكون مبدئية مبادئية، لا تهتم إلا بخدمة مصالح العمالن وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وفي طرحنا لهذا السؤال، نجد أنفسنا مضطرين للقول: بأن النقابة الحزبية، أو النقابة التابعة، ليستا نقابتين، بما للنقابة من دلالة؛ لأن النقابة، بدلالتها العلمية، والمعرفية، والتربوية، والنضالية، من أجل خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة: وأن النقابة، لا تكون قوية، إلا بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهؤلاء، لا يكونون أقوياء، إلا بالنقابة. وقوتهم، إذا أضيفت إلى قوة النقابة، تتغير الموازين. وتغيير الموازين، لا يكون إلا بالعمل النقابي المتواصل، الذي لا يعرف التوقف عن انتزاع المكاسب، تلو المكاسب، إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وعندما نعمل تفكيرنا في السؤال أعلاه، نجد أن الحزب لا يعترف له بحزبيته، إلا إذا كانت له نقابة حزبية، تستقطب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ليصيروا حزبيين، إن كانت النقابة حزبية، أو ليصيروا في خدمة الحزب، إن كانت النقابة تابعة للحزب. والحزب الذي لا يفكر إلا بأن تكون له نقابة حزبية، تعتبر كل منتم إليها حزبيا، يصير تفكيره أكثر إضرارا بالنقابة، ويصير إلحاقه الأضرار بالنقابة، مضر بحياة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، نظرا، لأن إلحاق الأضرار بالنقابة، يقف وراء إلحاق الأضرار العميقة، بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ذلك، أن للحزب مجاله، وللنقابة مجالها، وأكبر ضرر لحق بالنقابة، هو أن الربط الجدلي بين العمل النقابي، والعمل السياسي، تحول إلى الربط اللا جدلي، بين العمل النقابي، والعمل الحزبي، ليصير العمل النقابي، في خدمة الحزب، ولا يعرف العمل النقابي، أي خدمة من الحزب، مهما كانت، وكيفما كانت، نظرا؛ لأن القيادة الحزبية، لم تفكر يوما، في جعل النقابة، تقدم على النضالات المطلبية. ولم يفكر يوما، ولو قيد أنملة، من التفكير العابرن في دعم النضالات المطلبية، التي تقودها النقابة، أي نقابة، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وحتى نروم مقاربة الجواب على السؤال أعلاه، نرى:

1) ضرورة ابتعاد الحزب، أي حزب، عن النقابة، مهما كان هذا الحزب، حتى وإن كان يعتقد: أن من حقه تأسيس نقابة معينة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى تكون وسيلة لفتح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وعملية الفتح هذه، وبمنطق الفتح، ببعده الغرائبي، الذي يبقي الضغط الحياتي، الذي يواجهه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وسيلة لكشف انتصار الحزب، الذي لا يهمه إلا أن تصير قاعدته عريضة. والقاعدة العريضة، قد تجعل صاحبها غير قادر على تحمل ما يأتي من القاعدة العريضة، التي تكون في حل من الاستفادة المادية، والمعنوية، نظرا لحزبية النقابة، أو لتبعيتها لحزب معين، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يترتب عنه القول: بأن النقابة الحزبية، غير مفيدة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأن النقابة التابعة للحزب، غير مفيدة كذلك. وهو ما يؤكد القول: بأن حزبية النقابة، أو تبعيتها للحزب، مضرة بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو ما يترتب عنه، كذلك، القول بضرورة ابتعاد الحزب عن النقابة، التي لا يجمعه بها إلا هيأة تنسيقية، في قضية أنية معينة، أو جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، انطلاقا من برنامج حد أدنى.

2) الحرص على سلامة النقابة، من التوظيف الحزبي، حتى لا تسقط في التحريف، الممارس في التوظيف الحزبي للنقابة، الذي يسيء إلى النقابة، وإلى العمل النقابي، وإلى النقابيين، وإلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلى التاريخ النقابي في المغرب؛ لأن حزبية النقابة في الأصل، جاءت بإيحاء مخزني، في أوائل الستينيات، من القرن العشرين. فكانت البداية، التي أوهمت العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكل من يشتغل في أي مجال، بأن معاناتهم، من بيروقراطية النقابة البيروقراطية، التي كانت وحيدة، في ذلك الوقت، ستزول، وستكون النقابة الجديدة ديمقراطية. ولم يدر في حساباتهم، أن حزبية النقابة، لا تختلف، في شيء، عن بيروقراطية النقابة، وأن النقابة، التي توظف لخدمة مصالح الجهاز البيروقراطي، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي نفسها التي تخدم مصالح الحزب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مع الاختلاف في التسمية فقط.

ولذلك، فالحرص على عدم التوظيف الحزبي للنقابة، هو، في نفس الوقت، حرص على مبدئية مبادئية النقابة: ديمقراطيتها، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، وحفاظا على سلامتها، من أي شكل من أشكال التحريف، سواء كان هذا التحريف بيروقراطيا، أو حزبية النقابة، أو تبعيتها، أو سعيا إلى تأسيس حزب جديد، من داخل النقابة، التي لا تكون سليمة من التحريف، حتى تكون في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من المغاربة، الذين يرفعون رؤوس كل المغاربة، وأمام أعين العالم، ولا أحد، من المستغلين، يعترف بذلك.

3) اعتبار وظيفة الحزب، أي حزب، هي وظيفة سياسية، بالدرجة الأولى. وارتباط الحزب بالنقابة، والعمل النقابي، من أجل توظيفهما، والاستفادة منهما: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، هو عمل تحريفي، وليس عملا نقابيا، سليما من التحريف، خاصة، وأن التحريف، لا يعلن عن نفسه، بقدر ما يتخلل الممارسات المختلفة للحزب، الموظف للنقابة، والعمل النقابي.

ونحن، عندما نجد أي حزب، كيفما كان هذا الحزب، يسعى إلى إيجاد نقابة حزبية، من أجل توظيفها، توظيفا تحريفيا، كعادة كل الأحزاب، التي توظف العمل النقابي، توظيفا تحريفيا. وهذه الأحزاب، ومن هذا النوع، لا يهمها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولا تهمها الجماهير الشعبية الكادحة، ولا يهمها الشعب. فما يهمها، هو الاستفادة من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وأن تصير تلك الاستفادة ممتدة على مدى عمرها، سواء كانت متحملة لمسؤولية الحكومة، أو لم تكن متحملة لها، غير أن التحريف، يصير مفروضا على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وكل من يرفض ممارسة التحريف، بقوة السلطة، يصير مبعدا من الحزب، ومن النقابة، مع أن وظيفة الحزب، لا تتجاوز أن تكون سياسية.

4) اعتبار تبعية النقابة، لأي حزب، مهما كان هذا الحزب، أو لأي جهة أخرى، مهما كانت هذه الجهة، ممارسة تحريفية، تسيء، كذلك، إلى النقابة، والعمل النقابي، خاصة، وأنها لا تتجاوز أن تكون في خدمة الجهة، التي تتبعها، أو الحزب، الذي تتبعه، ولا تستطيع أن تقرر، أو تنفذ؛ لأن ما تقوم به، يملى عليها من الجهة التي تتبعها، أو من الحزب الذي تتبعه، لتقرر فيما يملى عليها، ليصير موضوعا للتنفيذ. فكأن النقابة تقرر، وتنفذ، ما تقتنع به، مع أن ما تمارسه، لا يتجاوز أن يكون في خدمة الجهة، التي تتبعها النقابة، أو في خدمة الحزب، الذي تتبعه، بينما نجد في الواقع، أن النقابة التابعة لجهة ما، أو لحزب ما، لا تخدم، أبدا، مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وأي نقابة لا تخدم، أبدا، مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هي نقابة تحريفية، ليس إلا. وسميت، ظلما، نقابة. وما يسمى، ظلما، نقابة، لا يصلح أن يكون نقابة؛ لأنها تعمل على تحقيق أهداف غير نقابية، لخدمة مصالح الجهات، التي تتبعها.

5) إن أي نقابة، تعتبر نفسها: مبدئية مبادئية، يجب أن تبتعد عن التحريف، مهما كان نوعه، سواء كان بيروقراطيا، أو حزبيا أو تابعا، أو من ابتداع النقابة التي تتحول إلى نقابة تحريفية، لتنشئ حزبا معينا.

والحزب التحريفي، الذي تم إنشاؤه، من الجسد النقابي، يتقرر له ما يفعل، أو ما يملى عليه، مما يفعل، من داخل النقابة. فهو ليس حزبا، بالمعنى الصحيح للحزب، بقدر ما هو حزب، بالمعنى غير الصحيح؛ لأنه لم يتم التعبير بأيديولوجيته، عن مصالح طبقية معينة، كما هو الشأن بالنسبة لحزب الطبقة العاملة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ولم يتم إنشاؤه، بناء على اقتناع معين، بأيديولوجية معينة، لكانت وظيفة الحزب، وظيفة سياسية، بالدرجة الأولى، كما أشرت إلى ذلك، في الفقرات السابقة.

وبمقاربتنا للجواب على السؤال:

كيف نجعل الحزب، يبتعد عن النقابة، ويحرص، في نفس الوقت، على سلامتها من التوظيف الحزبي، مهما كان هذا الحزب، الذي يمارس ذلك؟

نجد أننا اعتبرنا، ضرورة ابتعاد الحزب، أي حزب، عن النقابة، كما اعتبرنا الحرص على سلامة النقابة، من التوظيف الحزبي، اعتبرنا كذلك، أن وظيفة الحزب، أي حزب، هي وظيفة سياسية، بالدرجة الأولى، واعتبرنا أن تبعية النقابة، لأي حزب، أو حزبيتها، ممارسة تحريفية، وسجلنا أن النقابة، التي تعتبر نفسها مبدئية مبادئية، يجب أن تبتعد عن التحريف، وإن إقبالها على تأسيس حزب معين، سحب عنها كونها مبدئية مبادئية، وحولها إلى مجرد نقابة تحريفية، تدعي تمسكها بالمبدئية المبادئية. وهو ما يعني: أن تصورنا للنقابة المبدئية المبادئية، أصبح في خبر كان، لتصير كل النقابات، في عصر عولمة الفقر، تحريفية، فكأن عولمة الفقر، جاءت مصحوبة بعولمة التحريف النقابي.

وهكذا، نكون، قد قاربنا الجواب على السؤال:

كيف نجعل الحزب، يبتعد عن النقابة، ويحرص، في نفس الوقت، على سلامتها من التوظيف الحزبي، مهما كان الحزب الذي يمارس ذلك؟

لنصل إلى مقاربة الجواب، على السؤال:

كيف نبني علاقة حزبية، نقابية، يطبعها الاحترام المتبادل؟