حق العامل في الطعن بقرار إنهاء خدماتة


احمد طلال عبد الحميد
2022 / 10 / 9 - 17:53     

للعامل الطعن بقرار إنهاء خدمته من قبل صاحب العمل أمام لجنة إدارية يشكلها وزير العمل أو أمام القضاء والمقصود هنا قضاء العمل المنصوص عليه في المادة (165) من قانون العمل رقم (37) لسنة (2015)، خلال مدة (30) يوم من تاريخ تبلغه بإنهاء خدمته ويعد متنازلاً عن هذا الطعن إذا لم يقدمه خلال هذه المدة، ويلاحظ أن المشرع نص على أن اختيار أحد هذين الطريقين يسقط حقه في الآخر، ثم عاد وذكر بأن قرار لجنة إنهاء الخدمة قابل للطعن فيه أمام محكمة العمل خلال مدة (30) يوماً من تاريخ التبليغ به أو اعتباره متبلغاً به (المادة 46 / أولاً / وثانياً) من قانون العمل ، والحقيقة أن صياغة النص غير موفقة إذ أن اختيار الطعن أمام اللجنة التي يشكلها الوزير لا يسقط حقه بالطعن أمام قضاء العمل طالما أن قرار اللجنة خاضع للطعن أمام محكمة العمل، والأصح أن لجوء العامل لقضاء العمل مباشرة معناه التخلي عن الطعن أمام هذه اللجنة، وكان يفترض أن يتم تنظيم هذا الموضوع بأن يتم التظلم أو الاعتراض أمام اللجنة الخاصة بنظر حالات إنهاء الخدمة باعتبارها لجنة ذات طابع إداري ويكون قرار اللجنة قابلاً للطعن به كدرجة أولى أمام محكمة العمل ويكون قرار محكمة العمل المختصة قابلاً للطعن فيه تمييزاً خلال (30) يوماً تبدأ من اليوم التالي لتبليغ العامل بقرار محكمة العمل المختصة كما نص على ذلك قانون العمل المادة (168 / أولاً) ، حيث يعد اللجوء إلى القضاء المتخصص أكثر ضمانة للعامل ولاسيما أن القانون اعتبر دعاوى العمل من الدعاوى المستعجلة ، ونقل عبء إثبات الدعوى الخاصة بإنهاء خدمات العامل على صاحب العمل ، كون العامل في مركز أضعف من صاحب العمل ولكون الأخير يمتلك كافة الوثائق والإضبارة الشخصية للعامل وقد يمتنع عن تزويد العامل بالوثائق التي تساعده على إثبات دعواه وتخفيف عبء الإثبات والتقاضي، كما يختص قضاء العمل في العراق نوعياً بنظر الدعاوى والقضايا والمنازعات المدنية والجزائية المنصوص عليها في قانون العمل وفي قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال والتشريعات الأخرى ، فللقاضي أن يحكم بالعقوبات الجزائية والبطلان والفسخ والتعويض ، إلا أنه يؤخذ على قضاء العمل أن المحكمة مشكلة من قاض واحد وليس هيئة، وأن ممثلي العامل وممثلي صاحب العمل في المحكمة يجب أن لا يكونوا أعضاء بصفة أصلية لأنهم يمثلون طرفي الخصومة وهذا قد يؤدي إلى عدم حيادية قراراتهما ويفضل أن يكون دورهما استشارياً مع جعل حضور المدعي العام في جلسات محكمة العمل وجوبياً ولاسيما في الدعاوى الجزائية على أقل تقدير مع توفير ضمانات المعونة القضائية لتوكيل محامي للعامل ولاسيما البسطاء والمعدمين منهم أو إمكانياتهم الثقافية أو العقلية ضعيفة فالجهل في إجراءات التقاضي قد يفوت على العامل استحصال حقوقه فقد يكلف خطأ العامل في رفع الدعوى ضمن ميعادها المقرر قانوناً ضياع هذا الحق بسبب رد الدعوى شكلاً من قبل القضاء.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المحكمة الاتحادية العليا قد ذهبت في قرارها المرقم (67/اتحادية/2021) في (29 / 9/ 2021) إلى تقرير عدم دستورية الفقرتين (ثانياً) و(ثالثاً) من المادة (165) من قانون العمل المرقم (37) لسنة (2015) وهاتين الفقرتين اللتان تنصان على عضوية ممثل العامل وصاحب العمل في محكمة العمل وهذا اتجاه صحيح إذ لا يجوز تشكيل محكمة من غير القضاة المتخرجين من المعهد القضائي وصدور مرسوم بتعينهم استناداً لأحكام المادة (37 / أولاً) من قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة (1979) وبالتالي فإن تشكيل محكمة ما بإشراك غير القضاة يكون مخالف لأحكام المواد (19 / أولاً) و(87) و(88) و(89) و(90) و(91) من الدستور، ما تقدم آنفاً كانت الأسباب التي استندت إليها المحكمة الاتحادية العليا في إلغاء الفقرتين آنفتي الذكر لعدم دستوريتهما، إلاّ أننا نرى ضرورة تشكيل محكمة العمل من هيئة قضائية متخصصة لضمان جودة الاحكام بدلاً من القاضي المنفرد ، واذا تعذر ذلك تمكين العامل من الطعن استئنافاً أمام هيئة استئنافية كمرحلة ثانية للتقاضي قبل اللجوء إلى محكمة التمييز الاتحادية وهذا طبعاً يحتاج لتدخل تشريعي .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري
بغداد 24/9/2022