بمشاركة قادة تحالف اليسار / 250 ألف يشاركون في يوم العمل النقابي في فرنسا


رشيد غويلب
2022 / 10 / 5 - 23:48     

شارك ربع مليون مواطن، في 200 موقع، في فعاليات يوم العمل النقابي الوطني الفرنسي، وجاءت المشاركة تلبية لدعوة ثلاثة اتحادات نقابية فرنسية هي: الاتحاد العام للعمل سي جي تي اليساري، والاتحاد الفيدرالي للعمل اف اس يو، واتحاد نقابات التضامن Solidaires، إلى جانب العديد منظمات الطلبة والشبيبة.


كانت المشاركة هي الأوسع مقارنة بأيام العمل السابقة هذا العام: (150الف في 27 كانون الثاني، 890 ألف في 17 اذار. وعكست هذه المشاركة الواسعة غضب السكان، الذي تصاعد بسبب تدهور الظروف المعيشية، ارتباطا بالارتفاع السريع في أسعار الطاقة والغذاء. بالإضافة إلى ان النقابات العمالية وقوى اليسار المشاركة لا تريد ترك الشارع لليمين المتطرف.
ودعمت الأحزاب المشاركة في تحالف اليسار في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (الشيوعيون والاشتراكيون، وحركة فرنسا الأبية، وحزب الخضر) الفعاليات، وكانت رمزية مشاركة زعماء هذه الأحزاب واضحة، في دعم النقابات والمنظمات الجماهرية الأخرى، حيث شارك في باريس فابيان روسيل السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، وأوليفييه فور ، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، وفي مارسليا شارك جان لوك ميلونشون زعيم حركة فرنسا الأبية.
في العديد من الأماكن والشركات، تم تنظيم تجمعات ومسيرات وتظاهرات النقابية، واضرابات لمدة ساعة او أكثر. خاصة في شركات الطاقة والتعليم، ومشاركة عمال القطاع الصحي المميزة في التظاهرات في العديد من المدن.
وفقًا لصحيفة لوموند اليومية، أضرب حوالي 20-30 في المائة من المعلمين في جميع أنحاء البلاد، وأغلقت قرابة 10 بالمائة من المدارس أبوابها طوال اليوم. و الإضراب الذي استمر ثلاثة أيام، ابتدأ يوم الثلاثاء في شركة توتال للطاقة، واضراب العديد من محطات الطاقة النووية الفرنسية الأخرى أدى إلى توقف إنتاج الكهرباء في فرنسا في 29 أيلول، وانخفاض انتاجها بنسبة 8,5 في المائة. و شارك في النشاط النقابي عمال السكك الحديد التابع لاتحاد نقابات العمال الفيدرالي المعروف بسياساته المهادنة. ووفقًا لاتحاد سي جي تي اليساري والقريب من الحزب الشيوعي الفرنسي، شارك في الاضراب ثلث عمال السكك الحديد في منطقة باريس الكبرى.

مطالب عمالية واجتماعية
ونظرًا للارتفاع السريع في أسعار الطاقة والغذاء في فرنسا أيضًا، ركز المشاركون على زيادة القوة الشرائية الجماعية من خلال زيادة عامة في الأجور والمرتبات والمعاشات التقاعدية والمزايا الاجتماعية. وجرى التشديد على وجوب أن يقترن هذا برفع الحد الأدنى القانوني للأجور إلى الفي يورو شهريا، والمساواة التامة في الأجور بين النساء والرجال وخفض ساعات العمل العادية إلى 32 ساعة في الأسبوع. وعكست الشعارات المرفوعة غضب استثنائي مثل: “ارفعوا اجورنا ولا تعمقوا بؤسنا!” أو “ماكرون، أعطني ثلاجة” و “لنأكل الأغنياء”.
وركزت الفعاليات النقابية أيضا على رفض “إصلاح المعاشات التقاعدية” الذي سعى إليه ماكرون، لرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 ثم إلى 65 عامًا وتمديد فترة دفع الضمان التقاعدي المطلوب، للتمتع براتب تقاعدي كامل. وسبق لرئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن ان أعلنت، أن “التشاور” الجديد مع “الشركاء الاجتماعيين” والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان سيجري قريبًا بهدف الوصول إلى قانون إصلاح المعاشات التقاعدية من خلال البرلمان “قبل نهاية الشتاء لكي يدخل القانون حيز التنفيذ في صيف 2023“.
الرئيس لا يتمتع بأكثرية برلمانية
مشكلة ماكرون هي أن ائتلافه خسر الأغلبية المطلقة في البرلمان في الانتخابات العامة الأخيرة، ولهذا تحتاج كتلته دعما من خارج المعسكر الحكومي الحالي حتى يتمكنوا من تمرير التدهور المخطط للمعاشات التقاعدية في البرلمان. لكن هذا الدعم صعب المنال. لأن “إصلاح نظام التقاعد” لا يحظى بشعبية كبيرة بين السكان وبالتالي بين الناخبين. ولهذا لا تريد أي من القوى غير المنخرطة في المعسكر الحكومي تشويه سمعتها وخسارة الناخبين.
قد يحاول معسكر ماكرون تمرير “إصلاح نظام التقاعد” بخدعة برلمانية، من خلال تجاوز التصويت في البرلمان، باستخدام المادة 49.3 من الدستور الفرنسي. وهذه المادة الاستثنائية، موروثة من عهد الرئيس ديغول، تخول الرئيس صلاحية سن قانون بواسطة مرسوم، بشرط طرح الثقة بالحكومة على البرلمان، وفي حالة فقدانها للثقة، تجبر الحكومة على تقديم استقالتها، ويمكن للرئيس حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة. إن الذهاب إلى هذا السيناريو غير الديمقراطي، وقوبل بمعارضة داخل معسكر الحكومة أيضا.
قيم فيليب مارتينيز سكرتير نقابات سي جي تي فعاليات يوم العمل، ارتباطا بسعة المشاركة بانها “تحذير أول للحكومة وأرباب العمل”. والمطلوب هو البدء السريع للمفاوضات حول زيادة الأجور والرواتب في جميع قطاعات الحياة الاقتصادية والتخلي النهائي عن خطط تدهور أنظمة المعاشات التقاعدية. لقد أظهر الفرنسيون بوضوح كاف أنهم “لا يريدون وقت عمل أطول بعد الآن”. وبالنسبة للنقابات، فإن الأسابيع المقبلة ستكون “ساعة التعبئة وليس للاستسلام”.
**