تونس: لا تصرفوا النظر عن العشب الذي ينمو تحت الأرض


بشير الحامدي
2021 / 7 / 18 - 20:46     

لا تصرفوا النظر عن العشب الذي ينمو تحت الأرض
لنكن واضحين وصادقين ولنقول إن المكتب البيروقراطي المركزي للاتحاد فرض انقلابه على الجميع: معارضيه و"الرأي العام" السياسي والحزبي والحكومي الذي رأيناه وكل حسب أهدافه المباشرة والبعيدة مورطا في الانقلاب بصورة أو بأخرى عبر الصمت أو عبر التأشير لإقامة هذا المؤتمر.
والمشكلة الحقيقية في تقديري ليست متعلقة لا بالأحزاب ولا بالحكومة في علاقة بالوضع الذي فرضته بيروقراطية الاتحاد بقدر ماهي مشكلة من أعلنوا أنفسهم معارضين للانقلاب وكذلك مشكلة منتسبي هذه المنظمة.
كيف سيتعاملون مع الوضع الجديد وهم يعلمون أن يد البيروقراطية ستمتد إليهم وأنها سترتب لذلك مثلما رتبت للانقلاب على الفصل 20 .
ترتيب المكتب البيروقراطي سوف لن يختلف عن ترتيباته السابقة التي أضعف بواسطتها كل معارضاته الداخلية. سيلجأ لسياسة العصا والجزرة وسينجح مع البعض وينهك الباقين الذين خيروا المعركة ضده على أرضه وأول حجة سيرمي بها في وجوههم هي قوانين الاتحاد المتمسكون بها.
هل سيظلون متمسكين بقوانين الاتحاد ويحتكمون إليها وهي القوانين التي لم يعد لقانون الدورتين وجود فيها بعد 8 و 9 جويلية 2021 ؟؟؟
هل ستقتصر معارضتهم على الظهور في المؤتمر القادم بوصفهم أنصار العودة لقوانين الاتحاد ما قبل 8 و9 جويلية 2021 وهم يعلمون أن صوتهم ومعارضتهم سوف لن يكون لها صدى حتى داخل قاعة المؤتمر وأن معارضتهم هذه سوف لن تكون مختلفة عن كل المعارضات الانتخابية التي عرفها تاريخ هذه المنظمة؟ فاين المعارضات التي نعرف وترشحت في قائمات معارضة في المؤتمرات السابقة للاتحاد مثلا؟؟؟
مثل هذا الوضع ليس بجديد في تاريخ هذه المنظمة فكل المعارضات الداخلية التي ظهرت اندثرت وذهبت مع الريح وذلك حكم التاريخ في وجه كل الوسطيين ومن يركنون للحلول غير الجذرية والمواقف غير الراديكالية وغير التأسيسية والمسألة في أصولها تعود لغياب الراديكالية والتأسيس الجذري في وعي العنصر النقابي بصفة عامة داخل هذه المنظمة الذي ترسخ على مدار العقود الماضية وهذا موضوع آخر سنعود إليه.
...
الاتحاد لم يعد اتحاد 1978 اتحاد الإضراب العام لقد تغيرت الأوضاع وتغيرت قياداته وباعت كل شيء ...
لقد تغير كل شيء في الاتحاد العام التونسي للشغل منذ 2010 وتوضح ذلك اليوم بشكل لا لبس فيه وهو ما يجعل مسألة استقلال منتسبي هذه المنظمة التنظيمي والسياسي مطروح عليهم بشدة كما الاستقلال عن البيروقراطيات جميعا.
لا أعتقد أن الاتحاد سيكون له في المستقبل نفس الدور الذي لعبه على امتداد العشريات السابقة سيتضاءل دوره حتى يصير مقتصرا على تمسك بيروقراطية بدور شريك الحكومة وسينسف كل روابطه بالحركة الاجتماعية المقاومة عموما وسيساعد ذلك على ظهور حركات مقاومة من خارج هذه الأطر البيروقراطية وسيتعزز هذا الميل أكثر فأكثر في المستقبل.
قد تكون الأوضاع تتقدم في اتجاه افراز هذه الحركات على المدى المتوسط فاليأس من الأحزاب والنقابات وسياسات الانتقال الديمقراطي سيقود طيفا واسعا من الجماهير التي في قاع السلم الطبقي مع فئات واسعة من المنتجين والشغالين الذين ستتدهور أوضاعهم أكثر فأكثر في الأشهر والسنوات القادمة إلى الاستقلال عن بيروقراطيات النظام التي في السلطة والتي في المعارضة والمقاومة من موقع مستقل.
هذا هو الطريق الذي سيقود إليه فشل كل سياسات الانتقال الديمقراطي .... فالمعركة طبقية وسوف لن تبقى إلى ما لا نهاية مموهة ... سيفضى فشل السياسات الحالية إلى موجة جديدة من المعارك ...
هذا ما يجب أن يفكر فيه معارضو البيروقراطية النقابية في الاتحاد ويخططوا له عبر استراتيجيات تسحب البساط من تحت هذه البيروقراطية وتسحب معها منتسبوه ليرتبطوا بحركة المقاومة الاجتماعية التي هي بدورها مطروح استقلالها عن البيروقراطيات جميعا وتجذير سياساتها والتوحد قوة فاعلة على الأرض تأسيسية راديكالية مستقلة.
...
لا تصرفوا النظر عن العشب الذي ينمو تحت الأرض. انتبهوا لجلبته إنه يهيئ لديسمبر آخر جديد مختلفا قد يقلب الأمور جميعا....
18 جويلية 2021