تونس: الأمر لا يتطلب كثيرا من العقل للقول أن «كسيدي كجوادو» يا مكتب نقابة الثانوي


بشير الحامدي
2021 / 7 / 3 - 17:40     

نقابة التعليم الثانوي تصدر بيانا اليوم 03 جويلية 2021 تشير فيه إلى أنه لم يتم إعلامها بتاريخ انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد ولم يتم استدعاء ممثلها لها وتعتبر أن ذلك إقصاء متعمدا وردة فعل انفعالية على خلفية مواقف القطاع الرافضة للمساس بقوانينه وتشريعاته وعلى رأسها الفصل 20 من قانونه الأساسي وقرار هياكله المتمسك بمقاطعة المؤتمر الاستثنائي يومي 8 و 9 جويلية الجاري. و أضاف البيان أنه بناء على ذلك توكد الجامعة على [وهنا مربط الفرس]
التزامها المطلق بمواصلة أداء واجباتها ... ومتابعة الملفات القطاعية المطروحة ... النهوض بشتى الاستحقاقات الملقاة على كاهلها... تمسكها المبدئي بالدفاع عن علوية قوانين المنظمة وعن الممارسة الديمقراطية صلبها... رفضها المطلق مشاركتها وهياكلها في أشغال المؤتمر الاستثنائي ... تجندها ومختلف هياكلها النقابية للدفاع عن مكانة الاتحاد العام وريادته وإشعاعه ... والتصدي لكل محاولات استهدافه مهما كانت الجهة التي تخول لها نفسها التفكير في ذلك ...
بيان نقابة الثانوي هذا واضح جدا في التعبير عن عجز هذه النقابة بل قل مكتبها التنفيذي على الذهاب بعيدا في معارضة القيادة البيروقراطية المنقلبة كان تعلن استقلالية قطاعها عن اتحاد المكتب البيروقراطي المركزي كردة فعل على إقصائها وعلى التمادي في تمشي الانقلاب للبقاء في المسؤولية.
نقابة الثانوي هي أول من يعلم أن بيروقراطية المكتب مصممة وعازمة على انجاز هذا الانقلاب ولن تتراجع لا بمقاطعة نقابة الثانوي له ولا حتى بحكم قضائي وأن هذا المكتب لم يعد يسمح بأي معارضة داخلية وأنه يعلم أن كل القطاعات ستذعن أخيرا والتاريخ القريب أو البعيد يثبت كل هذا. فأين المعارضات الداخلية طيلة الأربعين سنة الماضية بدءا بمعارضة مؤتمر قفصة ومعارضة مؤتمر سوسة في التسعينات واللقاء النقابي الديمقراطي.
المكتب المنقلب يعرف أن ما يخشاه لا يمكن أن تذهب في اتجاهه القطاعات فهو يعرف مكاتبها التنفيذية وحقيقة رهاناتها التي لا علاقة لها لا بالديمقراطية ولا بفعل نقابي مقاوم ولا بسياسات نقابية راديكالية تعلي الحقوق ولا تساوم فيها ...
هو يعلم أن الغالبية الساحقة من أعضاء هذه المكاتب من نفس طينة أعضائه الذين يدفعون اليوم للانقلاب و أنه يكفي إجراء بعض التسويات مع أعضاء هذه المكاتب التي ستقاطع سواء قبل المؤتمر أو بعده حتى تعود المياه لمجاريها و«يا دار ما دخلك شر» ثم ماذا سيلي المقاطعة؟ وماهي قدرة نقابة الثانوي على الاستمرار في المعارضة من الداخل وفي نفس الوقت هي تعلم أن هذا الذي تسميه متابعة الملفات القطاعية المطروحة والنهوض بشتى الاستحقاقات الملقاة على كاهلها محكوم أولا وأخيرا بإرادة المكتب الذي سينقلب سواء في الإشراف على اجتماعاتها أو في الإمضاء على قراراتها أو الموافقة على خططها المطلبية؟ ألا يؤكد ذلك أن ما ذهبنا إليه في أن نقابة الثانوي كانت واضحة جدا في بيانها هذا واضحة ليس في تو جهها لمنتسبيها لأنها واصلت في سياستها المعهودة «الكلام الكبير والفعل لا شيء وفي الأخير المساومة و الاذعان» بل واضحة في تو جهها للمكتب المنقلب بأنها لم تقطع الحبل ومازالت تراهن على هذه المنظمة الفاسدة بل ومجندة بمختلف هياكلها للدفاع عن مكانة الاتحاد العام وريادته وإشعاعه ...
سنة 2009 ردُّ السيد المنصف الزاهي المسؤول عن قسم الوظيفة العمومية في الاتحاد وقتها على الأساتذة الجامعيين أثناء إشرافه على التجمع الذي أقاموه للتعبير عن تمسكهم باستقلالية قرار قطاعهم ورفضهم مصادرة حقهم في التفاوض وفي إبرام الاتفاقيات التي تهم مطالبهم الخصوصية بقوله [إلى ما عجبوش الحل يخرج من الإتحاد...] إنه نفس الموقف اليوم يعاد صياغته في وجه نقابة التعليم الثانوي وكل النقابات ولكن نقابة التعليم الثانوي ملكية أكثر من الملك ولا تملك الجرأة والوعي والشجاعة للرد على الانقلاب بما يجب أن يكون عليه الرد: الخروج من التبعية للمكتب البيروقراطي المركزي و إعلان القطاع قطاعا مستقلا لا سيادة لأحد فيه غير منتسبيه والبدء فورا في التأسيس لنقابة قطاعية مستقلة بقوانين جديدة لامركزية نافيه لكل بيروقراطية.
إنه الرد الوحيد على الوضع السائد اليوم في الإتحاد العام التونسي للشغل والمتمثل في إمعان مكتبه المركزي في انتهاك الحق النقابي وفي مصادرة حق النقابيين والقطاعات في تقرير حر لمواقفهم ومواقف نقاباتهم والمناورة على كل النضالات وإرباكها وإفشالها وتقييد حق التجمع وحق الإضراب واستقلالية القرار القطاعي بتلك البنود التي تتضمنها قوانينه التي تفرض ضرورة موافقة جهاز البيروقراطية التنفيذي على كل قرار مهما كان محتواه ومهما كانت الهيكلة التي أقرته. إن قيادة نقابية تماطل في الموافقة على عقد هيئات القرار في القطاعات وتعارض الإضرابات وتلغيها وتمنع التجمعات النقابية وتتبرأ من الاعتصامات وتفككها وتمضي الاتفاقيات باسم القطاعات دون موافقتها وتدعو النقابيين إلى القبول والتسليم بهذا وتنقلب على القوانين الجاري بها العمل هي قيادة قد قطعت كل روابطها بمنتسبي النقابة التي تدعي أنها حريصة عليها ولم تعد تمثلهم ولا تدافع عن مصالحهم فحسب بل تحولت إلى نقابة شريك فعلي في ضرب الحق النقابي ومعادية معاداة سافرة لكل الحقوق.
الحقيقة أن ممارسات الجهاز التنفيذي للبيروقراطية النقابية واستهدافه لحق النقابيين والقطاعات في تقرير حرّ ومستقل لمواقفهم ومواقف نقاباتهم لم يأت من فراغ وهو ليس نتيجة انحراف وميول ذاتية تسلطية لعناصر هذه القيادة بقدر ما هو نابع من قوانين هذه المنظمة نفسها [القانون الأساسي والنظام الداخلي] واللذان أصبحا بمثابة السيف المسلول في وجه كل ممارسة حرة وديمقراطية ومستقلة.
قوانين هذه المنظمة هي التي شرعت كل الممارسات المنافية لأبسط قواعد التعامل النقابي الديمقراطي وأتاحت لهذا للجهاز التنفيذي البيروقراطي التمادي والإمعان في انتهاك الحريات النقابية.
ألا يعطي النظام الداخلي للإتحاد للمكتب التنفيذي المركزي صلاحيات مطلقة للتحكم في كل القرارات النقابية!
ألا يمنح هذا النظام البيروقراطي المتخلف للمكتب التنفيذي الحق في الموافقة على كل دعوة لاجتماع الهيئات الإدارية القطاعية أو الجامعات النقابية لتكون لهذه الاجتماعات الصبغة القانونية!
ألا يشترط نفس هذا النظام الداخلي أيضا وجوب إشراف أحد أعضاء المكتب التنفيذي على هذه الاجتماعات ووجوب موافقته على كل قرار يصدر عنها بما في ذلك قرار الإضراب!
ألا يمكّن هذا النظام الداخلي أيضا الهيئة الإدارية الوطنية والمكتب التنفيذي الموسع من صلاحيات مطلقة في أخذ القرار وهما الهيئتان اللتان تعكس تركيبتهما حالة صارخة من اللاديموقراطية حيث تتساوى في هاتين الهيئتين حقوق أعضائهما في أخذ القرار برغم الفرق الشاسع في التمثيلية القاعدية لكل عضو إضافة إلى الغياب التام لأي ضبط لمهام أعضاء كل من الهيئتين فلا وجود لما يلزمهم بعدم تجاوز توصيات أو قرارات هياكلهم أو جهاتهم عند اتخاذ المواقف والقرارات. والأسوأ هو أن البيروقراطية أصبحت تلتجئ لهاتين الهيئتين في كل مرة تقرّر فيها التراجع في قرارات أو قوانين وقع إقرارها في مؤتمرات الاتحاد أو عندما تريد تمرير قوانين بيروقراطية جديدة أو للزج بالاتحاد في سياسات تعرف أنها محل معارضة أغلب منخرطيه ناهيك عن الدور الذي أصبحت تلعبه هاتان الهيئتان البيروقراطيان مع المكتب التنفيذي عمليا بصورة سرية أو علنية في التحكم في تاريخ انعقاد المؤتمر العام والمؤتمرات الجهورية وفي تاريخ تجديد الهياكل وفي كل عملية انتخابات لهياكل المنظمة لمزيد التحكم في تركيبة هذه الهياكل ولتمهيد الطريق للقائمات التي يرضى عنها الجهاز التنفيذي البيروقراطي.
هذه هي الأسس التي جعلت الجهاز التنفيذي للبيروقراطية النقابية متحكما مطلقا في كل القرارات النقابية ومكنته من سحب البساط من القطاعات والجهات وهو وضع خرب النضالات وتسبب في تراجع الوعي بأهمية النقابة والنضال النقابي لدى المنخرطين ولجم الهياكل الأساسية والوسطى والقطاعية عن تفعيل قراراتها وحاد بالاتحاد عن الدور الذي كان من المفروض أن يلعبه.
أعلى هذا تعلن نقابة الثانوي تمسكها المبدئي بالدفاع عن علوية قوانين المنظمة وعن الممارسة الديمقراطية صلبها وتعلن تجندها ومختلف هياكلها النقابية للدفاع عن مكانة الاتحاد العام وريادته وإشعاعه.
...
الأمر لا يتطلب كثيرا من العقل للقول أن «كسيدي كجوادو» يا مكتب نقابة الثانوي

03 جويلية 2021