تونس: الاتحاد العام التونسي للشغل نموذج النقابة المندمجة بدولة الأعراف الرأسماليين الفاسدين


بشير الحامدي
2021 / 6 / 5 - 20:46     

ـ 1 ـ
مشروع الحكم القائم على التداين وعلى فتح الحدود للسلع والاستثمار وملء جيوب الرأسماليين بالزيادات في الأسعار وعلى اقتصاد التهريب وخصخصة كل القطاعات هو مشروع الحكم الذي لا تجاهر البيروقراطية النقابية بتبنيه ولكنها في المقابل تقوم بكل ما يساعد على توطيده. مثل هذا الوضع لن يدفع سوى لاندماج أكثر فأكثر للبيروقراطية النقابية بالدولة وهي إمكانية صارت واقعا ملموسا بعد بيان بيروقراطية الاتحاد الأخير حول الزيادة الأخرة في الأسعار.
ـ 2 ـ
منخرطو الاتحاد وهياكله الأساسية والوسطى والقطاعية يعرفون هذا "السركوي" الذي تدور حوله سياسات المكتب المركزي ولكنهم مصابين بفيروس صنعه ونشره بورقيبة وهو أن لا غنى لتونس وشعبها عن الاتحاد وهو كلام يعني أنه لا غنى للدولة وللأعراف عن الاتحاد حين تضيق الزنقة بالهاربين من مواجهة نتائج سياساتهم. منخرطو الاتحاد ليسوا قادرين وعلى الأقل على المستوى المتوسط على أن يتعافوا من هذا المرض وأعتقد أن مرضهم هذا سيستفحل أكثر حين يتخلى الاتحاد وبشكل رسمي عن كل الشعارات التي كان يرفعها والمتعلقة بالقطاع العام واتفاقيات الأجور والضمان الاجتماعي والمالية العمومية والجباية. القيادة البيروقراطية ستضحي بكل ذلك وبما سينجر عنه من مضاعفة تفقير الفقراء والأغلبية عموما. مثل هذا التمشي ليس بجديد في علاقة بتاريخ تحالفات بيروقراطية الاتحاد لقد شهدنا مثله مع بورقيبة بعد 1978 ومع بن علي في 1993 وها أننا سنشهده من جديد مع انقلابي الانتقال الديمقراطي سنة 2021
ـ 3 ـ
ليست القيادة البيروقراطية وحدها فاسدة. إن أغلب الهياكل الوسطى والأساسية أيضا يعشش فيها الفساد ومتبقرطة أيضا وليس لها أي مشروع أو قدرة حقيقية على معارضة سياسات المركز الفاسد وأغلبها تحوّل إلى مكاتب لتصريف شؤون دائرة أقلية من الموالين لا غير.
ـ 4 ـ
المركز البيروقراطي كبرت رؤوسهم نتيجة وضع القاعدة هذا والحقيقة أن ليس هناك من حل ممكن الآن لوقف هذا الخراب المعشش في اتحاد الشغل وحتى بعض المحاولات المستقلة التي تأسست قطاعيا فهم مستمرون في محاولات تخريبها وإرباكها وإغراقها. الاتحاد اليوم الوجه الآخر للتجمع الدستوري الديمقراطي الذي نعرف. هذه الحقيقة الصادمة للأسف لا يراها ولا يتوقف عندها الطيف الذي مازال برغم كل الخيانات المرتكبة في حق الخدامة وحق الأغلبية يمنح البيروقراطية النقابية ثقته ويدافع عنها.
ـ 5 ـ
البيروقراطية النقابية اليوم تلعب دورا مركزيا في تواصل فرض سياسات الانتقال الديمقراطي على الأغلبية. إنها الواسطة الوحيدة الباقية بيد الدولة والأعراف مع وزارة الداخلية والعسكر لضرب كل إمكانية لمقاومة جذرية لهذه السياسيات مقاومة صارت تتطلب دورة صراع جديدة ومسار شبيه بمسار 17 ديسمبر 2010. قد يحتاج ذلك وقتا ولكن ذلك هو اتجاه الصراع فالخدامة والأغلبية لن يبقوا إلى مالا نهاية دون القدرة على إدارة معاركهم المصيرية بشكل مستقل.

05 جوان 2021