حول احتجاجات العمال والمعطلين عن العمل ... عمال الشامية كنموذج


جلال الصباغ
2021 / 5 / 8 - 02:42     

يشكل تطور الاحتجاجات العمالية في مختلف محافظات العراق، نقلة في الحركة الاحتجاجية منذ اكتوبر عام ٢٠١٩ ولغاية وقت قريب، عندما أدركت القوى العمالية ان حل قضايا الأجور وضمان البطالة والحصول على عمل، غير قابل للتطبيق دون تنظيم وهو ما حصل مؤخرا ولو بشكل أولي وفي مناطق معينة.

ان الإضرابات والتظاهرات امام دوائر البلدية والماء والكهرباء ومقرات الوزارات والشركات يشكل عامل ضغط على السلطة وأحزابها، وهذا الضغط يعري النظام ويكشف زيفه وكذبه المتواصل، فهذا النظام منذ ٢٠٠٣ ولغاية الآن يعمل جاهدا على القضاء على اي دور للدولة في توفير فرص العمل، وتقديم الخدمات للجماهير في مقابل العمل على خصخصة جميع القطاعات، وتخريب وإعادة هيكلة المصانع والشركات التي تشغل الآلاف من العمال، والسعي المتعمد للقضاء على الصناعة والزراعة في البلاد، عن طريق النهب والتحاصص والخضوع لشروط المؤسسات المالية الدولية.

تشكل الطبقة العاملة الشريان الرئيسي في اي تغيير ثوري، باعتبارها الطبقة المتضررة من بقاء هيمنة الفئة السياسية واذرعها التابعة لقوى الرأسمال العالمي. لكن تبقى الطبقة العاملة في العراق غير قادرة على التقدم إلى الأمام، دون نقابات عمالية فاعلية قادرة على التواصل مع العمال وتمثيلهم وتنظيم نضالاتهم، ولا يتحقق ذلك دون ثقة متبادلة وايمان بقدرة هذه الطبقة على قيادة الحراك الثوري الجماهيري. لكن غياب النقابات والاتحادات العمالية او ضعفها او تبعيتها لقوى داخل النظام، يشكل أحد أبرز المعوقات التي تقف بوجه نضال الطبقة العاملة، ما يشل من قدرتها على تطوير أساليبها في فرض إرادتها والتخطيط لأشكال نضالية فاعلة من اجل الحصول على الحقوق والعمل على التغيير المنشود.

لقد مثل العمال والمعطلين عن العمل ركنا أساسيا من أركان انتفاضة أكتوبر، لكن دون التوصل للغاية النهائية لهذه الانتفاضة، والمتمثلة بإزاحة النظام وإقامة نظام جديد يمثل فيه العمال والكادحين السلطة البديلة، بسبب بقاء العمال والمعطلين عن العمل بمعية شرائح الانتفاضة الأخرى من الطلبة والنساء والفئات الأخرى دون تنظيم حقيقي، يتبنى أفق سياسي واضح يعمل ويناضل بالضد من النظام المبني على اساس أفقار الجماهير ونهب ثرواتها بدعم من القوى الدولية والإقليمية، وهذا ما عرقل من مسار الانتفاضة واعطى السلطة الفرصة لكي تلتقط أنفاسها ومن ثم العمل على تفتيت قوة الانتفاضة واضعافها، وهو ما حصل بالفعل.

تبقى تجربة عمال بلدية الشامية التي امتدت للعديد من الاقضية والمدن في جنوب ووسط العراق، تجربة عملية تستحق البحث والتقصي والمساندة، فقدرة عمال الشامية على تنظيم أنفسهم، جعل منهم أنموذجا لقدرة العمال على الضغط باتجاه تطبيق القرار ٣١٥، ولو لم يكن لعمال الشامية تنظيم عمالي أولي، لما استطاعوا أن يفعلوا كل ذلك التأثير الذي وصل واثر بالعديد من المحافظات، وعمال الشامية يستحقون كل التقدير والدعم من قبل الجميع، كونهم ارجعوا للطبقة العاملة في العراق الامل في مستقبل أفضل.

ان قوة الشرائح العمالية تكمن بقدرتها على حشد جماهيرها بسرعة وبفاعلية، كما أن قوتها تكمن بأحقية مطالبها في التعيين او التثبيت على الملاك الدائم او الزيادة في الاجر الشهري، باعتبارها مطالب جماهيرية عادلة.

ان الخبرة التي اكتسبتها فئات العمال والباحثين عن العمل والتعيين، خلال أشهر من النضال في سبيل الحصول على الحقوق، جعلتهم قوة نضالية تشكل خطرا على نظام مهتريء ويعيش انقساما داخليا، وكسب المعركة بالضد من هذا النظام، تتوقف على تطوير أدوات الاحتجاج والتنظيم ضمن نقابات واتحادات بعيدة عن الانتهازيين او الإصلاحيين.

يشكل توحيد نضال فئات العمال والمعطلين عن العمل بمختلف شرائحهم وتخصصاتهم، وفتح آفاق من التواصل بين قياداتهم وفي جميع المناطق، يشكل أولوية اذا ما أرادو الوصول باضراباتهم واحتجاجاتهم إلى النصر، أما التركيز على العفوية ورفض التنظيم فدائما ما يقود إلى الخسارة والتخبط وضياع الحقوق.