تعديل القانون 203.. حلقة جديدة في مسلسل تشريد العمال

ممتاز يحيى
2020 / 10 / 16 - 11:02     


تعجُّ مقار شركات التأمين وعدد من الشركات الأخرى منذ الأسبوع الماضي بالاحتجاجات ضد اللوائح الموحدة بالتزامن مع إعلان عشرات اللجان النقابية عن رفضهم لتعديل القانون 203.

من ضمن البنود الجديدة بعد تعديل القانون أن الشركات المالكة لخطوط نقل العاملين عليها تصفية أسطول النقل خلال عامين، مما سيتسبَّب في تشريد مئات السائقين والعاملين. ويضم تعديل القانون 38 مادة في لائحة الجزاءات تبيح للعضو المنتدب الفصل بكل سهولة لأسبابٍ معظمها وهمية، حسب تصريحات عاملين لبوابة الاشتراكي، إلى جانب منح مجلس الإدارة في المادة 85 الحقَّ في تسريح العاملين للضرورة الاقتصادية دون تحديدها.

وتنص المادة 77 على منح العامل إجازة بدون أجر لمدة 6 أشهر عند استنفاذ الإجازات المرضية، بجانب عدم تحديد مصيره عقب تلك المدة، مما يفتح الباب للفصل وفقًا للمواد السابقة.

أشعل مشروع تعديل القانون غضب العاملين بقطاع الأعمال العام، ووصف بعضهم في حوارٍ مع بوابة الاشتراكي، أن توحيد اللوائح على كل الشركات القابضة دون مراعاة طبيعة كل شركة سيتسبَّب في تصفية بعض الشركات بجانب طبيعة اللائحة التي اعتبروها مُخصَّصة لتسريح آلاف العاملين.

وأضاف العمال أن القانون يسعى إلى تخفيض الأجور والحوافز بنسبة تصل إلي 60% بسبب مزاعم وزير قطاع الأعمال هشام توفيق بتعويض الخسارة. ولكن بعد قراءة مواد القانون اتضح في المادة 67 أنه سيتم توزيع 4% من أرباح الشركة على الوظائف القيادية، التي تنحصر بطبيعة الحال في عددٍ محدودٍ للغاية، بينما سيتم توزيع 8% فقط من الأرباح على إجمالي العاملين بالشركة!

على سبيل المثال، وفقًا لباسل الحيني، رئيس الشركة القابضة للتأمين، وصلت أرباح شركة مصر لتأمينات الحياة لعام 2018/2019 إلى 1.3 مليار جنيه، لتُخصَّص 52 مليون جنيه سنويًا لقرابة 40 مسؤولًا بينما تُقسَّم 104 مليون جنية على 7170 موظف.

وحتى قوانين العمل والخدمة المدنية السابق تعديلها التي كانت مجحفةً لحقوق العمال، جاءت تلك اللائحة لتتفوَّق عليها في سلب حقوق العاملين بشكلِّ فج، إلى درجة تعارضها مع تلك القوانين. صرَّح أحد النقابيين لبوابة الاشتراكي قائلًا إن “اللوائح الجديدة تتعارض بشكلٍ مباشر مع عدد من القوانين مثل قانون العمل والخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية”.

وأضاف أن التعديلات تشمل مصطلحاتٍ جديدة وغير واضحة بشكلٍ مُتعمَّد لزيادة صعوبة تفسيرها لدى العمال وتحديد موقف تجاهها.

في مواجهة ذلك، أعلنت 68 لجنة نقابية على الأقل منذ بداية الأسبوع رفضها تعديلات قانون 203 واللوائح الموحدة وقاموا بتعليق البيانات التي أصدروها في مقار شركاتهم.

وأصبح من الواضح نية هشام توفيق التعديل دون الاهتمام برأي وتعليقات العاملين والنقابات مطلقاً. علَّق على ذلك أحد العاملين بشركة الكوك، في حديثه لبوابة الاشتراكي، قائلًا إن الوزارة لم تتواصل مع النقابات بشأن اللائحة، وإنما أرسلت اللائحة إلي الشركات التي أعلنت بدورها اللائحة للنقابات. ولا تحتاج الصورة الكلية للمشهد لكثيرٍ من التحليل عقب تصريح الوزير في أحد البرامج التلفزيونية يوم الاثنين الماضي، إذ قال إنه “لن تجري مفاوضات مع النقابات ورأيهم سيكون استشاريًا فقط”.

تُعَدُّ هذه التعديلات بمثابة خطوةٍ إضافية في طريق السياسات الاقتصادية المُجحِفة والمنحازة ضد العاملين بأجر في مصر، إضافةً إلى سياسات الإفقار والنهب التي تدفع عشرات الملايين من المصريين إلى الفقر.

يقاوم العاملون بالشركات القابضة اللائحة الجديدة، سواء في احتجاجات شركات التأمين والسياحة أو التهديد بالتصعيد والاعتصام أو إصدار عشرات اللجان النقابية بيانات رافضة لتعديلات القانون. وهذه المقاومة تكتسب أهميةً كبرى لأنها تأتي في ظلِّ ظروفٍ قمعية ظنَّ النظام أنها سوف تخمد النضالات العمالية إلى الأبد.