نضال العاملات الاجتماعيّات تحتَ نير الحكومة: ضحايا إهمال وتهميش متواصل ومهين

مريم أبو الهيجاء
2020 / 7 / 19 - 09:56     

في لبّ المعترك السّياسي الّذي يعصف بدولة إسرائيل، ومع عدم التماسك الّذي نشهده أخيرًا في حكومة "الطوارئ"، حكومة نتنياهو وذلك الماريونيت الّذي يحركه بأنامله –غانتس، والتّي شقّ الناشطون صدورهم ليتمرّدوا عليها، ضد الفساد والاجحاف من قلب بلفور وسط بطش وتعسّف الشرطة، تتعرّى أكثر فأكثر سياسات متخلخلة تضرب مصلحة المواطنين، وتطال قطاعات وميادين واسعة، منها التعليم العالي المدفوع بمصالح ضيّقة يتشبّث ويتحكم بها كلب الحراسة زئيف الكين لتكريس السّيادة الاستيطانية وترقية المحسوبيّات الرجعيّة البائدة، وقطاع الصّحة المنهار، والذي تهدد فيه الممرضات بالإضراب بسبب العبء الثقيل والجمّ ونقص القوى العاملة والاستهتار بصحة الجمهور، ووزارة المالية الّتي تمنحنا فتات ما تملك لسدّ رمق جوعنا وتوقنا لحياة كريمة، ولتهدئة المواطنين القابعين في غياهب الفقر، في قعر أولويات حكومة رأس المال الّتي تسحقهم بكلّ فرصة ممكنة، أولئك الذين لا يثقون بالحكومة، بإشارة "أفعويّة" تخديرية من المحرّض اليميني الأكبر الّذي ينتظر محاكمةً تتطلع في فساده واحتياله. وسط كلّ هذه التخبطات نسلّط الضّوء على قطاع آخر من العاملين، لم يكونوا تحت المجهر بتاتًا، أناس يعملون في الظلّ ووراء الكواليس، مع فئات هي بالأصل مهمّشة ومستضعفة وتحتاج إلى رعاية مع استغاثتها العاجلة.

والأولى أن نقول أنّنا نتجه عمومًا، وفي الأزمة الحالية بشكل خاصّ، نحو النّساء، وهنّ الغالبية العظمى التي تعمل في قطاع العمل الاجتماعي، بعد أن نُحّين جانبًا، على مستوى الإعلام الّذي لم يتطلع إليهن وكأنهن في خطوط خلفيّة متلاشية لا تنقذ بشرًا من ويلات ومصائب عدّة، ذابت ملفّاتهم بالآلاف، ومع تتابع التجاهل الحكومي الممنهج في جهة مجهولة وضبابية مثيرة للذعر.



وسط هذا الوضع الخانق والحانق في آن، أجرينا في الاتّحاد مقابلات عدّة مع عاملات اجتماعيّات تقفّين أثر الأزمة على مدار سنوات، لنسمع صوتهنّ وننطلق به لجهات مسؤولة تتطلّع إلى ما يترتب عليه هذا الإقصاء على العاملة ذاتها وعلى الناس الذين يعيشون في ضائقة وفي دوائر متشعبة ومحاصرة، تُوجّه إليها سهام حكوميّة قاتلة.



هناء زعبي: نضال ضد نظام رأسمالي

وفي سؤالنا عن ماهيّة النّضال الّذي تخوضه العاملة الاجتماعية وأثر تكريس التجاهل على العاملين عمومًا، تشير هناء زعبي وهي تعمل في مجال علاج المتضررين من المخدرات والكحول إلى أن "نضال العمال الاجتماعيين اليوم هو نضال ضد نظام رأسمالي يخدم مصالح الطبقات القوية والتي تحكم اقتصاد الدولة ويتغاضى عن الطبقات الوسطى والضعيفة ويتجاهل مطالبها وحقوقها، قد يبدو للوهلة الأولى أننا نطالب بتحسين الأجور وزيادة ملكات لكن الجوهر في هذا النضال هو الإعلان عن صرخة ضد سياسة الحكومة القاهرة للطبقات الوسطى والتي تتمثل بالموظفين وأصحاب الحرف والطبقة الضعيفة المتمثلة بجمهور متلقي الخدمات في مكاتب الرفاه الاجتماعي".

وتضيف هناء: "نقابة العمال الاجتماعيين أعلنت عن نيتها خوض الإضراب بالأساس ما قبل جائحة الكورونا ولكن تم تأجيل الإضراب للتجند لمواجهة الأزمة مع مؤسسات الدولة، بحيث أن في ظل الأزمة اعتبرت خدمتنا من الخدمات التي لا يمكن الاستغناء عنها وألقيت على عاتقنا مسؤوليات عديدة بعد أن تم رصد ميزانيات ضخمة لمساعدة العائلات المتضررة. وبالرغم من ذلك الا ان العمال الاجتماعيين همشوا من قبل رئيس الحكومة حتّى خلال شكره لطواقم العمل في ظلّ الأزمة لم يذكرهم، هذا يدلّ على ان الحكومة ابعد من أن تكون حكومة رفاه اجتماعي".



حنين كنانة: نطالب بحقّ طبيعي

وتقول حنين كنانة التي تعمل في مكتب خدمات اجتماعية في دائرة الفتيات في ضائقة: "النضال الذي يخوضه العامل الاجتماعي اليوم، يدخل إلى أكثر من ميدان، يطلب العامل زيادة أجره، لأنّه وبشكل عام الأجور في الحضيض، ثانيًا ما نطلبه هو الحماية، وهي حق طبيعي في ظل ما نشهده من عنف، ضرب، احراق سيارات وتهديدات يواجهها العامل بلا أي سند، أو حماية فعليّة، حتّى دون قوى عاملة من حراسة خاصّة عند أبواب مكاتبنا".

وتشير كنانة من تجربتها الخاصة إلى أن "وضع العامل الاجتماعي مزري ماديًا من "عصر النهضة"، ولكن عندما توجهت النقابة لإطلاق هذا الإضراب، قررت بشكل خاصّ أن تستمرّ به في الأزمة الحاليّة، أزمة كورونا، نحن بالفعل تعبنا وعملنا طيلة هذه الفترة بشكل جاد ولساعات متواصلة. على سبيل المثال، في الوقت الّذي لا ينبغي لي أن أكون في دوام العمل كنت أقوم بشكل شخصي بزيارات بيتية، وكان هنالك تواصل مع أناس، وكنّا نعمل تمامًا مثلما تعمل وزارة الصحّة، كما الممرضين والممرضات بالفعل، من ناحية إنسانية، مادية، ومن ناحية كلّ ما نواجهه في الأحداث اليومية الصعبة التي نتلقاها".



وتتابع: "رغم وجود الفرق بين مجاليّ العمل ولكن حتّى الإعلام أولى أهمية قصوى للطواقم الطبية وكأنّها هي في الصفوف الأولى ونحن في أسفل سلّم أولويات الحكومة، مع أننا جابهنا الأزمة بمقدار لا يقل أهمية، وساعدنا عائلات تحتاجنا فعلًا، وأنقذنا نساء تعرضت للعنف مثلًا، كلّ ذلك من منطلق واجبنا ولكن دون تقدير، ومع أدنى مقومات وحقوق عمل سليمة وعادلة".



منى زيداني: أجورٌ هزيلة

بينما تؤكد منى زيداني العاملة في مكتب للشؤون الاجتماعية أن الاستمرار في النضال في ظل الظروف الجسدية الصعبة التي يعيشونها هو واجب حتّى تحقيق المطالب "التي أراها مطالب عادية أصلًا".

وتعطي زيداني أمثلة حيّة عن سبب النّضال فتقول: "مكان عملي لا يوجد فيه أي وسيلة خاصّة ومتاحة لوصول ذوي الاحتياجات الخاصة، لا يوجد غرف كافية لكل الموظفين والموظفات، لدرجة أن الموظفين ينتظرون بعضهم لتسنح لهم الفرصة الجلوس وراء المكتب، أو إذا كان زميل لنا غائبًا عن عمله، هذا بالإضافة إلى ان حمام الموظف والمعالَج مشترك وظروفه سيئة، كما لا توجد أي سرية لإجراء مكالمات خاصة مثلًا".



وتقول: "من ناحية المعاش، نحن نتقاضى أجرًا لا يتناسب مع كميّة الضغط الهائلة التي تحيطنا، فأنا بشكل خاص بالإضافة إلى أنني عاملة اجتماعية للعائلات، فأنا مأمورة قانونية لحماية الأولاد تحت سن الـ 18 أعمل ساعات متواصلة ومكثفة حتّى على حساب وقتي الخاص بدون أي تقدير معنوي أو مادي".



إيناس زعبي: للضغط على الحكومة

من جهتها، تشدّد إيناس زعبي التي عملت سابقًا كمديرة ملجأ لفتيات في ضائقة على أن هدف النضال هو تشكيل ضغط على الحكومة، "كي تقدّر وجودنا وتعي أهميتنا بين المجموعات المستضعفة، كالأطفال الذين يعانون من عنف كلامي، جسدي، نفسي وجنسي، والشباب في ضائقة، والشباب مخالفي القانون، ومعتقلين في السجون ينتظرون بطبيعة الحال تقاريرنا نحن لكي يتم اجراء تسهيلات معينة داخل السجن، وهؤلاء موجودون بالعادة في حبس منزلي، وحتّى في سجون فعليّة، وينتظرون التقرير الذي يكتب ويقدم للمحكمة وعلى إثره يتم اتخاذ حكم وفقًا للحالة".

هكذا، تلخّص النساء الوضع الآني، ولكن لهذا الظّلم العميق وجهان، من جهة، هنالك عمال يعانون فعلًا من إهمال حكومي، و بالمقابل هنالك أناس يحتاجون لعلاجات واستشارات مهنية، وبسؤالنا عن مصير الملفات الّتي ألقيت جانبًا التزامًا بالإضراب مع القلق والمسؤولية الكبيرة الّتي تتحملها العاملات، تقول هناء: "نحن نعلم أنّ هناك فئات قد تتضرّر نتيجة الإضراب، وانا أعي أن هناك أطفال وفتيان يعيشون في خطر، وأعي أن هناك نساء يتعرضن إلى العنف، وأن هناك انسان يعاني من مرض الإدمان، كما أعي أن هناك عائلات في أزمة انفصال وبحاجة إلى قرارات في المحاكم، والعديد من الامور التي أعيها، والتي بطبيعة الحال في ظل غياب العمل الاجتماعي جميعهم سوف يتضررون. ولكن أعتقد أنه من أجل بناء انسان ومجتمع انت بحاجة الى طاقم محصّن نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا لخوض تلك المهمة هذا الطاقم بحاجة إلى شروط عمل إنسانية بالدرجة الأولى".



وضع مأساوي بمسؤولية الحكومة

وبألم شديد تقول كنانة: "أعتقد ان الناس وفي ظلّ غيابنا، والذي جاء بحق بالمناسبة، ولكن لتتحمل الحكومة تبعات ذلك، الناس بوضع مأساوي، على سبيل المثال تلقيت اتصالًا هاتفيًا منذ يومين من امرأة لديها طفل يعاني من التوحد، ولا تجد الإطار المناسب، في ظل جو عائلي مركّب ومشحون، وللأسف اضطررت أن أقول لها بأنني ملتزمة بالإضراب، وهذا ما يؤلمني بالفعل، لأنني على اتصال وثيق مع المستغيثين".

وتورد كنانة بعض الأمثلة: نحن نتعامل مع أطفال في ضائقة، مع نساء معنفات جسديًا وكلاميًا ومعنويًا، ولا يتلقين دعمًا إلّا منّا نحن، حلقة الوصل بينهم وبين الأجهزة الرسمية المسؤولة، طفل في ضائقة وموجود بخطر مدقع، نحن لا نستطيع أن نوجهه اليوم لأي إطار مناسب، لبرّ أمان يدعمه. هذا أمر موجع بالفعل، وهذه أكثر الشرائح التي تتعرض لضائقة وهم مسجلون في الشؤون الاجتماعية ويحتاجون لمساعدة كبيرة".



وتتشاطر إيناس زعبي وكنانة، هذا الوجع وتقول: "هنالك شباب في ضائقة يتجولون في الشوارع بلا مأوى او سقف يحميهم ويوفر لهم لقمة عيش، أو فراش للنوم. وهنالك نساء معنفات بدون توجيهات، لأننا المؤسسات التي تقدم الخدمات ملتزمة بالإضراب".

وتلفت الانتباه لما هو أخطر خاصّة في أزمة كورونا، حيث كما تقول: "ازدادت التوجهات من أجل تلقي الخدمات، في الوقت الذي ننهار فيه نفسيًا وجسديًا، وهذا الانهيار ناجم عن كوننا لا نستطيع بالفعل تقديم إجابات ودعم. نحن بالفعل في أزمة، وتزامن الكورونا مع إضرابنا ليس صدفةً، إنّما لنوجّه رسالة كأننا بالفعل في بحر يجرفنا إلى الأسفل".

وتؤكد على أن هؤلاء الناس هم أكثر فئة متضررة ممّا يحصل اليوم، ولكنّها تشير أيضًا إلى أن "العامل الاجتماعي يقف عند نقطة حاسمة وصارمة فيها يكون الضرر مؤقتًا، ما يعني أن التهميش المتواصل للعامل اذا استمر لسنوات أخرى سيؤدي الى اختفائنا قسرًا، ومع مرور السنوات ستصبح خدماتنا سطحية ورقميّة وبجودة أقل، لأننّا بالفعل نتلاشى وتخور قوانا، حتّى هذه المهنيّة التي نمتلكها لا تكفي، ونحن نحتاج لهذه الرعاية من أجل أن نقدم خدمات أفضل، لننقذ أنفسنا وننقذ الناس كذلك".



مئات الملفات ووقت ضيّق

يُشار إلى أن ضغطًا هائلًا تتعرّض له العاملات من خلال معالجة مئات الملفات في وقت ضيّق ومع أدنى حقوق، ولكن هناء زعبي تفضّل عدم الخوض القيمة الرقمية للملفات وتقول: قضية عدد الملفات لا أخوضها لأنّ هذا يقلل من قيمة العمل وجودته وماهيته، نحن نتعامل مع مشاعر، أفكار، معتقدات وتصرفات، وهذا وحده يشكل عبئًا على العامل الاجتماعي".

وتؤكّد هناء ان "قضايا مثل الطلاق، مواجهة العنف والنهوض من الأزمات المادية والنفسية والاجتماعية تتطلب قدرات ومهارات مهنية عالية، ففي مجال عملي الصعب أنا أخوض تجربة مع المدمن للإقلاع عن السموم ما يتطلّب ارادة وقدرات ومهارات سلوكية عالية لكي أنجح في ذلك أنا وكلّ عامل اجتماعي آخر".



بينما تقول كنانة: "أنا أعمل مع مائتي ملف تقريبًا، وبالنسبة لساعات العمل، فأنا أعمل تقريبًا من السّاعة الثامنة صباحًا حتّى الثالثة والنّصف، ولا يتجاوز أجري الـ7 آلاف شيكل. عملي صعب، هناك لقاءات دورية، وزيارات بيتية، للأطفال والمدارس، ومع مدمنين من أجل إقناعهم بالعلاج. وتضيف: "أعمل كذلك في أطر أخرى متعلقة بالمحاكم، وكتابة تقارير خاصة بالحالات التي نعالجها، وظيفتي أنا أبني برامج علاجية كاملة حتّى للعائلات، وهذا عمل يحتاج جهدًا وتعمقًا بكلّ فرد من العائلة وديناميكية العلاقة والاتصال بينهم، وهذا أمر مركّب جدًا".

وعن البُعد الجندري البارز بهذا التمييز في الأجور والتعامل مع العاملات، وبالمقارنة مع الوسط اليهودي تقول هناء: "كون مهنة العمل الاجتماعي نسائية أكثر أثّر ذلك على مستوى الأجور، ولكن على مستوى شروط العمل في الوسط اليهودي والعربي فإنها تختلف في بعض الأمور مثل شروط العمل العامة، مساحة مكاتب الرفاه، توفر الأجهزة اللازمة لنجاعة العمل، وجود حراسة، دعم الحكم المحلي في إعطاء مستحقات وزيادات أخرى على الأجور." وتشاركهها كنانة الرأي عن التمييز الجندري حيث تقول: "أعتقد أن عملنا بالمجمل كنساء في هذا المجال يجعل تهمشينا مضاعفًا، هذا التمييز الجندري واضح جدًا" ولكنها تختلف معها بالمقارنة مع والوسط اليهودي، فتقول ان المعاناة هي ذاتها، من ناحية أجور، وعنف، ومتطلبات كلّها مشتركة".

وتقاسمها الرأي زيداني حيث تقول: "أنا لا أرى فرقًا بيننا والوسط اليهودي، نحن نعاني من نفس الظروف ولدينا نفس المتطلبات، لذلك المطلوب أن تحترم الدولة وجودنا وتعطينا اعتبارًا، وتقدر العامل الاجتماعي وتلبي متطلباته المشروعة".



البُعد الجندري واضح

تولي إيناس زعبي أهمية كبرى لهذا البُعد فتقول: "في الواقع هذه مهنة تعمل من خلالها النساء بالغالبية المطلقة، وهذا ليس لأن هذا العمل غير مناسب للرجال، إنّما هنالك إقدام أكبر للنساء نحو هذه المهنة، ولذلك هنالك بعد جندري من ناحية الأجور المقدمة والتمييز". وتضيف: "أنا أرى أن المرأة عمليًا مقموعة مجتمعيًا وغير مرئية وتعالج فئات تشاطرها هذا التهميش على صعيد مجتمع ودولة، كعاملات اجتماعيات وكنساء يقدمن خدمات على جميع الأصعدة، لذلك فإنّ هذا التجاهل يحوي الطابع الجندري بالإضافة للفئات التي نتعامل معها وهي مجموعة "غير مغرية" وليسوا رؤوس أموال، ولا أصحاب ملايين، تمامًا مثلنا، ما أعنيه أن هذه الشرائح فقيرة ونحن الّذي نقدم لهم المساعدات أيضًا نعاني من نقص في حقوقنا وفي محاولات لإفقارنا كذلك".

وتعطي إيناس أمثلة من تجربتها الشّخصية مع الفتيات في مجال عملها فتقول: "الملجأ الذي عملت به هو ملجأ وحيد وقطري للفتيات العربيات، وكانت هنالك توجهات لاستقبال فتيات من شماليّ البلاد حتّى أقصى الجنوب، وهنّ بأوضاع اجتماعية صعبة تصاحبها أزمات واضطرابات نفسية معقدة. وتؤكد عشوائية العمل وعدم التنظيم المتّبع بسبب الضّغط فتتابع: "حتّى طريقة انتقاء الفتيات لمثل هذه المؤسسة لم تكن مبنية على أساس برنامج واضح ومرتّب، ما يعني أننا يمكننا استقبال فتاة غير مناسب لها أن تكون تحت سقف هذا الملجأ بسبب الضغوطات التي نتعرض لها".



وبالنّسبة لرؤيتها الحالية للنّضال تقول هناء: "ما أراه أنّ نضالنا هو نضال اجتماعي سياسي يتطلب تكاتف النقابات المختلفة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة النظام الرأسمالي الذي يخدم مصالح ضيقة ولا يرى الجمهور أبدًا".

وتعتقد هناء أنه من أجل الخروج من الأزمة على الحكومة أن تحسّن أجور العمال الاجتماعيين وبشكل فوري، وتحسين شروط العمل، زيادة الملكات، العمل على زيادة الميزانيات لتحسين الخدمات. فيما تؤكّد أن على ما يبدو فإنّ في حالة عدم الاستجابة، "سنستمر بالإضراب وتجنيد الفئات التي نعمل معها من أجل احداث تغيير من خلال حراك اجتماعي فعال".

وتتصوّر كنانة أن هذا النضال سيكون فارقًا، وتقول: "في فترة الكورونا عملنا كثيرًا خاصّة المجالس المحليّة، قمنا بترتيب قوائم للعائلات المحتاجة، وتواصلنا معهم، قمنا بتوزيع طرود غذائية، وساعدنا أطفال في خطر، وذهبنا إلى البيوت، وبسبب الأزمة الحالية، يجب على هذا النّضال أن يأخذ مساحةً أكبر لأننا كنّا في المقدمة على الدوام، وتعبنا وعملنا بشكل جاد وانساني، وإذا استمرّ نضالنا بهذا الشكل آمل أن نصل إلى ما نبتغيه".



إنصاف هذا القطاع لمصلحة المستضعفين

بالإشارة لمتطلبات العاملات تقول كنانة ان هذه المتطلبات "بسيطة وواقعية، مقارنة بما نفعله، نتحدث عن أجور غير محترمة لهذا الجهد، هنالك عاملين يتقاضون أجرًا ما بين الـ5 آلاف والـ6 آلاف شيكل وهم يعملون منذ سنوات طويلة في المجال، وهذا أمر مُعيب ومهين. كما نطلب حماية بسبب العنف الذي ممكن أن نتورط به".

وتعتقد زيداني، الفخورة بعملها وأنها تستطيع تقديم الخدمات للناس، "ان هذا النضال سيكون قويًا، وسنسمع صوتنا، وستعرف الدولة ما يعنيه وجود حالة طارئة ومستعجلة بلا خدماتنا، ولذلك أنا متفائلة، وسيكون لصوتنا أثر. وتؤكد بحبّ جارف أن ما يهمّها هو انقاذ طفل أو شاب من وضع خطر أو من بيئة غير ملائمة لهم، وتقول: "هذا بالنسبة لي دافع جيّد ويمنحني الاكتفاء بمجال عملي، لذا يبغضني أن ليس هنالك من يقدّر تعلّقنا بهذا العمل وشغفنا لتقديم كلّ ما نستطيع وبكلّ عزم وقوّة".

وتعترف إيناس بقوة النضال اليوم، كما أنها تشيد بقدرات رأس الهرم رئيسة النقابة عنبال حرموني وتصفها بأنها "الامرأة قوية الصوت والحضور"، وترى بأنها تتحدث بلا أي تنازلات بدون خضوع وبكلّ وضوح.



وبالنسبة لمتطلبات العامل الاجتماعي تقول إيناس: "الزيادة بالأجر، هي استحقاق طبيعي وليس معيبا ما دام أنه حق"، وتستهجن ما "علّمونا إياه مرارًا بأن نخجل من طلب المال، وأن نتطوع لأجل لكل شيء وبشكل مقدّس وبلا مقابل". وتضيف: "الحراسة المشددة علينا هي أمر إضافي هام بما أننا معرضون للخطر بكل معنى الكلمة، ومع كل تعاطفي مع الحالات التي نتعامل معها هنالك أناس ليس لديهم قدرة على السيطرة على مشاعرهم وغضبهم، وهذا ما يعود علينا بالعنف الشديد منها إطلاق رصاص بسبب عدم فهم ماهيّة عملنا وما يجب أن نقوم به قانونيًا ومهنيًا، كما نطالب بتخفيف الضغط الذي نعاني منه في العمل وتخفيف عدد الملفات التي نتلقاها لنستطيع التعامل مع الحالات بشكل أفضل".