بعد مسيرة نضالية عمالية بدأت منذ 6 سنوات: تحقيق انتصارات في معقل الرأسمالية


جهاد عقل
2018 / 10 / 20 - 13:12     


*حركة "النضال من أجل – 15" تحقق جزءًا من مطلبها برفع أجر الحد الأدنى 15$ للساعة*


الظلم مُكلف!
رافق حملة "النضال من أجل -15" حملة إعلامية هامة، واستحوذت هذه الحملة النضالية على اهتمام أكاديمي، حيث أجريت العديد من الدراسات التي أبرزت أن تلقي العمل مثل هذا الاجر المنخفض يؤدي الى تكليف الميزانية الفدرالية حوالي 7 مليارات دولار تدفع بأشكال مختلفة لكون هؤلاء العمال فقراء. واتضح أيضًا من المعطيات التي نشرت بهذا الخصوص بأن دخل أصحاب شبكات مطاعم الاكل السريع ارتفعت من 6 مليارات دولار العام 1970 الى 200 مليار العام 2015


مقدمة

عندما نرفع شعار الطبقة العاملة "يا عمال العالم إتحدوا" وشعار "وحدتنا قوة لنا"، نعي جيدًا ما تحمله هذه الشعارات من قوة مفولذة، أمام قوى رأس المال محليًا وعالميًا، لأن هذه الوحدة النضالية بإمكانها كسر وإرضاخ العنجهية الرأسمالية مهما بلغ جبروتها، ومهما ترتكز عليه من قوة رأسمالية، عولمية كانت ام محلية .



التحدي العمالي في معقل الرأسمالية
قبل حوالي 6 سنوات أطلق الاتحاد النقابي العمالي لعمال الخدمات SEIU حملة نضالية، تهدف الى رفع أجر الحد الأدنى الى 15 $ للساعة بدلا من 7,25$ كما ينص قانون أجر الحد الأدنى الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
إنطلقت هذه الحملة تحت شعار "النضال من أجل – 15" (15Fight For-) من أجل رفع أجر الحد الأدنى للشرائح العمالية المُستَضعَفة والتي لا يكفي دخلها وفق أجر الحد الأدنى الفدرالي لتكاليف العيش والسكن والمواصلات وغيرها، أي أنهم يعيشون في حالة فقر دائم بالرغم من أنهم يعملون في أعمال خدماتية شاقة وكما صرحت إحدى العاملات في مطار كنيدي مؤخرًا بقولها "أضطر للعمل 16ساعة يوميًا من أجل إعالة أولادي" .
لقي هذا النضال دعمًا جماهيريًا واسعًا بالرغم من أنه انطلق في معقل القوى الرأسمالية – أي الولايات المتحدة الأمريكية .



عمل لائق = أجر لائق

منذ العام 2007 أطلقت الاتحادات النقابية العالمية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، حملة تحت شعار "العمل اللائق" بهدف ضمان شروط عمل لائقة وأجور لائقة، تضمن للعمال إمكانية العيش الكريم لهم ولعائلاتهم وإخراجهم من دائرة "العمال الفقراء" .
إنطلقت حملة "النضال من أجل -15" في مختلف أنحاء الولايات الأمريكية، وتحولت الى حملة شعبية شارك فيها مختلف القطاعات العمالية وجمعيات المجتمع المدني وغيرهم من الناشطين الاجتماعيين وأصبحت حركة نضالية عامة . وكان في طليعتها عمال شبكات مطاعم الوجبات السريعة، وعمال خدمات الرفاه، منهم عاملات رعاية الأطفال، وعمال الخدمات في المطارات وعمال الحراسة والحوانيت والسائقين وعمال محطات الوقود وبذلك تحولت الى حملة ذات مد نقابي – شعبي.
هذه الوحدة العمالية وهذا التشابك النضالي المشترك أديا الى تعاطف جماهيري واسع ومشاركة قطاعات واسعة في الحراك النضالي وتحول شعار الحملة الى شعار عام .



نضال مستمر بدون يأس
واجه منظمو الحملة النضالية القمع والعنف من قبل أصحاب العمل خاصة أصحاب شبكات مطاعم الأكل السريع وغيرهم من القوى الرأسمالية، من خلال تجنيد قوى الأمن والشرطة والاعلام والقيام بحملات مضادة يدعون فيها بأن رفع أجر الحد الأدنى سيؤدي الى خسارتهم وفقدان فرص العمل.
نضال هذه الحركة ومثابرتها والالتفاف الجماهيري حولها تمكن من تحقيق مكاسب مرحلية للعمال في العديد من الولايات الأمريكية،بداية للعاملين في شبكات مطاعم الاكل السريع، برفع أجور العاملين بنسب أعلى من أجر الحد الأدنى تتراوح ما بين 15- 30% بعد قيامهم بالتظاهر أمام مطاعم شبكات الأكل السريع ومشاركة العمال في هذه المظاهرات، كما قاموا بالعديد من الخطوات النضالية التي ترتبط بنضالات تاريخية وتحريك الوعي النضالي التاريخي، مثل المظاهرة الكبرى التي تم تنظيمها في نفس المكان الذي تظاهر فيه الامريكيون بقيادة المناضل مارتن لوثر كينغ في ميدان مدينة ممفيس بولاية تينسي والتي رفع فيها شعار "المساواة بالحقوق" وفي هذه المظاهرة التي جرت اواسط شهر شباط من العام الحالي رفعوا شعار"من أجل العمل اللائق" و"النضال من أجل -15" وشعار"من أجل حرية التنظيم النقابي".
والمطالبة بتبني قانون أجر حد أدنى متطور برفع أجر الساعة على الإطار الفدرالي.



الأرباح من 6 الى 200 مليار دولار..
كما ذكرنا سابقًا رافق حملة "النضال من أجل -15" حملة إعلامية هامة، واستحوذت هذه الحملة النضالية على اهتمام أكاديمي، حيث أجريت العديد من الدراسات التي أبرزت أن تلقي العمل مثل هذا الاجر المنخفض يؤدي الى تكليف الميزانية الفدرالية حوالي 7 مليارات دولار تدفع بأشكال مختلفة لكون هؤلاء العمال فقراء.
واتضح أيضًا من المعطيات التي نشرت بهذا الخصوص بأن دخل أصحاب شبكات مطاعم الاكل السريع ارتفعت من 6 مليارات دولار العام 1970 الى 200 مليار العام 2015 مما يعني أن ارباحهم ارتفعت بشكل كبير بينما بقي العمال لديهم يحصلون على اجور متدنية وتصنيفهم ضمن خانة "العمال الفقراء".



تحقيق إنجاز هام

في ظل تعاظم واتساع الحراك النضالي العمالي المدعوم شعبيًا، وتغلغل شعار"النضال من أجل – 15" في الوعي الجماهيري عامة، وما رافق هذا النضال من مظاهرات وإضرابات عمالية في مختلف الولايات، بدأت تظهر بوادر النصر لهذا النضال في عدد من الولايات الامريكية، وأبرزت هذه الإنجازات (بعد رفع أجور عمل شبكات الاكل السريع) ما تم التوصل اليه مطلع الشهر الحالي من اتفاق بخصوص عمال الخدمات في كبرى المطارات الأمريكية في كل من نيويورك ونيوجيرسي، يشمل هذا الاتفاق رفع أجر الحد الأدني لعمال الخدمات على مختلف مهنهم الى 19 دولارًا للساعة ترفع بشكل تدريجي، يشمل هذا الاتفاق 40 الف عامل في تلك المطارات، بحيث يصل أجر ساعة العمل في الاول من أيلول 2019 الى 15,60دولار وخلال السنوات الاربع القادمة يصبح 19 دولارا للساعة.
لكن الامر الآخر هو اعلان إدارة نيويورك بأنها قررت رفع قانون الاجر الحد الادنى في مطلع السنة القادمة اي 2019 الى 15 دولارًا للساعة وبذلك تكون الحملة قد حققت هدفها في هذه الولاية.
يضاف الى هذا الانجاز أن 18 ولاية قامت برفع أجر الحد الادنى للساعة خلال هذا العام بمبالغ متفاوتة ما بين 10 -13 دولارًا للساعة يكون عدد الولايات التي فيها قانون أجر الحد الأدنى أعلى من الاجر وفق القانون الفيدرالي هو 29 ولاية، مما يزيد من الضغط على الحكومة الفيدرالية لرفع أجر الحد الأدنى القائم اليوم وهو 7,25 دولار للساعة.
من جهتها صرحت النقابية ماري كاي هنري رئيسة اتحاد SEIU عقب رفع اجر الحد الادنى لـ 40 الفا من عمال المطارات في نيويورك الى 15 دولارا: خضنا معركة نضالية مستمرة من أجل رفع أجر الحد الأدنى، ما تم التوصل اليه في هذه المرحلة نعتبره انجازًا هاما للعمال، سنواصل نضالنا حتى نحقق التغيير الكامل الا وهو تغيير قانون اجر الحد الادنى الفدرالي ليصبح 15 دولارًا بدلًا من 7,25 دولار اليوم، وبذلك نضمن الحد الادنى من العيش الكريم لملايين العمال ممن يعتاشون من هذا الاجر اليوم.