رؤية نقابي حول مشروع التنظيم النقابي العمالي - فلسطين


سلامه ابو زعيتر
2016 / 10 / 29 - 23:23     

بسم الله الرحمن الرحيم
29/10/2016

رؤية نقابي حول مشروع التنظيم النقابي العمالي....
• د. سلامه محمود ابو زعيتر
عند الحديث عن إعداد مشروع للتنظيم النقابي من باب التذكير؛ يجب أن لا نغفل عن التطور التاريخي للعملية التي تناولت نفس الفكرة والمشروع، بهدف الاستفادة من التجارب السابقة، حيث تم خلالها إعداد مجموعة مسودات مروراً من وزارة العمل الفلسطينية، وثم اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي السابق، ومسودات قدمتها شخصيات ومؤسسات مهتمة وآخرها مشروع اتفق عليه الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ووزارة العمل عام 2006، وقد تم إعداده بتمثيل كل الشركاء في ديوان الفتوى والتشريع في حينه.
ولقد تعدت العشرة مسودات ومشاريع لقانون التنظيم النقابي، والتي كان على معظمها اختلافات، وصلت لإلغاء كامل لبعضها، وأخرى قد عرضها على المجلس التشريعي مرورا بأكثر من قراءة، وكانت المعضلة والمشكلة الرئيسية هي التداخلات في كل مسودة وعدم التناغم في بناء المشروع، والخلط بين الفئات وعدم الوضوح، مما خلق حالة من السجال والاجتهاد وطرح الافكار البنيوية والتي كان أخرها الاتفاق مع كل الاطراف ذات العلاقة على بناء مشروع قانون للتنظيم النقابي يتضمن التوجهات التالية:
- أن يكون مشروع القانون مخصص للنقابات العمالية ويتضمن محددات عامة، وأن يتم اعداد مشروع أخر لأصحاب العمل، ومشروع قانون ينظم كل نقابة مهنية، حيث رفضت كل من الفئات العمالية والمهنية وأصحاب العمل سابقا أن يجمعها قانون موحد لخصوصية كل فئة منهم.
- ضرورة أن يقوم مشروع قانون النقابات العمالية على مبادئ وأسس تكفل الحريات النقابية بما يتناسب واتفاقيات العمل الدولية والعربية والتوصيات ذات العلاقة، وخاصة اتفاقيتي عمل 98-87 وغيرها.
- ضرورة أن تكون اللجنة النقابية أساس وحجر الزاوية للبنيان النقابي، وتشكل وتبني على أساس الوحدة، بحيث لا يكون أكثر من لجنة نقابية في بيئة العمل الواحدة او المنطقة.
- ضرورة الاتفاق مسبقا على طبيعة البنيان النقابي هل سيكون على أساس وحدة الحركة العمالية أو على أساس التعددية النقابية ؟؟؟!!! وذلك بعد أن يتم عمل دراسة معمقة للبيئة الفلسطينية، واختيار الشكل الانسب بما يحقق مصالح العمال، أو اختيار نموذج مختلط يضمن وحدة المستوى الادنى وتعددية في المستويات الاعلى لخلق حالة من التنافس في الخدمات المقدمة للعمال، مع ضمان أن تكون المستويات النقابية (لجنة عمالية- نقابة محافظة- نقابة عامة - نقابة وطنية - اتحاد نقابات أو اتحادات).
- أن يقوم تشكيل وبناء النقابات العمالية على أساس قطاعي، وفق النشاط الاقتصادي الغالب للقطاع الانتاجي لمنشأة ومؤسسة العمل، بما يتوافق مع التصنيف النقابي المهني العربي على الاقل.
- أن يتضمن مشروع قانون النقابات العمالية، تحديد شروط العضوية للعمال وفق تصنيفاتهم بغض النظر عن جهة التشغيل سواء كانت قطاع خاص أو عام أو أهلي، وذلك حسب التعريف القانوني للعامل، ووفق معادلة علاقات العمل بين طرفي التشغيل مع استثناء المشغل أو من هو بحكمه أو يمثله، وخاصة الإدارة العليا والإشرافية في الوظيفة الحكومية من مدير عام وما فوق .
- من المهم أن يتم توضيح اليات واجراءات التشكيل، بما يكفل الحق للعمال بتكوين نقاباتهم بدون تدخل من أي جهة حكومية، وفق إرادة العمال المؤسسين، وخاصة اثناء عملية التشكيل والتكوين بحيث أن تقوم على أساس الايداع أو التسجيل بما يحافظ على الاستقلالية للنقابات ولا يعرقل العمل والانطلاق لخدمة العمال.
- ضرورة التأكيد على الاتفاق السابق، بأن يتضمن مشروع القانون للنقابات العمالية، مواد تضمن التمييز الايجابي لتمثيل المرأة والشباب وفق التجربة السابقة على نظام الكوته، بما يتفق مع القوانين وقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وقانون الانتخابات للهيئات المحلية والعامة وغيرها من قوانين فلسطينية.
- من المهم والضروري أن ينظم مشروع قانون النقابات العمالية العمليات الديمقراطية والانتخابات في النقابات العمالية، وفق قاعدة التمثيل النسبي الكامل، بما يساهم في توسيع قاعدة المشاركة والتمثيل من الجميع .
- بعد دراسات معمقة لكفالة وكفاءة استمرار العمل النقابي، من الضرورة أن ينظم مشروع القانون، موضوع التفرغ النقابي بما يكفل استمراريته والحفاظ على حرية العمل واستقلاليته النقابية، وبما يحاكي التجربة الدولية في مستويات التفرغ النقابي ودعم ديمومته.
خلاصة القول إذا ما تناغم مشروع قانون النقابات العمالية، مع تطلعات وآمال العمال والحركة النقابية العمالية، وبما يكفل الحريات ويضمن أسس العمل النقابي الحر والسليم وهي: الاستقلالية والديمقراطية والجماهيرية، وبما يؤسس لحركة نقابية شريكة في رسم السياسات العمالية والوطنية، وبما يساهم في مواجهة التحديات والمشاكل العملية بطرق تقدمية وحديثة تعبر عن مصالح والعمال، وتستطيع أن تمثلهم بشكل حقيقي، بما يتناسب مع المتغيرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، سيتم وأده في المهد ورفضه، ولن يجد من يطبقه أو يلتزم به؟!! كما حدث مع بعض التشريعات التي تصادمت مع الثقافة المجتمعية، وطبيعة الحاجة الوطنية مع ذوي العلاقة والمصلحة، خاصة في ظل تنامي مستويات البطالة، والتي تشكل حالة من الضغط على النقابات العمالية، برغم الضرورة الملحة لأهمية وجود حركة نقابية فاعلة وقادرة على القيام بواجباتها، انسجاما مع مبررات وجودها، وبما يمنحها القوة التأثيرية للضغط وتحقيق مكاسب ومنافع للعمال، حيث أن النقابات العمالية تزدهر وتنشط في بيئة مستقرة اقتصاديا، وهنا تكون بأحسن أحوالها، وتضعف بظروف أخرى مثل: انعكاس وتأثير قانون العرض والطلب الاقتصادي، وارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل، على قدرتها بالقيام بدورها ومهامها بشكل فعال وقوي، وهذا يدعو لوجود قانون للنقابات العمالية عصري ومدني ومتفق عليه يصلح للتطبيق على الواقع الفلسطيني، ويحافظ على الامتداد التاريخي للحركة النقابية العمالية الفلسطينية ودورها الطليعي، والتي تعتبر أحد أهم أعمدة العمل المدني والاجتماعي والنضالي في فلسطين.
عاشت نضالات الحركة النقابية والعمالية
نعم لقانون للنقابات العمالية عصرية ومدني ديمقراطي
• عضو الامانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين