في الموقف من نقابة التعليم الإبتدائي و متابعة لمقررات هيئتها الإدارية الأخيرة


بشير الحامدي
2016 / 7 / 20 - 22:03     

في الموقف من نقابة التعليم الإبتدائي و متابعة لمقررات هيئتها الإدارية الأخيرة
نقابة التعليم الابتدائي ومن حسن حظها أنها في أشهرها الأخيرة وسوف لن نبقى كثيرا ننتظر نهاية رحلة موتها البطيء.
أمر انتهاء نقابة التعليم الابتدائي لم يعد بخاف على منتسبي القطاع ولا على الرأي العام ولا على كل مراقب نزيه.
لم يعد هناك من كلام كثير يقال لهيكل أثبت في كل المحطات أنه هيكل ليس في حجم المسؤولية المفروض أن يكون عليها. هيكل نقابي لقطاع مناضل تاريخيا ومستهدف منذ سنوات وتحديدا في السنوات الأخيرة بالهرسلة لتمرير مشروع في التعليم معاد لحقوق الأغلبية من التونسيين و أبنائهم.
لم يعد جائزا نضاليا و أخلاقيا لأي هيكل يدعي تمثيل المعلمين التونسيين والدفاع عنهم نقابيا كان أو جمعياتيا أن لا يكون له موقف معارض لما يخطط لقطاع التعليم من سياسات معادية للأغلبية ومما يراد تثبيته باسم الإصلاح. كما لم يعد جائزا أيضا في القطاع أن لا تتوسع قاعدة المشاركة في أخذ القرار قطاعيا و أن تواصل مجموعات قليلة أو أنفار معدودون باسم التمثيلية احتكار القرار القطاعي والتفريط فيه وإبرام اتفاقيات مع الوزارة لا تراعي حقوق المعلمين ولا حقوق المتعلمين ولا المؤسسة التعليمية اتفاقيات تبرم في إطار صفات سياسية مشبوهة لصالح هذا الوزير أو ذاك البيروقراطي الكبير أو تلك الحكومة.
قطاع التعليم الابتدائي يتعرض منذ ما يقارب العقدين أي منذ تبني نظام تعليم الكفايات إلى هجمة غير مسبوقة تاريخيا من أجل إنهائه كقطاع عمومي مجاني محمول أمر تمويله على الدولة. هجمة تستهدف وعبر مراحل تحويل التعليم إلى مجرد خدمة للقادرين عليها يقدمها رأس المال عبر منشآت تعليمية خاصة بكل مرحلة من مراحل التعليم.
هذه إذن هي القضية الكبرى التي تتمفصل حولها كل القضايا الجزئية والتفصيلية الأخرى التي يتخبط فيها قطاع التعليم الابتدائي اليوم والتي للأسف لم تهتم بها النقابات ولم توليها ما تستحق من العناية ولم توضع لها الاستراتيجيات المضادة. لذلك فنقابات لا ينبني وجودها على إستراتيجية معارضة للمشروع الذي يستهدف القطاع الذي تمثله لا يمكن تاريخيا لها أن تستمر وستموت حتما كجسم معبر عن القطاع ومرتبط به بمفعول افتقارها لأسباب وجود فعلية وهو حال نقابة التعليم الابتدائي وعديد النقابات الأخرى للأسف في الاتحاد العام التونسي للشغل.
هو هكذا الواقع واقع الصراع في هذا الطور من تاريخ رأس المال .
ماكينة رأس المال استوعبت أغلب الهيئات التي ولدت من رحمها أو طبعتها بطابعها أو ولدت قريبة من دائرتها.
ماكينة رأس المال في طور أزمتها الراهنة وضعت الجميع في مواجهة نفسه ومن لم يكن قادرا على البقاء انهار و رفع الراية وارتبط.
هذا هو الصراع وهذا هو الواقع ومن لا يمتلك قدرة على المقاومة سيرتبط ويضمر ثم يضمحل .
تاريخ الاشتراكية الديمقراطية ونقاباتها دليل .
تاريخ الشيوعية الأوروبية ونقاباتها دليل.
تاريخ الستالينية ونقاباتها دليل .
تاريخ البيروقراطيات النقابية دليل.
لا ينجو ولن ينجوَ سوى الذي يمتلك استراتيجيات مضادة ومستقلة ومقاومة .
هذا هو الشرط اليوم لكل ممارسة نضال.
وللأسف فنقابة التعليم الابتدائي وكما لم تمتلك إستراتيجية مضادة لنظام تعليم الكفايات ولم يكن لها مشروع خاص مضاد لمشروع الفشل هذا لم تمتلك أيضا تقييما علميا وخاصا لفشل هذا النظام وبالتالي وعمليا وجدت نفسها تتبنى استراتيجيات السلطة أي استراتيجيات من تدعي أنها تعارضه وهو سقوط مدو لا قرار له وهو سبب كل مآزقها الراهنة في علاقة بمطالب المعلمين وفي علاقة بما يسمى الإصلاح التربوي.
نقابة التعليم الابتدائي منذ محمد الطرابلسي[1] تحولت إلى نقابة مشاركة وبذلك انتهت عمليا عاجزة أمام مكتب بيروقراطي مركزي كان دائما فاسدا ومتحالفا مع السلطة و عاجزة أيضا أمام حكومة ووزارة تعرف من أين تضغط عليها وتمسكها لذلك رأيناها عديد المرات شريكة في كثير من قضايا الفساد والمحسوبية ورأيناها تبيع وتشتري أثناء الحركة المراكز الشاغرة ورأيناها ضالعة في صفقات تشغيل النواب ورأيناها تبرم الاتفاقيات التفريطية دون العودة للمنتسبين ورأيناها ترحّلُ الملفات القطاعية للبيروقراطي الكبير يضغط بها على الحكومة ... لقد تحولت بكل هذا إلى نقابة فاقدة لأي مصداقية ولأي آلية حقيقية لضمان سيادة المعلمين على قرارهم.
نقابة التعليم الابتدائي بكل هذا لم تكن عمليا قادرة على إدارة المعركة ضد وزارة التربية ومنذ ما قبل عهد ناجي حلول . القطاع وتحديدا من سنة 2014 كان يخوض معركته دون قيادة قادرة على كسب المعارك وقد تجلى ذلك في الهزيمة المدوية و الانسحاب من الميدان والذي مثلته قرارات الهيئة الإدارية التي رفضت مقاطعة السنة الدراسية 2015 وعوضتها بيومي إضراب وصولا لاتفاقية 5 ديسمبر التفريطية المخزية التي توجت مسار الهزيمة والتفريط هذا .
نقابة التعليم الابتدائي وعمليا لم يعد بمقدورها التقديم للقطاع إنها ستبقى تراوح هنا وهناك بين ضغط قاعدة القطاع التي وعى جزء عريض منها عجزها الذي وضحناه وعدم قدرتها على الدفاع عن مطالب القطاع ـ هذا الجزء لن يبقى مكتوف الأيدي بل سيقاوم وسيتصدى بما أمكن ـ وبين التزامات المكتب المركزي البيروقراطي مع الحكومة وهجوم الوزارة والحكومة لتمرير جملة القرارت المتعلقة سواء بما يسمى إصلاح التعليم أو بسياسية التقشف وعدم التفاوض في المطالب ذات المفعول المادي أو بمراجعة نظام التقاعد. لذلك فقرارات الهيئة الإدارية للتعليم الابتدائي التي انعقدت يوم 18 جويلية 2016 قرارات لا يفهم منها سوى أنها أحد نتائج هذا الواقع وهذا الضغط . ففي الوقت الذي كان فيه المعلمون ينتظرون إعلان خطة نضالية تقطع مع مسار التفريط وتبدأ في التعبئة لفرض مطالب القطاع. قرارات تتجاوز أفق اتفاقية 5 ديسمبر التفريطية وتقطع مع سياسة المهادنة مع للوزارة . قرارات تعيد ترتيب مطالب القطاع وتسمح بالبدء في التعبئة لتحقيقها عبر أشكال نضال مقاومة قادرة على وقف استهتار الوزارة والوزير بالقطاع. قرارات تقول لا للإصلاح الفوقي المسقط ـ لا لمراجعة نظام التقاعد ـ من أجل سحب اتفاقية 6 أفريل على حاملي الأستاذية العاملين في المدارس الابتدائية ـ من أجل ترسيم المعلمين النواب ـ من أجل منحة نهاية الخدمة ـ رفض مجلس المؤسسة ـ فرض الفصل 35 ـ رفض سياسة التشغيل الهش في القطاع ووو ولكن لا شيء من ذلك تحقق بل وقع الإعلان عن قرارت فضفاضة خارجة عن السياق انتظارية مؤجلة قد تعصف بها جلسة يطلبها الوزير مع النقابة أو تدخل لكبير البيروقراطيين تماشيا مع دوره كأحد الممضين على "وثيقة قرطاج المتعلقة باولويات حكومة الوحدة الوطنية.
نقابة التعليم الابتدائي وهيئتها الإدارية لا تستحقان حتى كفن.
ــــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
20 جويلية 2016