المغرب: هل يساهم إضراب 24 فبراير في إرساء دعائم الوحدة العمّالية ؟


مرتضى العبيدي
2016 / 2 / 22 - 20:30     

كنا أشرنا في مقال سابق (انظر صوت الشعب عدد 194، بتاريخ 30 جانفي 2016) إلى الاعتصام الذي نظمته النقابات المغربية أمام قبة البرلمان يوم 12 يناير من السنة الجارية للتنديد بمشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة بخصوص "إصلاح" منظومة التقاعد والذي أثار حفيظة الأجراء بمختلف أصنافهم وشرائحهم لما فيه من ظلم وحيف.وأشرنا إلى الخطوات النضالية التي أقرّتها المركزيات النقابية ومن بينها الإضراب العام.
وهو ما قررته الهيئات التنفيذية للمركزيات الأربعة في اجتماعها ليوم الثلاثاء 9 فبراير 2016 ، بالمقر المركزي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أي تنظيم إضراب عام وطني في القطاع الخاص والعام، والمؤسسات العمومية والشبه عمومية والخدماتية، والجماعات المحلية، وكل القطاعات المهنية. إذ هي اعتبرت بما لا يدع مجالا للشك أنّ ما يوحّد النقابيين رغم اختلاف انتمائهم لهذه المركزية أو تلك أكبر بكثير ممّا يفرّقهم. كما أنّه إزاء الهجمة الشرسة على لقمة الكادحين والتي يقودها ائتلاف الطبقات الحاكمة بصفوف موحّدة تحت راية حكومة بنكيران زعيم "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي والتي يشارك فيها "حزب التقدم والاشتراكية" المحسوب على اليسار، فإنّ جواب الطبقة العاملة وعموم الكادحين لن يكون مجديا إن لم يكن موحّدا. لذلك فإن الإعلان من قبل المركزيات الأربعة على تنظيم إضراب عام مشترك في الرابع والعشرين من الشهر الجاري يُعتبر خطوة نوعية على طريق إرساء الوحدة العمالية المنشودة، رحبت بها جميع القوى التقدمية في المغرب الشقيق، مثلما جاء في بيان الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي الصادر في يوم 13 فبراير الجاري، إذ نقرأ فيه: " تثمن (الكتابة الوطنية) قرار المركزيات النقابية الأربعة (الامش+ الكدش+ الفدش+ الاعشم) بخوض إضراب عام وطني شامل يوم الأربعاء 24 فبراير الجاري وتدعو كافة أنصار الطبقة العاملة وعموم الشغيلة إلى المساهمة في التعبئة من أجل إنجاح هذه المحطة الهامة. كما تدعو إلى التقاط اللحظة بجعل هذا الإضراب الوحدوي مناسبة لتطوير التنسيق النقابي عبر إعطائه بعدا محليا وقطاعيا وتوسيعه ليشمل مختلف الحركات الاجتماعية المناضلة وإطلاق بالتالي دينامية نضالية واسعة وحدها الكفيلة بردع الهجوم المعادي للشغيلة وعموم الفئات الشعبية الكادحة. "
والواقع أن الأوضاع الاجتماعية في المغرب شهدت تدهورا مفزعا مع وصول هذا الائتلاف الحاكم للسلطة إذ هو كثف ـ تحت مسمّيات "الإصلاح" ـ من وتيرة الاستغلال والتراجع حتى عن المكتسبات التي فرضتها الحركة العمالية والنقابية بالنضالات المريرة، وكانت حركة 20 فبراير لعبت دورا رياديا في ترسيخها بل وفي انتزاع بعض المكاسب الجديدة اضطرّت الحكومة للتسليم بها سعيا منها للالتفاف على ذلك البركان الهادر. لكن ما أن هدأت العاصفة حتى سارعت إلى سنّ القوانين المقنّنة للاستغلال والمضيّقة على الحريات النقابية والماسّة بلقمة عيش الكادحين والمجرّمة للاحتجاجات الاجتماعية. فكانت النتيجة تعميم أشكال الشغل الهش والتقليص في الانتداب في القطاع العمومي وإطلاق أيادي الرأسماليين ليستبيحوا عرق العمال و قوّة عملهم حسب قوانين العرض والطلب في سوق تتضاعف فيه سنويا أعداد المعطلين عن العمل خاصّة من بين الحاصلين على شهادات جامعية.
وهو ما يفسّر شمولية لائحة المطالب التي تقدمت بها النقابات وهي تستعدّ لخوض هذه المعركة الجديدة تحت شعار الوحدة العمّالية. إذ تضمّن الـ "نداء إلى الطبقة العاملة المغربية وعموم الجماهير الشعبية" المطالب التالية:
ـ وضع حد لضرب القدرة الشرائية لعموم الشعب المغربي.
ـ الزيادة في الأجور وتطبيق السلم المتحرك والزيادة في معاشات المتقاعدين.
ـ تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 ابريل 2011: (إحداث درجة جديدة، التعويض عن العمل في المناطق النائية، توحيد الحد الأدنى للأجر بين القطاع الصناعي والفلاحي.)
ـ تعميم الحماية الاجتماعية على سائقي سيارات الأجرة والنقل الطرقي.
ـ تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور وعن التجار والحرفيين وإقرار نظام جبائي عادل.
ـ التراجع عن المقاربة المقياسية والمحاسبتية لملف التقاعد وإقرار إصلاح شامل وعادل لمنظومة التقاعد.
ـ فرض احترام مقتضيات مدونة الشغل والقوانين الاجتماعية من ضمان اجتماعي وغيره.
ـ تلبية المطالب القطاعية والفئوية، والمعالجة الفورية لملف الأساتذة المتدربين والطلبة الأطباء، والمتصرفين والتقنيين والمهندسين، وكل الفئات المتضرّرة...
ـ النهوض بأوضاع المرأة العاملة والمرأة عموما.
ـ إحداث قانون أساسي لموظفي الجماعات الترابية، وإدماج المجازين وإحداث مؤسسة اجتماعية.
ـ سنّ سياسة اجتماعية لمعالجة ظاهرة البطالة، وتشغيل حاملي الشهادات، ووضع حدّ للعمل الهش.
ـ وضع حدّ لاستمرار مسلسل انتهاك الحريات العامة والحريات النقابية. وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والتصديق على الاتفاقية الدولية 87 الخاصة بالحرية النقابية.
إنّ هذا الإضراب الذي يُخاض في كنف الوحدة من شأنه أن يبرز للعمال أهمية التضامن الطبقي وكذلك أهمية التعاون بين مختلف حركات النضال الاجتماعي، وقد يكون لبنة في بناء جبهة عمّالية تشكّل بدورها الحلقة الرئيسية في صرح جبهة شعبية أشمل تضع في حسبانها تكتيل جهود كل القوى التقدمية والشعبية التي بإمكانها بهده الصفة أن تقف في وجه القوى الرجعية المهيمنة وأن تشكّل بديلا جديا وواقعيا لها.