الحركه العماليه الفلسطينية :بين الواقع والدور المنتظر (2-3)


محمود خليفه
2016 / 1 / 16 - 15:11     

وفي الثورة الفلسطينية المعاصره ،فقد لعبت الطبقة العاملة الفلسطينية ومنذ منتصف الستينيات وحتى اليوم دورا كبيرا في الانخراط والدفاع عن الثورة ومنظمة التحرير ،وفي المشاركة الفاعلة في معارك الدفاع عن الثوابت الفلسطينية وعن المنظمة ،وتصدت لمجموع مؤامرات التصفية للمنظمة ولحصارها ،وقاومت محاولات جبهة الاعداء الرامية لفرض حل تصفوي للقضية الفلسطينية ،واعادة طمس والغاء الشخصية الوطنية المستقله .وشكل العمال من ابناء المخيمات وحركة اللجوء والدفاع عن حق العودة ،وكذلك العمال من ابناء الارياف والبوادي الفلسطينية ،والطلبة والمهنيين من ابناء العمال والفقراء الفلسطينيين ،النسبة الغالبة من هياكل وقواعد وتشكيلات المنظمة بقواتها العسكرية ومنظمات المليشيا والاطر والمنظمات الشعبية .وانعكس هذا التشكيل على الحجم الكبير للشهداء وللجرحى والاسرى وفي مفاصل ومراحل البدايات وعموم المواقع في الاردن وفي سوريا ولبنان وحتى في الجزء المتاح من الوطن بعد اتفاقات اوسلو .
وشكل الاتحاد العام لعمال فلسطين الاطار الجامع للحركة العمالية عند اعادة تاسيسه وتشكيله الجديد في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي .وبنى فروعه في الاردن وسوريا ولبنان وعدد اخر من البلدان العربية حيث يتواجد ويعمل الفلسطينيون في الخليج وفي بلدان المغرب العربي .كما شكل العديد من اللجان التحضيرية وانوية الفروع العمالية في بلدان اللجوء الاوروبية والامركتين وكندا واستراليا وغيرها .ولعب دورا هاما ومتميزا في علاقاته العربية والدولية واكتسب العديد من الاصدقاء ومن مواقف الدعم والتاييد للحقوق الوطنية المشروعة والثوابت الوطنية الفلسطينية في العودة وفي الاستقلال وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ،وفق قرارات الشرعية الدولية .وعلى قاعدة البرنامج الوطني الفلسطيني المرحلي وما اصطلح على تسميته مجازا ببرنامج النقاط العشر والذي كان للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين شرف طرحه والنضال من اجل الدفاع عنه وتثبيته في الساحة الفلسطينية والعربية وفي العلاقة مع حركة التحرر العالمي واجمع عليه المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشره عام 1979 من القرن الماضي .كان لهذا البرنامج بجوهره وبما نص عليه وحدد من مهمات نضالية لكل تجمع من تجمعات الشعب الفلسطيني بما في ذلك التجمع الرئيسي له داخل الوطن المحتل في الضفة وغزه والمحتل عام 1948 ،والذي يشكل نصف مجموع الشعب الفلسطيني تقريبا .الور الرئيسي في نهوض الحركة العمالية وبروز الحركة النقابية داخل الوطن في النصف الثاني من السبعينيات ،فظهر مئات النقابات العمالية الفرعية وعشرات النقابات الوطنية والعامه وعدد من الاتحادات العمالية العامه .
لقد لعب هذا الوضع العمالي الناهض والواسع والمنتشر داخل الوطن وخارجه ،والذي عبر عن نفسه ببناء عدد كبير من فروع ولجان الاتحاد العام لعمال فلسطين ، في الخارج ،وبتشكيل وبناء الحركة النقابية الفلسطينية في الداخل ،دورا نضاليا هاما على الصعيدين السياسي الوطني والاجتماعي النقابي .ومكن من ان يلعب العمال جزءا من دورهم القيادي في النضال الوطني ،وفي التاثير على القرار الفلسطيني الرسمي لمنظمة التحرير ولكسب الاصوات والمواقف المؤيدة والداعمة للنضال الفلسطيني العادل ،وتبوا العمال مواقع قياديه في الاتحادات العربية والاقليمية والدولية ،استحقت الاحترام والثناء .
لقد رافق ايجابيات النهوض العمالي الفلسطيني بجناحيه في الخارج الفلسطيني والدخل وداخل الداخل نسلبيات ومشكلات بنائيه وبنيويه ،حدت من استمرار التقدم والتطور نوحملت في طياتها بذور التراجع والنكوص .
فتغليب الجانب السياسي الوطني والدعاوي الشعاراتي وتغييب لجانب النقابي الاجتماعي والحقوق والمصالح العمالية الفردية والجماعية ،في فروع ومنظمات الاتحاد العام لعمال فلسطين في الخارج ،وبالرغم من التباينات والخصوصيات بين هذه الفروع والمنظمات .قد حد من امكانية الحفاظ على الفروع وضمان تطورها وتوسعها واداء دورها تجاه قواعدها وتجاه القضية الوطنيه .كما ان بروز نزعة التفرد والاستحواذ ورفض التعددية و خلل التحالفات بين الاطراف العمالية الموجودة في الساحات والفروع والاقاليم المختلفة ،والتفرد والانفراد والسلبطه ،ورفض الطرف المتحكم بالاتحاد لقانون التمثيل النسبي كوسيلة من وسائل الاحتكام الديمقراطي لحل التعارضات والاختلافات وضمان الوحدة الوطنية والعمالية في نفس الوقت ،عدا عن بروز العديد من اشكاليات وسلبيات الخلافات السياسية والانقسامات السياسية واثرها السلبي على وحدة الحركة العماليه .وهذا ما ادى بدوره الى تغييب الديمقراطية وعدم عقد المؤتمرات وتابيد القيادات العمالية التاريخية وتحكم الافراد المعتمدين من قبل القيادة المؤبدة لنفسها على راس هذا الفرع او ذاك .ونجا من هذا المحذور فرع لبنان للاتحاد العمال لنقابات عمال فلسطين الذي حافظ نسبيا على اطره وهياكله ومنظماته القاعدية ولا زال وحيدا من بين منظمات الخارج للاتحاد العام لعمال فلسطين .
وفي داخل الوطن في الضفة وغزه فقد تحول النهوض العمالي وبناء وتشكيل النقابات الى عبء على المجتمع والحركة العمالية نفسها بعد ان برزت مشكلة التوازي والتنافس السلبي الفئوي غير المشروع ،مما ادى احيانا الى اعلان تشكيل 3-5 نقابات فرعيه للخدمات او للبناء او للزراعه في موقع جغرافي او قرية صغيره لا تحتمل اكثر من نقابة فرعية واحده .كما عانت النقابات من غياب الديمقراطية الداخلية ومعاييرها التنظيمية والبرنامجية ،ومن غياب الهيئات الادارية وعدم ثبات الهيئات العامه ،ومن غياب البرامج والنشاطات النقابية والاقتصار على نشاطات سياسية وفئوية ،وتحولت النقابات عموما الى واجهات سياسية لاحزاب ولقوى سياسيه محدده ومعروفه ،وتشكل في الضفة وحدها اربع اتحادات عمالية عامه وثلاثه في غزه عدا عن المراكز والهيئات الاهلية العمالية والمراكز المتخصصة
لقد ادى هذان العاملان في الخارج والداخل الى اضعاف الدور النقابي للحركة العمالية تجاه عمال فلسطين ،والى تبهيت وخبو الدور الوطني وعامل التاثير في القرار السياسي الفلسطيني ،مما همش الحالة العمالية برمتها ،واضعف نموها ،وحد من تطورها ،واغلق الافاق امام نهوضها .مما ترك اثارا سلبية بالغة التاثير ،حصدت الحركة العمالية نفسها ولا زالت نتاجه المر ،على ابواب اوسلو وما بعد اوسلو ولا زالت تحصد النتاج المر له ،حتى اليوم .فبالرغم من دور عمال فلسطين داخل الوطن في المشاركة الفاعلة والطليعية والقيادية والبسالة في الانتفاضه الجماهيرية الشعبية الكبرى 1987-1993.وبالرغم من حظر الاحتلال للنقابات وعضويتها والاعتقال للنقابيين والناشطين واحكام الابعاد والملاحقة لهم ،وبالرغم من اعتقال الالاف وابعاد المئات وقتل العشرات من الكوادر العمالية والنقابيه ،فلم تتمكن الحركة العمالية من الحفاظ على دورها وعلى مكانتها الاجتماعية والوطنية ،ووصلت اتفاقات اوسلو منهكة ومهمشة وبلا قدرة على الفعل
يتبع........(3-3)