جريمة الدولة المغربية في حق الأساتذة المتدربين سيكون لها ما بعدها


عبد الكريم اوبجا
2016 / 1 / 9 - 06:58     

لا يمكن وصف ما أقدمت عليه الدولة المغربية في مجموعة من المدن (انزكان، مراكش، الدار البيضاء ...) من قمع همجي و تنكيل و تهشيم لعظام الأساتذة المتدربين، يوم الخميس الأسود 07 يناير 2016، إلا بجريمة شنعاء يجرمها القانون الدولي و الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان و كذا مقتضيات الدستور المغربي الممنوح.

إن هذا القمع الهمجي ليس بنزوة عابرة لمسؤولين أمنيين يتصرفون من تلقاء أنفسهم، و ليس معلقا في السماء، بل له أساس مادي يستند إليه، إنها الأزمة الخانقة التي تعيشها منظومة الفساد و الاستبداد بالمغرب. و الإجابة الوحيدة حاليا لدى الدولة المغربية هي "العصى الغليظة" لكل الحركات الاحتجاجية المطالبة بحقوقها العادلة و المشروعة.

فالدولة غارقة إلى أنفها في المديونية، حيث بلغ حجم الديون العمومية المغربية 750 مليار درهم (81,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام)، و بلغت خدمة الدين العمومي الإجمالي 158 مليار درهم سنويا بما يعادل نصف الميزانية العامة للدولة (317 مليار درهم برسم سنة 2016) و ثلاث مرات و نصف ميزانية التعليم (46 مليار درهم) و أكثر من 11 مرة ميزانية الصحة (14 مليار درهم)، مما ينذر بإفلاس وشيك قدره المحللون الإقتصاديون في أفق 2020.

و كي لا تعلن الدولة المغربية عن إفلاسها الوشيك، و استجابة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية (البنك العالمي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية)، أخذت تطبق إجراءات تخريبية و تسميها "إصلاحا" (مرسومي التنقيط و الترسيم، المغادرة الطوعية، إعادة انتشار الموظفين، إلغاء الترقية بالاختيار و الترقية بالشهادات، الاقتطاع من أجور المضربين/ات، التدبير المفوض، رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية، قوانين مالية تقشفية، الإجهاز على صندوق المقاصة، الزيادة في سن التقاعد و رفع نسبة الاقتطاع و تقليص المعاش، ضرب الطابع العمومي و المجاني للتعليم و الصحة، تقليص التشغيل، الإجهاز على الوظيفة العمومية و القطاع العام، فصل التكوين عن التوظيف...).

و ما تقدم عليه الدولة من هجوم كاسح على الحقوق و المكتسبات، لن يتأتى لها إلا بمزاوجته بسياسة القمع و "الهراوات" لمنع تبلور أي مقاومة شعبية لقرارات الدولة اللاشعبية، و بتحييد النقابات العمالية و جعلها تخدم أجندات الدولة لا مصلحة الطبقات الشعبية.

و بالعودة إلى قضية الأساتذة المتدربين، فالطامة التي تحل بهم هي جزء من هذا المسلسل المحبوك والمفضوح، و انتصارهم رهين أولا بصمودهم و تكاثف حملات التضامن الميداني معهم، و ثانيا بتبني الإطارات النقابية المكافحة لمطالب الأساتذة المتدربين و الإعلان عن إضرابات ومسيرات وطنية في أفق الإضراب العام الشامل، و ثالثا ببناء جبهة اجتماعية للدفاع عن المدرسة العمومی-;---;-----;---ة وضد "الإصلاحات" التدمی-;---;-----;---ری-;---;-----;---ة للوظی-;---;-----;---فة العمومی-;---;-----;---ة تضم كافة المعنی-;---;-----;---ی-;---;-----;---ن بمصی-;---;-----;---ر كادحي ھذا الوطن من تلامی-;---;-----;---ذ وطلبة ومعطلی-;---;-----;---ن و نقابات مكافحة ومنظمات حقوقية وأحزاب و تيارات حاملة لھم الجماھی-;---;-----;---ر.

أما عن سياسة القمع و "العصى الغليظة" فسيكون لها ما بعدها، حيث سيتكسر حاجز الخوف لدى الأساتذة المتدربين و يتضاعف وعيهم بقضيتهم العادلة، و تلتحم معهم الجماهير في إطار جبهة اجتماعية موحدة، فالنصر آت لا محالة.

ع.الكريم اوبجا، عضو اللجنة الإدارية للجامعة الوطنية للتعليم FNE التوجه الديمقراطي