يا عمال العالم قبلوا يد السيد وصلوا وراء الشيخ.


عباس علي العلي
2015 / 3 / 14 - 22:42     



عرف العراق التنظيم النقابي العمالي منذ بداية ثلاثنيات القرن الماضي بشكل أو بأخر حتى نضجت التجربة النقابية وتحول العمل إلى تكوين قوة أجتماعية منظمة وضاغطة وقادرة في أحيان كثيرة على ممارسة دورها كواحدة من أهم صور النضال الوطني في مواجهة السلطة وأنتصارا لقضايا المجتمع والوطن ناهيك عن الدور لأساسي المناط بالعمل النقابي من تمثيل حقيقي لمصالح منتسبيها , وظل هذا النهج متواصلا إلى منتصف السبعيات من القرن المنصرم حين تجيرت المؤسسة النقابية وخاصة الأكبر على مستوى التمثيل والأثر وهي نقابات العمال لصالح الحزب الحاكم الحزب الواحد ,وتحولت العملية برمتها إلى ما يشبه الذي المنحرف لحزب البعث .
في أجراء لم يحدث في كل النظم القانونية والسياسية العالمية تم تحويل شريحة مهمة وكبيرة من العمال وبقرار رسمي إلى موظفين تتحكم فيهم الإدارة دون أدنى مساواة قانونية أو حماية تشريعية لحق العامل في حماية مركزه القانوني , وتم تهميش هذه الشريحة الكبيرة وأضعف بضربة فنية مجمل الحركة النقابية العمالية تحت مرأى ومسمع المنظمات العالمية والنقابات الدولية ومنظمة العمل الدولية والعربية ودون أي ردة فعل مناسبة تعارض هذا النهج ,كما أن القمع والأستهتار بالحقوق القانونية والدستورية للعامل العراقي كان كفيلا بإسكات كل معارضة داخلية لهذا القرار .
فيما نجد في الظل أن قوى سياسية ومهتمة بالشأن العمالي وقائمة أصلا على أحقية التمثيل الحقيقي لها قد غابت عن ساحة العمل الوطني النقابي ومارست التنظير والشجب والكلام الذي لا يمنع التدهور الحاصل في حق العمال والكسبة ,دون فعل حقيقي ومتناسب مع هذا التدهور والأستهتار وأكتفت بالإدانة والشجب ولم تمارس العمل الميداني وأستلام زمام قيادة العمل النقابي بما تمتلك من رصيد مشرف سمح لها في أحيان كثيرة أن تقود الطبقة العاملة وتتصدر واجهة الحدث الوطني .
تأملنا خيرا بعد التغيير الكبير عام 2003 ونظرنا إلى المستقبل بعين الأمل أن تعاود الحركة النقابية عامة والعمالية خاصة أن تعود لواقعها المغيب وأن تواصل المسيرة النضالية التي باتت اليوم بحاجة أكثر من كل الفترات المضية لإعادة ما نسفته سلطة البعث والنظرة الجزئية التدميرية التي مارستها ضد المجتمع وقواه الوطنية ,خاصة وأن النهج المعلن نهج ديمقراطي يتيج لأن تأخذ القوى الريادية السياسية والفكرية زمام المبادرة بأعتبارها صاحبة الإرث النضالي والتجربة المستندة إلى رؤية عميقة وحقيقية للعمل النقابي العالمي , الملاحظ أن هذا لم يحصل بل سيطر التيار الإسلامي المتزمت والمستحوذ على كل مفاصل الحياة في العراق على مقاليد قيادة العمل النقابي وتجييره لصالح الطوائف وأحزاب الإسلام السياسي .
لقد تحول شعار الطبقة العاملة التقليدي بعد عام 2003 من (يا عمال العالم أتحدوا) إلى فرض جديد ورؤية أخرى لا تتصل بواقع العمل النقابي في العراق ولا بشروط المشاركة فيه من ناحية العوامل التي تحرك وتغذي وتؤسس حركة الطبقة العاملة وتقود نضالها اليومي, وأضحى منهج التجيير والأسلمه السياسية منهج بديل عن منهج بعثنة المجتمع ورفع الجدد شعار (يا عمال العالم قبلوا يد السيد وصلوا وراء الشيخ) ليفضح من جديد توجهات رجعية وفئوية تقسم الطبقة العاملة على مناطق نفوذ سياسي متناقض فيما بينه وبالتالي أضعافها وحشرها في صراع ليس لها فيه مصلحة بل مجرد الأشتراك به يدمر الكيان النقابي عام والعمالي خصوصا.