حول الاحتجاجات العمالية في معامل وشركات وزارة الصناعة والمعادن في العراق


مؤيد احمد
2014 / 12 / 14 - 22:22     

مقابلة جريدة الى الامام مع مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي
الى الامام: في ظل ظروف صراع طائفي وقومي يلقي بضلاله على المجتمع العراقي، تبرز حركة احتجاجية لعمال ومنتسبي وزارة الصناعة في عموم المدن العراقية، بماذا تعلقون على ذلك وخاصة يمكن استغلال الاوضاع الامنية والسياسية من قبل الحكومة تحت عنوان "الحرب على الارهاب" في قمع الحركة المذكورة واتهامها بالخيانة او عدم المسؤولية؟
مؤيد احمد: ان الحركة الاحتجاجية لعمال شركات ومعامل وزارة الصناعة في العراق سجلت تاريخا مليئا بالشجاعة والحزم خلال السنوات الاخيرة. انها ليست المرة الاولى التي يحتج فيها العمال في هذا القطاع ضد الحكومة وسياساتها المناهضة لهم. ان بدايات هذه الحركة تعود الى عام 2007 حيث كانت الاوضاع الامنية والاقتتال الطائفي في احد اشد مراحلها في العراق. لحد الان لم تستطيع الحكومة سد الطريق على الاحتجاجات العمالية الحالية ومنعها، ليس هذا فحسب، بل انها رضخت لمطالب العمال، حتى وان يكون بشكل مؤقت، ووافقت اثر ضغوط هذه الحركة على دفع رواتب العمال والمنتسبين ومستحقاتهم وربما دتستمر بدفع الرواتب خلال عام 2015.
تواجه هذه الموجة الاحتجاجية العمالية وبطبيعة الحال عدوا شرسا حيث تصطدم بمصالح البرجوازية وتياراتها الحاكمة وحكومتها ولابد وفي مسار تطورها تواجه مختلف اشكال المعوقات التي ستضعها السلطات لسد الطريق عليها بما فيها استغلال ظروف الحرب وعدم استقرار الامني وتوجيه التهم ضد القادة العماليين او القمع السافر للتظاهرات وغيرها من الاساليب القمعية. غير ان النقطة الاساسية هي ان العمال انفسهم كسروا حاجز الخوف ودخلوا الساحة وهم في المواجهة مع الحكومة خلال هذه الفترة بكل قوة واصرار ولهم الاعتقاد الراسخ بضرورة استمرار النضال للدفاع عن معيشتهم وعملهم وكسب الانتصارفي هذه المواجهة، وهذا جانب مهم وبارز في هذا الصراع. آخذين ذلك بنظر الاعتبار، ان نتائج هذه المواجهة في الوقت نفسه لا يحدد بمدى الانتصار العمال فيها بل بمدى صعود استعداد العمال للنضال من اجل تحقيق مطالبها ومدى قدرتهم في هذا القطاع على تنظيم انفسهم و رص صفوف نضالهم الموحد.
الى الامام:ما هو جوهر هذا الصراع و لماذا تتسم هذه الاحتجاجات باهمية خاصة بالنسبة للطبقة العاملة في العراق عموما؟
مؤيد احمد: ان ما يواجهها العمال في هذا القطاع ليست سياسة منفردة حكومية او قرار حكومي اتخذ على اساس مصالح هذه او تلك من الفئات البرجوازية الصناعية او التجارية اوالمالية. كما ان العمال ليسوا في مواجهة منفردة مع هذه او تلك من التيارات السياسية من ضمن طيف تيارات الاسلام السياسي الشيعي والسني ولا هم في معركة منفردة مع هذه او تلك من الاحزاب والتيارات القومية العربية او الكوردية. ان شدة واهمية هذا الصراع تكمن في ان العمال يواجهون الطبقة البرجوازية في العراق برمتها، بفئاتها المختلفة وممثيلها السياسيين من كل شكل ولون. فلا يوجد هناك احد في معسكر البرجوزاية وتياراتها واحزابها في العراق وكوردستان من يتردد بخصوص تنفيذ هذا الهجوم على الطبقة العاملة، ليس هذا فحسب، بل لا يوجد في هذا المعسكر من لا يعمل بكل قوة لتنفيذ هذا الهجوم ورزمة السياسات الليبرالية الجديدة الاقتصادية باكملها من الخصصة وتسريح العمال وقطع الرواتب والتقشف الى قطع الدعم الحكومي وتقليص دور الدولة في توفير الخدمات الاجتماعية والصحية و التعليمية وغيرها. هذا، ومن يريد ان يظهر بمظهرالشعبوية والدفاع عن "المظلومين"، ضمن تيارات الاسلام السياسي، يبررون تمريرهذه السياسات ويدافعون عنها بشتى الاشكال. كما، ان التيارات البرجوازية الاصلاحية القومية و"الوطنية" او حتى ممثلي بعض هذه التيارات داخل الطبقة العاملة لا يعترضون على تطيبيق السياسات الليبرالية الجديدة الاقتصادية بالرغم من معارضتهم الشكلية على قانون التمويل الذاتي وقطع رواتب العمال وتسريحهم. ان هذا الطيف الاصلاحي البرجوازي داخل الطبقة العاملة لا يمكنه ان يقود هذه الحركة الى الانتصار اذ انه وبطبيعة موقعه الاجتماعي سيستسلم وسط الطريق ويقبل باجراءات اصلاحية جزئية. ان خصائص هذه المواجهة الطبقية للعمال بوجه البرجوازية وتياراتها المختلفة تجعل الطبقة العاملة في وسط معركة طبقية حاسمة مع البرجوازية من خلال هذه الاحتجاجات. وهنا تكمن اهمية هذه الاحتجاجات وارتباطها بمصلحة الطبقة العاملة والجماهير وتصديها للبرجوازية و نظامها السياسي باكمله.
الى الامام: ما هو برايك مهام واولويات القادة والناشطين العماليين في القطاع الصناعي للخطوعلى مسار كسب الانتصار في هذه المعركة الطبقية؟.
مؤيد احمد: ان القادة العماليين هم الذين بوسعهم قيادة الحركة ووضع اولويات لدفعها الى الامام . فيما يخصني، ارى ان طريق تطور الحركة الاحتجاجية وامكانية انتصارها تعتمد على عوامل عدة وعلى ضوء تلك العوامل يمكن استخلاص اولويات القادة والناشطين العماليين منها.
اولا: ان اول شرط لتقدم هذه الحركة الاحتجاجية العمالية الحالية هو تبني العمال لافق وسياسة طبقية عمالية. ان اتخاذ الاجراءات العملية لتحقيق هذا الامركثيرة منها تشكيل هيئة من شبكة الناشطين العماليين على صعيد قطاع الصناعة لتولي امر تنظيم وقيادة هذه المواجهة العمالية الجارية، التنسيق بين نشاطات عمال مختلف المعامل والشركات التابعة لوزراة الصناعة، العمل المتواصل بين صفوف العمال لايصال السياسة العمالية التي ستتبناها هذه الهيئة وعقد كنفرانس عام لعمال الصناعة لغرض المناقشة الوافية بصددها واقرارها رسميا بمثابة البلاتفورم النضالي لعمال قطاع الصناعة. لقد عبرت لائحة اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق الخاصة بهذه الحركة الاحتجاجية، والمنشورة خلال الفترة الاخيرة، بشكل صحيح، عن مكانة واهمية هذه الحركة الاجتماعية والسياسية وارتباطها بمصالح المجتمع والنضال السياسي الدائر فيه كما وطرحت اللائحة بعض الاهداف والمحاور الرئيسية التي من الممكن مناقشتها والاستنتاج اهداف ومطالب يتفق العمال عليها وتتمحور الحركة حولها.
ثانيا: ان تنظيم الاحتجاجات وقيادتها الفعلية ورسم التكتيكات العملية الضرورية لها في مسار تقدم الحركة تحتاج الى توحيد صفوف القادة والناشطين العماليين وتحتاج الى عقد مؤتمر عمالي لقطاع الصناعة وتشكيل نقابة او مجلس عمالي على صعيد القطاع الصناعي يتبنى اهداف ومطالب وافق الحركة الاحتجاجية الحالية ولائحتها النضالية . بدون وجود قيادة عمالية ميدانية حازمة تضع امامها مهام قيادة هذه الحركة وتنظيمها وتسليحها بالافق والسياسات والتكتيكات الضرورية لا تتقوى هذه الحركة ولا يمكنها ان تقاوم الهجوم البرجوزاي عليها بكفاءة.
ثالثا: التنسيق فيما بين القادة والناشطين العماليين وممثلي النقابات والمجالس واللجان العمالية من القطاعات التي تحتل مركزا مهما في اقتصاد البلاد مثل قطاع النفط والكهرباء وغيرها مع قادة عمال القطاع الصناعي لتحقيق التضامن النضالي.
رابعا: ستكتسب جماهير العمال الخبرة والتجربة في هذه المواجهة وستتعلم كيف تدفع بحركتها الى الامام رغم العوائق. ان شدة المواجهة ستساعد على كسب هذه الدروس بسرعة وتشجع وتجذب قطاعات اوسع من العمال ضمن اوساط قطاع الصناعة الى الانضمام الى صف هذا الاعتراض الاجتماعي العمالي. فمن الضروري بالنسبة للقادة والناشطين العماليين ونقاباتهم واتحاداتهم العمل بين صفوف العمال بشكل مستمر للاسراع بتجسيد هذا التوجه الكامن لدى العمال.
خامسا: تتركز مصالح الطبقة العاملة في العراق بشكل كبير في هذه المواجهة الطبقية العمالية وهذه تشكل نقطة قوة هذه الاحتجاجات. ان التصدي للحكومة وسياساتها الاقتصادية الليبرالية الجديدة وكسب الانتصار في احد ميادين تطبيقاتها اي على صعيد شركات ومعامل وزارة الصناعة هو التصدي لسياسة اشمل وافشال هجوم الحكومة وسياستها الاقتصادية في احد حلقاتها المهمة. فهذه الخصيصة تجعل من الحركة الاحتجاجية مركز اشعاع للفئات الاخرى المظطهدة داخل المجتمع وللكادحين وشرائح الطبقة العاملة التي تعاني من الفقر وخاصة العاطلين عن العمل. لذا، من الضروري متابعة تاثير الحركة الاحتجاجية على تحرك هذه الفئات وخاصة العاطلين عن العمل والسعي لتنسيق العمل النضالي معهم والنضال من اجل توسيع رقعة اعتراضات هذه الفئات والشرئح العمالية والكادحين. ان اي اعتراض اجتماعي من قبل هذه الفئات بالتزامن مع احتجاجات عمال قطاع الصناعة سيقوي ويوسع القاعدة الاجتماعية للاحتجاجات ويجعلها في مركز قيادة نضالات هذه الفئات والشرائح ويتحول هذه الحركة الاحتجاجية العمالية الى حركة سياسية تصطدم بكل النظام السياسي وسيقربها من الانتصار الراسخ .
الى الامام: هل من الممكن ان تتطور الحركة الاحتجاجية مع الحركة التي دشنت نفسها ايضا في المنطقة الجنوبية لعمال النفط لتتحول الى حركة موحدة وبغض النظر انها تتحول الى حركة سياسية او ظلت في اطارها الاقتصادي ، واذا لا، ما هي مستلزمات ذلك؟
مؤيد احمد : من الممكن ان تتطور الحركتان بشكل متزامن وتتخذ اشكال مختلفة من الوحدة النضالية في مسار تطورهما ولكن هناك عوائق كثيرة من الضروري ازالتها كي تنبثق حركة عمالية موحدة من هذا النوع. ان انبثاق حركة موحدة ستكون خطوة جبارة في الصراع الطبقي العمالي في العراق ولكنه تعتمد بالاساس على ظهور قادة ومنظمات عمالية داخل القطاعين تتبنى الافق التحرري للحركة العمالية، وتتبنى في نضالها امر وحدة الصف الطبقي العمالي على اساس المصالح الطبقية والتحررية لكل عمال العراق. آخذين كل ذلك بنظر الاعتبار، ان حركة عمال قطاع نفط البصرة والجنوب ولحد الان تمحورت حول مطالب العمال الاقتصادية من رفع الاجور وتوزيع قطع الاراضي على العمال واستلام المستحقات من الارباح من جهة، ومن جهة اخرى، مطالب اخرى مثل تثبيت عمال العاملين بالعقود وتوفير الخدمات للعمال في اماكن العمل وتحسين نوعيتها بحيث يشمل العمال في الشركات الاجنبية والشركات التابعة للدولة وغيرها. هذا، وان العمال في قطاع نفط البصرة استطاعوا ان يوحدوا نضالات العمال في قطاع النفط على صعيد المنطقة الجنوبية من خلال القيام التظاهرات والاحتجاجات حول تلك المطالب الاقتصادية وتمكنوا من كسرطلسم الخوف من التظاهر في قطاع النفط . انهم استطاعوا ان يوحدوا صفوف نضال العمال وتنظيم الاحتجاجات في وقت يحتاج ذلك الى صرف طاقات كبيرة نظرا لتعبثر مواقع عمل العمال على رقعة جغرافية كبيرة حتى ضمن قطاع نفط البصرة.
من المؤكد، ان لاحتجاجات عمال النفط الجنوب واي تحرك في هذا القطاع اهمية خاصة بالنسبة للطبقة العاملة والحركة العمالية في عموم العراق لكون هذا القطاع الصناعي اهم مرفق اقتصادي للبلاد. ان مجرد وصول العمال في هذا القطاع الى وضع يؤهلهم القيام بالاضراب سيكون عامل مؤثرومهم بايدي العمال لفرض المطالب العمالية والتاثير على مسارالحركة العمالية من ضمنها الحركة الاحتجاجية الحالية لعمال الصناعة او حتى التاثير على المسارات السياسية في العراق. اننا نتوجه بداءنا الى العمال في قطاع النفط بان يساندوا الحركة الاحتجاجية لعمال الصناعة وتوحيد صفها النضالي مع عمال الصناعة، غير ان العوائق لا تمحو بالنداءات. حسب اطلاعي المتواضع حول وضع نضالات العمال في هذا القطاع انه بالرغم من وجود النقابات والاتحادات والجمعيات وممثلي العمال في مجالس الادارات وغيرها،ان درجة الاستعداد هذه المنظمات للدفاع عن العمال في القطاعت الاخرى لا زالت ضعيفة. ان الاحتجاجات التي انبثقت في قطاع نفط البصرة خلال السنتين الاخيريتين كانت نتيجة نضال وعمل قسم من القادة والناشطين العماليين داخل "جمعية منتسبي نفط الجنوب" الذين استطاعوا توحيد صفوف عمال قطاع نفط البصرة للقيام بالتظاهرات المتكررة بالرغم من المراقبة الكاملة من قبل السلطات ووجود عوائق قانونية و ادارية وحتى الجغرافية متنوعة تعيق توحيد الصف النضالي للعمال في هذا القطاع. طبعا هذه كلها مكتسبات مهمة جدا للطبقة العاملة في هذا القطاع التي يمكن الانطلاق منها لكسب المزيد من التقدم في مضمار التنظيم العمالي والنضالات العمالية في قطاع النفط وتحقيق التضامن العمالي على صعيد البلاد.
غير انه وبالرغم مما مر ذكره من الصعوبات والعوائق ارى من الضروري ان يفكر القادة والناشطون العماليون في قطاع النفط بالاعداد لـ والاقدام الفعلي على دعم نضالات العمال في قطاع الصناعة. ان اية خطوة بهذا الاتجاه ستقوي الوحدة النضالية بين العمال في قطاع النفط ويدفع الحركة الاحتجاجية في قطاع الصناعة الى الامام بقوة، ليس هذا فحسب، بل ستقوي الحركة العمالية عموما في العرا ق. ان اشكال مختلفة من التضامن الطبقي واردة بهذا الشأن منها احتجاجات وتظاهرات داعمة لعمال الصناعة الى القيام بالاضراب ان كان الاخير ممكنا.
الى الامام: في تسعينات القرن الماضي كانت لبنان لها اوضاع امنية وسياسية قريبة من اوضاع العراق وخاصة كان الصراع الطائفي يخييم على اجواء المجتمع، وظهرت الحركة العمالية بقوة لها مطالبها الواضحة وقادتها اتحاد عمال لبنان الذي كان يرئسه الياس ابو رزق انذاك، والقت الحركة العمالية بقيادة الاتحاد والياس ابو رزق بظلالها على المجتمع اللبناني، الا انها لم تستطع ان تصل الى اهدافها بل والابعد من ذلك تكالبت القوى البرجوازية المتصارعة من اجل تمزيق الاتحاد وابعاد الياس ابو رزق. الا يضع الحزب الشيوعي العمالي تجربة اتحاد عمال لبنان نصب عينها بالرغم لم يتبلور قائد مثل الياس ابو رزق ولا اتحاد موحد يقود الحركة العمالية في العراق؟ اي بعبارة اخرى كيف تستطيعون تفويت الفرصة على البرجوازية المتمثلة بسلطة الاسلام السياسي في قمع الحركة الاحتجاجية؟
مؤيد احمد: صحيح ان الحركة العمالية تعاني من نقاط ضعف كثيرة في العراق وان الاوضاع السياسية والامنية وماسي الحرب والصراعا ت الدائرة في البلاد كابوس جاثم على صدر الطبقة العاملة والحركة العمالية. غيراننا نتحدث عن حركة احتجاجية لعمال قطاع الصناعة التي انطلقت اساسا في خضم هذه الاوضاع وبالتالي لابد ان تكون هناك حلول لتقدمها الى الامام. بالاضافة الى هذه الظروف الواقعية التي تحيط بالحركة الاحتجاجية فان القوى البرجوازية الحاكمة ستحاول بشتى الطرق ليجهز عليها وستستفيد من خبرة البرجوازية العالمية في مجال قمع الحركات العمالية وكيفية اجراء المناورات والخداع لشق صفوف العمال وتمزيق وحدتهم النضالية وغيرها. فكل هذه الامور ستكون جزء من وقائع هذا الصراع. بطبيعة الحال، لا يمكن التاكد المسبق من انتصار اية حركة من هذا النوع، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، لا يكمن اهيمة هذه الحركة في كونها حركة مضمونة الانتصار بل في كونها حركة احتجاجية واقعية، في كونها مواجهة طبقية للعمال ليس لها طريق التقدم الى الامام غير طريق صرف اكبرطاقة نضالية بهدف فرض التراجع على البرجوازية.
كل حركة احتجاجية لها آليات تقدمها وظروف وعوامل انتصارها. فاذا توفرت قيادة عمالية موحدة وحازمة تحمل افق تحرري عمالي طبقي داخل الحركة الاحتجاجية الحالية فانها بامكانها ان تؤدي بهذه الحركة الى ان تخرج بطاقاتها النضالية القصوى. ان العامل الذاتي، العنصر الاشتراكي، هو الاساس للدفع بهذه الحركة الى الانتصار وكل خطوة باتجاه توفيرهذا العامل الذاتي هو خطوة باتجاه انتصارها.
لا يمكننا ان نرسم لوحة مرسومة مسبقا تبين تفاصيل "تفويت الفرصة على البرجوازية" في "قمع هذه الحركة" ولكننا بامكاننا ان نشير الى بعض الاجراءات والسياسات. أولا: ستفوت هذه الحركة "الفرصة على البرجوازية" اذا تمكنت من التاثير على نضال الطبقة العاملة والصراع السياسي الدائر في المجتمع، اذا استطاعت ان تخرج من اطار الصراع بين عمال قطاع الصناعة والحكومة واصبحت تجري في ساحة اوسع، ساحة الصراع الطبقي العمالي بوجه البرجوزاية. في الحقيقة ان نمط المواجهة نفسها تتجاوز اطار االصراع بين الحكومة وعمال قطاع الصناعة. ثانيا، وكما اشرات اليها سابقا اذا اصبح افق التيار الاشتراكي العمالي توجه هذه الحركة واستطاع القادة والناشطين العماليين المسلحين بهذا الافق تحقيق مجموعة مهام فورية وعاجلة لتقوية الحركة وتوحيد صفوفها. ثالثا: طابع هذه المواجهة العمالية يتعدى اطارها الاقتصادي المحدود اذ انها تصطدم بمجمل افق الاقتصادي والسياسة الاقتصادية للدولة والنظام السياسي القائم. فبالتالي انها تحمل الطابع السياسي منذ البدء. ان هذه الحركة الاحتجاجية يمكنها ان تفوت الفرصة على البرجوازية اذا حولت قضيتها الى قضية كل المجتمع ونظر اليها المجتمع بانها يمثله في سد الطريق على هجوم البرجوازي و تياراته واحزابه على كل ما متعلق برفاهية الانسان. انها ستفوت الفرصة على البرجوازية اذا استطاعت ان تحرك بدرجة مناسبة قوى الطبقة العاملة والكادحين والعاطلين والعاطلات عن العمل على صعيد العراق.
الى الامام: ما نداء الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى الحركة الاحتجاجية؟
مؤيد احمد : نحن في حزب الشيوعي العمالي العراقي جزء من الحركة العمالية. فسياساتنا ونداءنا للحركة الاحتجاجية هو سياسة ونداء العمال ذو التوجه والافق الاشتراكي والشيوعي المتواجدين داخل الطبقة العاملة والحركة العمالية نفسها. نحن لسنا فصيلة منفصلة عن العمال ولا تيار له مصلحة مختلفة عن مصالح العمال انفسهم. نحن نناضل كي تتبنى العمال السياسة العمالية التي تخدم مصالح الطبقة العاملة والحركة العمالية باسرها بمعزل عن الطائفة والقومية والدين والجنس واللون والجنسية وبمعزل عن الحرفة والمهنة واي شكل من اشكال التفرقة وكي يتبنى العمال في نضالهم الافق التحرري والاشتراكي العمالي. ان ندائنا للعمال هو توحيد صف نضالهم بحزم وتنظيم انفسهم والصعود الى مستوى المهمة التاريخة الملقاة على عاتقهم. ان كسر شكوكة البرجوازية وفرض التراجع عليها في هذه المواجهة سيكون مكسب تاريخي عظيم ليس لعمال قطاع الصناعة فحسب، بل للطبقة العاملة باسرها وستفتح الابواب على مصراعيها لتحقيق ارادة الطبقة العاملة السياسية في المسار السياسي الدائر في العراق.
دخل العراق مع الازمة المالية الحالية طور تطبيق السياسات الليبرالية الجديدة بشكل فعلي وعلى نطاق واسع وبدء يظهر تاثير هذا الهجوم على الطبقة العاملة في قطاع الصناعة. ان الاحزاب البرجوازية الاسلامية والقومية الحاكمة في العراق تريد تحويل العراق الى ميدان مربح للراسمال على حساب فرض البؤس الاقتصادي على الطبقة العاملة وفرض الفقر والحرمان عليها وعلى اكثرية المجتمع كي تخلق الاجواء لتراكم راس المال واحتكار الثروات المجتمع في ايادي حفنة من الراسماليين. انها ومع اية درجة من الاستقرار السياسي ستشدد من حملتها لتنفيذ سيساتها الاقتصادية الليبرالية الجديدة مع يرافق ذلك من الهجوم على معيشة الطبقة العاملة وفرص عملها، قطع الخدمات الاجتماعية والصحية والسكن الاجتماعي وغيرها من الخدمات التي من المفروض ان تقدمها الدولة، قطع رواتب عمال قطاع الصناعة وخصخصة وبيع المصانع والمعامل، التي اشتغل فيها عشرات اللاف من العمال لعقود من الزمن، الى الراسماليين ومن خلال هذه العملية تسريح اكثرية هؤلاء العمال ان لم يكن جميعهم من العمل.
اننا نعتقد بان صفا من القادة والناشطين العماليين الذين يضعون افقا سياسيا وطليعيا امام الطبقة العاملة والحركة العمالية والذين يلقون على عاتقهم امر توحيد نضال العمال الناشطين في مجمل شركات وزارة الصناعة بامكانهم ان تقود هذه الحركة الاحتجاجية الى الانتصار وفرض التراجع على البرجوازية. ندائنا هو لهذا الطيف من القادة العماليين لتوحيد نضالهم ونضال النقابات والمنظمات العمالية التي يقودونها. وندائنا هو للطبقة العاملة في هذا القطاع وفي جميع قطاعات الاخرى ان يتضامنوا من اجل تحقيق الانتصار في هذه المعركة التي ستفتح الابواب امام تحقيق مطالب و اهداف العمال واردتهم الطبقية. انها حركة احتجاجية للعمال تتجاوز التقسيمات بين صفوف العمال على اساس الطائفة والقومية والجنس وغيرها، ان التراجع المؤقت للحكومة ودفع الرواتب ليست الا تراجع مؤقت. فمن الضروري ان يستغل القادة والناشطين العماليين والنقابات والمجالس واللجان العمالية الفرصة الحالية لاجراء اللقاءات والتخطيط والاعداد للمواجهة القادمة وكيفية توسيع اطارالحركة وكسب تضامن الطبقة العاملة. ان الحزب الشيوعي العمالي سيعمل كل ما يمكنه من اجل تقدم هذه الحركة الاحتجاجية العمالية ويناضل من اجل انتصارها.